أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يزيد القرطاجنّي - التّنْوير الراديكالي (1): افتتاحيّة، تقريظ سبينوزا














المزيد.....

التّنْوير الراديكالي (1): افتتاحيّة، تقريظ سبينوزا


يزيد القرطاجنّي

الحوار المتمدن-العدد: 6870 - 2021 / 4 / 15 - 17:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لو قُدّر لذاك الرّجل الشّهير، الضّحُوك من كُلّ أمْر، أن يعيش في زماننا هذا. لمات، بلا ريْب، من فرْط الضّحك..." سبينوزا، من رسالة إلى أوندُنمبورج.

يتقصّى جونثان إزرائيل، على نحو حثيث عميق، أصول التّنوير (والأسُس الفلسفية للدّيمقراطيّة الحديثة)، توجّهاته وخُطوطه الكبرى، نِزاعاته وتعثّراته، أزمات الوعي الأوروبي وقضاياه الفكرية المتحوّلة...مُجلّد ضخم من أربعة أجزاء، يشْرع، بداية، في رفع لُبْس تاريخيّ ويُحطّم نرجسيّات كاذبة صُنّفت في أعلى سُلّم مُنظّري الأنوار ، يُعرّي فِرْيةٌ إمبراطوريّتين استعماريّتين استحوذتا على العالم وعلى كتابة التّاريخ، وبخاصّة تاريخ الأفكار. يُبيّن كيف أصبح الأصل هامشا، والهامش بات أصلا... يضبط ويُعيد ترتيب الأدوار، والمقامات، والمنازل، والرُّموز... والحقُّ أنّه، لا لوك ولا فولتير، لا نيوتن ولا مونتسكيو... في البدء كان سبينوزا: " المغْضُوب عليه أوّلا و آخرا"، "العارُ والفضيحة والتّهمة"، "الملعون متى أصبح و الملعون متى أمسى، الملعون في دخوله، والملعون عند خروجه، الملعون أبدا..."(أمر الاقصاء من اليهوديّة المؤرّخ في 26 جويلية 1656)، اللّحظة الفارقة، ولحظة موْلد الحداثة. الحدث القادح الذّي سيترتّب عليه تشكّل خطٍّ تنويريّ راديكاليّ سيمثّله أيّما تمثيل، السّبينوزيّون:" لينهوف، لوكاس، بولنفيليي، موسيس جرمانوس، طولند...وآخرون"، ومن ثمّة وبالتّوازي: "بيير بايل، ودنيس ديدرو، ودُولباخ". أسماء هُمّشت وقُوبلت بالجُحود والنُّكْران ـ والحال أن نظرة سطحيّة عابرة لما خطّه هؤلاء كفيلة بأن تُفصح عن مدى جذريّة وجدّة تصوّراتهم ـ هُمّشوا لحساب" خطّ تنويريّ ثانٍ، ثانويّ"، ليّن وشعبويّ، متردّد ومُهادن، مثّله كُلّ من: " لوك ونيوتن في إنجلترا، وفولتير ومنتسكيو في فرنسا، وطوماسيوس فُولف في ألمانيا وآخرون في إسبانيا وهُولندا..."وليتذكّر، عندئذ، دُعاة التّنوير الشّعبوي، ماضيا وحاضرا، ورُبّما في المُستقبل، استماتة مونتسكيو في الدّفاع عن نفسه، وثباته في رفع تهمة السّبينوزية عن مُؤلّفيْه الأشهر (روح القوانين، والرسائل الفارسيّة) في كرّاس له يعود إلى فيفري 1750 :" وباختصارٍ شديدٍ، يختتم مونتسكيو تظلّمه، لا أثر للسّبينوزية في روح القوانين". قوْلٌ وجد قُلُوبا مُصْغية، وتجاوبت معه مُعْظم الحُكومات مُرْتدّة عن أمْر منْع تداول الكتاب وقراءته.
