أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل جندي - أصحاب العقول (والقنابل الذرية) في نعيم















المزيد.....

أصحاب العقول (والقنابل الذرية) في نعيم


عادل جندي

الحوار المتمدن-العدد: 1656 - 2006 / 8 / 28 - 10:18
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


"الإسلام يجب أن يستعد ليحكم العالم. ولا يجب أن نخجل من إعلاننا أن الإسلام مستعد ليحكم العالم (...) يجب أن نعد أنفسنا لنحكم العالم والطريقة الوحيدة هي وضع تصوراتنا بناء على قاعدة "انتظار عودة المهدي"". هذا ما قاله في 5 يناير 2006 رئيس الجمهورية الإيرانية محمود أحمدي نجاد مخاطبا جمعا من طلبة الدين بمدينة قُم.
ويعتقد نجاد تماما بأن المهمة الرئيسية للثورة الإيرانية "هي تمهيد الطريق لظهور الإمام المهدي، لذلك يجب أن تكون إيران مجتمعًا إسلاميًا قويًا ومتطورًا، حتى تصبح نموذجًا تحتذي به جميع الشعوب، وتستحق ـ في النهاية - أن تكون ميداناً لظهور إمام الزمان (المهدي المنتظر)" كما جاء في خطاب آخر. وقال في مناسبة أخرى: "نحن مسئولون عن إقامة مجتمع نموذجي في إيران حتى يكون هذا مقدمة لحدوث هذا الحدث العظيم (ظهور المهدي)، ومنطلقًا لإقامة حكومة العدل الإسلامية العالميّة".
ونقل موقع "انتخاب" الإيراني، أنه في أحد اجتماعات مجلس الوزراء، وبناء على اقتراح من نائب الرئيس برويز داوودي، وقعّ الجميع، بما فيهم رئيس الجمهورية، على ميثاق بينهم وبين المهدي المنتظر يتعهدون فيه بإعداد الطريق لعودته. ثم حمل وزير الثقافة الإسلامية صفار هارندي الرسالة وألقى بها في بئر "جامكاران" القريبة من مدينة قُم، حيث يلقي الحجاج طلباتهم. ويُقدر أن عشرات الآلاف من الطلبات المكتوبة ترقد حاليا في قاع البئر.
يقول نجاد (في فيديو تم تسجيله أثناء لقاء له أوائل يناير الماضي مع آية الله جويد عمودي، أذاعته فيما بعد القناة الرابعة البريطانية) أن أحد مساعديه أبلغه بأنه عند بدئه بإلقاء خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2005، وبمجرد أن نطق البسملة رآه محاطا بهالة نور سمائي أخضر، مما جعل زعماء العالم يجلسون في أماكنهم بالقاعة لمدة 28 دقيقة ينصتون إليه متسمرين بدون أن يرمش لهم جفن. ويضيف نجاد، مؤكدا، أنه شعر شخصيا بقوة ذلك النور.
في شهر أبريل، وقبيل إعلانه لأحد مواقفه بشأن الملف النووي، ذهب نجاد في "خلوة" مع الإمام الغائب استمرت لعدة ساعات.
وكان آية الله محمد تقي مصباح يازدي، وهو المرشد الروحي والراعي لأحمدي نجاد، يدعو أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لتزكية نجاد لأن المهدي قد اختاره، ولذا فإن انتخابه واجب ديني. بل إن نجاد نفسه يقول أنه أعلن ترشيحه للانتخاب بعد "خلوة" مع الإمام الغائب. وجدير بالذكر أن آية الله يازدي، كما يقول هادي سيماتي أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران، يعتقد أن الانتخابات التي تتم في الجمهورية الإسلامية، ممكنة فقط في حدود اكتشاف وتمكين "حقيقة النظام الإسلامي العادل"، وأن الجمهورية هي مجرد خطوة نحو إقامة "الدولة الإسلامية النقية". (ولنا أن نتخيل طبيعة هذه الدولة...).
