أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادر عمر عبد العزيز حسن - نظرية المعرفة عند ديفيد هيوم















المزيد.....

نظرية المعرفة عند ديفيد هيوم


نادر عمر عبد العزيز حسن
كاتب و باحث و أكاديمي و طبيب

(Nader Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 6878 - 2021 / 4 / 24 - 00:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عن " هيوم " :
ولد هيوم في أدنبرة بأسكتلنده في السادس و العشرين من أبريل عام 1711 من أسرة متوسطة " و لسنا ندرس كيف تلقى ديفيد تعليمه و لا أين فكل ما يرويه في كتابه " حياتي " لا يزيد عن شذرات قليله ، كتب هيوم أول كتاب " رسالة في الطبيعة البشرية " في الخامسة و العشرين من عمره ليذيع في شبابه فلسفة مبتكرة غيرت مجرى الفكر الفلسفي " ( ) ثم توالت مؤلفاته " بحث في الفصل البشري " (1738) ، بحث في مبادي الأخلاق ( 1751 ) ، مقالات أخلاقية و سياسية ( 1745) ، تاريخ بريطانيا العظمى ، (حياتي ) ، " خطابات ديفيد هيوم " ، " محاورات في الديانة الطبيعية " ، اشتهر هيوم كمؤرخ ولكن الأكاديمين ركزوا على فلسفته و ارائه الفكرية وكان أول فيلسوف في العصر الحديث يطرح فلسفة طبيعية شاملة تألفت جزئيا من رفض الفكرة السائدة بأن العقول البشرية نسخ مصغرة من العقل الالهي و " المثالية " .

هيوم و الاهتمام بعلم " الانسان " و مبادئ ومقدمة " المعرفة البشرية " :
اهتم هيوم دونا عن بقية الفلاسفة التجربيين " لوك وهيوم " بتدعيم ما يسمى بمذهب الانسان و منه الاهتمام في البحث عن الطبيعة البشرية بوجه عام ، و كان نقطة بدايته في ذلك هي البحث عن قدرات الإنسان الذهنية و الحدود التي لا تتعداها . الا ان مذهب الانساني التجريبي لدى هيوم لا يخلو من نقاط التأثر بالمذهب العقلي السائد في القارة الأوروبية ، و ذلك لاتصاله ببعض المفكريين الفرنسيين الديكارتيين ، نجد ان في معرفة هيوم الإحساس عند لوك و بنى على هذا نقده للنظرية الذهن أو الذات عند بركلي ،
" فالغاية كما اسلفنا هي دراسة علم الانسان و شرح مبادئ المعرفة البشرية فعلم معرفة الانسان هي دراسة لأساس المعرفة البشرية (1) كيف تعرف ؟ و ماهي أصل المعرفة البشرية ؟ (2) ماهي حدود المعرفة البشرية ؟ ( )



