أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير ديب - ابو مازن وفعل التعامة















المزيد.....

ابو مازن وفعل التعامة


سمير ديب

الحوار المتمدن-العدد: 6927 - 2021 / 6 / 13 - 15:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُشاع عن النعامة أنها تدفن رأسها في التراب فلا ترى الخطر المحدق، وهي تترك نفسها فريسة سائغة لمهاجميها إن فعلت. هذا ما يشاع وأنا أشك في ذلك لأنه يخالف الفطرة وقوانين الطبيعية، ومع الوقت بدأت أقتنع في أن النعامة قد تفعلها لأن بعض البشر ممن لديهم الخبرة والتعليم ولا تنقصهم المعرفة يمارسون السلوك نفسه بالمعنى المجازي في السياسة.

هذه الأفكار تواردت إلى ذهني وأنا أسمع أخبار تأجيل الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة، وما رشح من مصادر مختلفة أن سبب التأجيل هو الخلاف الفلسطيني حول القضايا محل الحوار.

أجَّل الرئيس محمود عباس الانتخابات، وهو إلغاء وما استخدام كلمة تأجيل إلا لتخفيف الوطأة، وقبل التأجيل صدر كثير من المواقف، بيانات ومقالات، تشير إلى حالة الاحتقان الشديدة والأزمات المتصاعدة التي يشهدها المجتمع الفلسطيني داخلياً، وأن تأجيل الانتخابات ستكون له تداعيات خطيرة على الاستقرار في الأراضي الفلسطينية.
لكن هناك من لجأ لاستراتيجية النعامة، متجاهلاً هذا الواقع ومعطياته ومؤشراته الكثيرة، أولها الانقسامات الحادة داخل حركة فتح، التي يخرجها أداء رئيسها ورئيس الشعب الفلسطيني والدائرة الضيقة المحيطة به من سياقها التاريخي لتصبح حركة غير مؤثرة تهيمن على القرار بقوة شرعية الخارج وأهمها شرعية المحتل، ولا تنتهي بحركة الاحتجاجات والإضرابات التي ما إن هدأت حتى تثور من جديد.

أبو مازن ومن يشير عليه يعيش وهم أنه فاعل، بل والفاعل الرئيس في الساحة السياسية الفلسطينية والإقليمية والدولية، ويتجاهل المتغيرات الكبيرة والجذرية التي أفرزتها معركة سيف القدس، بل ويتعامل مع الواقع الجديد وكأن شيئاً لم يحدث، وكأن شعبنا يخرج في ساحات القدس ليهتف له بالنصر وطول العمر، وكأن شعبنا في الضفة لم يهتف للمقاومة في غزة وللضيف قائد القسام، بما في ذلك جمهور عريض من حركة فتح، وكأن جمهوره في غزة يهيم عشقاً في عقوباته التي مست بمستوى حياتهم وأفقرت القطاع الأوسع منهم، وهو لا يعلم أن حتى من يواصل إعلان الولاء إنما يخشى أن يقطع راتبه كاملاً، لكنه في لحظة الحقيقة لن يمنح صوته لمن جوَّعه.

أبو مازن خاض الانتخابات وفقاً لبرنامج سياسي، في شقه الداخلي ركز بشكل واضح على تعزيز ديمقراطية النظام واحترام مبدأ سيادة القانون وإنهاء الزبائنية وتعزيز المأسسة، لكنه مع الوقت لم يفعل سوى تدمير كل الأسس الديمقراطية التي قام عليها النظام السياسي وكرَّس زبائنيته بعدما قضى على زبائن سلفه الراحل أبو عمار.

وكل مراقب محايد يستطيع أن يرى ماذا فعل أبو مازن بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات بعدما شكل محكمة دستورية على مقاسه وعلى خلاف القانون، وحل المجلس التشريعي على خلاف القانون، وبالاستناد إلى المحكمة الدستورية التي يشكك كثير من القانونيين والحقوقيين في شرعيتها، وانقض على المنظومة القانونية فأتي على كل الحريات العامة والشخصية التي كفلها القانون الأساسي والقوانين الناظمة.