ويذكر مهدي خروبي، رئيس البرلمان، أن نجاد والمقربين منه يعتقدون أن المهدي قد يعود في غضون عامين. وعندما كان نجاد عمدة لطهران، أنفق ملايين الدولارات لإجراء تحسينات تجعل المدينة أكثر استعدادا لاستقبال المهدي العائد، بما في ذلك البدء في بناء فنادق كثيرة. وبعد أن أصبح رئيسا، رصد 20 مليون دولار لتوسيع المسجد والمزار الشعبي في جامكاران حيث يجري العمل المحموم لإتمام المشروع بأقصى سرعة. وطبقا لمجلة لوبوان (10 أغسطس) فقد قابل مرشدَ الثورة مؤخرا، طالبا منه الموافقة على توسيع الطرق الرئيسية في طهران استعدادا لعودة إمام الزمان.
***
كان نجاد، الذي يبلغ من العمر 49 سنة، من تلاميذ الإمام الخوميني المخلصين والمولعين بثورته عند قيامها في 1979 وكان عضوا في جماعة الطلبة التي شاركت في الاستيلاء على السفارة الأمريكية، وعمل كضابط مخابرات للحرس الثوري، ذلك التنظيم الدموي الذي قام بمذابح ضد عشرات الألوف من "أعداء الثورة الإسلامية". وعُرف نجاد دائما كمناصر لأكثر الملالي تطرفا في الآراء. وقد عمل بعد نهاية الحرب مع العراق كمساعد محافظ لأحد الأقاليم قرب الحدود مع أزربيجان ثم كمحافظ لأردبيل، قرب حدود تركيا، ثم عاد لطهران وعمل مدرسا في الجامعة. وساعد على إعادة تنظيم "حزب الله" (الإيراني)، الذي يضم مجموعة من المخبرين والبلطجية الشرسين، وكان موجودا أيام الخوميني، ولكنه توارى إلى أن أحياه نجاد؛ وركز جهوده في تلك الفترة على الانتقام من الإصلاحيين. ثم انتهز فرصة انتخابات المحلية ليصبح عمدة طهران في 2003 وبدأ في سياسات "شعبوية" تجذب إعجاب الفقراء (مثل بيع أثاث مكتبه وتوزيع الأموال)، وأغلق المراكز الثقافية ومطاعم الأكل السريع (لأنها تفسد الشباب) وحظر على الرجال ارتداء قمصان نصف كم. وأخيرا قرر الملالي أنه الشخص المناسب لخوض انتخابات الرئاسة في 2005 كأول رئيس من خارج زمرتهم وإن كان يفوقهم في التطرف.
***
تنص المادة 12 من الدستور الإيراني في مطلعها على أن:"الدين الرسمي لإيران هو الإسلام (طبقا لـ) المذهب الإثنى عشري الجعفري. وسيبقى هذا المبدأ ثابتا لا يُنسخ للأبد (..)". ويعتقد أتباع هذا المذهب بالإمامة (ولاية الفقيه) وكذلك بالإمام الغائب (المهدي، إمام الزمان)، وهو الإمام الثاني عشر الذي اختفى عن الأنظار في عام 941 م وهو في الخامسة من العمر لكنه حي.
وينتمي نجاد إلى مدرسة "الحُجتية"، التي هي جزء من المذهب الجعفري وتعتقد أن عودة الإمام الغائب ليست فقط قريبة، بل يمكن التعجيل بها عن طريق إحداث فوضى وخراب وحروب وسفك دماء ومشاكل في كل مكان، باعتبار هذه كلها من العلامات التي تسبق تلك العودة.
وطبقا لأمير طاهري (الديلي تلجراف 16 أبريل) بشأن معتقدات هذه المدرسة فإن الإمام الغائب يتحكم في العالم برغم اختفائه. وفي كل جيل يختار 36 رجلا يطلق عليهم "أوتاد" لتثبيت الكون ومنعه من السقوط. وهؤلاء لا يدركهم العامة ولكن يمكن أحيانا التعرف على أحدهم، بفضل أعماله. ويصر بعض معجبي نجاد على كونه "وتدا"، وهو ادعاء لا يحاول أن ينفيه!
