أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - أحمد محمد زايد - هل هناك حياة بعد الموت، النظرة المادية مقابل النظرة الثنائية.















المزيد.....


هل هناك حياة بعد الموت، النظرة المادية مقابل النظرة الثنائية.


أحمد محمد زايد

الحوار المتمدن-العدد: 7122 - 2021 / 12 / 30 - 23:17
المحور: الطب , والعلوم
    


ستموت عاجلاً أو آجلاً، هذه هي النهاية الحتمية لأي كان حي، فماذا بعد الموت؟ هل ينعدم الإنسان عندما يموت؟ أم أن هناك حياة أخرى بعد الموت؟ هذا السؤال يمكن الإجابة عليه إن مات شخص ثم عاد مرة أخرى إلي الحياة ثم أخبرنا بما حدث له عندما مات.

هناك نظرتان مختلفتان لطبيعة الإنسان، النظرة المادية (Materialism) والنظرة الثنائية (Dualism). حسب النظرة المادية فالإنسان ما هو إلا مجموعة من الجزيئات التي تتفاعل مع بعضها البعض، ودماغه هو ما يخلق كينونته الإنسانية أو خبراته البشرية الواعية مثل (التفكير، الإدراك والوعي بالذات، التذكر، القصد، المشاعر ...). حسب النظرة الثنائية ”الديكارتية” فالإنسان مكون من جوهرين مختلفين، جوهر مادي وهو الجسد وجوهر روحي يتفاعلان مع بعضهما البعض بشكل عميق، لكن لا يمكن اختزال أحدهما في الآخر، وهذا الجوهر الروحي هو ما يخلق كينونة أو خبرات الإنسان الواعية وليس دماغه أو جوهره الجسدي.

حسب النظرة المادية إذاً، نتوقع أن تختفي كينونة (وعي) الإنسان من الوجود بعد الموت (لما يتوقف الدماغ عن العمل) لأن الدماغ هو خالق هذه الكينونة حسب النظرة المادية فبالتالي لا حياة بعد الموت. أما حسب النظرة الثنائية فنتوقع أن تبقى كينونة (وعي) الإنسان حتى بعد الموت (لما يتوقع الدماغ عن العمل) لأن جوهر الإنسان الروحي هو ما يخلق هذه الكينونة حسب النظرة الثنائية وليس الدماغ فبالتالي هناك حياة بعد الموت.

لكن كيف سنعرف هل تختفي كينونة الإنسان أم تبقى بعد الموت؟ هل يوجد من يموت ويعود مرة أخرى للحياة؟؟

– هل يمكن عكس الموت وإعادة الموتى للحياة؟؟

نعم، يمكن ذلك الآن. لكن هنا نحن نتحدث عن الموت من منظور طبي وليس من منظور ديني. الموت من منظور ديني هو انفصال الجوهر الروحي عن الجوهر الجسدي بشكل نهائي، ولو حدث ذلك فلا يمكن للبشر بالتأكيد عكس هذا الموت. الخالق فقط هو من يمكنه عكس هذا النوع من الموت حسب المنظور الديني.

لكن الموت من منظور طبي يمكن للبشر عكسه ويتم عكسه الآن في كل مستشفيات العالم. الموت من منظور طبي هو: 1) توقف القلب عن ضخ الدم في الجسد. 2) يعقب ذلك مباشرةً توقف التنفس. 3) وفي غضون ثواني معدودة من حدوث ذلك يتوقف الدماغ عن العمل (يتم فقد وظيفة القشرة المخية والأعضاء الدماغية الداخلية الموجودة تحت القشرة المخية، مع فقد وظيفة/انعكاسات جذع الدماغ) بسبب الانقطاع الكامل للدم عنه. يمكن عكس هذا النوع من الموت الآن من خلال تقنيات الإنعاش القلبي الرئوي (Cardiopulmonary Resuscitation). حيث تتم إعادة تشغيل القلب مرة أخرى بعد توقفه فيعود ضخ الدم من جديد، فيعود التنفس وتعود وظيفة الدماغ [1].

