أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح -   - مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم المحيط















المزيد.....

  - مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم المحيط


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 6950 - 2021 / 7 / 6 - 01:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


 
    لا يمكننا استثناء أى مجتمع بشرى ، من حدوث الجريمة ، بأشكالها الكثيرة المتنوعة ، سواء الجريمة الفردية ، أو الجريمة المنظمة الجماعية ، المنظمة ، والمسلحة ، عابرة للحدود ، والتى فى بعض الأحيان ، يكون لها نفوذ سياسى ، واجتماعى ، وثقافى .
    بل ان الجريمة ، كشكل من أشكال استلاب الحياة ، بالدم ، والنهب ، والاغتصاب ، والاجبار ، هى سمات أساسية للقبائل القديمة التى بدأ بها المجتمع البشرى ، فى أغلب بقاع الأرض ، للتوسع ، وايجاد مصادر للطعام ،وموارد العيش .
      أليس الاستعمار ، والفتوحات ، والغزوات ، والحملات ، على مدى التاريخ البشرى ، " جرائم " ، من الدرجة الأولى ، يتم تبريرها بالدوافع الدينية ، والسياسية ؟؟.
    أليس قهر النساء " جريمة " ؟؟. أليس اضطهاد الأقليات الدينية والعِرقية ،" جريمة " ؟؟. أليس تغييب البشر بالخرافات والخزعبلات والأساطير ، " جريمة " ؟؟. أليس تقديس الحكام ،ورجال الدين ، الوسطاء بين الناس
والله " جريمة " ؟؟. أليس الاعلام المشارك فى اللعب على أدنى الغرائز ، وابقاء الناس فى حالة خاملة خاضعة " جريمة " ؟؟. أليس الفن الهابط ، " جريمة " ؟؟. أليس اضطهاد المبدعين والمبدعات الثائرات " جريمة "؟؟.
      أليست تسمية الأشياء بغير مسمياتها " جريمة " ؟؟.
     ان تتبع الجريمة بكل أنواعها ، على مدى التاريخ ، ليس هو موضوع مقالى اليوم . لكنها مقدمة ضرورية فى كل الأحوال ، لندرك أن " الجرائم " ، ملازمة ، ومصاحبة ، للجنس البشرى ، منذ بدايته .
     الموضوع الذى دفعنى لكتابة هذا المقال ، هو كيف تطورت الجريمة الفردية ، مؤخرا فى المجتمع المصرى ، الى درجة لا يجب السكوت عليها ، وتدعو الى الفهم ، والتحليل .
     القتل فى وضح النهار أو ليلا ،  للسرقة ، والنشل فى وسائل المواصلات العامة ، واقتحام البيوت ليلا ، والشجارات التى تنتهى بالأذى الجسدى ، وخطف الأطفال من قبل المستثمرين فى تسولهم ، وتلقى الرشاوى ، والمحسوبية ، والاختلاسات ، والتزوير ، وغيرها ، كلها ليست بغريبة على مجتمعنا المصرى .
   لكننى بعد طول تأمل ، وقراءة صفحات الحوادث اليومية فى الصحف ، والمجلات ، اكتشفت بأن هناك تطورا هائلا  حدث ، فى الجريمة الفردية التقليدية ، بدءا من عام 1980 ، كما ، وكيفا ، لدرجة أنه أصبحت هناك مجلة أسبوعية متخصصة لمتابعة الجريمة ، تلبية لهذا التغير ، اسمها مجلة " الحوادث " . وهذا شئ لم يحدث من قبل ، حيث كانت تغطية الحوادث والجرائم ، فى نصف صفحة ، من جريدة ، أو مجلة ، وليس كل الجرائد ، والمجلات .
    " يذبح أمه من أجل بضعة جنيهات .... يقتل أباه لأنه يعارض فى زواجه ..
يخنق أخته لشكه فى سلوكها ... لص يقتحم فيلا ويذبح جميع أفراد الأسرة ..
سائق أجرة يغتصب فتاة ويقتلها ويلقى بجثتها فى عرض الطريق ... شاب يصعد الى برج القاهرة ويلقى بنفسه أمام الناس ... فتاة شنقت نفسها فى حجرتها .... طفل يتشاجر مع زميله فى مدرسة ابتدائية ويضربه حتى الموت ..
مدرسة تعتدى على طالبة لعدم ارتدائها الحجاب ... مدرس يخنق تلميذا بعد الاعتداء الجنسى عليه ..  زوجة تذبح زوجها وتقطع أوصاله وأعضائه بما فيها العضو الذكرى ... زوج هشم جمجمة زوجته لأنها خرجت دون اذنه ..
فتاة وضعت السم لزوج أمها الذى يعاملها بقسوة ... يقتل جاره لأنه اشتكى من نباح كلابه المزعج .... مشاجرة كروية تنتهى بمقتل عشرين شابا بعد انتهاء ماتش السوبر بين الأهلى والزمالك .. يقتلع رأس صديقه المقرب  لأنه لم يرد المال الذى اقترضه .... أم تقتل ابنتها التى حملت سفاحا .. حفلة مخدرات تنتهى بالقتل والدم .... سائق سيارة يضرب حتى الموت عسكرى مرور
طلب منه التوقف واظهار رخصته .. يختلس 6 مليونا من الجنيهات ..
تم ضبط موظف بتلقى رشوة قدرها 2 مليون دولارا .. وزير يعين قريبة زوجتهفى الوظيفة الشاغرة ... ".       هذه بعض الأمثلة من الجرائم الغريبة ، التى لم يكن يألفها المجتمع المصرى من قبل .
     الناس دائما تتشاجر ، والمشاكل الأسرية لا تنتهى ، والخلافات الزوجية هى القاعدة وليست الاستثناء ، ولصوص البيوت يسرقون ، والفقر أكثر ما يسبب التوترات فى البيوت ، والتعصب الكروى موجود دوما ، والرجال
المغتصبون ما زالوا يعيشون بيننا ، والاحباط بين الشباب والشابات هو النمط السائد فى مجتمعنا ، أى أن دوافع الجريمة ، كانت موجودة دائما ، وكانت الجرائم تحدث ، والفقر والمرض والبطالة ، والاختلاس ، والمحسوبية ، لم تختف أبدا من مصر .
     لكن زيادة معدل الجريمة من ناحية ، وتغير شكلها من ناحية أخرى ، الى العنف الشرس ، تجاه أقرب الأقربين ، أو تجاه الذات بالانتحار ، أو ذبح عائلة بأكملها بعد السرقة ، أو التمثيل بالجثث بعد قتلها وذبحها من الأزواج والزوجات ، وامتداد الجريمة الى التلاميذ والأطفال ، ومن المدرسين والمدرسات ، وأن يكون القتل هو نهاية مشاجرة بين الجيران أو الأصدقاء أو أفراد الأسرة ، أو بين عامة الشعب ، وأن يكون الانتحار هو النجاة من الاحباط أو الاكتئاب ، هذا هو الوباء الخطير الذى اجتاح المجتمع المصرى . ربما يكون الاستثناء ، هو ما يسمونها خطأ " جريمة شرف " ، فالجريمة والشرف ، لا يجتمعان ، هذه الجريمة فى حق الفتاة ، كانت تنتهى دوما بالقتل . لكنهالم تكن بالصورة العنيفة المتحفزة التى تطورت اليها ، ولم يكن القاتل يمثل بجثة ابنته أو أخته بعد قتلها ، ولم يحدث أن قامت بها الأم ، التى كانت تحاول بأى شكل " التستر " على ابنتها . والمختلس ، أقصى ما كان يختلسه ، هو
ألفى جنيها ليكمل زواج ابنته ، والوزير اذا استخدم قريبته لشغل وظيفة كانت قريبته على الأقل ، لديها حد أدنى من المؤهلات العلمية والخبرة ، اللتان تحفظان ماء الوجه للوزير أمام ضميره . والأم التى وان كانت مهضومة الحقوق ، الا أن الابن لم يكن ليتجرأ ويذبحها من أجل بضعة من الجنيهات ، أو اسورة ذهبية مهما ارتفع ثمنها .
     زمان كان العنف فى أصغر صوره ، وحتى لو له تبريرات ، مدانا ، ومنبوذا اجتماعيا .
    وكان الفساد بأشكاله ، أيضا ، قبل عقاب القانون ، معاقب من الناس ، بالتباعد ، والنبذ .
     الآن يصل العنف غير المبرر ، الى أقصى درجات شراسته ، والناس تتعاطف معه ، أو تجد له التبريرات ، أو أصلا لم تعد تبالى .