ويضيف طاهري إن نجاد يعتقد بأن الإمام الغائب قد أعطاه الرئاسة لمهمة واحدة: إشعال صدام (حضارات) يقوم فيه العالم الإسلامي، بقيادة إيران، بمنازلة الغرب الكافر، بقيادة الولايات المتحدة، وهزيمته. ولما كان بوش استثناء بين كافة الرؤساء الذين يهربون من المنازلة بمجرد حدوث متاعب أو نكسات، فما على إيران سوى تضييع الوقت حتى يرحل بوش. ولكن أثناء الوقت الضائع، فعلى إيران تدعيم مواقعها ومكاسبها في المنطقة وتحويلها إلى منطقة "إسلامية موالية لإيران". ومن الواضح، بالفعل، أنه لأول مرة منذ القرن السابع يكون لإيران وجود ونفوذ متزايد يصل حتى شواطيء المتوسط، يمر عبر شبكة من المنظمات الشيعية في بلدان الخليج وإقامة اتصالات وتحالفات مع المنظمات السنية المتطرفة في مصر وتركيا وشمال أفريقيا.
ويقول مراقبون إيرانيون بأن أحمدي نجاد ومستشاريه المحيطين به مقتنعون تماما بوجود مؤشرات حول قرب ظهور المهدي، وبأن المسألة النووية الإيرانية مرتبطة بشكل مباشر معه. وعلى الحكومة الإيرانية أن تتخذ موقفاً صلباً ضد الضغوط الدولية، للحصول على "حقها في التكنولوجيا النووية". وكان العمل قد بدأ سرا في هذا المشروع منذ 18 عاما بمساعدة عبد القادر خان، أبو القنبلة الذرية الباكستانية (وصاحب أكبر سوق سوداء للتكنولوجيا النووية قبل عزله من منصبه منذ 3 سنوات).
يقول أمير موهيبيان المحرر السياسي لجريدة "رسالات" (كما ذكر بايبس) أن "عقلية المهدوية تعطيك قوة هائلة؛ فإذا اعتقدتُ بأن المهدي سيعود بعد سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات، لماذا أُصبِح رخوا؟ الآن هو الوقت للصمود والتحدي".
ويقول بيرنارد ليويس: "إن أحمدي نجاد والدائرة المحيطة به يعيشون في جو آخروي(apocalyptic mood) ، ولذلك فإنهم قد لا يتورعون إطلاقا عن استخدام سلاح نووي.
ويذكر عبد المطلب الهوني (إيلاف 26 يوليو) نقلا عن مجلة الوطن العربي أن نجاد قال في خطاب بثه التلفزيون الإيراني مؤخرا من مدينة مشهد إنّ دخول إيران إلى مجموعة البلدان التي تمتلك التّكنولوجيا النووية جاء نتيجة مقاومة الأمة الإيرانية التي تتجه خطوة إلى الأمام تمهيدا لظهور المهدي المنتظر. فإيران يجب عليها أن تصنع القنبلة النووية قبل هذا التاريخ حتى تساعده على إفناء الكفار والمشركين وإقامة دولة العدالة والحق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
السلاح النووي إذن ليس مجرد حاجة للدفاع عن النفس، وهو أمرٌ لا مبرر له أصلا؛ بل يبدو على الأكثر كوسيلة تمهد لعودة المهدي المنتظر. وبهذا فقد اتخذت المسألة بعدا آخر يتعلق بانجاز سياسي دنيوي يتوافق مع منطلقات هوسية أو غيبية.
وتأتي التصريحات النارية المتكررة حول ضرورة "إزالة إسرائيل في عاصفة واحدة" (كما قال في أحد خطبه في أبريل الماضي) وأخذ زمام القيادة الفعلي لحكومة حماس، إضافة لدور حزب الله (اللبناني) المعروف، كعلامات على الطريق. وفي استعراضات طهران العسكرية يظهر الصاروخ شهاب 3 الذي يمكنه الوصول لإسرائيل مكتوبا عليه "لا بد من محو إسرائيل من على الخريطة".