قد يجادل البعض أن هؤلاء الناس الذين يعودون بالإنعاش القلبي الرئوي لم يموتوا حقاً، فاجتماعياً ينظر الناس للموت عادةً علي أنه نقطة لا يمكنك الرجوع منها مرة أخري، وهذا هو المنظور الذي يتم من خلاله تعريف الموت عادةً، فعلي سبيل المثال يتم تعريف الموت من قبل الأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب علي أنه ”فقدان لا رجعة فيه لكل وظائف الدماغ“ [2]. لكن في الواقع، وظيفياً، لا يوجد فرق بين الموت من منظور طبي وهذا التعريف الاجتماعي للموت. لأنه في كلا الحالتين الدماغ يكون متوقف عن العمل (يتم فقد وظيفة الدماغ).

الفرق هو أنه من منظور طبي، يمكن استعادة وظيفة الخلايا الدماغية بعد فقدان وظيفتها مرة أخري، لأن هذه الخلايا تأخذ بعض الوقت حتي تصل لمرحلة التلف الخلوي الدائم الذي لا يمكن عكسه أو إصلاحه. أما التعريف الاجتماعي للموت فيقتضي أن تصل هذه الخلايا بعد توقف وظيفتها لمرحلة التلف الخلوي الدائم الذي لا يمكن عكسه أو إصلاحه (الخلايا الدماغية تحللت مثلاً) بأي تقنيات نملكها الآن. لكن كما ذكرت في كلا الحالتين يكون هناك فقد لوظيفة الدماغ، فمن الناحية الوظيفية يمكن القول أن الناس اللذين يعودون بالإنعاش القلبي الرئوي، قد ماتوا بشكل مؤقت ثم عادوا، لأنه في فترة ما قبل الإنعاش القلبي الرئوي كانت أدمغتهم متوقفة عن العمل، حتي لو خلايا أدمغتهم لم تصل لمرحلة التلف الخلوي الدائم الذي لا يمكن إصلاحه فهي ما زالت خلايا متوقفة عن العمل ولا تؤدي وظيفتها [3].

حسب النظرة المادية للإنسان فالمفترض أن تفنى كينونة الإنسان في فترة ما قبل الإنعاش، لأن الدماغ في هذه الفترة يكون متوقفاً عن العمل، وكينونة الإنسان هي نفسها وظيفة الدماغ. حسب النظرة الثنائية المفترض أن لا تفنى كينونة الإنسان. لأنها نتاج الجوهر الروحي الذي لا يفنى حتي بعد توقف الجسد أو الدماغ عن العمل. لو عاد شخص بالإنعاش وأخبر أنه لم يفنى بعد الموت فهذا يعد بمثابة دعم للنظرة الثنائية وإمكانية وجود حياة بعد الموت، وتخطئة للنظرة المادية، فماذا وجدت الدراسات علي العائدين من الموت بالإنعاش القلبي الرئوي؟


– الدراسات علي العائدين من الموت بالإنعاش القلبي الرئوي.

يوجد عدد من الدراسات الأكاديمية التي تمت علي العائدين من الموت الطبي بالإنعاش القلبي الرئوي. أول دراسة كانت دراسة بريطانية تم نشرها في مجلة مجلس الإنعاش الأوروبي (Resuscitation) وتمت علي 63 شخص عادوا من السكتة القلبية للحياة مرة أخرى بالإنعاش. الثانية كانت دراسة هولندية تمت علي مدار عامين في 10 مستشفيات علي 344 شخص عادوا بالإنعاش، وتم نشرها في المجلة الطبية المرموقة (The Lancet). الدراسة الثالثة كانت دراسة أمريكية وتمت علي بعض الأشخاص اللذين عادوا من السكتة القلبية بالإنعاش ضمن عينة إجمالية تساوي 1595 من مرضى القلب، وتم نشرها في مجلة (General Hospital Psychiatry). الدراسة الرابعة كانت أيضاً دراسة أمريكية وتمت علي 55 شخص عادوا من السكتة القلبية بالإنعاش وتم نشرها في مجلة (Near-Death Studies). والدراسة الخامسة والأخيرة كانت دراسة واسعة النطاق وتمت علي مدار 4 سنوات في 15 مستشفى علي 140 شخص عادوا من السكتة القلبية بالإنعاش من ضمن عينة إجمالية تساوي 2060 شخص أصيب بالسكتة القلبية، وتم نشرها في مجلة مجلس الإنعاش الأوروبي (Resuscitation).

