ياسر محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1666 - 2006 / 9 / 7 - 03:39
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
إذا تجرأ أحدكم ونزل إلى الشارع العربي بميكرفون أو خيارة لا فرق (لان حمل الميكروفون ان لم يكن لحفل غنائي أو مهرجان سلطوي يحتاج لموافقة أمنية )وسال مواطنا ما لا على التعيين ,مواطنا بسيطا أو بيك مثقف أو احد أزلام السلطات العربية , وسأله من هو أكثر مواطن عربي يعيش معاناة وألما ؟
لأجابك بدون تردد : طبعا الفلسطينيين .
فهل الفلسطيني هو الأكثر معاناة وألم ,اعتقد ان هذا المواطن ذي المواصفات الخاصة هو الأقسى معاناة ,الاشرف معاناة ,أما الأكثر معاناة !!!..
الفلسطيني يموت كل يوم صحيح ولكني اجزم انه في فلسطين التاريخية وعبر نصف قرن أو يزيد لم يمت فلسطيني من القهر أو من الذل أو من الإحباط أو تحت التعذيب من قبل أبناء جلدته مثل نظيره العربي .
صحيح انه بلا ماء , بلا طعام , بلا دواء , بلا سقف , ولكني اجزم بان المواطن الفلسطيني هو المواطن الحر الوحيد في بلاد العرب المنكوبة ,حر في التعبير عن ألمه , حر في الصراخ , حر في اختيار الميتة التي يريدها ويختار بالطبع اشرف الميتات .... الشهادة في سبيل فلسطيني الأخر الذي ينتظر دوره .
-أما نظيره العربي (الحر, المستقل) فيعيش في بلاد رغم أنها توصف ببلاد الشمس إلا أننا نراها حالكة الظلام , ولذلك تشعل السلطات العربية أضواء الشوارع حتى في النهار كي يستطيع الرعية الذين فقدوا البصر والبصيرة تلمّس طريقهم .
-الفلسطيني يموت دفعة واحدة برصاصة قناص أو حزام ناسف ويودع بالزغاريد لا بالدموع , أما العربي فيموت على دفعات بالتقسيط المريح ليموت كل يوم وكل لحظة قبل ان يغفو إلى الأبد هانئا قرير العين ويودع بالدموع واللطم ليس حزنا عليه بل حسدا له لأنه سبق الآخرين إلى هذه المكرمة العظيمة والراحة التي لن ينغصها احد باستثناء (أنكر ونكير) وحتى هذان قد يشفقان عليه بسبب السلسلة الطويلة من الاستجوابات الأمنية والعائلية والاجتماعية التي تعرض لها خلال حياته الهانئة , ليغدو القبر هو المكان الوحيد الذي يصبح فيه حرا , حتى إنني اشك بأن المتوفي وبعد انصراف المؤبنين يصفق ويرقص ويغني فرحا ربما للمرة الأولى في حياته .
(على هذا الأساس حسن انخفاض متوسط العمر عند المواطن العربي ... اختصارا للمهزلة )
-المواطن العربي يقضي حياته معذبا , تائها بين ذل الوظيفة وذل الدين , وذل المواصلات وذل نظرة أطفاله العرايا الجياع , وذل الأجهزة الأمنية والكذب الرسمي , والقمع والصفع والركل ,
ولا يستطيع لقاء هذا كله سوى دمعة تعود ان يكتمها ليموت بصمت قهرا وذل وحيرة وفقرا أو ليموت بضجيج نسبي تحت أقدام الجلادين في أقبية المخابرات العسكرية الباسلة .
ولان مشاكله غير قابلة للحل , تعود ان يقضي حياته هاربا باللجوء إلى الغيبيات والخرافات والمسكرات والجنس والمخدرات وكرة القدم , والمعسّل الذي أصبح رمزا قوميا عربيا حتى أنني اقترح على الحكومات العربية ان تضع نارجيلة على الأعلام العربية ,وليقضي حياته كمدا وحسرة وحسدا لبني جلدته المحظوظين الذين يعيشون حياة المترفين الهانئة التي يمارسونها بأبشع أشكال البطر والممولة من حاصل نهب ثروات الشعوب العربية حتى ان اصدق ما يطلق على بلاد العرب هو (بلاد القهر والعهر ).
نشهد هذه الأيام إعادة احتلال إسرائيلية للضفة الغربية وقطاع غزة , فهل يهز هذا شعرة عربية ؟
لا أظن وحتى لو حصل هذا فالحكومات العربية تمنع التظاهر والاعتصام ليس لأجل فلسطين أو العراق أو غيرها بل حتى لو كان تأييدا لمستخدمي الواقيات الذكرية وحبوب منع الحمل .
(لدينا في سوريا الصمود أبلغت السلطات السورية رسميا جميع المعارضين والناشطين السياسيين بأنه مسموح الخروج إلى الشوارع فقط لشراء الخبز والذهاب إلى العمل أو إلى القهوة أو لإفراغ الطموحات والشحنات الجنسية باللحاق أو بإملاء العين من الفاتنات العابرات للقارات والشوارع ).
فعذرا فلسطين ....عذرا أيها الشرفاء
فالشعوب العربية مشغولة هذه الأيام وكل الأيام أولا بمونديال ألمانيا , وبنفس المعسل اليومي , وبموضة الثياب النسائية الضيقة , وبهيفاء وهبي وأسامة بن لادن , وبخدمة العلم المرسوم عليه نارجيلة , وبإطلاق السوالف والحواجب واللحى , وبمن كان على حق علي أم معاوية , وبلقمة الخبز وستر البدن وتقصير اللسان وتأمين فرصة عمل وبناء الجوامع بدل المصانع والصراع ما بين الهلال والصليب ...و....و..
وليس هناك من وقت للقضية الفلسطينية ...!!
-أنت أيها الفلسطيني صناعة يابانية إما نحن العرب المحتلون من قبل حكوماتنا فقد أعادت تلك الحكومات تصنيعها عبر عقود القمع والإفساد المنظم لنصبح صناعة تايوانية .
فقاتلوا أيها الفلسطينيون وموتوا ببطولة وضجيج , ضجيج الدم الذي لابد ان ينتصر على السيف ودعوا العرب يعيشوا بصمت ويموتوا بصمت لان الدم في عروقهم تحول إلى ماء.. أو كولونيا!!
#ياسر_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