وفي 8 يوليو ألقى نجاد خطبة أمام مؤتمر وزراء خارجية دول الجوار للعراق (الأردن وسوريا والسعودية والكويت والبحرين ومصر وتركيا) إضافة لسكرتير الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي وممثل للأمم المتحدة، قال فيها: "كل الظروف لإزالة الكيان الصهيوني أصبحت متوافرة". وأضاف: "شعوب المنطقة سيزداد غضبها كل يوم. ولن يطول الزمن قبل أن يتحول غضب الشعوب إلى انفجار رهيب يزيل الكيان الصهيوني من الخريطة". وقال: "إن المشكلة الأساسية في العالم الإسلامي هي وجود الكيان الصهيوني، وعلى العالم الإسلامي والمنطقة التعبئة لإزالة المشكلة". (ولا يقلل من "قيمة" هذه التصريحات المتكررة ما قاله نجاد يوخ 26 أغسطس من أن "برنامج إيران النووي لا يمثل تهديدا لأحد، بما في ذلك الكيان الصهيوني"..)
وحتى لو كان كل هذا مجرد مهاترات اعتادت عليها الشعوب العربية والإسلامية أو أساليبا لاستجداء الغرائز الدينية بهدف تعبئة الشعب وراء مشروع القنبلة النووية، فالأمر لا يقلل من خطورة المشروع وجنونيته.
***
ونلاحظ الحضور القوي لمسألة المهدي في الخيال الشيعي، وهو أمر مفهوم ـ فالفكرة تماثل بعض الشيء ما في أديان أخرى حول المخلص الذي يعود في آخر الزمان. بل هناك مهاويس بين أتباع المسيحية واليهودية؛ لكن مع فوارق هامة مفهومة. وبالإضافة لها، فأتباع ما يطلق عليه "الصهيونية المسيحية" مثلا ممن يعتقدون بقرب المجيء الثاني للمسيح، يؤمنون بضرورة تمهيد الطريق عبر أمرين: أولا، تقديم رسالة المسيح لكل شخص في العالم؛ وثانيا، وهو مرتبط به، مساندة إسرائيل كوسيلة لمساعدة اليهود على العودة لمكان واحد، بهدف تبشيرهم وتحويلهم للمسيحية. ويتمنى أتباع جماعة "المخلصين للمعبد" في إسرائيل (Temple Mount Faithful) أن يُهدم المسجد الأقصى ليعاد بناء المعبد اليهودي الثالث في مكانه (دمر المعبد لأول في 586 ق م على يد البابليين ودمر الثاني في 70 م على يد الرومان)، وبدء عصر "مجيء المشيح" المرتقب. لكن الفرق مع إيران، كما يقول شارلز كراوتهامر (الواشنطن بوست) هو أن هناك مالا يزيد عن خمسين من هؤلاء المهاويس في إسرائيل؛ وأحدا منهم لا يملك قنبلة نووية.
***
ولا يقف نجاد وحيدا في مواقفه، إذ من الواضح أنه يحظى بالتأييد التام لمرشد الثورة خاميني. ولا يجرؤ على انتقاد تصرفاته سوى أمثال آية الله العظمى حسين علي منتظري الذي صرح من مقره في قُم للكاتب الأمريكي جاكسون ديهل (الواشنطون بوست 11 مايو) قائلا: "الإمام الثاني عشر موجود وسيعود يوما للظهور؛ ولكن استخدام هذه العقيدة لأغراض سياسية يعني خداع الناس أو قيادتهم نحو قرارات معينة هو خطأ". وهو من الشخصيات القليلة في البلاد التي يمكنها الكلام بمثل هذه الطريقة بدون خوف من السجن أو ما هو أسوأ، ولكنه كبير السن (84 سنة) ومعزول وبدون تأثير سياسي في البلاد.
وحتى من لا يعتقدون أن نجاد مهووس ديني، يرون فيه قوميا إيرانيا متعصبا تعلم أن الخطاب المتصلب والمتحدي يجلب له الشعبية والنجومية ليس فقط في إيران بل أيضا في "الشارع العربي"، وذلك بفضل اللوبي الإيراني في الصحافة العربية والمصرية.