   والفساد بكل أشكاله ، لم يعد يجد الكراهية ، والرفض ، والاستنكار . بل ان بعض الناس ، أصبحوا يلومون الفاسد ، ليس لأنه ارتكب فعلا فاسدا ، ولكن لأنه لم  يكن محتاطا وذكيا بالقدر الكافى ، وانكشف أمره .
       " الجريمة مرآة للمجتمع " ، هذه مقولة صحيحة . وما حدث فى تطور الجريمة فى المجتمع المصرى ، كما ، وكيفا ، يشير الى تدهور حال مصر ،
بالتحديد منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى .
   ما حدث باختصار ، هو التزواج بين السلطة السياسية ، وفلوس رجال الأعمال ، والتأسلم الاخوانى السلفى الوهابى ، والانفتاح الاقتصادى التابع الاستهلاكى ، والتربص بالمفكرين والمفكرات المعارضين ، "ضفيرة " صنعها السادات ، بقراراته وسياساته ، منذ 1974 .
     وهذه " ضفيرة " ، لا يمكن لها ، الا أن تنتج كل أوجه الشرور ، والعنف ،والغضب ، والتحفز لايذاء الغير ، والاستفزازات الطبقية ، وانحدار الأخلاق ،وأن يكون المال هو كل شئ ، لا يهم من أين ، وكيف ، وأن يكون السلوك الشكلى المظهرى هو المهم ، فالفتاة تتحجب لكنها تفعل كل المحظورات ، والشاب ينخرط فى أعمال مشبوهة طالما يؤم صلاة الجماعة ، ويطيل لحيته ، زمان كانت أخطاء الأطباء القاتلة ، توصف بالاهمال والتقصير وتستوجب العقاب ، الآن هى مبررة بقول " محدش بيموت ناقص عمر .. دى ارادة ربنا".
     هذه " الضفيرة " أينما وجدت ، فهى تصنع الفساد ، والانحلال ، والتناقضات المفزعة فى الأخلاق ، والثقافة .
     زمان ، كان الأهل يسألون عن خطيب ابنتهم ، عن أخلاقه ، وعن أصله ،ووظيفته . الآن ، لا يسألون الا عن " بتكسب كام فى الشهر ". والفتاة لا تقيم الخطيب ، الا على أساس أنه كيس متحرك من الفلوس ، فقط لا غير . حتى لو كان الشاب المتقدم " خريج سوابق فى السجن " ، لا يهم . المهم فلوسه .
   زمان كنا نسمع ، مرة كل عشرين سنة عن عقار وقع على سكانه . الآن ،تصدع العقارات ، وسقوطها على السكان ، ظاهرة . ولا أقصد عقارات تصدعت من القدم . لكنها تصدعت من الغش فى مواد البناء .
     غياب الضمير زمان ، كانت له حدود لا يتعداها . ضمائر الناس أصبحت كالسماء ، لا شئ يحدها ، حتى فقدان الحياة نفسها تحت أنقاض عقار ، لكسب مائة جنيها زيادة ، ليس مدعاة للأرق ، " دى حكمة ربنا وارادته ".
         ويأتى منْ يسمونهم " الخبراء " فى الجريمة ، ليحللون لنا هذا التطور المفزع ، عبر فضائيات الاعلام .
     خبير منهم ، أصبح مثل الوجبات اليومية ، مقررا علينا ، يحلل هذه الجرائم بأنها من نتاج " مختلون عقليا " ، مكانهم ليس السجون عقابا لهم ، ولكن المصحات العقلية .
           قال أننا بصدد انسان مصرى جديد ، " مختل عقليا " ، وهذا الاختلال العقلى ، هو الذى دفع به ، الى هذه الجرائم غير المألوفة ، لا فى طباعنا ، ولا أخلاقنا الشرقية ، واسلامنا الحنيف .
      أصبح منْ يسمى " المختل عقليا " ، هو كبش الفداء ، حيث لم يذكر أى شئ عن مسئولية المجتمع ، وتردى ظروفه الاقتصادية ، وانتشار التأسلم الوهابى الاخوانى السلفى الذكورى ، وتدمير الطبقة المتوسطة ، حيث أصبح هناك طبقة عليا من الأثرياء ، وطبقة تعيش على الفتات ، يجتاحها الغضب والحقد ، وهى ترى الاعلانات المستفزة عن المنتجعات والفيلات والأحياء
الراقية ، وليس هناك انتاج حقيقى يستوعب الزيادة السكانية الرهيبة ، والارهاب الدينى ينشط ، ويتغلغل ، فى القرى ، والمدن ، ويزيد من حنق الناس على المجتمع الكافر .