و لكن هيوم تميز بالجانب السيكولوجي أو الشعوري كما في الفلسفة الاخلاقية لدى فرانسيس هتشسون في الاستدلال عندما قال لماذا لا نطبق وجهة النظر القائلة بأن المعتقدات الأخلاقيه على سبيل المثال ليست إلهيه أو عقلية لكنها تعبر عن مشاعرنا فحسب ؟ "ماذا يحدث لو أن مجمل معرفتنا العلمية لم تكن معرفة على الإطلاق ولا تنطوي على يقين ولا سبيل لإثبات كونها يقينية و كانت تقوم على مجرد شعورنا بصدق ما ندركه حسيا ؟ عندئذ سوف تنهار جميع الانجازات العظيمة التي حققتها العلوم الحديثة كالفلك و الفيزياء و الكيمياء و الفسيولوجيا في عصر التنوير " ( )
الاساس المعرفي عند هيوم هو الادراك الحسي فقط وانكار وجود نوعين للمعرفة :
كان هدفة هدم الاعتقاد المعرفي بوجود نوعين من المعرفة النوع الأول و هي المعرفة العادية الأفكار المختلطة بالحواس عند ديكارت أو عالم التغير المستمر عند افلاطون و النوع الثاني وهي المعرفة العقلية الأسمى و هي طريق اليقين كما في ميتافيزيقا افلاطون و و الجواهر الذهنيه عند ديكارت و يقول هيوم ان هذا ما هي الا " دعاوي كاذبه و خرافية " لأن المعرفة البشرية قاصره فقط على الادراك الحسي لأن الفهم البشري محدود بالادراك الحسي فقط .
بدأ هيوم في " مبحثة في الفاهمة البشرية أو رسالة في الطبيعة البشرية " بأن المعرفة العقلية لدى الانسان كيف يحصلها و أن المصدر الوحيد لتحصيلها هي الحواس و انطباعاتها ، فكل ما لدينا عند هيوم في التجربة الحسية هي الانطباعات في حين يجري على عدد من المسلمات العامة فيتفق مع لوك في بما يسمى بالأفكار و الي يتألف منهما ( الانطباعات ، الأفكار ) الإدراك وهذا على غير ما نادى به لوك من أن الأفكار هي أفكار للإحساس و أفكار للانعكاس .
فرق هيوم في " مبحث في الفاهمة البشرية "( 1738) بين ادراكات الذهن حين نحس ألما من حرارة و حين نستعيد فيما بعد بالذاكرة ذلك الاحساس أو حين نتوقعة بالمخيلة و قال بإمكاننا إذن أن نقسم إدراكات الذهن جميعها إلى صنفين أو نوعين يتميزان باختلاف درجة القوة و الحيوية . فالتي من نوع أقل قوة و أقل حيوية تسمى في العادة " أفكارا" أو ايديات " أما التي من النوع الآخر فتفتقر إلى اسم في اللغة الانكليزية و أعتقد أن الأمر كذلك لأن تسميتها أو ضمها تحت لفظ عام لا يلزم إلا لأغراض فلسفية . فلنأخذ حريتنا إذن و لنسمها انطباعات "( ) ، الأفكار بامكاننا تحليلها الى أفكار بسيطه.

ما هي الإنطباعات ؟ هي ( ما جاء في البداية في معية التجربة و الحس و اتسمت بالحيوية الزائدة و التحديد ) :

و التي تبدأ بالتجربة الحسية ، أو من نشاط الذاكرة . و الإنطباعات تنتج أفكارا تختلف عن التجربة الحسية في أنها أقل منها حيوية في ادراكتنا على سبيل المثال حين نسمع و نرى و نلمس و نحب و نكره ، الانطباعات هي أحجار البناء لكل تجربة ، ومن ناحية اخرى تفكك التجربة الى مجموعة من الانطباعات البسيطه ، كما ان الانطباعات متحددة بحدود الحس على عكس الأفكار .

