أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - من المتهم ؟














المزيد.....

من المتهم ؟


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 6873 - 2021 / 4 / 19 - 16:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سؤالٌ ظل محيراً لي لسنواتٍ. وهو : هل المسلم العنيف هو من إختار عقيدةً تتوافق مع ميلِه للعنفِ ، أم العكس ، أيّ أن تبنيه لعقيدةٍ سلفيةٍ محورها هو العنف هو ما جعله عنيفاً ؟

ومنذ سنواتٍ قررتُ ألَّا أُبقي هذا السؤال فى عالمِ "الفكرة والفكرة المضادة".

وكانت البدايةُ هى حوار مع شخصٍ مصريّ قال لي : مررتُ بثلاثِ مراحلٍ ، فى الأولى كنت مثل معظم المصريين المسلمين المؤمنين ، وفى الثانيةِ وتأثراً بإمامِ جامعٍ كنت أُصلي فيه أيام الجمعة أصبحت متشدداً جداً ، وفى الثالثة وكنتيجة لقراءاتٍ وحواراتٍ عديدة أدرتُ ظهري للمرحلةِ الثانية كليةً.

وأضاف محدثي ، عندما أُراجع شخصيتي وأفكاري وأفعالي وردود أفعالي خلال المرحلةِ الثانية فإنني أتعجب من حجمِ العنف الذى كانت تتسم به شخصيتي وأفكاري. وهو عنف لم يكن من سماتِ شخصيتي قبل دخولي المرحلة الثانية. وختم كلامَه بقولِه : والأغرب ، أَنني بعد أن تخليت عن أفكاري أثناء المرحلة الثانية صرتُ مذهولاً مما إعتراني خلال سني تلك المرحلة من عنفٍ كليّ (أيّ عنف فكّري ولفظي وفعليّ).
كان هذا الصديقُ وما حكاه لي عن تجربته هو ما حضني على أن أطلب مساعدته هو وغيره لمقابلة أشخاص مسلمين مصريين وغير مصريين مروا بتجربة الإنتماء للفكر الإسلامي المتشدد ثم تركوه.

وبالفعل ، إلتقيت فى مِصْرَ و بريطانيا بقرابة ثلاثين شخصاً مروا بتجربة صديقي وهى : إعتدال / تشدد / تحرر وإعتدال.

وحدثت هذه اللقاءات خلال السنوات من 2011 الى 2020.

وأُجزمُ أنني سمعتُ من كلِ واحدٍ منهم أنه بعد تحررِه من ربقةِ الأفكار المتشددة كان مذهولاً من العنف الذى إتسم به إبان مرحلةِ التشدد : عنف بالغ وإقصائي على مستوى التفكير والسلوك والأفعال والمواقف وردود الأفعال. كما تحدث معي كلٌ منهم عن إندهاشِه من تخليه عن هذا العنف مع إبتعاده عن أفكارِ المرحلة الثانية.

وأكثر من نصفِ هؤلاء الثلاثين كرر لي هذه الكلمات : كانت أفكارنا أثناء سنوات التشدد تأخذنا لمشاعرٍ لم تخطر لنا قبلها ببالٍ مثل كراهية الوالدين أو أحدهما أو بعض الإخوة والأخوات عندما عارض هؤلاء الأفكار التى تبنيناها أثناء مرحلة التشدد.

وكثيرٌ منهم قال لي : لماذا تندهش من القسوةِ والعنفِ والإقصاءِ الذين كانوا أبرز معالم عقليتنا وسلوكنا وآراءنا وأحكامنا أثناء سنوات التشدد ونحن كنا نسمع من الشيوخِ والدعاةِ إسم إبن تيمية كل يوم وهو من قرأنا فى فتاواه تعبير "يُستتاب ، فإن لم يتب يُقتل" بخصوص أكثر من مائةِ حالة ؟!

ولإكمال الصورة ، فإن ثلثي الذين تحدثت معهم تَرَكوا مرحلة التشدد وعادوا كما كانوا قبلها. والثلث الآخر أصبح لا-ديني كليةً.

