أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - دميانة نصار أم ماريو المرأة المصرية المعيلة بين الإنكار والإقرار















المزيد.....

دميانة نصار أم ماريو المرأة المصرية المعيلة بين الإنكار والإقرار


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 7054 - 2021 / 10 / 22 - 00:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


دميانة نصار أم ماريو
المرأة المصرية المعيلة بين الإنكار والإقرار
عرضت في كتابات سابقة لواقع وابعاد الفقر المتعدد الأبعاد في مصر ومن واقع التقارير الرسمية المنشورة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وعادة نستخدم المصادر الحكومية الرسمية للمعلومات حتى لو اختلفنا على طريقة الحساب.
أنزعج بعض الفنانين في مهرجان الجونة عند عرض فيلم "ريش" للمؤلف والمخرج عمر الزهيري الذي اعتمد على ممثلين هواة وغير محترفين لتجسيد معاناة أسرة مصرية فقيرة في صعيد مصر، واختار قرية دير البرشا إحدى قري محافظة المنيا مكان لأحداث الفيلم الذي قامت ببطولته فنانة تلقائية من القرية أسمها دميانة نصار والفيلم لم يعرض تجارياً حتى الآن. حصل الفيلم على جائزة في مهرجان كان كما كرمت وزيرة الثقافة صناع الفيلم. ورغم الضجة التي أثيرت خلال عرض الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي إلا إنه حصل على جائزة من المهرجان تضاف للتقدير الذي يحظى به الفيلم. وإذا كان البعض يعترض بأن الممثلين هواة فهذه ميزة للعمل وإيجابية للمنتج والمخرج لأن تحريك الممثلين غير المحترفين وتجربتهم الأولي في الوقوف أمام الكاميرا تستوجب تحية للمنتج محمد حفظي والمخرج عمر الزهيري ولكل صناع الفيلم وعلى رأسهم السيدة دميانة نصار بطلة الفيلم والتي بدأت علاقتها بالتمثيل في فرقة هواة تقوم بعروض مسرح الشارع في القرية.
تدور أحداث الفيلم حول معاناة أسرة فقيرة في قرية فقيرة بمحافظة المنيا يغيب عائلها وتقوم زوجته بتحمل مسئولية الأسرة والإصرار على حماية الأسرة وعبور الأزمة رغم التحديات.
الفقر في الريف المصري
نتائج بحث الدخل والانفاق والاستهلاك الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يرصد الفقر في الريف المصري ومعدلاته التي تتراوح بين 3% في قرية بلوس الهوى مركز السنطة بمحافظة الغربية و92% في قرية العلاقي بمحافظة أسوان، ومن بين أفقر 1000 قرية يعيش 12 مليون نسمة منهم 8 مليون فقراء وفق معدلات الفقر التي يعتمدها الجهاز (67% من سكان هذه القري). ومن بين أفقر 1000 قرية هناك 236 قرية في سوهاح (تمثل 87 % من إجمالي القرى في سوهاج) و207 قرية في اسيوط (تمثل 88 % من إجمالي القرى في اسيوط)، و163 قرية في المنيا و155 قرية في البحيرة ،60 قرية في قنا.
تمثل القري الفقيرة في محافظة المنيا 47% من قري المحافظة وفقاً لبحث الجهاز المركزي المنشور من أعلي مصدر معلومات رسمي في الدولة ورغم ذلك ينكر البعض حقيقة الفقر ومعاناة الفقراء ويعتبرونها إساءة لسمعة مصر. والأفضل ان يرجعوا للتقارير الدولية عن التنمية البشرية والفقر ويمنعوهم من نشر بيانات الفقر وتوزيعه واعبائه في مصر فهو فقر متعدد الابعاد ولكن البعض يرفض الاعتراف بالحقيقة ويعتبرها إساءة، بينما الإساءة الحقيقية هي عدم تحديد ابعاد الفقر وخريطة توزيعه ووضع خطط لمواجهته وعلاجه والقضاء عليه.
دميانة نصار تجسد معاناة المرأة المعيلة
جسدت الفنانة دميانة نصار في الفيلم دور المرأة الصعيدية الأمية المسيحية الفقيرة التي غاب زوجها لسنوات في ليبيا ثم عاد وفي الفيلم يحدث اختفاء ثاني للزوج الذي يسحره ساحر القرية ويعجز عن إعادته فيعود في شكل دجاجة وعبئ إضافي علي أم ماريو التي تضطر لإعالة الأسرة والزوج "الفرخة". قد لا يعرف رواد الجونة من ساكني كموبوندات زد في الشيخ زايد والتجمع الخامس أوضاع الفقراء ومدي معاناتهم من أجل توفير ضرورات الحياة ويصبح كل هدفهم هو مجرد الاستمرار بالحد الأدنى للمعيشة.