ما هي الأفكار ؟ هي : ( نسخ باهته من الانطباعات قابلة للتبسيط الى افكار بسيطة)
و هنا ينبغي أن يفهم لفظ " الفكرة idea" بالمعنى الإغريقي الحرفي للكلمة . فالتفكير في رأي هيوم بالصور أو تخيل إذا استخدمنا لفظا لا تينيا كان في الأصل يدل على هذا المعنى نفسه . و هو يطلق على مجموع التجربة ، سواء في الإحساس أو في التخيل اسم الإدراك " " perception ( ) فرق هيوم بين ادراكات الذهن حين نحس ألما من حرارة و حين نستعيد فيما بعد بالذاكرة ذلك الاحساس أو حين نتوقعة بالمخيلة . الجانب الأقل حيوية في الادراك بالمقارنه مع الانطباعات . في حين ان الافكار اكثر حرية و انطلاقا من الانطباعات فقد يحملنا الفكر الى أبعد الاماكن في العالم بل إلى أبعد من العالم وهذه عادة ذهنية ناتجه عن نفسية الانسان لأن في الواقع و عند هيوم الافكار محجور عليها في حدود ضيقة فلا يتستطيع الذهن تعد الملكة المكتسبة من خلال الخبرة و الحواس .
و يضرب هيوم مثال في " مبحث في الفاهمة البشرية " أننا عندما نفكر في جبل من ذهب فإننا نجمع بين فكرتين متلائمتين نعرفهما : الذهب و الجبل و يمكننا أن نتصور حصانا فاضلا لأن الشعور الذي لدينا عن انفسنا يسمح لنا بتصور الفضيلة و يمكننا أن نوحد ما بين هذه و هيئة الحصان و شكلة و هو حيوان مألوف لدينا " " ( )
فالخلاصه هنا أن كل مواد التفكير مستخلصة من الحواس الخارجية أو الباطنه و ما يخضع للذهن أو الإرادة إنما هو خلطها و تركيبها وحسب . يجب أن فكرة مركبة من الإحساس أو التأمل ليس من المحتم أن تكون نسخة من انطباع مركب لقد شاهد هيوم باريس أعنى أنه أدرك انطباعآ أكثر أو أقل صحة عن هذه المدينة . و لدية أيضا انطباعات مركبة عن الذهب و الياقوت .
" و يستطيع من ثم أن يكون فكرة مركبة عن مدينة أورشليم الجديدة مدينة رصفت شوارعها بالذهب و صنعت بوابتها من الياقوت على الرغم من أنه لم يكن لدية ابدا انطباع مركب عن مدينة كهذه وبمعنى آخر يمكننا أن نكون أفكارا مركبة عن مدينة كهذه وبمعنى آخر يمكننا أن نكون افكارا مركبة عن طريق مجهودات الخيال أو أخطاء الذاكرة " ( ) .

الأدلة على ان الافكار نسخ باهته من الانطباعات :

الدليل الأول : الافكار قابلة للتحليل :
الأفكار المركبة تحلل الى افكار بسيطة نسخت عن سابق إحساس أو شعور . "حتى أبعد الأفكار الأصلية نجد عن فحصها و تحليلها و يضرب هيوم في مبحثة مثال " فكرة الله " فقد تحلل لافكار بسيطة بأن الله تعني كائنا عاقلا و حكيما و رحيما بما لا يتناهي ( ) ،تتولد من التفكير في عمليات ذهننا الخاص حين نزيد لا حدود خاصيات الرحمة و الحكمة تلك . و ان كل فكرة نسخه من إنطباع مماثل .


الدليل الثاني : لا توجد أفكار بدون انطباعات ( احساسات )و لكن بصورة غير مطلقة :

و ضرب هيوم أمثلة عدة على ذلك أن لو حصل عيبا في عضو ما أفقد نوعا من أنواع الاحساس فسنجد أنه قلما يكون قادرا على امتلاك الافكار المتناسبة لهذا العضو المفقود . فلا يمكن لأعمى أن يعطي فكرة عن لون معين أو لأصم أن يعطي أي فكرة عن صوت ما . لكن ينتهي هيوم بأن البعض يرى بطريقة او باخرى أن هناك أفكار بسيطة لا تشتق دائما من انطباعات لكن هذه الحالة هي على كل من القله و الفرادة بحيث لا تجدر الإشارة إليها و لا تستحق أن تعدل وجهة نظرته الخاصه

قضية "تداعي الأفكار " :