هذه الدراسات أكدت باختصار أن كينونة الإنسان يمكن أن تظل موجودة حتي مع توقف الدماغ عن العمل، أي أنها تدعم النظرة الثنائية [4]. عدد لا بأس به من المرضى اللذين يعودون بالإنعاش القلبي الرئوي يخبرون عن وجود تجارب واعية متشابهة في فترة ما قبل الإنعاش منها: 1) رؤية أنفسهم في نفق في نهايته ضوء. 2) رؤية الأشخاص اللذين كانوا يعرفونهم في الحياة واللذين كانوا قد ماتوا قبلهم. 3) مراجعة ورؤية كل ما اقترفوه في حياتهم من أفعال. 4) الإحساس بالانفصال عن الجسد ورؤية الأطباء وفريق الإنعاش يعملون على أجسادهم محاولين إنعاشهم من مكان علوي. 5) الشعور بالراحة والسلام والطمأنينة.

– المحاولات المادية لتفسير دراسات العائدين من الموت بالإنعاش القلبي الرئوي.

حاول الكثير من العلماء تفسير نتائج هذه الدراسات بطرق تتوافق مع النظرة المادية للإنسان، وباختصار معظمهم يعتقدون أن هذه التجارب ما هي إلا مجموعة من الهلوسات والأوهام التي ينتجها الدماغ بعد انقطاع الدم عنه.

لكن كما ذكرت بالأعلي، الدماغ يتوقف عن العمل بعد ثواني فقط من انقطاع الدم عنه. العديد من الدراسات الرصدية علي البشر والحيوانات تؤكد ذلك [5]. كي تهلوس حسب النظرة المادية للإنسان يكون أن يكون دماغك في حالة عمل، لأن الهلوسة هي أحد وظائف الدماغ. والدماغ يكون متوقف عن العمل أثناء السكتة القلبية فكيف سيخلق الدماغ هلوسة وهو لا يعمل أساساً؟؟ كما يذكر الطبيب سام بارنيا المتخصص في الإنعاش ودراسة طبيعة الوعي أثناء السكتة القلبية مع عالم الأعصاب والنفس بيتر فينويك في مجلة (Resuscitation): ”في ظروف إكلينيكية أخرى غير السكتة القلبية، يمكن أن تجادل أن هذه التجارب الواعية هي مجرد هلوسات من الدماغ، لكن أثناء السكتة القلبية، الدماغ لا يعمل أساساً، فمن الصعب أن تقول تحت ظروف مثل السكتة القلبية أن هذه التجارب هي مجرد هلوسات دماغية“ [5]. أو كما يذكر نفس الطبيب في مجلة (New Scientist): ”من السخافة أن نقول أن هؤلاء الناس يهلوسون، لأن الهلوسة تحتاج دماغ في حالة عمل، لو أحضرت مريض مصاب بالسكتة القلبية وحقنته بمادة مهلوسة مثل مادة (LSD)، أضمن لك أنه لن يهلوس“ [6].

الحل الأكثر عقلانية الذي يلجأ له الماديون في محاولة تفسير نتائج هذه الدراسات، هو أن يزعموا أن الدماغ في الواقع لا يتوقف عن العمل أثناء السكتة القلبية. الدراسات التي رصدت أن الدماغ يتوقف عن العمل أثناء السكتة القلبية هي دراسات معناها باختصار أن ”تكنولوجيا العصر الحالي هي تكنولوجيا لا تستطيع في الواقع رصد كافة الأنشطة الدماغية“. قد يكون هناك نشاط دماغي أثناء السكتة القلبية ونحن فقط لا نملك التقنيات التي تمكننا من رصد هذه النشاطات الآن.

