|
كراهية أم انعدام الثقة؟
سميه عريشه
الحوار المتمدن-العدد: 1650 - 2006 / 8 / 22 - 10:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حينما بدأت أمريكا في نشر قوة عسكرية كبيرة لتحرير الكويت من غزو صدام حسين وكان ذلك متزامنا مع انهيار الإتحاد السوفيتي الذي كان يساند الدول العربية ، قال بعض الكتاب الأمريكيين: ( انه قد حان الوقت لنشر الديموقراطية في جزء من العالم لا يعرف عنها الكثير ويقصدون الشرق الأوسط ( وحاز ذلك الأمر ترقب صامت و- أمل - حذر من الشعوب العربية !!!0 لكن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب - فضل بقوة الإبقاء على الوضع الإقليمي القائم كما هو - مما أراح كثيرا الحكام العرب الذين أزعجتهم فكرة الحرية في مجتمعاتهم ونجحوا وقتها في تحويل ألدفه إلى: ( أن تركز الولايات المتحدة بعد حرب الخليج على حل للصراع العربي الإسرائيلي ، وان تترك حلفائها العرب يعيدون توطيد أركان النظام القديم في مجتمعاتهم المأزومة ويحلون مشاكلهم بطريقتهم مع شعوبهم و أن تتغاضى عن حقوق الإنسان والحرية في تلك المنطقة ، • ( وأيضا حاز ذلك ترقب حذر وصامت من الشعوب العربية ممزوجا بخيبة في ألأمل !!!! ) 0 • ( وبالفعل كانت الدعوة بعدها إلى عقد مؤتمر مدريد في الشرق الأوسط لطرح سلام بين إسرائيل وجيرانها العرب ، وبالتالي كان انتخاب الإسرائيليين لإسحاق رابين في عام 1992 م بعدما استشعروا تغيرا في البيئة الإقليمية لموقف الحكام لعرب ) 0 • إلى أن جاء الرئيس كلينتون ، وكان السؤال الهام ( لماذا يجب إعفاء الشرق الأوسط من الديموقراطية 00؟!!! )0 • لكن الإجابة المضادة كانت : ( إن السلام في الشرق الأوسط سيأتي بالإصلاح الاقتصادي والديموقراطية كنتيجة طبيعية بع • وصدقت أمريكا والغرب ذلك التبرير الذي ساقته الحكومات العربية، لتكتشف أمريكا وأوربا بعد ذلك( أن عجلة السلام لا تتقدم وان الدعم السعودي والمصري للسلام لا يتعدى الدعم المالي والمعنوي لعرفات دون الضغط عليه للوصول لاتفاق سلام ، • جملة اعتراضية : ( وواكب ذلك الخلل في مدى التوافق المطلوب بين الإصلاح الاقتصادي الأخذ شكل الخصخصة وبين خطوات الديموقراطية اللازمة لتنظيمه وضبطه ولضمان شفافيته ا ، مما رسب في الوعي الجمعي لدى الناس أن الإصلاح ألاقتصادي الذي أجبرت به أمريكا الحكومات العربية ورحبت به الحكومات بالطبع أدى إلى انتقال وسائل الإنتاج والمصانع والأراضي من الملكية العامة إلى ملكية خاصة لمن لا يملك أو يستحق بعدما تم نهب القروض من البنوك ، وتجبر الشعوب على الخرس في ظل قوانين الطوارئ00 ) 0 • إلى أن جاء ت - أحداث الحادي عشر من سبتمبر- بكل تداعياتها ، وأن معظم منفذو الهجوم من السعودية ومصر أقرب حلفاء الولايات المتحدة ، وانهمك مفكرو ومحللو المجتمع الأمريكي لتفسير الظاهرة والسبب الذي يفرز في تلك المجتمعات بشر إرهابيين ؟ • ومن ثم كان السؤال القديم الجديد عن أفضل الحلول في الشرق الأوسط: • هل الأصلح تطبيق الديموقراطية 00أم صفقة جديدة مع الحكومات ولكن بقدر مختلف من الشروط ؟ !! 0 • وطبقا لتحليل الكاتب الأمريكي / مارتن أنديك وقتها : • ( أن الرئيس بوش الابن حسب رؤيته في بداية عام 2002م ، قد أختار الحل الأخير وهو : ( عقد صفقة مع الحكومتين الرئيستين فى المنطقة ، تقضى بأن تتغاضى أمريكا عن تطبيق ونشر الديموقراطية لديهما ، مقابل أن تقوما بإضفاء المشروعية على أن حرب واشنطن هي حرب ضد الإرهاب وليس السلام حيث يشوه الإرهابيون صورة الدين الإسلامي و حتى لا تثور الشعوب ضد أمريكا و أن تستخدم الأنظمة وتسخر الأعلام المحلى لهذا الهدف وكذلك الجوامع لضمان إنجاح