لقد قدم هيوم وجهة نظر تفيد بأن تجربتنا تتكون من عناصر ذرية و انطباعات و افكار متميزة و منفصلة و كل ذرة منها تشكل تجربتنا و" قد بدأت وجهة النظر الذرية هذه عن لوك و التجربيين و انتشار نظرية الترابطية مع بدايات علم النفس في القرنيين الثامن عشر و التاسع عشر و كانت مهمة العالم النفسي هي اكتشاف كيفية ترابط ذرات التجربة أو الإحساسات أو الانطباعات الذرية ؟ " ( ) كيف تصبح مترابطة في أفكار مركبة للتجارل أو العلوم اليومية ومن الناحية النظرية يمكننا الربط بين أي فكرة بسيطة و أي فكرة أخرى بسيطه و تقوم المخيلة بربط الأفكار كما تشاء و تنتج ، يقول هيوم " خيول مجنحة ، اتنة نارية كائنات عملاقة "
الافكار متداخلة بدرجة معينة من الترتيب و الانتظام . في تفكيرنا او في حوارتنا أو حتى احلامنا نجد ان هناك افكار متداخلة في بعض المواضع متداخلة فوضويا و احيانا في وضع انتظام و قد تتصل حبال الافكار و قد تنقطع لدخول فكرة غير مناسبة للافكار المتناسبة و يرى هيوم انه لا يوجد فيلسوف قد حاول ان يصنف أو يعدد جميع مبادئ التداعي او الاقتران للأفكار .

الارتباطات ما بين الاشياء كنتيجة لتداعي الأفكار :

الفرق الأساسي بين مذهب ديكارت العقلي وتجريبية لوك و اتباعه ، العقليون يرون أن هناك ارتباطات وثيقة بين الأشياء ، و هي ارتباطات يمكن معرفتها . أما هيوم فينكر أن يكون هناك ارتباطات كهذه ، و كل مايمكننا معرفته إنما هي تعاقبات للانطباعات أو الأفكار .

لذ فالترابط القائم بين الأفكار يقوم على ثلاثة علاقات هي التشابه resemblance والتجاور contiguity في المكان والزمان ، و العلة و المعلول .
و لكن لماذا اختار هؤلاء الثلاثة دونا عن غيرهم ؟ " و يمكن القول إن التشابه يتدخل بقدر ما في جميع حالات العلاقات الفلسفية ما دامت المقارنة بدونه مستحيلة . و يميز هيوم بين سبعة أنواع من هذه العلاقات : التشابه ، و الهوية ، و علاقات الزمان و المكان ، و العلاقات العددية ، و درجات الكيف و التضاد و العلية " ( ) و من بين هذه الأنواع يختار بوجه خاص الهوية و علاقات المكان و الزمان و العلية فإننا في الحالات التي لا نستطيع فيها أن نقوم باستدلالات تجريدية ، يتعين علينا أن نعتمد على التجربة الحسية ، يلجأ هيوم لطريقة نفسية لاثبات تداعي و الارتباط ما بين فكريتين بعد انطباع ما فبمجرد ظهور موضوع ما في الحس يجري انطباع ما ينتج عنه مباشرة رابطة ما بين فكرتين أو اكثر .
فالعلية هنا على حسب تعبير هيوم هي عادة ذهنية لا ضرورية لذا ننتقل لمفهوم العلية و العلة و المعلول عند " هيوم " .



مسألة " نظرية العلية " العلة و المعلول (عادة ذهنية غير ضرورية ناتجة عن تجربة ) :

عالج هيوم مفهوم العلية من منظورين مختلفين و هما : المنظور المنطقي و المنظور السيكولوجي للمشكلة :

المنظور المنطقي :
عرف هيوم العلة بأنها موضع يسبق موضوعا آخر و مجاور له و حين نوضع كل الموضوعات التي تشبه الموضوع الأول في علاقتي الأسبقية و الجوار لتلك الموضوعات التي تشبة الموضوع الثاني" ف " أ" يسبق "ب " و "أ" يتبعة بستمرار " ب" حتى ولو في الناحية المستقبلية فإننا نستطيع أن نستنتج أن " أ" هي علة (ب) ( ) فهذا اثباته نكون على يقين من الناحية العلمية على الرغم أننا لا نستطيع أن نبرهن عليها بالطريقة الرياضيه منظور هيوم المنطقي هو أنه ينظر إلى العلية و اطراد الطبيعة على أنهما مسلمتان لا يمكن أن نبرهن عليهما غير أنهما مفيدتان للغايه لا يمكن في الواقع الاستغناء عنهما للتوجيه العملي للحياة .