لكن هذا الحل ليس منطقي، ويناقض مئات الدراسات الرصدية العصبية، لأن الوعي أو كينونة الإنسان حسب النظرة المادية هي شيء انبثاقي (Emergent)، بمعني ليس أي نشاط دماغي قادر علي خلق تجارب بشرية واعية، يجب أن يكون هناك نشاط عصبي من نوع خاص في دماغك كي تكون واعي حسب النظرة المادية، نشاط يلزم منه وجود تفاعل بين مناطق القشرة المخية وجذع الدماغ والأعضاء الدماغية الموجودة تحت القشرة الدماغية. هذا النشاط من النوع الخاص يمكننا رصده بتكنولوجيا العصر الحالي، ومن المستحيل أن يكون موجوداً في ظروف مثل السكتة القلبية، فحتى لو احتوى الدماغ علي نشاطات عصبية لا نستطيع رصدها فهو بكل تأكيد لا يحتوي علي النشاط العصبي اللازم لظهور التجارب الواعية حسب النظرة المادية [7]. فلا يوجد في الواقع تفسيرات مادية مقنعة لنتائج هذه الدراسات، والنظرة الثنائية تفسر نتائج هذه الدراسات بشكل أفضل [4]،[7].

لكن مع ذلك ستجد أن الكثير من علماء الغرب متحيزين فكرياً للنظرة المادية للإنسان التي تؤكد أن الإنسان يفنى بعد الموت، فأغلب هؤلاء العلماء قد تم تدريبهم علي رؤية الوجود من خلال عدسة المادية، وعلي أن النظرة الثنائية هي مجرد أسطورة تناقلها الناس في الماضي في عصور ما قبل العلوم.

– دفاع عن النظرة الثنائية للإنسان.

في الواقع كما يذكر الفيلسوف (José Gusmão Rodrigues) في عنوان ورقة منشورة في مجلة (Philosophy) التي تنشرها جامعة كامبريدج؛ ”لا يوجد اعتراضات جيدة علي النظرة الثنائية الديكارتية للإنسان” [8]. يؤكد ذلك الفيلسوف (William G. Lycan) في مجلة (Australasian Journal of Philosophy) [9]. وكلاهما لا يتبنى شخصياً النظرة الثنائية الديكارتية للإنسان، لكنهما مع ذلك يؤكدان أنه لا توجد أي اعتراضات منطقية قوية ضد النظرة الثنائية الديكارتية.

أكبر اعتراضين علي النظرة الثنائية هما:

- 1) لو الإنسان مكون من جوهر روحي (غير-مادي) لا يموت، وجوهر جسدي (مادي) يموت، وهذا الجوهر الروحي هو منشأ الوعي أو كينونة الإنسان، لم يتأثر الوعي لما يتم التأثير علي الجوهر الجسدي (الدماغ)؟؟ تأخذ دواء مهلوس تتأثر حالتك العقلية، تتقدم في العمر ويعطب دماغك فتصاب بالزهايمر مثلاً.

والرد على هذا الاعتراض بسيط، النظرة الثنائية لا تنكر وجود دور للجسد في عملية الوعي، هي تنكر فقط إمكانية إختزال الوعي في نشاطات الدماغ (الجوهر الجسدي) وحسب، لكن كما تؤكد النظرة الثنائية فهناك نوع من التفاعل بين الجوهر الروحي والجوهر الجسدي، فمن الطبيعي أن تتأثر الحالة العقلية عند التأثير علي الحالة الجسدية، لأن التأثير على الحالة الجسدية سيؤثر علي التفاعل بين كلا الجوهرين.

