أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سند ساحلية - المسألة المسيحية المشرقية: كلنا في الهم شرق















المزيد.....

المسألة المسيحية المشرقية: كلنا في الهم شرق


سند ساحلية

الحوار المتمدن-العدد: 7015 - 2021 / 9 / 10 - 15:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


المسألة المسيحية المشرقية: كلنا في الهم شرق

يعد التنوع الديني والقومي والعرقي ثروة وقيمة مضافة في العديد من دول العالم، بينما في معظم دول الشرق يمثل هاجسا ومصدر قلق وتوتر وخلاف يستنزف طاقاتها وامكانياتها، ويتحول الى أداة في تأجيج الصراعات في المنطقة.
يختلف الناس في المعتقدات والأفكار والثقافات وغيرها من الأمور فالكون يعج بالتنوع، والإشكالية لا تكمن في وجود هذا التنوع والاختلاف، إنما في القدرة على تقبله والتعايش والحياة معه والتطور والازدهار في ظله.
لقد فشلت دول الشرق خاصة العربية، في تحويل هذا التنوع الغني الى قيمة مضافة ومصدر غنى لهذه المنطقة، فتعززت فكرة الأكثرية والأقلية وترسخ شعور المواطن انه من الدرجة الثانية او الثالثة، واصبحت التعددية بأنواعها مصدر خلاف وتناحر.
ان بلاد الشرق تضيق الان ببعض أهلها في ظل حالة من الانكار الشديد، كأن لا مشكلة! ومسيحيو الشرق ليسوا الوحيدين فيه الذين يعانون من تراجع مطرد في اعدادهم وانحسار في دورهم. ففي ظل انتشار التوترات المذهبية والإثنية والسياسية والنزاعات الانفصالية في الشرق التي تعمل فعلها على مبدأ قبول الاخر الذي أصبح استثناء، مما يجعل الشرق كاتما للتنوع.
المسيحيون في الشرق يمرون بمحنة ويواجهون تحديا جديدا قديما، يهدد مصيرهم ووجودهم، رغم انهم أبناء الأرض الاصليون وجزء اصيل من تاريخه ومستقبله، ليسوا وافدين او جاليات او مهاجرين ولا مرتزقة، وليسوا صليبيين غزاة ولا حلفاء للغرب ومشاريعه، وان حاول البعض استغلالهم، فالمسيحية هي أصلا مشرقية وليست غربية، ولون من ألوان لوحة فسيفساء الشرق وعلى المسيحيين وغيرهم ان يحموها.
ان تهجير وهجرة المسيحيين حالهم حال اي مكون من مكونات الشرق يؤدي الى "إفناء لعناصر التحضر والتنوع فيه، وسير حثيث نحو الانقراض"، وما بين نظرية الحضور ونظرية الدور، يداهم خطر كبير هذا الوجود الظاهر والفعال والمؤثر ويهدد باندثاره، لا بل يهدد مستقبل المسيحية في البلاد التي ولد فيها السيد المسيح، ومنها انطلقت إلى باقي بقاع الأرض. وهنا يبرز سؤال: من المسؤول، وهل الخاسر هم مسيحيو الشرق ام كل العرب؟
المسألة تكمن في المسيحيين أنفسهم، وان بقاءهم في الشرق مسؤوليتهم أولا؛ مسؤولية البقاء والصمود والحضور، فها هي المسيحية تكاد تنقرض من مهدها في الأرض المقدسة ومن عرشها في الشرق، وتعقد المؤتمرات والندوات وتصدر الكتب والدراسات والأفلام الوثائقية عنهم كأنهم بقايا سكان و"آخر الهنود الحمر" او فصيلة من الاجناس المهددة بالانقراض او مقتنيات متاحف. رغم أنهم أبناء الأرض الاصليون وجزء من تاريخه ومستقبله، وان القدس وبيت لحم وانطاكيا والرها ومعلولا ونينوى ومادبا والاسكندرية.. هي قلب المسيحية، وليس نيويورك وباريس ولندن، وهم ليسوا أقلية، فلا أحد أكثرية في هذه المنطقة، ومن هو أكثرية في مكان، هو أقلية في مكان اخر.
ان الاستعمار هو من رسخ مبدأ حماية الأقليات، لذلك ان كل نقاش حول مصير المسيحية او أي اقلية أخرى في الشرق، فيه مسؤولية عربية وإسلامية، ومطلوب من قياداتها واحزابها وتياراتها حتى الأصولية منها ونخبها ومؤسساتها الفكرية والتربوية والاجتماعية، حلول ومقاربات جديدة بعيدا عن الحلول السابقة من عصر الخلفاء او العثمانيين، وعلى قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات والمواطنة.
ان بقاء المسيحيين في الشرق خيار إسلامي بالدرجة الأولى، ففي الوقت الذي يشهد فيه الشرق العربي الكبير تحولات استراتيجية وسياسية كبيرة، تترافق مع تناقص مطرد لأعداد المسيحيين، الامر الذي يؤدي الى انعدام وجودهم في المنطقة ويقضي على الوجه المتعدد للشرق ويقضي على غناه الثقافي، سيزيد ذلك من الصورة النمطية عن الإسلام الرافض للآخر ويؤثر ليس فقط على هذه المنطقة بل سيرسخ "الاسلاموفوبيا" المتزايدة في الغرب.
ان الفكر العربي عامة امام تحد للإجابة على قضايا كثيرة مثل العولمة والتطور والهوية والتعددية، وان ينتج دينامية خلاقة في إدارة هذا التنوع ونهضة الفكر والدور، وهناك العديد من الإشكاليات المطروحة ومنها المسألة المسيحية.
اما الغرب فيتعامل مع موضوع الوجود المسيحي في الشرق بمكيال التجاهل احيانا والمتواطئ غالبا، وهو المسؤول عن اثارة النزاعات والفتن وزعزعة كيانات عربية ومسؤول مباشر عن دعم احتلال فلسطين وتهجير اهلها ومنهم المسيحيون، ولم يقدم لهم سوى تسهيل اصدار تأشيرات الدخول وتشجيع الهجرة والتهجير مكملا ما بدأت به التنظيمات التكفيرية والظلامية، وليس لديه أي اجندة عنوانها بقاء او وجود او حضور المسيحيين في الشرق.
ان ادعاء الغرب بحماية ورعاية الأقليات في الشرق او في أي مكان بالعالم، ومفاخرتهم بقيم العدالة والحرية والتعددية، لا يتحقق إلا من خلال دعم صمود وبقاء هذه الأقليات في اوطانهم وبين أهلهم وبيئتهم الاجتماعية والثقافية وبين أبناء شعبهم وشركائهم وخاصة بين اخوانهم المسلمين.
حال مسيحيو الشرق يقول ما قاله السيد المسيح عندما كان معلقا على الصليب: "يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لوقا 23:34)، ولم يقل "مغفورة لكم خطاياكم" كما كان يقولها قبل ان يعلق على الصليب.
هذا التعبير مناسب لموقفه معلقا على الصليب، بمعني انه عندما كان يقول: "مغفوره لك خطاياك"، كان يعلن عن لاهوته، بينما وهو على الصليب كان اثناء تنفيذ الفداء وقيامه بالدور الذي لأجله تجسد.
المسيحيون في الشرق قاموا بدور بارز وريادي في إطار مشروع النهضة في المنطقة منذ القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ولهم مساهمات كبيرة في الحياة العامة السياسية والثقافية والاقتصادية، وجسدوا انتماءهم للوطن من خلال دورهم في التنمية والتنوير والثقافة والتعليم والنضال من أجل الحرية والاستقلال.
ان مسألة وجود المسيحية الشرقية في ظل احتلال فلسطين ووجود نزاعات مسلحة ودموية ووجود تيارات متطرفة ومتشددة تكفر المسلمين أنفسهم قبل غيرهم في المنطقة، يدفع للتساؤل عن مستقبلها فيها؟ ووجوب الاعتراف بهذه المسألة والبحث عن العوامل التي تساعد على الحفاظ على هذا الوجود في الشرق العربي الكبير المهدد بالفناء بحسب العديد من المراقبين خلال 40 الى 50 عاما القادمة، وقبل فوات الأوان وقبل ان يأتي الوقت الذي نطلب فيه المغفرة من مسيحيي الشرق، الذين تحملوا كثيرا حالهم حال المسيح كما تحمل من وقت تسليمه ومحاكمته وجلده ووضع اكليل الشوك على راسه حتى وصوله الى الجلجثة وكل هذا قبل صلبه.
وأخيرا، من يريد ان يعالج هذه المسألة قيميا من اجل العدالة والمساواة، عليه ان يدرك ان مشكلة الأقلية هي مشكلة الأكثرية؛ لا يمكن ان تكون أكثرية متحررة ومتساوية في بلدها كمواطنين، إذا هناك اقلية ما لم تحصل على المواطنة.