مبادرة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والتي ترتكز على أربع خطوات : (1) وقف العنف0 (2) اعتقال الإرهابيين 0 (3) إنهاء التحريض الفلسطيني 0 (4) وقف الاستيطان الإسرائيلي • وبالتالي وقف الانتفاضة واستئناف المفاوضات ، و كجزء من الاتفاق مع الحكومتين أن تلتزما بوقف حملة معاداة السامية وإضفاء المشروعية للهجمات الانتحارية بتسميتها استشهاديه ، والتي تستهدف مدنيين إسرائيليين وان تدافعا علانية عن اتفاقات عادلة ومعقولة في القضايا الحساسة مثل القدس واللاجئين ، وأن تعترف السعودية بإسرائيل على اعتبار أن مصر معترفة بإسرائيل • جملة اعتراضية : و الشعوب العربية مرة أخرى ترقب في صمت العملية المتكررة للمساومة بحلمها وحقها ، بينما سياسة أمريكا على ارض الواقع تؤكد أن أمر الشعوب ليس هاجسا أو هدفا حقيقيا لها ، وإنما هي ورقة تستخدمها للمساومة والضغط على الحكومات ما تلبس أن تلقى بها في سلة المهملات عند أول بادرة استجابة حكومية ، ليتأكد في الصورة الذهنية للشعوب عدم الثقة بأية وعود لأمريكا 0- • ليمر الوقت وتكتشف أمريكا عقم اختيارها وهى تسأل في حيرة : لماذا تكرهنا الشعوب العربية ، • وبينما هي تستعد لضرب العراق من أجل الإطاحة بصدام حسين ، طرحت أمريكا من جديد عبر وزير خارجيتها – كولن باول – مبادرة للديموقراطية في الشرق الأوسط تحت عنوان ( مبادرة من أجل شراكة أمريكية – شرق أوسطية ) سميت بمبادرة الشرق الأوسط الكبير ، تهدف لتحقيق برنامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ، ولقد خصصت مبلغ - 29 مليون دولار - للمساعدة في إقرار الإصلاحات المقترحة والى تحسين صورة الولايات المتحدة في هذه المنطقة ، إضافة إلى مبلغ - المليار دولار - التي تقدمها واشنطن حاليا كمساعدات اقتصادية إلى عدد من الدول العربية 0 • وقتها تسائل العقل الجمعي للشعب العربي بشك صامت : هل هي مجرد ورقة ضغط جديدة على الحكومات : أن تلتزم بالاتفاقات السابقة وإلا فالديموقراطية للشعوب ؟ أم أن أمريكا قررت أن تختار الشعوب كخيار أبقى وأصلح ؟ !!0 • ومرة جديدة تنطوي الشعوب على أحزانها وضياع أحلامها تحت أقدام الطرفين في لعبة مفتقدة للشرف ، بزعم مكاسب تكتيكية لأمريكا كطرف ، وضمان البقاء فترة أطول للحكومات برغم دكتاتوريتها كطرف ثان ، ويبرز الأعلام الرسمي حقيقة فشل أمريكا في تطبيق ما وعدت به الشعوب ، لتصنع بدورها صورة ذهنية إضافية مفادها رسالة لكل الحالمين من الشعوب العربية بالديموقراطية انه لا أمل ، وان الحكومات الديكتاتورية هي الأدهى والأقوى كأنما بقائها قدر الهي ، خاصة في ظل تفجر عمليات إرهابية داخل تلك الدول كلما حدث توتر في العلاقات الحكومية مع أمريكا أو عادت لطرح موضوع الديموقراطية ، لتختفي فورا الخلافات ويتجمع الطرفين للاحتفال بنجاح الحكومات في قتل جميع منفذو الحادث عن بكرة أبيهم 0 • لتمر السنين ، وتبدأ وزيرة الخارجية الأمريكية من جديد في طرح مسألة الديموقراطية ، وتنفتح نافذة إجراء انتخابات نزيهة أو نزيهة بقدر ، بمبادرة من الحكام العرب ، ويفوز عدد كبير من أعضاء الجماعات الإسلامية في مصر وفى فلسطين ، مما يفزع أمريكا ويسعد الحكام ، • أما ذعر أمريكا فيأتي نتيجة نظرتها السطحية لنتيجة الانتخابات والتي تتجاهل أو تجهل أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لانعدام الديموقراطية التي هي كفيلة بدعم وتقوية وميلاد القوى التقدمية الحقيقية وليست من تصدرهم الحكومات كخيال المأته على أنهم معارضة بينما هم مجرد كومبارس وديكور ، حيث أن الثقافة الدينية الحالية تفضي لعداء وتكفير أو رفض وعداء في ابسط الحدود لأي فكر تنويري ، والذي هو بدورة ممنوع من قبل الحكومات الديكتاتورية الحريصة على التأكيد دوما لإحباط الشعوب وتخويفها : بأن علاقتها بأمريكا على ما يرام 0 • أما سعادة الحكومات فلأن ذلك درس كفيل بجعل أمريكا تتخلى عن أفكارها لنشر الديموقراطية في الشرق الأوسط 0 • ومثلما تتفاقم ( أزمة الشعوب ) المقهورة من حكوماتها المعومة من أمريكا كحلف محاربة الإرهاب ، دون الوقوف على أسباب ميلاده وتقويته وانتشاره في أشكال مختلفة ، • أرى أيضا تفاقما( لأزمة أمريكا ) في منطقة الشرق الأوسط من خلال ( الوضع الأمني المتدهور في العراق ، مما يهدد نجاح الحكومة العراقية على إدارة البلاد ، بخلاف تصاعد العنف والفوضى في أفغانستان ، والتحدي النووي الأيرانى ، بخلاف الأزمة في النزاع العربي الأسرائيلى والتدهور الكبير بعد صعود حماس للحكم ، ثم تداعيات الحرب بين إسرائيل وحزب الله ، وموقف أمريكا الذي رفض إيقاف إطلاق النار قبل وضع أساس معقول ، واستخدام ذلك من قبل المعسكر المقابل ، لحشد الكراهية والرفض من قبل الشعوب لها ، والذي أرى انه نتيجة طبيعية لترجيح أمريكا كفة دعم الحكومات على دعم الشعوب ، بل ووقوعها في خطأ تقييم تمييزي وعنصري لشعوب المنطقة بأنها شعوب لا تحب الحرية والديموقراطية نتيجة قراءة خاطئه وقاصرة من أمريكا لنتيجة الانتخابات وفوز الإسلاميين ، • لتظهر وزيرة الخارجية الأمريكية لتبشر من جديد بمبادرة ( لشرق أوسط جديد ) ، يتم فيه اعتماد قوى جديد كلاعبين أساسيين ، مثل حماس وحزب الله والرئيس وحكومة سوريا ، وبرغم اختفاء طرح ضرورة تطبيق الديموقراطية من بنودها ، ألا أن الحكومات تؤكد في ثقة أنها حتما ستفشل مثل ما سبقها من مبادرات وهو ما يخشى منه بدء تكاتف الجهود العربية الرسمية باستخدام واللعب بكل الأوراق الضاغطة بما فيها استخدام ورقة الشعوب المجبرة على تمثيل ادوار محددة فيما تراه الحكومات أنها أزمات تستوجب أن تخرج الشعوب بالترهيب أو بالترغيب أو بكليهما لكي تقول : ( لا ) بينما حكوماتها تقول ظاهريا( نعم ) بزعم للشعوب أنها مجبرة ، فتحقق حكمة اصطياد أكثر من صيد بحجر واحد وذلك بتأكيد تخلف الشعوب وتقدم الأنظمة الديكتاتورية ، مما يضمن لها بقاء الدعم الأمريكي لها من ناحية واحتقار الشعوب من ناحية أخرى والمزيد من التخلي الأمريكي لدعم الشعوب ، وثالثا ضمان فشل مشروع الحل الشامل لمشاكل المنطقة ، حيث أن انتهاء الصراع العربي الأسرائيلى ، بقيام دولتين نهائيتين إسرائيلية وأخرى فلسطينية ، وانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا كذلك من هضبة الجولان ، مثلما سيعجل بانصياع إيران للتفاوض بشأن ملفها النووي ، فهو ايضا سيفقد الأنظمة حجة بقائها كأنظمة ديكتاتورية بزعم قيامها بدور في حل تلك الصراعات ، ومن ثم ستسبب في سقوطها نتيجة توقف الدعم الأمريكي لها ، حيث ساعتها سيتأكد للشعوب أنهم يحاربوا حكوماتهم المحلية فقط وليس اكبر دولة في العالم 0 • ووقتها ستدرك أمريكا أن دعمها للحكومات الديكتاتورية كان سببا رئيسيا في ضعف الشعوب وترديها في تخلفها ويأسها ، لتظهر أصالة الشعوب العربية التي تثبت أنهم ليسوا أقل من أي شعوب أخرى 0 ، وساعتها سيكون على أمريكا أن تعتذر للشعوب العربية عن خطأها ، إذا أرادت أن تمسح ميراث انعدام الثقة 0
#سميه_عريشه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد والأحتكار سر فساد الدراما المصرية
-
العودة
-
غموض ساحر
-
مفتــرق طــــرق
-
عن التوافق الجنسي وأشياء أخر
-
جـــذور التربيـــــــة
-
أدب الحـــــرب
-
هل سنتغير طواعية أم ؟!!
-
الأمن القومي المصري
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|