وهنا يشير سمير المشهراوي أحد قيادات حركة فتح قبل الانقسام إلى أن حقيقة الانقسام نشأت من رفض تسليم أبو مازن وحركة فتح بنتيجة الانتخابات، بل إن كل من تابع الصراع الذي أفضى إلى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة يلحظ تعمد أبي مازن تسليم قطاع غزة ليتخلص من فتح غزة، ويتمكن من تفصيل فتح على مقاسه، فلا يمكن لحماس في ذلك الوقت أن تسيطر على قطاع غزة لا تسليحاً ولا تدريباً ولا إرادة قتال. وبدلاً من أن تبحث فتح في أسباب ما حدث استخدمه الرئيس للمس بأقوياء فتح في غزة دحلان وحلس وأضعفهما ففصل دحلان وأعيد حلس بعد أن أصبح موالياً.

غزة بقضها وقضيضها، وحتى من يكره حماس لأي اعتبار شخصي أم أيديولوجي أم نفعي، هم لا يحبون أبا مازن، بما في ذلك الفتحاويون ممن حافظوا على عضويتهم في فتح ولم يذهبوا إلى تيار الإصلاح، وهذه حقيقة لا يراها الرئيس طالما هناك من يطبلون وينقلون أخباراً تغاير الواقع.

كيف يمكن لعاقل في السياسة أن لا يلحظ المتغيرات بعد معركة سيف القدس، وأن رعاة إسرائيل ومحبيها يضغطون عليها لتوقف تصعيد انتهاكاتها حرصاً على مستقبلها؟ كيف لا يرى أن غزة ومقاومتها تمنح لاعبين في الإقليم أدواراً تُعلي من شأن دولهم؟ كيف يتوقع أن يحافظ على شرعيته حتى مع المحتل إذا كان فاقداً للسيطرة على قطاع غزة، ولا يستطيع أن يقدم التزامات ويحترمها، وكيف ستتعامل معه الإدارة الأمريكية التي ما التفتت إليه إلا بعد معركة سيف القدس؟

السياسة ليست فن الممكن بمعنى التذاكي والتشاطر، السياسة فن الممكن بما تستطيع الحصول عليه استناداً إلى عناصر قوتك على الأرض، بل إن بعض علماء السياسة يعتبرونها حربا مكثفة. فهل يمكن لأبي مازن أن يحصل على شيء في ظل انزياح القوة لصالح حماس والجهاد والشعبية وغيرها من فصائل المقاومة التي تُقاتل على الأرض في غزة؟ صحيح أن حماس هي رأس الحربة، بما تملك من عناصر القوة اللوجستية، لكن الآخرين كان لهم فعل مهم على الأرض في الصراع المسلح، وكلهم يستعديهم أبو مازن، فالشعبية خارج أطر المنظمة فعلياً وتُحرم من مخصصاتها المالية منذ سنوات لمواقفها المتعارضة مع سياسات الرئيس.

أنا أعتقد أن فعل النعامة الذي يتجاهل الواقع ويحاول القفز عنه سيذهب بأبي مازن، كما سيخُرج حركة فتح من المشهد، فالتاريخ وحركته لا تقفان عند شخص أو كيان.
لقد استعدى أبو مازن الرباعية العربية التي طرحت توحيد فتح كمقدمة لإعادة توحيد النظام السياسي، وفي توحيد فتح ضمان لحصولها على حصة وازنة في أي انتخابات، وكانت فرصة أبو مازن لتقوية حركته، لكنه أضاعها، واليوم يضيّع فرصة البقاء في المشهد بسلوك النعامة وتمسكه بخطاب تجاوزته الأحداث عن الحكومة وكونها الفاعل الوحيد في إعادة الإعمار، متجاهلاً أنه من ألغى الانتخابات وحال دون وجود حكومة تمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً.

إذا كان للعقلاء أن يتحركوا، فإن الانتخابات وإعادة بناء منظمة التحرير هما المدخل الصحيح، وفتحاوياً فإن المدخل الصحيح لبقائها قوة هو فقط في توحيدها، من دون ذلك سيجري كل شيء ليس بالضرورة كما تريد حماس وفصائل قطاع غزة، لكن بعيداً عن سيطرة أبي مازن أو منحه أي دور. الخطر داهم فلتخرجوا رؤوسكم من الرمال حتى لا تذهب ريحكم، وتضاعفوا من معاناة شعبنا في نضاله لنيل الحرية.



#سمير_ديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري
- بارون ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري في فلوريدا
- عاصفة شمسية -شديدة- تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003
- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير ديب - ابو مازن وفعل التعامة