#سند_ساحلية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النائب (أبو ليلى) عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية: حما ...
- مقابلة مع ماجدة المصري عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ...
- المرشح للرئاسة تيسير خالد: لابد من وضع حد للمحاباة والواسطة ...
- جريمة حرب جديدة في نابلس.. قوات الاحتلال تغتال ناشطاً فلسطين ...
- مقابلة مع نايف حواتمة الامين العام للجبهة الديمقراطية


المزيد.....




- هل قررت قطر إغلاق مكتب حماس في الدوحة؟ المتحدث باسم الخارجية ...
- لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في ...
- القضاء الفرنسي يستدعي مجموعة من النواب الداعمين لفلسطين بتهم ...
- رئيسي من باكستان: إذا هاجمت إسرائيل أراضينا فلن يتبقى منها ش ...
- -تهجرت عام 1948، ولن أتهجر مرة أخرى-
- بعد سلسلة من الزلازل.. استمرار عمليات إزالة الأنقاض في تايوا ...
- الجيش الإسرائيلي ينفي ادعاءات بدفن جثث فلسطينيين في غزة
- علييف: باكو ويريفان أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق السلام
- -تجارة باسم الدين-.. حقوقيات مغربيات ينتقدن تطبيق -الزواج ال ...
- لأول مرة.. الجيش الروسي يدمر نظام صواريخ مضادة للطائرات MIM- ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سند ساحلية - المسألة المسيحية المشرقية: كلنا في الهم شرق