اما منظور هيوم السيكولوجي للعلية :
اذ يقوم بتحليل العلاقة بين العلة و المعلول إلى ثلاثة عناصر هي التجاور و التتابع و الارتباط الضروري ، التجاور و التتابع يوجدان بصورة مباشرة بين انطباعتنا و الارتباط الضروري ليس علاقة ندركها على نحو مباشر بين انطباعاتنا الحسية وإنما هي شئ نضيفه أذهاننا إلى الانطباعات التي نتلقاها و نحن ندركها الارتباط الضروري المفترض بين الحدثين سوى عادة لأذهاننا و ليس خاصية أو علاقة في انطباعاتنا ذاتها فالعادة هي السبب الوحيد الذي يجعلنا نفكر في أن قوة أو فاعلية غير مرئية تنتقل من موضوع إلى آخر كما هي الحال عندما نتخيل أن طاقة تنتقل من كرة بلياردو إلى كرة أخرى و تحركها " ( ) .

حدد قواعد للعلاقة بين العلة و المعلول :
- يجب ان تكون العلاقة علاقة تجاور في الزمان و المكان
- ان العلة يجب عليها ان تسبق المعلول
- أن يكون هناك تلازم ما بين العلة و المعلول .
- العلة الواحد ينتج عنها معلول واحد فان كان معلول ناتج عن عدة علل فان هناك اشياء مشتركة ما بين العلل جميعها .
- الاختلاف بين المعلولات ناتج عن اختلافات في العلل .

مسألة "الهوية الشخصية "كنتاج عن اعتقاد هيوم بأنه لا يوجد بما يسمى بالجواهر :
و التي ناقشتها " دراسة في الطبيعة البشرية " عند نهاية الكتاب الأول و عنوانه " في الفهم " يرد فيه على الفلاسفة العقليين القائلين باثبات وجود ما يسمى " بالذات " ووجودها واستمرارها في الوجود بأن التجربة تثبت على العكس بأن "الذات " قابلة للنقد و أن التجربة تتعارض مع جميع الاثباتات العقلية بوجود الذات .،

و هنا يطرح هيوم السؤال " ماهو الانطباع الذي يمكن أن تستمد منه فكرة الذات ؟ اي كيف ترتبط ادراكتنا بالذات .
فقد اصادف ادراكا او انطباعا بالبرودة أو السخونه أو الحب وا الكراهية في حين لا استطيع ان امسك في "ذاتي " بغير ادراك . ثم يقول " إنني لأتجاسر و أوكد فيما يتعلق ببقية البشر أنهم ليسوا إلا حزمة أو مجموعة من الإدراكات المختلفة ، التي تتعاقب بعضها وراء بعض بسرعة لا يمكن تصورها ، و تظل في صيرورة أو حركة دائمة " ( ) .


فهذا يدل على الاعتقاد الباطل لدى الناس بالهوية الشخصية فهو اننا نميل إلى الخلط بين الافكار المتعاقبة و بين فكرة الهوية التي نكونها عن شئ يظل على ما هو عليه طوال فترة من الزمن . و هذا يؤدي الى فكرة " النفس " و " الذات " و " الجوهر " نعزو الهوية الى موضوعات متنوعة أو متقطعة .

لذا فاننا نجد اعتقاد " هيوم " عن طريق هذا التحليل أنه نجح في اكتشاف أن كل ما نعرفة بصورة مباشرة هو إدراكتنا ذاتها و ليست لدينا معرفة بطبيعة الموضوعات ولا الذوات و لا الهوية الشخصية ليست لدينا أي معرفة عن أي علل مجهولة او ذوات خارجه عن نطاق انطباعاتنا و احساستنا و من هنا نجد فلسفة هيوم بعيد عن الفلسفة المادية لهوبز و ثنائية ديكارت و مذهب الذهن لدى باركلي فكل ما نعرفة هو ادراكتنا و تسمى هذه وجهة النظر بالوجهه النظرية " الشكية ".


