أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ناظم ختاري - محطات من أنفال به هدينان - المحطة الرابعة















المزيد.....

محطات من أنفال به هدينان - المحطة الرابعة


ناظم ختاري

الحوار المتمدن-العدد: 1659 - 2006 / 8 / 31 - 09:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تحركت مجموعتنا في موعدها المحدد ، ووجدت جميع القرى التي في طريقها خالية من السكان ، فلا أتذكر إننا التقينا بشرا في كل هذا المشوار إلا عندما وصلنا إلى مه رانى ، وكان ذلك في الواقع أمرا غريبا رغم معرفتنا به قبل هذا الوقت ولكننا كنا نتصور أن نجد ناسا في القرى الخلفية وهذا لم يحصل أبدا ، فكما كانت (جه مانكى وباله ته وبازيركى ودزى)* والقرى القريبة منها (قرى منطقة عملنا ) خالية من السكان كانت القرى الأخرى أيضا خالية والتي تقع على طريقنا وحواليها باتجاه المقر مثل (بينارينكى وكاني باسكا وكابنيركى وخوربينيا وباك باكى وسوارى وسبيندارى وميزى وبانيا ته علا وجه مانى ) *و(القرى البديلة)* عنها التي جرى بناؤها للتمويه وتجنب الهجمات الكيماوية أو القصف العادي الذي أصبح أمرا شبه يومي ، وكان عادة يجري بناء هذه القرى بطريقة يصبح الجزء الغالب من حيطانها مطمورا في عمق الأرض لمقاومة شدة انفجار القذائف وشظاياها وكان يجري اختيار بناء هذه القرى في مناطق حسب اعتقاد الأهالي بأنها غير معروفة للسلطة وهي تقع في وديان تتميز بصعوبة الوصول إليها من قبل مشاة الجيش العراقي بسبب وعورتها وعلى اعتبارها أهدافا غير قابلة للإصابة بقذائف المدفعية والهاونات .

وقبل حلول الظلام وصلنا إلى قرية بينارينكى البديلة والتي تبعد عن القرية الأصلية مسافة عدة كيلومترات قليلة لا تتجاوز 3 أو 4 منها ، فكان علينا أن نأخذ قسطا من الراحة والانتظار لتقريب المسافة بيننا وبين المجموعة التي تتبعنا وخصوصا أن الظلام سيحل قريبا و علينا أن نواصل المسير ونكون على معرفة ببعضنا الآخر نحن المجموعتان وأين وصلنا.. لمواجهة الاحتمالات الطارئة لأن وقوعها أصبح واردا بسبب بدء التقدم العملي في المناطق التي كنا ننسحب منها وعبر المنافذ الأخرى للوصول إلى قرى المنطقة وثم مقراتنا فكانت أصوات الإنفجارات المتتالية تشق السكون المخيم على هذه المنطقة في كل صوب واتجاه معلنة حربا شرسة عليها .

كانت هناك حاجة لأن نستغل هذا الوقت لإعداد طعام ما لنا وللمجموعة الثانية ، نتناوله نحن لحد ملأ بطوننا تحسبا لاحتمالات القادمة الجوع ونترك حصة المجموعة الثانية ونتركهم عندما يصلون حتى يشبعوا بطعام شهي والذي سنشتاق إليه كثيرا عندما تصبح كسرة خبز حسرة كبيرة للآلاف من الناس المحصورين من أهالي هذه القرى في قمم ووديان جبل كارة ، وهكذا صعد أحدنا إلى الشجرة التي كان عليها عددا من الديوك الرومية والتي تركها أهل القرية مع كل أشياءهم وحاجياتهم الأخرى واخترنا واحدا منهم بعد أن نزل سربهم طائرا مفزوعا.