- 2) كيف يحدث التفاعل بين شيء غير-مادي (الروح) وشيء مادي (الجسد)؟

من المهم هنا أن نذكر أن النظرة المادية للإنسان تقابل نفس هذه المعضلة لكن بشكل مختلف، فالتجارب البشرية الواعية مثل (التفكير، والمشاعر، والتذكر ...) هي أشياء غير-مادية بطبيعتها. لا يوجد شيء علي سبيل المثال يسمى (ما هي كتلة أفكارك؟؟ أو ما هو زخم مشاعرك؟ أو ما هي طاقة حركة ذكرياتك؟؟ ..) لا يمكن التحدث عن ملكات العقل بمصطلحات مادية لأنها في جوهرها أشياء غير-مادية، كيف الدماغ المادي يخلق أشياء غير-مادية بطبيعتها كالأفكار والذكريات؟؟ لا يوجد مادي علي وجه الأرض يعرف الجواب علي هذا السؤال حتي الآن، وهذه هي معضلة العقل والجسد الشهيرة في فلسفة العقل (The Mind-Body Problem)، كما يذكر عالم النفس (William Uttal) في كتابه المنشور من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ”العقل والدماغ: تقييم نقدي لعلم الأعصاب الإدراكي“: ”لا أحد يعرف كيف يخلق الدماغ – العقل – وهذا الافتراض ليس قائم علي أي أساس تجريبي مقنع“ [10].

كل المرصود في تجارب علم الأعصاب منذ بدايته وحتي الآن هو ما يسمي بالترابطات العصبية للوعي (Neural Correlates Of Consciousness) وليس مسببات عصبية للوعي. كل المرصود مجرد نوع من الترابط بين الأحداث العقلية والاحداث الدماغية. تفكر يتزامن ذلك مع ظهور نشاط عصبي في القشرة الدماغية، تكون ذكرى جديدة يتزامن ذلك مع ظهور نشاط عصبي في عضو الحصين، تشعر بالقلق يتزامن ذلك مع ظهور نشاط عصبي في منطقة اللوزة الدماغية ... فقط. مجرد تزامن بين حدثين لا أكثر ولا أقل، لكن لم يبرهن أحد أن هذه الأنشطة الدماغية المتولدة لحظة إجراء العمليات العقلية هي نفسها ما خلقت أو سببت هذه العمليات العقلية.

يكفى في الرد علي هذا الاعتراض ذكر ذلك. أنا لا اعلم كيف يحدث التفاعل بين الجوهر غير-المادي والجوهر المادي، وأنت كذلك لا تعرف كيف يخلق الجوهر المادي (الدماغ) التجارب البشرية الواعية التي هي بطبيعتها أشياء-غير مادية؟ فعلي أي أساس نفضل النظرة المادية علي النظرة الثنائية الديكارتية للإنسان؟

كلا النظرتين يمكنهما تفسير ملاحظات تأثر الوعي (كينونة الإنسان) لما يتأثر الدماغ، وملاحظات ترابط الأحداث العقلية مع الأحداث الدماغية، وكلا النظرتين يقابل نفس المعضلة بشكل مختلف. لكن النظرة الثنائية يمكنها تفسير عدد أكبر من ظواهر الوجود بشكل أفضل من النظرة المادية. مثل نتائج الدراسات المذكورة بالأعلى [11]. ونتائج دراسات أخرى كثيرة، لذلك فيوجد سبب لتفضيل النظرة الثنائية علي النظرة المادية [12].

من الجدير بالذكر أنه بالرغم من سيطرة النظرة المادية للإنسان، علي العالم الأكاديمي الغربي لعقود، يوجد في العصر الحالي أعداد متزايدة من العلماء والفلاسفة اللذين ينشرون كتباً وأوراقاً أكاديمية تتحدى النظرة المادية للإنسان (الإنسان=دماغ). بعض هذه الكتب والأوراق تنتصر للنسخة الديكارتية من فلسفات العقل الثنائية (ثنائية الجوهر Substance Dualism) التي تكلمت عنها هنا من خلال دراسات علمية، وحجج منطقية وفلسفية عقلية. علي سبيل المثال، هذه الورقة لعالم الأعصاب والنفس المناصر للثنائية وصاحب كتاب ”الدماغ الروحي: وجود الروح“ (The Spiritual Brain: A Neuroscientist s Case for the Existence of the Soul)؛ (Mario Beauregard) والمنشورة في الدورية العلمية المرموقة (Progress in Neurobiology) [13]، أو هذه الورقة لعالم الفيزياء (Henry Stapp) مع عالم النفس المناصر للثنائية وصاحب كتاب ”العقل والدماغ: الليونة العصبية وقوة القوى العقلية“ (The Mind and the Brain: Neuroplasticity and the Power of Mental Force)؛ (Jeffrey Schwartz) وعالم الأعصاب والنفس (Mario Beauregard) في المجلة المرموقة التي ينشرها المجتمع الملكي البريطاني (Philosophical Transactions of the Royal Society B: Biological Sciences) [14].