" يفسر هيوم اعتقادنا في الهوية ووجود الموضوعات الخارجية المتصل تفسيرا سيكولوجيا و كذلك اعتقادنا في الهوية الشخصية لذواتنا الخاصة و السبب الذي يجعلنا نعتقد في الحقيقة الموضوعية لانطباعات الحالية بوجه عام هو أكثر وضوحا من الأفكار و نحن نقبل أفكارنا الخاصة بالذاكرة بوصفها استعادة حقيقية لانطباعات خبرناها في الماضي لأنها أكثر حيوية من أفكار الخيال الأكثر خفوتا و أقل تماسكا " ( )





ما هي حدود المعرفة لدى هيوم؟ :
الاجابة انه ليس لدينا أدنى معرفة بما هو خارج عن انطباعتنا الحسية و الأفكار المطابقه لها فليس لدينا أي معرفة بوجود العالم الخارجي ووجود الجواهر المادية ووجود الله . و هذه الأفكار المخادعة التي لا معنى لها من صنع الخيال . و مع ذلك يمكننا التفكير أو الاستدلال رياضيا أو منطقيا بشأن العلاقات اليقينية بين الأفكار الصورية على عكس العقليي الذين نيرون أن الرابطة بين العلة و المعلول من سمات الطبيعة . أما عند هيوم فالروابط السببية لا يمكن معرفتها .

و بذلك اصبحت الميتافيزيقا مستحيلة الوجود . بالأضافة انه الغى أي ارتباطا ضروريا بين العلل و المعلولات و لا مبرر لاحتمال ارتباطهما فالعلوم لم تقدم تفسيرات سببيه موضوعية لاحداث او ان تتنبأ بالمستقبل نظرا لعدم وجود اي مبرر أن الانتظام الذي لوحظ في الماضي سوف يستمر في المستقبل ، فالمعرفة القائمة على الحس السليم بالحياة اليومية مستحيلة بروايتها عن الارتباط الضروري بين النار و احتراق الاصابع و بين غرس البذور و نمو النباتات "
فلا عجب أن نطالع ما كتبه هيوم في رسالته في الطبيعة الانسانيه" حين يصف أنه يشعر برعدة شديده تهز كيانه عندما ينظر الى ما دمرته آلته الهدامة . و يقول إن تناقصات و نواقص العقل البشري جعلتني : على استعداد لرفض كافة الاعتقادات و الاستدلالات و أفقدتني القدرة على النظر الى اي رأي على أنه ارجح من الآخر أين أنا ؟ أو من أكون ؟ من أي علل أستمد وجودي و إلى أي حالة سأعود ؟" ( )

المصادر :
1- برتراند رسل حكمة الغرب الجزء الثاني ترجمة فؤاد زكريا سلسلة عالم المعرفة الكويت سنة 1983
2- برتراند رسل تاريخ الفلسفة الغربية الكتاب الثالث الفلسفة الحديثة الهيئة العامة للكتاب سنة 1977
3- وليم كيلي رايت تاريخ الفلسفة الحديثة ترجمة محمود سيد احمد القاهرة المجلس الأعلى للثقافة 2005
4- ديفيد هيوم " مبحث في الفاهمة البشرية " ترجمة موسى وهبة دار الفارابي الطبعة الأولى 2008 بيروت
5- ت ز لافين من سقراط الى سارتر ترجمة أشرف كيلاني البحث الفلسفي المشروع القومي للترجمة القاهرة 2012
6- يوسف كرم تاريخ الفلسفة الحديثة القاهرة الطبعة السادسة
7- زكي نجيب محمود عن " رسالة في الطبيعة البشرية " لديفيد هيوم دار المعارف



#نادر_عمر_عبد_العزيز_حسن (هاشتاغ)       Nader_Hassan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ مصطفى عبد الرازق ومنهجه الإصلاحي
- ما الغاية من وجود الانسان عند الرومانسيين و الفلاسفه الحداثي ...


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادر عمر عبد العزيز حسن - نظرية المعرفة عند ديفيد هيوم