أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجي صباغ - فيلم “ريش”.. الواقع أسوأ














المزيد.....

فيلم “ريش”.. الواقع أسوأ


ماجي صباغ

الحوار المتمدن-العدد: 7062 - 2021 / 10 / 30 - 11:36
المحور: الادب والفن
    


ماجي صباغ و مصطفى عبد الغني

تعود بداية وصاية أدوات السلطة على الأعمال السينمائية وتوجيه التهمة المعلبة “تشويه سمعة مصر” إلى ستينيات القرن الماضي، حين تدخلت الأجهزة الرقابية التابعة للدولة بحذف بعض مشاهد من فيلم “يوميات نائب في الأرياف” (1969)، كشرط لإجازة عرضه، إذ صور الفيلم حياة الفلاحين في مصر بشكل أزعج السلطة.

ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه التهمة جاهزة لتدخل الرقابة أو الهجوم على الأعمال السينمائية التي قد لا تتوافق مع توجهات السلطة التي تستخدم كل ما أتيح لها من أدوات رقابية ووسائل إعلام وحتى مرتزقة يقومون بتقديم بلاغات للنيابة ضد صناع العمل.

في مهرجان الجونة السينمائي انتفض أحد الممثلين في صالة العرض السينمائي أثناء عرض الفيلم المصري “ريش” وغادر القاعة وتبعه آخرون معلنين استيائهم من الفيلم الذي “يشوه سمعة مصر”، بحسب تعبيرهم. يصور الفيلم حياة الفقراء، لكن يبدو أنهم يعتبرون الفقر “تابو” في العمل الفني وليس مسموحًا لأحد الحديث عنه سوى رئيس الدولة!

في البداية، كان المشهد يوحي أن الممثل قد أصيب بحالة انتشاء وطني وسرعان ما تزول، ولكننا فوجئنا بصدور التعليمات -التي لا يخفى على أحد مصدرها- لكافة أجهزة الإعلام المرئية والمقروءة التي تسيطر عليها الدولة بشن حملة هجوم على الفيلم الحائز على جائزة في مهرجان كان السينمائي، موجهين للعمل نفس التهمة المحفوظة، وقد طالت الاتهامات إدارة مهرجان كان نفسه! صدرت التعليمات إلى مراسلي تلك القنوات والصحف بالانسحاب من مهرجان الجونة ومقاطعة أخباره، فيما كان رد فعل إدارة المهرجان هو إصدار بيان هزيل للدفاع عن الفيلم أعقبه منح الفيلم جائزة أفضل فيلم عربي.

رفعت ردود الفعل المتشنِّجة والمُفتعلة سقف التوقعات عما يعرضه الفيلم من صور الفقر المدقع الذي استفز مشاعر “الوطنجية”، ولكن ما رأيناه كان أدنى بكثير من مستوى التوقعات!

ريما أوحى حدة الهجوم على الفيلم أن العمل يعرض الحياة البائسة لسكان العشش والبيوت الصفيح المليئة بمشاهد تعاطي المخدرات والبلطجة والاغتصاب، وهي الصور التي قُدمت من قبل في أعمال سينمائية وواجهت نفس تهمة الإساءة المحفوظة. ولكن الفيلم حمل مفاجأة وخالف توقعاتنا.

يتناول فيلم ريش حياة أسرة عامل في أحد المصانع الكبيرة ويتمتع بدرجة عالية نسبيًا من الأمان الوظيفي (عمالة منتظمة). هذا العامل محاصر بالديون ومتأخرات إيجار الشقة التابعة لإدارة الإسكان بالمصنع. يختفي الرجل بشكل فانتازي لتحل المرأة محله، وتتحمل كافة أعباء الأسرة بمفردها وتواجه الحياة القاسية دائمًا على الفقراء والأشد قسوة على امرأة قليلة الخبرة في الحياة، فتقع ضحية لعملية نصب واحتيال ومحاولة استغلالها جنسيًا.

يشير الفيلم إلى قضايا مهمة، مثل عمالة الأطفال وما تتعرض له العاملات في قصور الأثرياء من ردود فعل قاسية نتيجة أخذ العاملة لفتات الموائد. وسط كل هذه المعاناة، تضرب هذه السيدة مثالًا للصمود في مواجهة كل هذه الصعاب وظروف العمل القاسية وتهديدات وملاحقات صديق الزوج، وتحاول جاهدةً العبور بأطفالها الثلاث إلى بر الأمان.

فيلم ريش ليس صادمًا، فالأسرة الفقيرة محور الأحداث هي واحدة من ضمن أكثر من 3 ملايين أسرة تعولها نساء، طبقًا لتقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ويكفي أن نعرف أن نسبة 60% من هؤلاء السيدات أميات لنعلم مستوى المعيشة المتدني لهذه الأسر.

إن شخصيات الفيلم ليسوا بالغرباء، بل أن ملامحهم موجودة بداخلنا وتفاصيل حياتهم القاسية والمملة هي نفس تفاصيل حياة الملايين من الكادحين في مصر، الذين أصبحوا مغتربين في عملهم وفي حياتهم الاجتماعية، يجدون أنفسهم محاصرين بين إعلانات مدن ومنتجعات الأثرياء، وأعمال تلفزيونية تمجِّد أفراد أدوات السلطة القمعية، وإعلاميين موجهين بالريموت كونترول يشنون حربًا ضد فيلم واحد يتحدث عن معاناتهم!

تبقى علامة الاستفهام حول سبب غضب السلطة من عمل فني واحد بدون نجوم شباك يُعرض في مهرجان في منتجع بعيد تمامًا عن الجمهور يصور المستوى المعيشي المتدني لأسرةٍ في بلدٍ يبلغ الفقراء فيه 32.5% من سكانه وفقًا لتقرير البنك الدولي (أو 29.7% وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2019-2020، أي قبل التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا)، ويبلغ إجمالي الفقراء ومن هم عرضة للفقر 60% من سكانه (البنك الدولي). كل هذا في مقابل آلة إعلامية تنفق بسخاء وتستخدم كل أدوات الدعاية المتاحة وتملأ ساعات البث التليفزيوني في الدعاية تجميلًا لوجه النظام! ربما أغضبهم المشهد الأول العبقري لرجل يشعل في نفسه النيران في فناء المصنع بكل ما يحمله هذا المشهد من إشارات عميقة متروكة المشاهد.



#ماجي_صباغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة يناير وقضايا النساء.. بابٌ لن يُغلَق
- التطبيع الخليجي في مقابل استقرار الديكتاتوريات
- قضية الفيرمونت: النظام هو الراعي الأول للرجعية والاضطهاد
- عمال البناء.. أقسى اغتراب وأقصى استغلال
- هل هناك بديلٌ عن الرأسمالية؟


المزيد.....




- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجي صباغ - فيلم “ريش”.. الواقع أسوأ