الانتصار المنشود - استراتيجية أمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة مايو 2021

أحمد ياسين الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 6930 - 2021 / 6 / 16 - 15:43
المحور: القضية الفلسطينية
    

مثبت في تاريخ العلاقات الدولية أن من ينتصر في الميدان هو من يفرض شروطه العسكرية والسياسية على الطرف المهزوم، لكن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على تحقيق استراتيجية مغايرة بحيث تحقق مصالحها وأهدافها وسعت لتطبيق استراتيجيتها (انتصار طرفي القتال) وتستند استراتيجيتها على أن تشعر جميع الأطراف المتحاربة بنشوة النصر وفي ذات السياق يشعر طرفي النزاع أنه لا يمكن حسم المعركة عسكريا ويجب اللجوء إلى المفاوضات لإنهاء الحرب، وهذا ما تبنَّاه هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق في وقف حرب أكتوبر بين مصر والاحتلال الإسرائيلي ووضحه في مذكراته أن الولايات المتحدة حافظت على موازين القوى وبدأت بالعمل على وقف إطلاق النار، وأعلن طرفي الحرب انتصارهما وتحقق ما تريده الولايات المتحدة وبدأ الطرفان في مفاوضات لإنهاء الحرب، وبذلك تحققت أهداف الأطراف الثلاث من وراء استراتيجية الانتصار المنشود.
وقبل الحديث عن تطبيق الاستراتيجية في فلسطين، فإن إدارة جو بايدن عملت على تطبيق هذه الاستراتيجية في اليمن بين السعودية والحوثين لكنها لم تؤتي ثمارها بعد.
وفي ظل أحداث هبَّة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، اندلعت المواجهات العسكرية في قطاع غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، واستطاعت المقاومة أن تحقق إنجازات نوعية في المعركة، وفي ذات السياق كانت الدبلوماسية الفلسطينية والعربية والإسلامية في حراك مستمر لوقف الحرب من خلال قرار صادر عن مجلس الأمن، إلا أن الولايات المتحدة رفضت صدور أي قرار عن مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، وسعى جو بايدن إلى تطبيق استراتيجية الانتصار المنشود في فلسطين بين المقاومة والاحتلال.
ومن أجل تطبيق استراتيجية الانتصار المنشود، يجب منع الطرفين من تحقيق أي انتصار حاسم في المعركة وإقناع الطرفين بأن إنهاء المعركة لن يتم بالقوة بل بالدبلوماسية لذلك رفضت الولايات المتحدة تحقيق أي إنجازات سياسية للفلسطينيين وخاصة قرار دولي بوقف إطلاق النار مما يعطي المقاومة الفلسطينية الشرعية القانونية الدولية وباعتراف أمريكي ويعتبر ذلك نصرا للمقاومة الفلسطينية، وعدم ترجمة الإنجازات العسكرية التي حققتها المقاومة الفلسطينية لإنجازات سياسية، وفي ذات السياق أكدت على وقف إطلاق النار ودعت الاحتلال لوقف إطلاق النار ووقف استهداف المدنيين ودعمت الجهود المصرية والقطرية لوقف إطلاق النار.
أعلن الاحتلال مساء الخميس بتاريخ 20 مايو انتهاء العملية العسكرية بقطاع غزة وتحقيق أهدافه من الحرب وبذلك أعلن الاحتلال تحقيق النصر في حربه ضد قطاع غزة وتم وقف إطلاق النار فجر يوم الجمعة بتاريخ 21 مايو 2021 واعتبرت حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إعلان الاحتلال هزيمة وهروب من المقاومة الفلسطينية، فيما رحبت الولايات المتحدة بقرار وقف إطلاق النار بدون شروط، وبذلك تحققت استراتيجية الولايات المتحدة الانتصار المنشود بحيث أعلن طرفي الحرب انتصارهما، كل طرف يدعم انتصاره بالإنجازات التي حققها وبدأت حركة حماس بمفاوضات سرية مع الاحتلال بوساطة مصرية لتثبيت وقف إطلاق النار.
ويمكن القول أن أول اختبار لنجاح الاستراتيجية الأمريكية "مسيرة الاعلام" والتي تم إفشالها أثناء الحرب على قطاع غزة، فقد قرر الاحتلال إطلاق المسيرة يوم الثلاثاء بتاريخ 15 يونيو لإحياء ذكرى سيطرة الاحتلال على كامل مدينة القدس، وتمرير هذه المسيرة وإحياء الفعاليات بمدينة القدس مما يعني انتصار للاحتلال وهزيمة للمقاومة الفلسطينية، لكن الاستراتيجية الأمريكية حققت هدفها فقد تمت المسيرة دون رد عسكري من قطاع غزة وبذلك يكون انتصارا للاحتلال، ولتحقيق الانتصار للفلسطينيين تم منع المسيرة من دخول المسجد الأقصى والاكتفاء بالمرور أمام بواباته وتخفيض عدد المشاركين، وخرج الجميع منتصرا مع الحفاظ على وقف إطلاق النار واستمرار التفاوض برعاية مصرية لتثبيت وقف إطلاق النار.
أحمد الأسطل - كاتب في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

#أحمد_ياسين_الأسطل (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل