أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - الانتخابات الفلسطينية والنفاق الديمقراطي














المزيد.....

الانتخابات الفلسطينية والنفاق الديمقراطي


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6882 - 2021 / 4 / 28 - 09:07
المحور: القضية الفلسطينية
    



النفاق من الميّزات المعهودة للأيديولوجيا الإمبريالية الغربية، وهو نابع من التناقض الصارخ بين قِيَم الديمقراطية التي انتصرت في بلدان الغرب والتي تقوم حكوماتها على أساسه وبين سيطرة هذه الحكومات على بلدان أخرى، وهو أمر لا يتمّ سوى قسراً رغم أنف شعوب البلدان المقهورة، إذ ليس من شعب يرضى بأن تخضع بلاده لحكم بلد آخر. فتضطرّ الحكومات الإمبريالية الغربية على الدوام إلى التظاهر بالوفاء لقِيَم الديمقراطية وهي تدوسها، تأكيداً للحكمة القائلة «إن النفاق ثناءُ الرذيلة على الفضيلة» فالنفاق الديمقراطي هو حقاً ثناء الإمبريالية على الديمقراطية في عصرنا الراهن. طبعاً، هذا النفاق غريب عن الدول الإمبريالية غير الديمقراطية، والدولة الروسية أبرزها، إذ ليس بوسعها ادّعاء تجسيد القِيَم الديمقراطية ولا هي تدّعي ذلك، وإن تظاهرت باحترام أسس الديمقراطية في عقر دارها، فتعمل يداً بيد بلا حرج مع أعتى الأنظمة الدكتاتورية كنظام آل الأسد في سوريا أو حكم عبد الفتّاح السيسي في مصر على سبيل المثال، لا الحصر.
أما النفاق الديمقراطي لدى الحكومات الغربية، فقد حقّق في المنطقة العربية بعض أبرز نماذجه. وقد حاول بعض المنظّرين للإمبريالية تخطّي عقدة النفاق بإحياء الزعم الاستعماري القديم بأن ثمة شعوبا غير مؤهلة للديمقراطية، لا بدّ من تأهيلها من قِبَل التسلّط الإمبريالي قبل الإذن لها بممارسة حقّها في تقرير المصير. بيد أن زمن الاستعمار القديم قد ولّى منذ وقت طويل، وباتت الديمقراطية ذريعة خبيثة لا بدّ منها في تبرير التسلّط الإمبريالي مع كل ما ينتج عن ذلك التناقض الصارخ من إشكالات. هكذا فقد احتلّت العراق إدارة جورج بوش الابن وهي تدّعي تخليص البلد من حكم صدّام حسين الاستبدادي لإحلال الديمقراطية محلّه، لكنّها سريعاً ما أدركت أن انتخابات حرّة لن تأتي لها بنتيجة ترتاح لها، فحاولت سلطة الاحتلال استبدال الانتخابات بتعيينات، لكنّها اضطرّت إلى التراجع أمام التحرّك الشعبي العارم الذي واجهها وفرض عليها إجراء الانتخابات في عام 2005، وكانت مدخلاً إلى فقدان واشنطن للسيطرة على العراق.
وقد اندرج في هذا الإطار ذاته موقف واشنطن من الديمقراطية في الساحة الفلسطينية. فبعد أن شاركت إدارة بوش في عزل ياسر عرفات بحجة فقدانه للشرعية، ورحّبت بخلافة محمود عبّاس له إثر وفاته، ظنّت أن الوقت مؤاتٍ لإضفاء شرعية ديمقراطية على «السلطة الوطنية» كي تسير قدماً في طريق تصفية القضية الفلسطينية والتعاون مع الاحتلال الصهيوني. ذلك أن الولايات المتحدة يهمّها أن يحوز أعوانها على شرعية شعبية حقيقية بما يجعل حكمهم أكثر متانة في تعاونه معها وتحقيق مآربها. فشجّعت واشنطن على إجراء انتخابات فلسطينية وضغطت على حليفها آرييل شارون كي يسمح بعقدها، بما في ذلك داخل القدس الشرقية.

