أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف سلمان القنطار - في الطريق إلى دمشق














المزيد.....

في الطريق إلى دمشق


نواف سلمان القنطار
كاتب ومترجم.

(Nawaf Kontar)


الحوار المتمدن-العدد: 7148 - 2022 / 1 / 28 - 18:38
المحور: الادب والفن
    


يُلقـي الوقتُ ظلَّه على الأرض
يستلُّ نصلاً من دمٍ جفَّ على سطح المرايا.
يُدنيه من حنجرةِ أسئلةٍ تَفرُّ من قفص المؤجّلِ نحو حلمِ الورد بتسلق شرايين الكمان.
يَنحرُ حقَّ ظبيةٍ في الارتحال ما بين ألوان الفرح فتَنفرُ أسرابُ السنونو من أوردةِ الروح...
وتئنُّ الأرضُ تحت وطأة دمٍ جديد.
*****
دمٌ يُسفَك
فوق صفحاتِ تاريخٍ أصفرِ النوايا.
تتناثر أشلاؤه ما بين حروفِ أبجديةٍ تُدنّسُ طهارةَ الصبحِ
لتمدح ظلّاً عند حدود الغروب
أو لتمحو أثارَ أقدامِ الضباعِ
عن حبرِ الحكايا
وأحلامِ الضحايا
فتتبرّأ شقائقُ النعمانِ من استعارات الشعراء وابتذالِ القصيدة
وترفعُ الريحُ مرساتها من قاع المراثي
لتُبحرَ بشراع الأمل
نحو صهيل الشمس
في ذاكرة نوارسَ تحلّق فوق موجةٍ لا تنام في رحم الخطايا.
*****
دمٌ...
دمٌ...
دمٌ...
دمٌ يسيلُ على خشبةِ الخلاص
مثل دمع نبيٍّ يُلهي حَمَلَةَ العرش عن التسبيح
فيهبطُ الغمام ليضمّد جرح شعبٍ يُذبح بحدّ السيف
ولا يموت.
*****
يشدّ الربيعُ رِحاله إلى دمشق
فيسبِقه الياسمين ليُعَلّقَ صورةَ الوقتِ الجديد على أسوارها العتيقة.
يطوي الدربَ بلهاثِ خيل تعود إلى سواقيها
فينسكبُ العطرُ فوق زهر المشمش
وتنصهرُ الألوانُ على أجنحة الفَراش
ويغتسلُ السحر بزلال ينابيعها
ليلجَ تفاصيل حاراتها المترعة برائحة القهوة
وطعمِ الانتظار.
*****
ودمشق أجمل من أن ننسى الطريق إليها
فما إن نتلمس القلبَ حتى نعثرَ على أثر خيطٍ من حرير روحِها يقودنا إليها.
ودمشقُ أعلى من وصف الشعراء وأنبلُ من أن تنحني لريحٍ تستقوي على رقةِ النعناع أو لصبارٍ يستولي على حنجرة الناي.
ودمشقُ...
أقوى من أن تركع أمام زحفِ الجرادِ على حروف اسمها
أو ما يرادفه من كنايات تَخُطها أصابعُ الأطفالِ على جدران المدارس
لنتعلّم أن عروش النرجس لا تستوي على بُركِ الدم المضرّج بأحلام الياسمين
المعلَّق على أقواس نوافذها.
*****
من مغارة الدم في قاسيون
يخرجُ أولُ القتلى نحو حدود اللاوقت.
يبحثُ عن أرض لا تتسع لجُناةٍ يتعلمون من الغربان كيف تُدفن الآثام.
فلا يجد سوى مقابر بلا أسماء
ومنابر شوكٍ يَنبتُ فوق وصايا الأنبياء
وبقايا مِسلّةٍ
تؤرخُ أيامَ قتل البشر للبشر
وأسئلةٍ
ما زالت في بطن الريح:
أيُّ نهرٍ سيغسل يديك من دم أخيك
يا ابن الإنسان؟
أيُّ أرض ستحمل ذنبك؟
أيُّ إله سيَقْبلُ قمحَك؟
وأين ستبني بعد الآن
عرشَك؟
*****
ما بين بلاغةِ الصورة وعلوّ الفكرة
يفيضُ الدمُ على ضفاف بردى
وتشربُ الشامُ حسرة أولادها مرتين، عندما يسألها الشهداء:
هل نبحثُ عن قبرٍ أم عن وطن؟
وهل نستحقُّ جنازةً تليقُ بأحلامنا المسجّاةِ
على قارعة الطريق؟
فينفجرُ الدمعُ المحبوسُ في عروقها ويعجنُ الترابَ ليصنع لها لوحاً تَخطُ عليه
تاريخَ مأساتها القادمة.
*****
ينشرُ الليلُ حِلكتَه فوق الشام بزهو طاووسٍ
أو جبروتِ طاغيةٍ
أو ثقة إلهٍ لا يعترفُ بثنائيّة الأشياء.
فيمتلئ الهواء برائحة الصدأ
وتنسدُ مساماتُ القصيدةِ وتذوي عروقُها على حجر.
وعندما تخرجُ أغنيةٌ
أو ترنيمةٌ عن إيقاعه المضني
لتُطلَّ على شكل الفجر
أو ترتدي لونه...
يفخّخُ أمامها طريق الكلمات
ويحاصرُ شوق الوتر
للسفر
فوق سحاب يجمع شتات قلبه ليهطل ما بين أحلام الزنبق...
ولكن عندما يستيقظُ النهار
لا يبقى من الليل
سوى المجاز
وشبحٍ يخافُ من ظلّه
ومن دوران الأرض
أو غولٍ على حائطٍ
يتربص بخيال طفلٍ قبل النوم...
فالليلُ في حضرة النهار
ليس أكثر من فعلٍ ماضٍ
لم يحسن التعامل مع زمنه.
*****
وقتٌ ملقى على الأرض
دبابة تحترق في بستان
امرأة توصي قاتلها أن يعتني بجثتها
وبنباتاتها المنزليّة.
طفلٌ يركض على طريق بين مدينتين مدمرتين
صوتُ نشيدٍ وطني ينبعث من مذياع صغير في بناية مهجورة.
جثثُ جنود مرميّة على رقعة شطرنج
ملك يهرب من العدالة
وآخر يتحدث عن الفضيلة.
شمسٌ صفراء عند الغروب
فكرة عابرة على صهوة ريح بيضاء
مطرٌ أحمر اللون
سيلٌ من دم يجرف أشلاء آدمية
وأشجاراً يابسة...


نواف القنطار
دمشق



#نواف_سلمان_القنطار (هاشتاغ)       Nawaf_Kontar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصام
- سورية بين توصيف الأزمة وأزمة الحل


المزيد.....




- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نواف سلمان القنطار - في الطريق إلى دمشق