منذ سنوات طويلة عرف علماء الاجتماع ظاهرة " تأنيث الفقر" وكذلك ظاهرة المرأة المعيلة والتي يتم حصرها ضمن تعداد السكان. وإذا نظرنا إلى نتائج دراسة السكان لعام 2019 نجد أنه يوجد 5.4 مليون أسرة تعولها النساء وهن يمثلن 30% من الأسر في مصر وتصل النسبة الي 57% في المناطق العشوائية وفق بعض الدراسات، إذا الدور الذي جسدته دميانة نصار في فيلم " ريش" هو تعبير عن معاناة 5.4 مليون أسرة مصرية تعولها نساء. وتفيد نتائج التعداد بإن الأميات منهن 59.1 % من إجمالي الإناث رؤساء الأسر يليها الحاصلات على مؤهل متوسط 17.6 %، ثم الحاصلات على مؤهل جامعي بنسبة 8.5 %.
كما أوضحت نتائج التعداد أن 70.3 % من إجمالي الإناث رؤساء الأسر أرامل، المتزوجات بنسبة 16.6 % ثم المطلقات 7.1 %. كما توجد العديد من المؤشرات التي تعكس وضع النساء في مصر ومنها أن 30.8% يعانون الأمية. كما أكدت نتائج بحث القوي العاملة ان نسبة الأمية بين النساء تصل إلى 41% في البحيرة، 45.7% في بني سويف،44.5% في الفيوم،48.3% في المنيا،41.7% في أسيوط،45% في سوهاج،40% في قنا،40.2% في الأقصر، 40.9% في مطروح. وبذلك ترتبط الأمية بالفقر بمعاناة المرأة المعيلة.
كما أوضح الباحث الدكتور خالد محمد السيد حسنين في دراسته " استخدام أسلوب العصف الذهني القائم على القبعات الست للتفكير في خدمة الجماعة لتنمية مهارات حل المشكلة لدي المرأة المعيلة"، اتضح أنه في محافظة الشرقية 19% من الأسر تعيلها نساء، 89% منهن أرامل ومطلقات. وفي الدراسة التي قام بها الباحث في عام 2019 توصل الي أن المشكلات الاقتصادية هي أهم ما يواجه المرأة المعيلة والتي تتمثل في تراكم الديون، وعدم وجود فرصة عمل، وانخفاض الدخل لعدم وجود خبرة أو تدريب على حرفة وارتفاع الأسعار. ولعل ظاهرة النساء الغارمات التي انتشرت في السنوات الأخيرة هي أحد مظاهر معاناة المرأة المعيلة.
ووفقا للبيانات الأولية لبحث القـوى العاملة عام 2020، بلغت مساهمة المرأة في قوة العمل 14,3% من إجمالي قوة العمل (15سنة فأكثر) مقابل 67,4% للرجال، وبلغ معدل البطالة للإناث 17,7% مقابل 6,0% فقط للذكور. وأفاد المركزي للإحصاء في بياناته بأن نسبة النساء اللاتي تشغلن مهنة الأخصائيات والمهن العلمية بلغت 37,5% من إجمالي المشتغلات، بينما مثلت القائمات بالأعمال الكتابية 33.5%، أما نسبة الفنيات ومساعدي الأخصائيين 25,9%، والمشتغلات في الزراعة والصيد 18,6%، بينما كانت نسبة العاملات في الخدمات ومحلات البيع 13.6%، وكانت نسبة العاملات في المهن الحرفية هي الأقل بواقع 1,5%.
من يرغب في التعرف على معاناة النساء المعيلات وكيف يواجهوا الفقر عليه ان يطلع على دراسة الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء حول أثر فيروس كورونا على الأسر المصرية حتى مايو 2020.
حيث لجأت 92.5% من الأسر إلى الاعتماد على أنواع أرخص من الطعام، 90% اضطروا الي تخفيض استهلاكهم من اللحوم والطيور والاسماك، 36% لجأوا إلى تقليل كميات الطعام، 20% قللوا عدد الوجبات اليومية، 14.2% اضطروا إلى تقليل غذاء البالغين لإطعام الأطفال، 2.8% اجبروا على قضاء بعض الوقت بدون طعام. هذه عينة من معاناة الطبقة التي عبرت عنها أم ماريو وكيف تأثرت بأزمة كورونا وانعكاسها على أنماط طعامها الأساسي. وهي نفس النتائج التي أكدها تقرير الجهاز في أكتوبر 2020.
كما توصلت دراسة مرفت صدقي عبد الوهاب السيد "أساليب التكيف المعيشى للمرأة المعيلة في ظل ظاهرة تأنيث الفقر ببعض المحافظات المصرية" والمنشورة في 2٠١٦، المجلة المصریة للبحوث الزراعية إلى نتائج من أهمها:
- من أهم أساليب التكيف المعيشى الإيجابية التي تتبعها المرأة المعيلة في ظل ظاهرة تأنيث الفقر إعداد أنشطة منزلية مدرة للدخل خاصة بالإنتاج الغذائي بنسبة ٣٦ %، والعمل عند الغير بالزراعة بنسبة ٨٨ %، بينما كانت من أهم أساليب التكيف المعيشى السلبية إيقاف تعليم الأبناء بنسبة ٤٤.٧%، والاتجاه نحو زواج الفتيات المبكر بنسبة ٢٧.٦%. هذه حقيقة معاناة النساء التي عبرت عنهم دميانة نصار.
- من أهم المشكلات التي تقابل المرأة المعيلة عدم وجود المال الكافي لتوفير الغذاء للأبناء بنسبة ٦١ %، وعدم الحصول على الإرث من زويها بنسبة ٥%.