هناك كذلك العديد من الكتب الأكاديمية التي تنتصر للفلسفة الثنائية الديكارتية من أشهر هذه الكتب:
1) كتاب من حجة المعرفة إلى الجوهر العقلي: إحياء العقل (From the Knowledge Argument to Mental Substance: Resurrecting the Mind) للفيلسوف هوارد روبنسون، نشر جامعة كامبريدج.
2) كتاب المعرفة والفكر والثنائية (Knowledge, Thought, and the Case for Dualism) للفيلسوف ريتشارد فوميرتون، نشر جامعة كامبريدج.
3) كتاب دليل جامعة أكسفورد لعلم النفس والروحانية (The Oxford Handbook of Psychology and Spirituality) لمجموعة من العلماء والفلاسفة، نشر جامعة أكسفورد.
4) كتاب العقل والدماغ والإرادة الحرة (Mind, Brain, and Free Will) للفيلسوف ريتشارد سوينبورن، نشر جامعة أكسفورد.
5) كتاب العقل الغير قابل للاختزال (The Irreducible Mind) لمجموعة من العلماء والفلاسفة، من جامعة ڨيرجينيا الأمريكية.

فالنظرة الثنائية الديكارتية للإنسان، ليست مجرد أسطورة، بل نظرة تدعمها في الواقع حجج علمية ومنطقية وفلسفية كثيرة.

– المصادر:
[1] https://nyaspubs.onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1111/nyas.12582
[2] https://n.neurology.org/content/92/5/228
[3] https://www.nyas.org/news-articles/academy-news/is-there-life-after-death/
[4] https://academic.oup.com/qjmed/article/110/2/67/2681812
[5] https://bit.ly/3sIvM9R
[6] https://www.newscientist.com/article/mg21729070-400-hours-after-death-we-can-still-bring-people-back/
[7] https://psycnet.apa.org/record/2010-03251-005
[8] https://www.cambridge.org/core/journals/philosophy/article/abs/there-are-no-good-objections-to-substance-dualism/F1D9583561E314D37FBECB6D84D13784
[9] https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/00048400802340642
[10] https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4037890/
[11] https://psycnet.apa.org/record/2012-18686-034
[12] https://bit.ly/3zd6CkT
[13] https://bit.ly/3z9UfGi
[14] https://royalsocietypublishing.org/doi/abs/10.1098/rstb.2004.1598



#أحمد_محمد_زايد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بحيرة زجاجية مذهلة من الحمم البركانية على سطح قمر آيو
- ناسا تحث على توحيد الجهود لمواجهة التغيّر المناخي
- ما هي أعراض نقص فيتامين د النفسية؟
- دراسة: تناول الأسبرين يوميا يحد من خطر الإصابة بسرطان القولو ...
- مغامرات كوميدية بين القط توم والفأر جيري..ثبت أحدث تردد لقنا ...
- ما الرابط بين الكحول وأمراض السرطان؟
- صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح
- ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟
- صور الأقمار الصناعية تكشف الاستعدادات لعملية رفح
- كندا: خلافات بشأن أول معاهدة عالمية للحد من التلوث الناجم عن ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - أحمد محمد زايد - هل هناك حياة بعد الموت، النظرة المادية مقابل النظرة الثنائية.