***
ونفتح هنا قوسا لتوضيح مدى تنامي هذا اللوبي: دعت إيران في الأسبوع الأول من مارس 2006 مجموعة من الصحفيين العرب لزيارتها والتعرف على برنامجها النووي، ومن بينهم محلل سياسي شهير له عمود ثابت في كبرى الصحف القومية بمصر، معروف بعدائه العُصابي للغرب. وإن لم يكن محسوبا على التيار الإسلامي، لكنه غالبا ما يقوم بدور المحلل الشرعي للتطرف والإرهاب. وقد كتب بعد عودته سلسلة من المقالات تروج لإيران وبرنامجها النووي، هذه عينات منها:
في 7 مارس يقول: [النظام الإسلامي في إيران‏، والذي نجح في أن يعبر بحرا من المكائد والموامرات‏، أخذت قوته تتجاوز حدود الخط المسموح به‏،‏ بحصوله علي أخطر إمكانيات العصر وهي التكنولوجيا النوويه‏ (..)‏].‏ ويوحي بأنه [علي الرغم من كل محاولات الوقيعة التي زرعتها أمريكا باعتبار إيران مصدر تهديد محتمل‏، فالعلاقات السياسية والدبلوماسية والوشائج الأُسرية لا تدع مجالا للشك في أن دول الخليج تقف إلي جانب إيران‏].‏
وفي 9 مارس يردد كلام علي لارجاني مستشار الأمن القومي الإيراني حول "الحرب النفسية" ضد إيران، ويندد [بالموقف الباهت والمتخاذل للدول العربيه والإسلاميه (..) إذ تحارب إيران معركة العالم الثالث الإسلامي والعربي بدون العرب والمسلمين‏..‏ ]. وتحت عنوان "إيران تدفع الثمن" يكتب في 12 مارس: [في القلب من هذه الأزمة كلها استراتيجية أمريكية لا مساومة فيها تعمل علي إبعاد أي قوة إسلامية من دخول النادي النووي‏،‏ وبالذات إيران‏ (...) وبعبارة أخري فإن إيران تدفع ثمن التقاعس والتخلف العربي والإسلامي (..)].‏
وفي 14 مارس يتولى بالنيابة عن إيران طمأنة وتخدير العالم العربي قائلا: [من الجنون تصور إقدام إيران علي الاشتباك في حرب نووية تعرض المنطقة بأسرها والشعب الإيراني علي رأسها للخطر‏ (..) ولا حاجه إلي القول بأن من مصلحة الدول العربية ألا تنساق وراء الموقف الأمريكي الذي يسعي بكل الطرق إلي محاصرة إيران وإيقاف أنشطتها النووية (‏..)‏ فلا توجد أخطار أو منازعات حقيقية من جانب إيران تهدد أمن الدول العربية‏].
وتحت عنوان "لا خوف من إيران نوويا" يقول في 16 مارس بصراحة: [وبالنسبة للعالم العربي‏،‏ فإن أحدا لا ينظر الي مساعي إيران في الحصول علي التكنولوجيا النووية حتي لو نجحت في إكمال دورة الوقود النووي وتمكنت من إنتاج قنبلة نووية‏،‏ باعتباره مصدر تهديد لأمن وسلامة الشعوب العربية‏،‏ بل إن العكس هو الصحيح (...) وهذه حقائق يجب ألا تغيب عن وعي الشعوب العربيه‏،‏ فهزيمة إيران في هذه المعركه هي هزيمة للشعوب العربية والإسلامية بكل المعايير‏].
وفي 23 مارس ينعي ‏فشل سياسة مصر الخارجية في التعامل بروح إيجابية مع النظام الإيراني‏ والتنسيق معه في المشاكل المشتركة. ويواصل في 25 أبريل الترويج لإيران ليزعم أن منطق السياسة الواقعية يدعو لظهور قوة نووية إيرانية في المنطقة، ويضيف أن هذا ما ينبغي أن تلتزم به السياسة المصرية‏،‏ بدلا من الانسياق وراء التحريض ضد طهران‏. ويعلن بيقين في 18 مايو أن [ما حققته إيران حتي الآن بصمودها في وجه الضغوط الأمريكية الشرسة‏، سوف يمكنها في النهايه من تحقيق طموحاتها النووية].