إذا ووفقاً للبيانات والإحصاءات الرسمية لدينا 5.4 مليون أسرة تعولها النساء، وتبلغ البطالة بين النساء 17.7% كما تعاني 59.1% من النساء المعيلات من الأمية، 18.6% منهن يعملن في أعمال الزراعة والصيد.
لذلك فإن نموذج دميانة يعبر عن هموم 5.4 مليون أسرة تعولها النساء وإذا ربطنا ذلك بمعدلات الفقر وتركزه في الريف ومعدلات البطالة والأمية بين النساء نجد أنه على الرغم من كل ما تم من محاولات تمكين النساء لا تزال لدينا فجوة كبيرة تتعلق بالنوع الاجتماعي.
الظاهرة موجودة في تقارير الأجهزة الحكومية سواء التعبئة والإحصاء أو المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية. وما جسدته دميانة أم ماريو برؤية المخرج عمر الزهيري هو واقع فعلي تعيشه ملايين الأسر المصرية التي تعولها النساء. وأن إنكار الحقيقة والتغطية والإنكار لا يلغي الواقع الذي يعيشه الملايين، ولن تحل المشاكل بالإنكار بل بالاعتراف بوجودها وبحث أسبابها ودراستها وتحليلها وصولا لحلول عملية مناسبة لواقعنا وثقافتنا.
تحية إلي أم ماريو التي كانت صادقة في التعبير عن معاناة شريحة من النساء في مصر تريد حلاً. وتحية وتقدير الي كل النساء المعيلات وعاملات الزراعة وعاملات المنازل اللائي يتحملن أعباء أسرهم ويحرصون على تعليم أبنائهم. إنكار الحقيقة لن يلغيها ولكن الاعتراف والإقرار بها أولي الخطوات على طريق العلاج.
21/10/2021



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعم والاستثمارات تأملات في موازنة 2022/2021
- المصروفات والأجور والشراء في موازنة مصر 2022/2021
- ضرائب الدخل في مشروع موازنة مصر 2022/2021
- انتخابات الساحل 1976 وتبقي التجربة
- تنفيذ الموازنة العامة ومن الذي يتحمل الاعباء
- الاقتصاد المصري يديره المقاولين والمطورين العقاريين
- أزمة تنمية وليس انفجار سكاني
- عشر سنوات علي ثورة 25 يناير - ماذا حدث للاقتصاد في مصر ؟! 3- ...
- عشر سنوات علي ثورة 25 يناير - ماذا حدث للاقتصاد في مصر ؟! 2- ...
- عشر سنوات علي ثورة 25 يناير - ماذا حدث للاقتصاد في مصر ؟! 1- ...
- الانتخابات الأمريكية والرعاية الصحية والكورونا
- إنعكاسات كورونا علي الرأسمالية المصرية
- خلفيات وليمة أشمون - محاولة للبحث
- هل توجد مؤامرة ضد تاريخ مصر؟! محاولة التلاعب في التاريخ والع ...
- العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا وقطر
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 3 ) إعادة هيكلة القطاع لخصخ ...
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ...
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 1 ) هل هو صدفة ؟! أم جزء من ...
- البعض يأكلونها والعة التحولات في بنية الرأسمالية المصرية ( 3 ...
- البعض يأكلونها والعة التحولات في بنية الرأسمالية المصرية ( 2 ...


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إلهامي الميرغني - دميانة نصار أم ماريو المرأة المصرية المعيلة بين الإنكار والإقرار