وبسبب البُعد الأكاديمي فى حياتي ، فأنا أعلمُ أن ما ذكرتُه أعلاه قد يوصف بأنه عينةٌ عشوائيةٌ غير ذات دلالة قاطعة. أعلمُ ذلك يقيناً. ولكنني كتبتُ ما كتبت للحض على أخذ مؤسسة بحثية لهذه التجربة كسبب لإجراء تجربة أرحب وعلى أشخاص يمثلون الواقعَ بدرجةٍ أكبر.

ولا يمنعني ذلك من تقرير أنني بعد هذه التجربة وبعد نصف قرن من دراسةِ ظاهرةِ التشددِ والأصولية (Radicalism) عند كثيرٍ من المسلمين متيقنٌ أن العنفَ والقسوةَ هما من ثمارِ الفكرة وليسا من طبيعة (جبلة) المؤمنين بها.

وأذكرُ أن ثلاثة من الثلاثين الذين أشرتُ لهم أعلاه قالوا لي (منفردين) : لو كان العنفُ مصدره الشخص وليس الفكرة ، فلماذا لم نر مصرياً قبطياً واحداً يقترف أي عملٍ إرهابي ، ونحن هنا نتحدث عن قرابة 15 مليون من المصريين المسيحيين ؟!

ومعنى هذا الملاحظة أن مسيحي مصرَ والذين يفوق عددهم تعداد مواطني الكويت وقطر والبحرين ودولة الإمارات وسلطنة عُمان لم يخرج من بينهم إرهابيٌ واحدٌ.

وفى أيّ مجتمع عصريّ يسود فيه التفكيرُ العلمي فإن إجراءَ مثل هذه الدراسة هو أمرٌ حتمي. وإذا جاءت النتيجةُ مضاهيةً لما وصلتُ له أنا من خلال تجربتي الثلاثينية ، فإن سياسات جديدة للتعليم وللخطاب الديني يجب أن توضع وتنفذ. وهى سياسات على الدولة القيام بها بعيداً عن الجهات الذائع كونها جزءاً من المشكلة.

ورغم أنني كتبتُ هذا المقال المقتضب عن مصريين قابلتهم وحاورتهم ، فأنا على يقينٍ من إنطباق ما ذكرتُ على كل أو جل المجتمعات الناطقة بالعربية.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاعون قراءة في فكر الإرهاب المتأسلم
- مقتطفات من دفتر يوميات طارق حجي - المجموعة الأولى.
- خواطرٌ مصريةٌ صرفٌ.
- هوامش على دفتر الإنتخابات الأمريكية.
- التعليم ... ولاشيء غيره
- حقائق المجتمعات العربية السبع.
- نظرة ماكرو للثقافة الذكورية.
- ذكريات كردستانية.
- مصرُ بين مصيرين ...
- لبنان فى الميزان ...
- إشكالية الهوية المصرية.
- من خواطر طارق حجّي
- دانات من أقصي الشمال البريطاني - مقالات قصيرة.
- ذكريات ...
- من أهم جذور محنة المسلمين التاريخية.
- المرأة فى أبشع تراث ...
- الواقع المصري بين الأمراض والأعراض.
- من دفتر اليومية : 26 مارس 2019
- خواطر مثقف معني بالتنوير
- مقدمة كتاب -الوهابية- - تحت الطبع


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يرصد دفعة صواريخ إيرانية جديدة.. وموسوى يدع ...
- -لا تحاولون العودة-.. الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عاجلا إلى ...
- هل ينجر ترامب لحرب إسرائيل ضد إيران؟
- مصدر أمني إيراني: طهران على تواصل مع موسكو وتعول على دور روس ...
- الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ف ...
- الرئيس الإسرائيلي يزور معهد -وايزمان- المتضرر جراء القصف الإ ...
- -سي إن إن- ترجح ميل ترامب لاستخدام القوات الأمريكية لضرب الم ...
- باكستان تجلي عائلات الدبلوماسيين من إيران والبعثات لا تزال م ...
- الجيش الإيراني يعلن تدمير 28 هدفا إسرائيليا معاديا خلال الـ ...
- مباحثات مصرية أمريكية إيرانية لوقف التصعيد بين طهران وتل أبي ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - من المتهم ؟