أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الحلاق - إلى مارسيل خليفة : كل المحبة















المزيد.....

إلى مارسيل خليفة : كل المحبة


عبدالله الحلاق

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 12:10
المحور: الادب والفن
    


إلى مارسيل خليفة : كل المحبة
وإلى بيروت : مجد من رماد

( هناك مدن يغلب فيها الثابت على المتحول , أما بيروت فهي المدينة التي ينحصر ثابتها في تحولها الدائم )
سمير قصير

في سبعينات بيروت الصاخبة كما يحلو للبعض أن يسميها , بدأ الشارع اليساري في بيروت بالاستماع لقصائد مغناة لمحمود درويش وملحنة بشكل لا مثيل له على آلة العود , وعرف الناس صاحب هذا الصوت الذي بدأ حياته الفنية ملتزماً قصائد شاعر ( سجل أنا عربي ) وقد استهلها بمجموعة ( وعود من العاصفة ) ولم تنته بأغاني وموشحات ( كونشيرتو الأندلس ) .
عندما تستمع إلى مارسيل خليفة في آخر حفلاته الموسيقية تحتاج إلى محاولات حثيثة للتفاعل مع فن وموسيقى وأغاني لم تعتدها آذان الجماهير الباحثة عن ذكريات مرحلة بائدة كانت فيها ( هرطقة ) التغيير , والحلم بوطن حر وشعب سعيد تداعب مخيلة المناضلين قبل أن تذهب الأحلام أدراج الماضي والهزائم التي لم تنته ولا يبدو أنها ستنتهي قريباً .
مارسيل خليفة : المناضل الرومانسي الذي رافق مسيرة الحزب الشيوعي اللبناني والحركة الوطنية اللبنانية , فكان صوته وعوده المتفجر ثورة وغضباً وحباً , كان المرافق للحناجر الملتهبة التي كانت تصدح بالنشيد المرافق لعمليات اليسار المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي وتنشد رائعة (خليل حاوي ) :
يعبرون الجسر في الصبح خفافاً
أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد
من كهوف الشرق من مستنقع الشرق
إلى الشرق الجديد
أضلعي امتدت لهم جسراً وطيد
مروراً ( بصرخة ثائر ) و(أنا يا رفاق من الجنوب ) وحتى بداية التسعينات حين أخذت قصائد محمود درويش وأغاني مارسيل خليفة طابعاً جديداً وصل ذروة الإبداع الذي ترافق عندهما بالتجديد في المشروع الأدبي والفكري والموسيقي مع الحفاظ على الطابع السياسي الملتزم قضايا حاضرة دوماً وأولها طبعاً القضية الفلسطينية وإن كانت أحياناً تبدو في مابين السطور .
فلو نظرت إلى ( جدل ) : حوارية العود بين مارسيل خليفة و شربل روحانا و فإنك ستبحث كثيراً لتقتنع بقول مارسيل عن ( جدل ) بأنه عمل سياسي من الدرجة الأولى , وحتى عمله ما قبل الأخير المسمّى ( كونشيرتو الأندلس ) , والذي ربما كان قد استمد اسمه من حنينه إلى مرحلة ذهبية لن تعود من حياة العرب , فيبدأ العمل الموسيقي بموسيقى ( الفلامينكو ) الإسبانية ويتبعها العود بتقاسيم شرقية ومعزوفات مألوفة من قبيل ( البنت الشلبية _ يا بنات اسكندرية _ قدك المياس يا عمري ) تليها تقاسيم النهاوند والحجاز وتنهي الاوركسترا عزفها ليبدأ الغناء بموشح لمحمود درويش :
أمر باسمك إذ أخلو إلى نفسي
كما يمر دمشقي بأندلس
هنا أضاء لك الليمون ملح دمي
وها هنا وقعت ريح عن الفرس
غنى مارسيل خليفة شعراء كثر : غنى سميح القاسم وطلال حيدر ومحمد العبدالله وبطرس روحانا وشوقي بزيع وغيرهم , ولكن محمود درويش كان الحاضر الأبرز , والحاضر الأكبر مع احترامنا واعتزازنا بكل الأسماء التي ذكرناها , فلا شعر يعلو على شعر محمود درويش , ولذلك كان اللقاء الكبير بين الكبيرين ( مارسيل خليفة ومحمود درويش ) على خشبة الأونيسكو في بيروت في الذكرى الأربعين لتأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية , فكانت أمسية شعرية موسيقية من نوع مختلف , صحيح أننا لم نر فيها أثراً لكلمات درويش على أوتار عود مارسيل خليفة , ولكنها( بدت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى ) كما يقول مارسيل , فهو يقلد صوت الأنّة والبكاء والضحكة في حواره مع الكونترباص , فتندمج قصائد محمود درويش من جهة مع التناغم الرائع والحوار بين عملاقة الكمنجات وأوتار العود التي تنفلت كثيراً نحو النوى والماهور فتجسد حالة إبداعية ومزيجاً من ( شاعرية الموسيقي وموسيقى الشاعر ) .
