أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مروان دويري - فخ المصطلحات: عن يهودية الدولة، الديمقراطية، والدولة الفلسطينية















المزيد.....

فخ المصطلحات: عن يهودية الدولة، الديمقراطية، والدولة الفلسطينية


مروان دويري

الحوار المتمدن-العدد: 7117 - 2021 / 12 / 25 - 11:12
المحور: القضية الفلسطينية
    



في السجال السياسي الدائر في مجتمعنا العربي في إسرائيل هناك رفض عارم للدولة اليهودية وقبول شاسع للدولة الديمقراطية وللدولة الفلسطينية المستقلة. وهناك اعتقاد سائد بأنه لو تم التنازل عن يهودية الدولة وقبول الديمقراطية والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس سيعم السلام والعدل في البلاد.
المصطلحات والتسميات بطبيعتها تختزل ظواهر عديدة ومركبة، فكل مصطلح يجمع في إطاره ظواهر تختلف التفاصيل فيها عن بعضها أحيانا أكثر من اختلافها مع ظواهر تجتمع في إطار مصطلح آخر. فبعض أنواع "الخيول" مثلا تختلف عن بعضها أكثر من اختلافها عن "البغال" لذلك فإن إطلاق اسم "الخيل" على كائن ما لا يعني أنه يختلف عن "البغل" أكثر مما يختلف عن نوع آخر من الخيول. من يجلس في مقهى ويطلب "كعكة" مثلا دون تحديد تفاصيلها على الأغلب لن يحصل على الكعكة التي قصدها وربما أنه يتلقى كعكة تشبه رغيف الخبز أكثر أو تشبه العصيدة أكثر مما تشبه الكعكة التي أرادها. بالرغم من عبثية هذا المثال إلا أنه ينطبق تماما على السجال الدائر في السياسة حول رفض مصطلحات سياسية وقبول أخرى.
يهودية الدولة وديمقراطية الدولة:
بعكس الادعاء السائد بأن ديمقراطية الدولة تتناقض مع يهوديتها، كتبتُ في السابق مرارا على أن ديمقراطية الأغلبية المنتهجة في إسرائيل كانت الأداة المجمِّلة لجميع الممارسات العنصرية والعدوانية التي قامت بها إسرائيل منذ النكبة والتي سنت القوانين التي تمنع عودة اللاجئين وتشرّع الاستيلاء على أموالهم، وتعطي حق العودة لليهود، وتتيح مصادرات الأراضي، وتحول دون ترخيص البيوت العربية، وتمارس الاحتلال، وتضم القدس وهضبة الجولان إلى إسرائيل وغيرها من الممارسات العنصرية والعدوانية. طالبنا بديمقراطية ورفضنا يهودية الدولة فوقعنا في فخ المصطلحات وحصلنا على عكس ما تمنيناه، لذلك لا بد من توصيف تفاصيل ما نطلب وما نرفض كي نحصل على ما نبغي.
الغالبية الساحقة من اليهود تصرّ على يهودية الدولة، ومع هذا فكل فئة منهم تقصد يهودية أخرى للدولة. بعضهم يريد يهودية الدولة التي قصدها بن غوريون والتي تعني سيطرة اليهود على الدولة ومَن فيها وتهويد كل ما فيها، وبعضهم يريدها كما قصدها هرتسل وجابوتنسكي، رغم الاختلاف بينهما، لتكون دولة تجمع اليهود فيها، وبعضهم يريدها دولة شريعة يهودية التي رفضها هرتسل وبن غوريون، وبعضهم أمثال ليبوفيتش يريدها دولة يهودية ويرفض الاحتلال والتمييز ضد شعب آخر، وبعضهم يريدها دولة ذات طابع يهودي لكن في جوهرها ديمقراطية. الأديب الراحل عاموس عوز قال أن الدولة لا يمكن أن تكون يهودية لأنها هي مجرد أداة، بالضبط كما أن الكرسي أو السيارة لا يمكن أن يكونا يهودا. يارون لندن وبعض البوست صهيونيين يريدون الدولة اليهودية لليهود التي فيها وليس لكل يهود العالم. كل هذه التوصيفات المختلفة تقع تحت سقف "دولة يهودية" فحين نرفض يهودية الدولة علينا أن نحدد لأنفسنا أي يهودية دولة نرفض وماذا نرفض من هذه التوصيفات وماذا نقبل.
الغالبية الساحقة من اليهود والعرب يطالبون بنظام ديمقراطي. كما أشرت فإن مجرد الديمقراطية لا تحول دون العنصرية والتمييز والاحتلال كما هو حال ديمقراطية الأغلبية المنتهجة في إسرائيل، كما أن التاريخ علمنا أيضا أن النازية جاءت للحكم في ألمانيا بفضل الديمقراطية. هناك أشكال متعددة من الديمقراطية: الديمقراطية الاشتراكية كما في بعض الدول الاسكندنافية، الديمقراطية الليبرالية كما في معظم دول أوروبا، الديمقراطية التوافقية كما هو الحال في سويسرا وبلجيكا وكندا ورواندا. هذه الديمقراطية التوافقية هي الديمقراطية الوحيدة التي تضمن بالفعل حقوق الأقليات وتحول دون سيطرة الأغلبية على الأقلية لأنها تتيح مشاركة الأقليات في السلطة والموارد وفي بعض الحالات تعطي الأقلية كوابح تحول دون انتهاك حقوقها. هذه هي الديمقراطية التي طالبت بها وثيقة التصور المستقبلي سنة 2006 (التي تبنتها لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل) وتمت صياغة آلياتها في الدستور الديمقراطي الذي نشر سنة 2007 من قبل مركز "عدالة" لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل.
الدولة الفلسطينية:
الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني تطالب بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. ومع هذا فكل فئة تقصد دولة فلسطينية أخرى تختلف عن بعضها أكثر من اختلافها عن مواصفات بعض أشكال الدولة اليهودية. بعض الفلسطينيين يريدونها دولة ديمقراطية وعلمانية، وآخرون يريدونها دولة شريعة، وآخرون يريدونها دولة يسارية واشتراكية. بعض القوى السياسية في السلطة الفلسطينية تريد للدولة الفلسطينية أن تكون مزرعة لحكامها أسوة ببعض الدول العربية. أضف إلى ذلك أن البعض يريدها على كامل الوطن الفلسطيني من النهر إلى البحر والبعض يقبل بحدود 1967 والبعض يقبل بأقل من ذلك. كل هذه التوصيفات تقع تحت سقف "الدولة الفلسطينية" فإذا اكتفينا بالمطالبة بدولة دون تحديد ملامحها فربما تكون النتيجة أسوأ من الوضع الحالي.