هذه مجرد نماذج. ولن نحاول حتى مناقشة ما فيها من مغالطات فادحة، وإن كنا نتعجب من سطوة إيران وقدرتها على تجنيد من تشاء في الصحافة المصرية، التي أصبحت ـ على أي حال ـ مرتعا لكل "اللوبيات" من الإخواني والوهابي إلى الخوميني. ونغلق القوس.
***
إن أشد الزعماء خطورة في العصر الحديث هم (مثل هتلر) أولئك المسلحون بإيديولوجية توتاليتارية وباعتقاد غيبي (mystical) في رسالتهم. وهذا بالضبط هو حال أحمدي نجاد؛ ومن هنا خطورة سعيه لامتلاك القوة النووية. ولا أهمية للسؤال عما إذا كان مهووسا يعتقد بما يقول، أو كان سياسيا ذكيا يستخدم الموضوع لأغراضه؛ فالنتيجة في النهاية واحدة.
على أي حال، فأخيرا، في 22 أغسطس، جمع على لاريجاني، أمين المجلس الاعلى للامن القومي الإيراني والمفاوض الرئيسي بشأن الملف النووي، مندوبي ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وسويسرا (نيابة عن الولايات المتحدة) في طهران لتسليم رد بلاده حول مقترحات 6 يونيو لحل الأزمة النووية. (حرص على ألا تتنجس يده بمصافحة "الحُرمة" الوحيدة التي شاركت في الاجتماع...). لا نعلم إذا ما كان الرد قد سبقته "خلوة"... ولا نعلم لماذا تحدد تاريخ 22 أغسطس منذ البداية كموعد غير قابل للتفاوض لتقديم الرد، وهل لهذا التاريخ علاقة بذكرى الإسراء والمعراج كما قيل، أم بتوقع وصول الفنيين الإيرانيين لمرحلة هامة على طريق صنع القنبلة؛ وهذا ما يبدو أنه الحال إذ قام نجاد في 26 أغسطس بافتتاح مصنع للماء الثقيل، مما يشكل تصعيدا جديدا من جانب إيران.
الشيء الوحيد المفهوم حتى الآن من الرد الموسع المتشعب وشديد الالتواء (21 صفحة) هو رفض إيران التخلى عن تخصيب اليورانيوم فورا، طبقا لقرار مجلس الأمن، مع "الدعوة للمفاوضات مفتوحة بدون شروط مسبقة"...
الملف النووي الإيراني هو، بلا شك، من أعقد ما قابلته المجموعة الدولية في العقود الأخيرة. وبالإضافة لكون إمكانية تملك إيران للقنبلة الذرية أمرا كارثيا يجب منعه بكل طريقة، إلا أن البدائل التي يمكن تخيلها بشأن حله لا تختلف إلا في درجة سوئها. كما أنه من غير المحتمل أن يكون نجاد مرنا فيه، إذ يكتسب شعبية كلما تشدد وحصل على تنازلات من الغرب. ولكن من المتوقع أن يستمر في نفخ الهواء الساخن حينا والبارد حينا، واستخدام التقية ولعب البوكر (بغض النظر عن تحريم الميسر!) وأساليب بازارات السجاد الشهيرة بطهران، ومحاولة تقسيم المجتمع الدولي: كل هذا تضييعا للوقت في انتظار الانتهاء من إعداد القنبلة النووية ـ خلال عام أو اثنين... في وقت مناسب لعودة إمام الزمان!



#عادل_جندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستة حروب بالوكالة
- المخططات الخطيرة
- إمارة خللستان
- الفالق الجيولوجي الحضاري
- المباديء الدستورية بين الخيار والقثاء
- المرجعية الدينية للدستور والقوانين لا مكان لها في الدولة الم ...
- إسهام حضاري للعالم العربي الإسلامي: دمقرطة الإرهاب وإرهاب ال ...
- نجاح الإخوان في الانتخابات البرلمانية المصرية ليس مفاجأة
- الإصــــــلاح والتصليــــــح
- التفسير الجُحاوي للتاريخ
- زوابع التصحير
- عـرض كتـاب هـام حول مستقبل العلاقات الأمريكية السعودية - الح ...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عادل جندي - أصحاب العقول (والقنابل الذرية) في نعيم