فرقة الميادين كانت محطة كبرى في التراث الفني لمارسيل خليفة , فهذه الفرقة التي بدأت ( برباعي الميادين ) انتهت بفرقة تضم مجموعة من العازفين من دول وجنسيات مختلفة , من عازف الكلارينيت المتميز ( كنان العظمة ) من سوريا , إلى عازف الترومبيت ( ابراهيم معلوف ) من لبنان و( بيتر هربرت ) على الكونترباص من النمسا , (وأنطوني ميليه) على الأوكورديون من فرنسا وغيرهم , وانتهاء بعازفات الكمنجة والتشيلو اللواتي قال عنهن مارسيل خليفة إن أجهزة الأمن اللبناني قد تعاملت معهن في المطار كما تعامل ( الأرتيستات ) , وبذلك أخذت هذه الفرقة طابعها العالمي وليس المعولم كما يحلو للبعض أن يقول , وفي هذه الفرقة يدخل مارسيل خليفة بأسلوبه النادر مزيجاً من الآلات الغربية والشرقية وتبدأ الاوركسترا الضخمة عزفها مع أنغام العود وهو يحاور الكمنجات ويردد الجمهور معه :
الكمنجات تبكي مع الغجر الذاهبين إلى الأندلس
الكمنجات تبكي على العرب الخارجين من الأندلس
وفي ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد ( سمير قصير ) , وفي الصالة التي احتضنت أصدقاء وأحباء لسمير ممن ألقوا القصائد والكلمات في رثاء الصحفي الكبير الذي افتقدناه كثيراً , بدا مارسيل لنا حزيناً باكياً وهو يحتضن عوده الشجي ويرثي صديقه سمير قصير بكلمات قليلة , ويتبعها بغناء قصيدة لمحمود درويش بإبداع قل نظيره , فيختلط التصفيق بالآهات والدموع وهو ينشد :
يطير الحمام , يحط الحمام
أعدي لي الأرض كي أستريح
فإني أحبك حتى التعب
مارسيل خليفة : الفنان , الملتزم , المناضل , العاشق والمراهق الجميل الذي يعود بنا إلى أيام خوالي كان فيها للأمل بعض المعنى .
ربما كانت الحرب البربرية على لبنان أحد الأسباب التي دفعتني لكتابة هذه السطور , وهل هناك أكثر من هذا الدافع حين ترى بيروت , عاصمة النهضة والحرية تقصف تحت أنظار العرب المتخمين بالنفط والذل والعبودية , أليست بيروت المدينة التي احتضنت مارسيل وغيره من مبدعين عرب رأوا فيها متنفساً لهواء الحرية , فكانت منفى وملاذ المثقفين والمفكرين والشعراء والفنانين العرب الذين أتوا إليها فكانت قبلتهم ومكاناً لانطلاق فكرهم وإبداعهم , أليست المدينة الوحيدة التي احتضنت فلسطين وقضيتها , أليست المدينة التي اقترن اسمها بهامش ديمقراطي مفقود في عالمنا العربي الشاسع , أليست بيروت ( الوسيط بين ثورات المخمل والبرتقالي وهذا العالم العربي الذي بدا في منأى عن أي تغيير حين العالم بأسره يتغير ) .
ورغم ذلك قد يصفني البعض بالتقليدي والكلاسيكي واللاواقعي لأنني اكتب عن مرحلة مضت ولن تعود ( برأيهم ) وعن فنان مضى على أحلامه الزمن ( برأيهم ) , في وقت تجتاحنا فيه الثقافة الرخيصة والفنون التافهة كعقول البعض , والتدهور والانحطاط الأدبي والفني والأخلاقي , ومع ذلك أقول لهؤلاء :
(( ليس من الحكمة الكلام عن الحاضر و المستقبل ونحن نعيش في براثن الماضي بامتياز , فكلمة المستقبل اصطلاح غريب طالما نحن شعوب لا تنتمي إلى العصر إلا في روزنامة الحائط )) .
تحية حب إلى مارسيل خليفة .

عبدالله الحلاق
سوريا / سلمية ( 12 آب / 2006)



#عبدالله_الحلاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد بأية حال عدت يا عيد


المزيد.....




- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...
- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الحلاق - إلى مارسيل خليفة : كل المحبة