أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مصطفى لمباشري - معمودية الدم الفلسطيني/ اللبناني بين صلافة الصهيونية وانبطاح الأنظمة العربية















المزيد.....

معمودية الدم الفلسطيني/ اللبناني بين صلافة الصهيونية وانبطاح الأنظمة العربية


مصطفى لمباشري

الحوار المتمدن-العدد: 1651 - 2006 / 8 / 23 - 09:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


بعد ربع قرن وبضع سنين يدور الزمن دورته اللولبية ليجرف في مساره الأخضر واليابس, ويقدم الفلسطينيين والجنوبيين اللبنانيين بالأساس قرابين على مذبح الصهاينة.. من حصار بيروت إلى حصار غزة يختزل التاريخ العربي أرذل مراحله المأساوية/ الكارثية نظرا لما طبعها من تخاذل وانبطاح وتمريغ الأنف في التراب بالرغم من الإمكانات المادية الهائلة الطافحة والمتبخرة في صحاريهم المديدة دون الاستفادة منها, ومن تاريخ الشعوب وتجاربهم النضالية عبر قرون من المعاناة والقهر والمؤامرات الدنيئة.. ترى, هل فقدت الأنظمة العربية كل مقوماتها حد التخلي عن كل شيء بما فيها ثرواتهم ومبادئهم وقضاياهم العادلة؟ وهل بلغت السخافة بممثلي هذه الأمة حد تسعير الخد وفتح الأبواب على مصراعيها, والتنكر لهويتها, وفقدان عزتها وكرامتها بهذا الشكل الكاريكاتوري مما جعلها عرضة للضحك, والتنذر بمواقفها وانبطاحها, وذيليتها لدركي العالم / الحاكم بأمره.
فتحت إسرائيل جبهتين على نفسها غير متكافئتين: جبهة غزة بكل مفارقاتها وتداعياتها, وجبهة جنوب لبنان ممثلة في شخص " حزب الله " والمقاومة اللبنانية بتناقضاتها وتبعاتها.. أن تضرب إسرائيل غزة بكل قوة دون الرغبة في اجتياحها وقلب كل الأوراق على الطاولة, ذاك توجه محسوب بكل تفاصيله الدقيقة. وأن تدمر جنوب لبنان على رؤوس الأشهاد ليمتد القصف العشوائي الهمجي على صور وصيدا والنبطية وبنت جبيل وغيرها من المدن والقرى اللبنانية فذاك مسار جهنمي آخر يترجم بالملموس الهدف الإستراتيجي للعدو الصهيوني مستغلا الظرف الدولي العام المساند للتوجهات الإمبريالية/ الصهيونية, والتخاذل العربي الشاذ. هذه الموجة العارمة بدعامة العم السام تهدف بالأساس إلى الانفراد بالشعب الفلسطيني المكسور الجناح بحكم وضعه المتردي على مختلف المستويات, رغبة في تركيعه, وإذلاله وتمريغ أنفه في التراب, وكذا الشأن بالنسبة للمقاومة اللبنانية باعتبارها قوى فاعلة لها من المؤهلات ما يخول لها توجيه ضربات موجعة للصهاينة بالرغم من انعدام تكافؤ الفرص بينهما. هل تمكنت إسرائيل من حسم الوقف لصالحها بكل ترسانتها العسكرية: دبابات صواريخ, طائرات.....؟ تلكم هي المفارقة الغريبة التي لم يستطع الصهاينة وأسيادهم الأمريكان وكل من يدور في فلكهم, ولو بالمبايعة العمياء, استيساغها.لكن ما يؤرقنا نحن -كشعوب مغلوب على أمرها - هو موقف الأنظمة السلبي إزاء الخراب والدمار المطال لكل البنيات التحتية إن في غزة أو أرض لبنان الطيبة.. ماذا تجدي الإدانة والشجب والاستنكار والتنديد وكل المصطلحات والشعارات الفضفاضة التي غدت قاعدة ثابتة للكثير من الأنظمة العربية باسم الرزانة والتعقل وضبط الأعصاب أمام هذا الطوفان المهول الآتي على الأخضر واليابس..؟ انهار كل شيء.. تجردنا من قيمنا النبيلة حد الانبطاح.. الكل تكالب ضدنا وتآمر علينا بما فيهم ذوو القربى: أنظمة وأحزابا ونقابات, الكل ضالع في اللعبة على حد تعبير الشهيد : ناجي العلي ", لا يستثنى أحد. وإلا كيف نفسر هذا التواطؤ مع الإمبريالية- ولو في صمت – المترجم أصلا في عدم القدرة على اتخاذ موقف جاد بإمكانه ردع الصهاينة, على الأقل, كي لا يتمادوا في غيهم وتجاوزاتهم لكل الأعراف والقوانين الدولية.. بدءا كان الوضع الفلسطيني شاهد إثبات على تخاذل وانبطاح الأنظمة العربية مجسدين في عجزها عن التموقف مما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل وذبح وهدم واجتياح يخضع لتاكتيك محكم بطوق عسكري على مختلف الأبعاد. ويبقى دورها منحصرا في ممارسة لعبة التفرج على الضحية وهي تتلقى سلسلة الطعنات المتوالية, أو محاولة الضغط عليها لتقديم تنازلات مقابل الهراء, كالدور المتدني الذي يلعبه عراب المنطقة وبائع الكرامة, والشهامة, والعزة العربية إن في مصر, أو العالم العربي بأسره على عينك يا تاجر في المرايا, أو الموقف المخزي للعربية السعودية في نعتها للمقاومة الفلسطينية أو اللبنانية باعتبارها مغامرة غير محسوبة العواقب أي كأنها جنت على أهلها مقابل عدو لا يقهر, وغريم لا يكسر, هكذا دون وازع ولا وخز ضمير, كما وجب التأشير على الموافقة الكاملة لمعظم الأنظمة العربية وان في صمت على تصفية المقاومة ضدا على إرادة الشعوب وخدمة الأهداف الإستراتيجية للعم السام وربيبته الصهيونية وإلا ستكيل لها الصاع صاعين بالرغم من امتلاكها لترسانة أسلحة قادرة على حماية الذات أولا, وتلقين إسرائيل درسا لن تنساه أبدا, لوأنها كانت بأيادي أمينة. وبعد تفاقم الأزمة, وطال الخراب والدمار كل البنيات التحتية, إن في غزة أو لبنان من جنوبه إلى شماله, اهتزت نخوة الأنظمة العربية بعد مرور فترة زمنية لم تتمكن عبرها إسرائيل من تحقيق أهدافها المسطرة, بل تلقت ضربات موجعة ستظل يصماتها على جبينها ردحا من الزمن. اهتزت نخوة الأنظمة بعد أن تلقت إشارة المرور من سيدها الحاكم بأمره, إلى جانب الدول الأوربية لا لمناصرة المقاومة اللبنانية التي أذاقت الصهاينة الأمرين, بل لتطويق الأزمة حتى تتمكن إسرائيل من لملمة جراحها والخروج من الحرب بأقل الخسائر قياسا إلى ما كانت ستتعرض له إن هي تمادت في غيها استنادا إلى معطيات ساحة النزال. على هذا الأساس ستنتفض الجامعة العربية, حيث سيقوم أمينها العام باتصالات دبلوماسية ممهدا لعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت سيتمخض عنه تشكيل لجنة عربية للقيام بزيارة إلى واشنطن قصد الاجتماع مع ممثلي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا قصد إجراء بعض التعديلات, وفق منظور الحكومة اللبنانية, على مشروع القرار الأممي المقترح من طرف فرنسا وبموافقة أمريكا قبل التصويت عليه في الأمم المتحدة. هذا هو الدور الذي لعبته جامعة الدول العربية باسم أنظمتها موهمة إيانا أنها أشد تعلقا بالقضايا العربية العادلة, وأنها مهيأة ذاتيا وموضوعيا للدفاع عنها في المنابر الدولية وكأن القضية الفلسطينية تشكل نشازا في قناعة هذه الجامعة, بل في قناعة الأنظمة العربية المتحكمة فيها.