وبسرعة شديدة أكتمل كل شئ بعد أن كانت جميع مستلزمات الطبخ متوفرة في كل بيت تذهب إليه وتجده مفتوحا وأصبح القدر الكبير والذي يحمل الكثير من اللحم والرز وأشياء أخرى على موقد تشتعل فيه النيران الملتهبة من حطب البلوط . وانتظارا لإنضاج وجبة الطعام هذه بحثنا عن طعام آخر نكسر بها جوعنا الشديد فتذكرت أن العائلة التي كنت أزورها في هذه القرية وفي ظل الظروف الطبيعية لا تبقى بدون عسل جبلي قط يجمعونه من خلايا النحل الجبلية المنتشرة في مناطق وعرة جدا ولما كانت كوردستان غنية بخضرة وديانها وجبالها فأن العسل الذي تنتجه هذه الخلايا عادة ما يكون من أفخر أنواعه ... فقلت لأحد الرفاق لابد أن يكون هناك في هذا البيت عسلا . فقال وكيف تعرف ذلك .؟ شرحت له علاقتي الطيبة بهذه العائلة وغيرها من العوائل التي لم تعز أي شئ إلا وقدمت للأنصار والبيشمه ركه طيلة السنوات التي كنا نعمل فيها ضمن منطقتهم وقبلنا الآخرون منذ سنوات طويلة ، ليس هذا فقط بل يرفدون الحركة بدماء أبناءهم ، فأية عائلة ليس لديها شهيدا أو مقاتلا في صفوف البيشمه ركه في كل هذه المنطقة ، فكيف تريدني أن أنسى ما كانت تقدمه لي والدتهم ..؟ وتقول لي كل يا بني فأن طريقا طويلة أمامكم !.. فلازمنا صمت مطبق شابه الكثير من الحزن ونحن نتذكر هذه العوائل الفلاحية الطيبة التي كانت بمثابة أهالي حقيقية لنا نحن البيشمه ركه .. ولما انشغلت بتوزيع النار في الموقد وتحت القدر لكي ينضج الطعام الذي يحتويه بشكل متساوي أبلغني الرفيق بأنه لم يجد العسل الذي تحدثت عنه فأسرعت إلى حيث مكان المؤن المتروكة لهذه العائلة وفتحت أول علبة نيدو للحليب سعة 5 لترات التي عادة ما كانت تستخدم هذه العلب لحفظ بعض المواد الغذائية فيها في مختلف مناطق كوردستان بسبب مقاومتها للرطوبة وعملية إحكامها بشكل جيد ، وجدتها مليئة بالعسل تناولنا منها شيئا وملأنا منها علبة (كيكوز)* صغيرة لأخذها معنا لأننا سنحتاجها في مقاومة الجوع المنتظر وتركنا ما تبقى في مكانها الأصلي .

بعد أن وصلت المجموعة الثانية واستلمت حصتها من وجبة الطعام بدأ أفراد مجموعتنا بمواصلة المسير نحو (كه لي مه رانى ) وهي المحطة التي ستحدد وجهتنا ما بعد الوصول واللقاء ببقية الرفاق وما ستؤول إليه الأحداث .

اتفقنا مرة أخرى على أن لا نتوقف إلا في المقر عدا في الحالات الطارئة التي ربما تواجهنا ، فاستمر المسير إلى الصباح وسط قلق بالغ في الساعات الأخيرة منه بسبب تزايد أصوات الإنفجارات واقترابها أواستهدافها رفاقنا في المجموعة الثانية ولكنها لما كانت تطلق من مدافع قصيرة المدى والظلام لم يكن قد انقشع تماما فإنها لم تصب أهدافها وهكذا تبين أن طليعة قوات العدو بدأت تصل إلى مسافات قريبة من مقراتنا في( كه لي مه رانى ) حيث مقر لجنة محلية نينوى لحزبنا الشيوعي ومقر (سى ده را ) العائد للجنة الشيخان للحزب الديمقراطي الكوردستاني عبر منافذ (سوارى وسبيندارى ) وهما قريتان تابعتان إداريا لناحية سرسنك وتقعان إلى الغرب من مقراتنا و(كانيكا ) وهي قرية تابعة إلى ناحية أتروش وتقع إلى الجهة الجنوبية من مقراتنا .