هذه " الضفيرة " الخبيثة ، هى  التى وراء كل شر .
       لكن " المختل عقليا " ، أصبح هو الفاعل الأصلى ، الذى بدا وكأنه نبت شيطانى ، لا جذور له ، ولا تربة ساعدته على النمو والازدهار . وأصبح الحل ليس فى بناء المزيد من المصانع المحلية ، ولكن بناء المزيد من المصحات العقلية .
            ورغم اختلافى الجذرى ، مع هذا التفسير ، الا أننى تأملت كلمتى ، " مختل " ، و " محتل "  ، فالفرق بينهما نقطة واحدة .هل تعمد اللغويون أن يكون الفرق بينهما بسيطاً إلى هذا الحد؟ . وما هو وجه الشبه والخلاف بين هاتين الكلمتين؟ .
إن المختل عقلياً ، هو روح محتلة بالإضطرابات، هو أرض مسكونة بالتقلبات والشغب النفسي، هو إنسان مسلوب الإرادة ،  ولا يملك من أمره شيئاً، عقله قد دمر ، فسقط فريسة لأقوال وأفعال ، ليست لها علاقة بالعقل والمنطق.
تأملت حالنا وطرقنا في التفكير،  وأتصور أننا نقترب من حالة الإختلال العقلي .  فالعقل المصري والعربي ،  يخضع لأشكال متعددة من الإحتلال العقلي.
محتلون عقلياً بغيات المشاركة السياسية، وخلل التوازن بين قطبي المجتمع النساء والرجال، والقفز على حقوق الأقليات ، وإنعدام ترجمة إقتراحات هيئات المجتمع المدني ، فهي مهمشة ولا تدخل في أجندة صنع القرار السياسي.
محتلون بحالة الفقر في الإنتاح، وهيمنة البضائع الأمريكية والأوروبية والصينية، محتلون بالبطالة والفقر، وخصخصة وبيع القطاع العام، وبالفساد المالي والإداري، ونقص الخدمات على كل المستويات.
محتلون إعلامياً حيث غياب التعدية الفكرية ، وتبديد الأموال على برامج تلفزيونية لا تهدف إلا إلى الإثارة والتسطيح وتزييف الوعي لحجب أي فرصة للتفكير وتنشيط العقل.
محتلون بالتيارات الدينية ذات التفسيرات الذكورية الإرهابية ، التي شغلها الشاغل هو إصدار الفتاوي البالية ، والتي تكبل العقل وتدعو إلى التخلف والتأخر.
محتلون عقلياً بالدجل والشعوذة والإيمان بالقوى الخفية والجن، فعندما نفتقد التفسيرات العقلانية والعلمية للظواهر ، نلجأ الى الخرافة والشعوذة والسحر للبحث عنها . لقد كشف إحدى دراسات المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية ، فى مصر ،  أن نصف النساء المصريات يؤمن بالدجل والسحر . فهناك 250ألف دجال يزاولون الدجل والشعوذة، أيضا يوجد ثلاثمائة ألف مصري يدعون العلام بالقرآن والكتاب المقدس. وينفق المصريون ما يقرب من عشرة مليارات جنية سنوياً على السحر والدجل ، وهو ما يقترب من ثلاثة أضعاف ما تدخله قناة السويس في العام، هذا فى عام 2005 . إن الإيمان بالسحر والشعوذة ، يبطل مفعول العقل ويسقطه في غيبوبة ، لا أمل في الشفاء منها.
محتلون إبداعياً بأنواع من الفنون ترسخ لعدم إعمال العقل ، فهي تدور حول كثير من الموروثات التي انتهت صلاحيتها بفعل تغير الزمن ، لقد أصبح الفن سلعة ينتجها منْ يدفع للعب على الغرائز،  والحرمان الجنسي والنكات الفجة والبذيئة، واستعراضات البهلوانات، وتفريغ الفن من أي مفهوم ناقد يحرك العقول ويرتقى بالذوق والإحساس.