من أين نأتي لبنان في غمرة هذا الزلزال الصهيوني الهمجي..؟أمن جنوبه المنهارة بنياته والمدمرة طرقاته والمهدمة بيوته على أجثات أبنائه الطيبين؟ أم من شماله المحطمة جسوره والمقطعة أوصاله؟ لا ندري إن كانت الأنقاض ستترجل يوما لاجتراح المعجزات, حيث يخرج المارد من قمقمه باعثا الروح في الأشلاء المتناثرة هنا وهناك, والمجندلة على أرصفة الشهادة في الطرقات..من ذا الذي يلملم الجراح, ويكفكف دموع الثكالى, والأيتام, والنازحين المقتلعة جذورهم من أرض الجنوب المعطاء, مفسحا المجال للكلام المباح عن المشهديات الكارثية هاته..؟ من ذا الذي يعتصر رحيق المعاناة مترجما إياها إلى مضمدات للجراح المثخنة عله يستنهض الهمم ثانية رغبة في رد الاعتبار للذوات المكلومة..؟
لا أحد يجادل في كون المشاهد الكارثية المقترفة من طرف الصهاينة والمفعمة بالذبح والقتل والتخريب والدمار بلغت شأوها. وان غزارة أمطار الصيف أغرقت غزة بطوفان جارف لا زال يفعل فعله حد إغراقها في مستنقع الخراب الذي لا يبقي ولا يدر على مرأى ومسمع من العالم " المتحضر جدا".. وامتداد الطوفان إياه إلى جنوب لبنان بصورة دموية لم يعرفها البلد منذ اجتياح بيروت دليل إثبات على المخطط الصهيوني الإمبريالي المراد تعميمه على الساحة العربية انطلاقا من بلدان الشرق الأوسط. أكيد أن الاكتساح الخطير إياه من المفروض أن يهز كل ضمير حي في هذا العالم الموبوء المحكوم بقانون الغاب. لكن بالرغم من الإقرار بهذه الوضعية لمأساوية يبدو أن بعض العرب غدوا أكثر صهيونية من الصهاينة أنفسهم لا سيما بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بعد أن تأكد بالملموس أن الصهاينة تجرعوا مرارة الهزيمة لأول مرة في تاريخهم بعد تأسيس الكيان الصهيوني ضدا على إرادة الشعب الفلسطيني. أجل, فبالرغم من أن الجراح لم تندمل بعد, ولم يدخل شباب المقاومة البواسل استراحة المحارب, وتذوق الجماهير اللبنانية بالأساس والعربية عموما طعم الانتصار المعنوي على الأقل, بالرغم من كل ذلك بدأ الطعن من الخلف والدعوة النكراء إلى تجريد المقاومة من سلاحها وكأننا بهم غدوا ناطقين باسم الصهاينة, أي أنهم لم يستسيغوا الهزيمة اعتقادا منهم أن الجيش الصهيوني سيحقق لهم مآربهم ومآرب الإمبريالية الأمريكية عن طريق الحرب. هذه الموجة من الصيحات المبحوحة تبخرت في الهواء وكشفت بالملموس تورط أصحابها وضلوعهم في العمالة خصوصا بعد أن تمردت الصهيونية على القرار الأممي وعصفت بكل بنوده حين خرقت الهدنة وشرعت في مناوشة المقاومة اللبنانية وتهديدها بمعركة ضارية قادمة. وفي ذات الآن لم تتناس الانتقام لنفسها من الفلسطينيين عبر الغارات الوحشية أو اختطاف مسئولين في السلطة الفلسطينية دون مراعاة للحصانة التي يتمتعون بها أو للقرارات الدولية التي تمنع منعا كليا إرهاب الدولة من أية جهة كانت. ترى, هل لا زال المتربصون بالمقاومة يمتلكون درة من خجل وهم يتشدقون بنفس منطق الصهاينة باسم " الديمقراطية " الأمريكية و" والوطنية "الضيقة أسيرة الكانتونات التي تنشد الإمبريالية الأمريكية تطبيقها في منطقة الشرق الوسط الجديد المفصل على قياس قناعتها الهدامة لكل وحدة تتصدى لمخططاتها الجهنمية والتي يشكل العراق إحدى تجلياتها..؟؟



#مصطفى_لمباشري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفقة خاسرة لن تقصم ظهر جمل المحامل
- الغناء الشعبي الجاد والقصيدة الزجلية.. أية علاقة لأي أفق؟
- الشيخ امام أو ايقاع زفرات قلب جريح
- جدلية السخرية والانتحاب في ديوان حتيت بلا مغزل
- الشيخ امام او ايقاع زفرات قلب مكلوم


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مصطفى لمباشري - معمودية الدم الفلسطيني/ اللبناني بين صلافة الصهيونية وانبطاح الأنظمة العربية