|
الليل
حسين هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 1654 - 2006 / 8 / 26 - 07:37
المحور:
الادب والفن
سأكتبُ شيئاً عن الليلِ أقرؤهُ نقطةً ، نقطةً ، دونما فاصلهْ وسأدخلهُ بثيابِ الوليِّ ، وأسجدُ في جوفهِ لمدى الحبرِ ، والورقِ البكرِ ، أشتاقهُ لحظةَ الوجدِ أو لحظاتِ البكاءِ المزنّرِ عتماً وخوفاً . وأشتاقهُ لحظاتِ الفرحْ ، وامتلاءَ مواويلهِ ، رقصهُ وأغاني سهادِ المحبّينَ في وقتهِ الثرِّ هذا : المحبُّ ، الجميلُ ، الستورُ ، البهيُّ ، المخيفُ ، المغنّي ، الشفيفُ ، الضعيفُ ، القويُّ ، القويْ
بهِ تزهرُ الكلماتُ ، وعشاقها والنجومُ من الشّعرِ وهو المحبُّ المجلجلُ بالشوقْ راياتهُ ... الوارفهْ تطاولُ زهرَ الأناشيدِ ، دفءَ المشاويرْ لهُ شجرُ العمرِ بوح المغني الشجيُُّ لهُ الجمرُ قبلَ الرمادِ المهيمنِ عمرٌ من الخوفِ والعشقِ ، والصورِ الضائعهْ والبكاءُ المخبأُ في عُبِّهِ يَلسعُ القلبَ ، يجلوهُ : حتّى يصيرَ من الدمعِ أنقى ، وبهِ يأمنُ العاشقونَ ويطبخُ فيهِ الطّغاةُ ممالكهم والزنازينُ ترجفُ خوفاً على ساكنيها .
هو الليلُ : من بدئها تطفئُ الأرضُ أنوارَها كي ينامَ على حُلمٍ مفعمٍ بالحنينِ إلى الصبواتِ وفيهِ يجمّعُ دفءُ الكؤؤسِ الصحابَ يغنّونَ بوحاً شجيّاً ، ويبكونَ في لحظاتِ الولوجِ المدمّى إلى الخوفْ قاتلٌ ، قادرٌ وجميلٌ إذا ضمَّ بين جناحيهِ عشّاقهُ المتعبين وارفٌ مرّةً وإذا صدَّ فهو شحيحٌ ضنينْ وهوَ يعلمُ : أنَّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوا زرعها نشّفوا ضرعها .
هو الليلُ قلبُ البسيطةِ عاشقها ما يكونُ ، وما لا يكونْ زهرةٌ يقصفُ البردُ أوراقها ، فيخبئها الليلُ في عبِّهِ مثقلاً بالندى ، والجنونْ ، وإذا نهدتْ وردةٌ قطفوها وداسوا تويجاتها ثمَّ قالوا : هو الليلُ مفترسٌ وخؤونْ وهم يدخلونَ القرى : يفسدون بها الزرعَ والضرعَ هم يفسدونْ . ويعذّبهم سريانُ الأغاني بشريانهِ يطربون لصوتِ المعذَّبِ فيهِ وتبهجهم رجفةُ الخوفِ في أضلعِ الخائفينْ .
هو الليلُ : عتمٌ إذا شاءَ إن برقت روحه ، يملأُ الكونَ ناراً ويرسلُ برقيّة الخصبِ للأرضِ يوقظها من سباتِ المواتِ الأليمِ فترسلُ أطيارها ، لونَ أعشابها عطرَ أزهارها تملأُ الكون بالضحكاتِ الأليفهْ يفيضُ بها جَسَدُ الليلِ ، يمضي بها صوبَ عشّاقهِ الحالمينَ بضوءِ أمانيهِ دفءِ أغانيهِ يرفعُ كأسَ المحبةِ ، يشربُ في صحةِ الكونِ ، ثمَّ ينامُ فأصرخُ ... يا ليلْ لا يا خليلي انتظرني انتظرني ... قليلاً فيغفو ، وأسهرُ أسهرُ خوفاً عليهِ وأحرسُ فيهِ الهدوءَ الجميلا أقيمُ على روحهِ الصلواتِ الفريدةَ يرشحُ منها البكاءُ الموشّى ، بأحلامنا فتنوسُ البلادُ تلوذُ بأحبابها الخائفينَ وتدنو ـ على خجلٍ ـ جثثُ الشهداءِ يصيرُ البكاءُ طويلاً ، طويلاً طويلا يصيرُ عويلا .
#حسين_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعر في سوق الجمعة
-
هذه الأرض منفى
-
قانا التي في دمي
المزيد.....
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
-
المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب
...
-
نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط
...
-
تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|