محتلون بضجيج الميكروفونات في المناسبات المفرحة والمحزنة، محتلون بصخب و "زعيق" المساجد خمس مرات يومياً ، محتلون بالضوضاء في الشوارع والميادين والبيوت ، لقد خاصمنا الهدوء ورحل هارباً إلى شعوب أخرى متحضرة تحترمه وتقدره، وبالرغم من ذلك فالدولة تغمض عينيها وتصم آذانها عن هذا الهوس الضوضائي وكأنها تعاقبنا، فالضجيج هو خير ووسيلة للتشتت الفكري وضعف الإنتباه وعدم التركيز وضعف الذاكرة بل وتدميرها في بعض الأحيان . الأمر الذي قد يجرفنا الى المرض النفسي ،  والذي قد يؤدي الى الاختلال العقلي . أليست الأصوات العالية المستمرة والمفاجئة ،  هي وسيلة ناجعة من وسائل التعذيب في السجون ؟؟.
محتلون تعليميا بمناهج دراسية تميز بين الجنسين ، وتشيع طريقة التلقين والحفظ والطاعة للمدرسين، ومصادرة الأسئلة التي تتصف بالجرأة وتحفز العقل على التساؤل والتفكير.
محتلون بالإزدواجية الأخلاقية فهناك أخلاق للرجال وأخرى للنساء ، أخلاق للفقراء وأخرى مغايرة للأثرياء ، محتلون بالكذب والنفاق والخوف من الجديد والإرهاب الفكري، فالشعوب الخائفة تتجمد أوصالها وتصاب بالتيبس العقلي.
إننا نطبق على أنفسنا الأحكام العرفية العقلية، فالأفكار الجديدة يدان أصحابها ويتهمون بقائمة الإدانات المعروفة ، كالعمالة ، والكفر والنيل من وحدة الوطن وتماسكه والبعد عن الولاء والإنتماء.
إن عقول النساء والرجال في مجتمعنا محتلة بالتحيزات الذكورية في البيت وفي شتى مجالات الحياة ، واحتلال عقل النساء له خطورته لأن المرأة يعول عليها في مجتمعاتنا في تربية الأبناء، ولأنها لصيقة بهم طوال اليوم بقدر أكبر من الرجال فإن تأثيرها أعظم منه . فالأم التي يتم اختراق عقلها تؤثر على المجتمع بأسره .  وقد يكمن السبب الرئيسي الذي تحاول تحقيقه التيارات الدينية الممهدة لإقامة الدول الدينية ، هو إمتلاك عقل المرأة واحتلاله، فإذا استحوذت هذه التيارات على النساء ، ضمنت امتلاك المجتمع بأسره.
إن أشكال الإحتلال تتعدد .  فهي ليست مقصورة على سيطرة الآليات العسكرية واقتحام الدبابات وبناء القواعد العسكرية على أرض الوطن ، فقد يكون هذا الشكل من أشكال الإحتلال ،  هو الأسهل والأخف وطأة ، لأنه يمكن مقاومته وطرد المستعمر عاجلاً أم آجلاً .  
ليس من العيب أن تحتل عقلياً، ولكن العيب أننا لا نرى أننا محتلون ،  ولا نقاوم هذا الإحتلال ، ولا ندرك أن " الاحتلال العقلى " ، يؤدى الى " الاختلال العقلى ".
 اذن وضحت العلاقة ، بين " مختل عقليا " ، و" محتل عقليا " , وكيف أن تراكم " الاحتلال العقلى " فى كافة أوجه الحياة ، خاصة مع وجود تلك " الضفيرة " التى تكلمنا عنها ، يؤدى الى " الاختلال العقلى " ، والذى تظهر احدى صوره فى التغير الكمى ، والكيفى المرعب للجريمة فى المجتمع المصرى . وهناك صور أخرى ، لكنها كامنة تحت الجلد .
     من أجمل مؤلفات اريك فروم 23 مارس 1900 – 18 مارس 1980 ،
كتابه " المجتمع العاقل " 1955 The Sane Society
ويكشف فيه العلاقة الوثيقة بين الانسان المريض ، والمجتمع المريض ، الذى يعيش فيه . فالانسان صحيح العقل ، هو نتاج لمجتمع صحيح العقل ،والعكس صحيح .
      نقطة واحدة ، هى الفرق بين " محتل عقليا " ، و " مختل عقليا ". لكنها " نقطة " بعمق البحر ، وحجم المحيط ، وطول الصحراء .
--------------------------------------------------------------------------
 
  من كتاب أمركة العالم .. أسلمة العالم منْ الضحية ؟؟ 2007



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم الفاصل التعسفي المضلل بين -الخاص- و -العام-


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح -   - مختل - عقليا .. - محتل عقليا - نقطة واحدة فرق لكنها بحجم المحيط