غير أن عبّاس أدرك عشية انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني التي أجريت في مطلع عام 2006 أن حركة فتح سوف تخسرها، إذ إنها عانت من انقسام لوائحها بينما صعد نجم حركة حماس بفضل حملة انتخابية ذكيّة بانفتاحها السياسي، وقد استفادت من التذمّر الشعبي إزاء فساد «السلطة» الذي جعلته حماس أقوى حججها (من المعلوم أن حماس حصلت آنذاك على 44 بالمئة من الأصوات بحيث استطاعت أن تحصل على أغلبية مطلَقة في المجلس بسبب انقسام صفوف فتح على الأخص).
وفي مقال حديث في مجلة «فاذُم» الصهيونية، التي تصدر عن «مركز الاتصالات والأبحاث البريطاني الإسرائيلي» كشف إليوت أبرامز، وهو من «المحافظين الجدد» وقد كان نائباً لمستشار الأمن القومي في إدارة بوش في الولاية الرئاسية الثانية لهذا الأخير، أي بين أوائل عام 2005 وأوائل عام 2009، كشف أن موفداً من طرف محمود عبّاس طلب من شارون اتخاذ إجراءات تحول دون إجراء الانتخابات في القدس بحيث تكون لدى «السلطة» ذريعة لتأجيلها إلى أجل غير مسمّى. غير أن شارون رفض الأمر، إذ سرّه جداً في الحقيقة أن تفوز حماس لعلمه أن ذلك سوف يؤدّي إلى انحطاط علاقة الحكومة الفلسطينية بالدول الغربية وبالتالي تعزيز قدرته على التصرّف بما يحلو له.
جاء هذا الخبر بين هلالين في مقال أبرامز الذي حمل عنوان «الانتخابات الفلسطينية: فكرة خطرة مثلما كانت في عام 2006». ويتّضح من مقاله أنه امتعض من إجراء انتخابات المجلس التشريعي قبل خمسة عشر عاماً، بل رأى أن شرط إجرائها يجب أن يكون حظر مشاركة حماس فيها لكونها منظمة «إرهابية» حسب التعريف الأمريكي، فضلاً عن التعريف الصهيوني. وهو ينصح الإدارة الأمريكية الحالية بأن تشجّع على عدم إجراء الانتخابات التي قرّر محمود عبّاس في مطلع هذا العام إجراءها في الشهر القادم. ويلوم أبرامز رئيس «السلطة» على دعوته إلى الانتخابات، التي يعزوها إلى رغبة عبّاس إضفاء الشرعية على سلطته بعد انقضاء مدة طويلة جداً على انتخابه رئيساً، مع اعتبار إضافي هذه المرّة، هو تزايد عدد الحكومات العربية المشاركة في عملية «التطبيع» مع الدولة الصهيونية.
وها نحن اليوم أمام هزيمة محتومة لقائمة «السلطة» وبصورة تفوق هزيمتها في الانتخابات التشريعية السابقة، وذلك لسبب جليّ هو أن انقسام صفوف فتح الراهن يفوق بكثير انقسامها قبل خمسة عشر عاماً.
والحالة تختلف اليوم أيضاً في أن بنيامين نتنياهو غير راغب لأسباب أيديولوجية وسياسية أن يسمح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وليس من يضغط عليه اليوم في سبيل ذلك إذ إن إدارة جو بايدن قلقة مما قد تسفر عنه الانتخابات، وبات الأوروبيون قلقين هم أيضاً.
لذا وبالرغم من أن الالتفاف على القرار الإسرائيلي بطرق شتى لإشراك المقدسيين في العملية الانتخابية ممكن تماماً، تتوفّر اليوم الذريعة التي لم يحصل عليها محمود عبّاس في عام 2006. ومن المتوقع أن يقرّر هذا الخميس مصير الانتخابات التي دعا إليها قبل أربعة أشهر.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية لنائبة الكونغرس بيتي ماكولوم
- «الأخبار» تهاجم موقف حسن نصر الله!
- كيف تكون المناهضة التقدمية للإمبريالية
- الأردن بين الأساطير الانقلابية والحقائق الثورية
- في أسطورة الصين «الممانِعة»
- وهْم قبطان يُنقذ سفينة لبنان من الغرق
- تركيا عدواً رئيسياً: وسواس المحور الرجعي العربي
- مناورات ساخنة بين طهران وواشنطن
- أسياد الحرب لا يستسيغون السلام
- لطيفة آل مكتوم وتعنيف النساء
- «استراتيجية التوتّر» في السودان
- لِمَ يكون السلاح النووي حكراً لإسرائيل؟
- «المقاومة العشائرية» وتحرير فلسطين في عام 2041
- طيّارة السيسي وطائرة الرئيس المكسيكي
- في تونس… بركان الثورة في اتّقاد!
- حتى رمقهم الأخير في الحكم… وبعده!
- إيران وإمبراطورية الخراب
- عام التطبيع وضرورة التصدّي له
- من جمال خاشقجي إلى روح الله زَم: يدُ الاستبداد الطويلة
- العقد الأول من السيرورة الثورية العربية


المزيد.....




- -علامة على الحظ الجيد-.. مصورون يرصدون حيوان موظ أبيض نادر ف ...
- -قد تكون فيتنام بايدن-.. سيناتور أمريكي يعلق على احتجاجات جا ...
- آية قرآنية عن قوم موسى يستشهد بها إعلامي إسرائيلي لدخول الأر ...
- عن الموت.. تفاعل على آخر تدوينة من بدر بن عبدالمحسن قبل تداو ...
- آخر تحديث لعدد القتلى في غزة منذ 7 أكتوبر تكشفه الصحة في الق ...
- تقرير إسرائيلي يكشف: قطر مستعدة لإبعاد قادة حماس من الدوحة ف ...
- فوتشيتش يرى أن شي جين بينغ يمكنه المساعدة في إنهاء بعض الحرو ...
- عريس جزائري يحدث ضجة في مواقع التواصل بهدية غريبة لعروسه (في ...
- بالتأكيد لا.. وزير الدفاع الإيطالي حول احتمال تدخل جيشه في أ ...
- النشر الإلكتروني يزاحم طباعة الكتب


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جلبير الأشقر - الانتخابات الفلسطينية والنفاق الديمقراطي