وكان تقدم هذه القوات يتواصل عبر منافذ أخرى لتصفية القرى التابعة إلى ناحية زاويتة و سواره توكه وبعض القرى الأخرى التابعة إلى ناحية أتروش من جهتها الغربية إضافة إلى التقدم الواسع لقوات الجحوش في منطقة نهلة عبر باكرمان ودينارته في الجهة الشمالية من قضاء عقرة والتي تقع في جبالها ووديانها العديد من القرى التي تتصل في نهايتها بمناطق تواجدنا .

أما من الجهة الشمالية فإن قوات النظام كانت تتقدم جنوبا نحونا منطلقة من سرسنك ومعسكرات بامرنى والعمادية وديرالوك ، كل هذه القوات التي كانت تتقدم كانت تستهدف إضافة إلى القرى التي أشرنا إليها منطقة ( به رى كاره (*وقراها مع مقراتنا التي كانت تقع ضمن هذا الجبل من جهته الجنوبية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- (جه مانكى وباله ته وبازيركى ودزى)*هذه القرى كانت تقع على الطريق التي توصلنا إلى منطقة به روارى زيرى وكانت قريبة إلى مقرنا في بير موس.

- (بينارينكى وكاني باسكا وكابنيركى وخوربينيا وباك باكى وسوارى وسبيندارى وميزى وبانيا ته علا وجه مانى ) *مجموعة قرى تعود إلى منطقة به روارى زيرى وأيضا تقع على الطريق إلى مه رانى .

- (القرى البديلة )*عاشت الغالبية العظمى من سكان قرى مناطق به هدينان في مثل هذه القرى ، ولكنها كانت أصغر من القرى الأصلية وأقل كثافة سكانية لأن كل مجموعة عوائل كانت تبني لها مساكن في واد ما بالقرب من مزارع الفاكهة التابعة لهم ( ربما يقول محامو الدفاع عن الطاغية إذن كانوا في أصطياف ) على ( وزن إذن كانت رائحة الثوم التي كانت تشتريه من السوق وتستخدمه في البيت ) ، في الواقع لم يكن الأمر كذلك فكانت هذه القرى تعاني من نقص شديد في مستلزمات الحياة الضرورية ، وأقيمت لتجنب عمليات القصف المستمرة ويمكننا القول بأنها كانت متحركة ، فعند تعرض أحداها للقصف ينتقل أهلها إلى واد آخر لبناء قرية أخرى وكانت تحمي هذه البيوتات صخور كبيرة يجري السكن تحتها ، فعلى الإنسان أن يتصور كم كان حجم معانات الناس في ريف كوردستان أثناء حملة الأنفال القذرة هذه ...!!؟

- ( به رى كاره (* حوض جبل كارة ، وكم عظيما كان هذا الجبل وأهله ، استطاع في أحلك الظروف حماية الأنصار والبيشمه ركه ، وقدم سكان قرى هذا الحوض للثوار ما عجز عنه الآخرون عندما كان نظام صدام في أوج قوته ، كانت ضمن هذا الحوض القرى التالية ( ئيكماله – زيوكا شيخا – شيرانه – ردينيا - بهى - كووزى- به لووتى- زيوه – كارة – به ر كارة ) إضافة إلى قرى كانت تقع في وديان تشق هذا الحوض . وتشتهر هذه القرى بطيبة أهلها وكرمهم ومساندتهم للثوار . ولا ننسى أنها تنتج أفضل أنواع التبوغ وخصوصا قرية به لووتى .



يتبع




#ناظم_ختاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محطات من أنفال به هدينان- المحطة الثالثة
- محطات من أنفال به هدينان - المحطة الثانية
- محطات من أنفال به هدينان
- محطات من أنفال به هدينان - ما قبل المحطات


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ناظم ختاري - محطات من أنفال به هدينان - المحطة الرابعة