عبثية قبول أو رفض المصطلحات:
حسبما جاء آنفا فلا يوجد أي معنى لقبول أو رفض أي مصطلح أو تسمية طالما أنه لم يجر تحديد مواصفات ما نقبله وما نرفضه. فمجرد رفض يهودية الدولة دون تحديد ما نرفضه (مثلا يهودية بن غوريون أو ليبوفيتش) لا يصب حتما في المصلحة الوطنية، وكذلك مجرد قبول يهودية الدولة دون تحديد مواصفاتها لا يعني بالضرورة خيانة. نفس الأمر ينطبق على الدولة الفلسطينية: فالإصرار على دولة فلسطينية دون تحديد مواصفاتها (مثلا دولة شريعة إسلامية أو دولة ديمقراطية علمانية) يكون كمن طلب كعكة ولا يعرف هل سيحصل على مبتغاه أو سيحصل على عصيدة أو رغيف خبز.
أعتقد أن وثيقة التصور المستقبلي أحسنت حين طالبت بانتهاج ديمقراطية توافقية في إسرائيل كبديل لديمقراطية الأغلبية. هذه الديمقراطية التي مكنت الأغلبية اليهودية من انتهاك حقوق المواطنين العرب باسم الديمقراطية. ما يجب إدراكه هو أن إلغاء يهودية الدولة وإبقاء ديمقراطية الأغلبية لن يأتي بتغيير جوهري في حياة المواطنين العرب وفي واقع الاحتلال، لأن الغالبية اليهودية ستواصل الاستفادة من قوتها العددية لتكريس التمييز والاحتلال. لذلك فالعقبة أمام حقوقنا القومية ليست يهودية الدولة بل ديمقراطية الأغلبية. الديمقراطية التوافقية تعطي للمواطنين العرب كوابح لحماية مصالحهم في موارد الدولة وفي اتخاذ القرارات السياسية وبالتالي سؤال يهودية الدولة يصبح هامشيا.
طبعا النضال من أجل تحقيق الديمقراطية التوافقية لن يكون بالأمر السهل ولكنه حتما أقل صعوبة من النضال ضد يهودية الدولة، وأكثر جدوى منه، لأنه حتى لو تم إسقاط صفة اليهودية عن الدولة ستبقى الأغلبية اليهودية قادرة على ممارسة التمييز، طالما لا تملك الأقلية كوابح دستورية تلجم هيمنة الأغلبية اليهودية.



#مروان_دويري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستنكر العدوان الإسرائيلي على غزة ولا أعفي حماس من المسؤولية
- حق تمثيل فلسطينيي الداخل في المجلس الوطني الفلسطيني والمنظمة
- انهيار الأنظمة السياسية يحتم مراجعة الأنظمة الفكرية
- مقالات في الذات والآخر: الخيال الذي نعتقده واقعا
- عن الحب والأنانية: حب الآخرين يبدأ بحب الذات (3)
- حقا تحركت الخارطة السياسية يمينا؟ وما هو دورنا؟
- الاستقلال القومي والعدالة الاجتماعية في عصر العولمة: إسقاطات ...


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مروان دويري - فخ المصطلحات: عن يهودية الدولة، الديمقراطية، والدولة الفلسطينية