على النّقيض من ذلك، يُخصّص بيير بايل، في فترة سبقت تلك بأعوام قليلة، الحصّة الأعظم من مُعْجمه التّاريخيّ والنّقديّ لسبينوزا والسّبينوزيين.. لم يساوم الخطّ التنويريّ الراديكاليّ ،كما هو الحال مع الخطّ الشّعبوي الذي سيسُود ويُهيمن في وقت لاحق، في القضايا الأساسيّة قطُّ: ـ رفْض فكرة العناية الالهيّة وتدخّل الاله في شُؤون البشر، ـ انكار المُعْجزات وفكرة ربط الامتيازات والحُظوظ والثّراء بما هو الهي ـ ضرورة قلب بُنى ونُظم التفكير قلبا جذريّا، ـ وُجوب التحرّر نهائيّا من الثقافة التقليديّة الّسّائدة، ـ لُزُوم الحسم في المُقدّس وأنماط السّحر والخُرافة، ـ الانعتاق من سلطة الكهنوت وأشكال العبوديّة، ـ ضرورة تقويض التّنظيم التراتبيّ الأرستقراطيّ الملكيّ اللاّهوتيّ السّائد في المجتمع آنذاك،ـ القطْعُ مع الاستبداد بما في ذلك ما يُعرفُ" بالاستبداد المُستنير" أو الأبويّ أو العادل...من أجل ذلك، يُعلن صاحب كتاب التّنوير الراديكالي، مُستشهدا بقول مُؤرّخ الأفكار البلجيكي بول هازرد(1878ـ1944) :"تبدو جُرأة التنوير باهتة تافهة ،أمام عُنْف مخاطرة الرّسالة في اللاّهوت والسّياسة ، ومُقارنة بجسارة الايتيقا المُذْهلة. ولم يبْلُغ لا فولتير، ولا فريدريك الّثاني ، حماسة طولند الموجّهة ضد الكهنوت، وضد الدّين ".
لم ينْتشر فكر التّنوير ولا امتدّ عبر شُعبويّة فولتير أو بمحاولات التّوفيق، ومصالحة قديم شارف على التهافت مع جديد أخذ في التّبلور، بل تحقّق ذلك، بالصدّ الذّي لاقته أفكار سبينوزا وورثته (وبوساطة من بايل ودوُلباخ لاحقا)...فالقوى "المناهضة للتّنوير" (وقد انخرط في هذه المناهضة دُعاة التّنوير الليّن) عزّزت من رغبة اكتشاف الكُتب والأفكار التي كانت تُتداول خلسة وفي كنف السريّة التّامة في ذلك الزمان، وقوّت من فُرص رواجها. انتصر التّنوير السرّي الجذريّ في أرض الواقع وانتصر التّنوير المُعتدل الليّن وهيمن على كتابة التّاريخ. سُوّق لفولتير وهُمّش سبينوزا؛ وذلك فرق آخر بين من سخّر حياته للتّفكير ولم يطلب مجْدا أو شهرة وبين صناعة صورة "المُفكّر المُلهم"، الزّائفة أغلب الأحيان، في العُرْف الثّقافي الفرنسي، وهو أمْر يستحقّ و يستحثّ التّحقيق والتقصّي : "فولتير ضدّ سبينوزا".
دراسة سخيّة وقراءة جديّة جريئة، نظرة جديدة ثاقبة حول تاريخ الأفكار والأنوار، كتاب يستحقّ المُطالعة بتأنّ وتدبّر، راهن شديد الرّاهنيّة، وبخاصّة، بالنّسبة إلى شعوب لم تُدْرك بعْدُ الحداثة والحريّة ولم تنعم بتنوير جذريّ حقيقيّ، لازالت تتخبّط في مرحلة شبيهة بنهايات القرن السّادس عشر وبدايات القرن الذّي سيليه، مرحلة أزمة العقل، أزمة التمزّق بين الماضي والحاضر، أزمة الحلول التوفيقية المُلفّقة ، أزمة تردّد ومُهادنة، أزمة التّنوير الشّعبوي المُناهض للحلول الجذريّة ـ المُتحالف من دون دراية أو وعي مع الخطّ (الثّالث) المُحافظ الماضوي ـ يُدافع عن نمط من "الاستبداد المُستنير"، مُستذكرا مُقدّسا رُموزه، على الدّوام، حافظا لذكْراهم، شاكرا، ومسبّحا بحمدهم. لا يعلم هؤلاء " أنّ الطّامة الكُبرى التّي يمكن أن تحلّ بأمّة ما، هي أن ترزح لعقدين أو ثلاث تحت حكم مُستبدّ مستنير" أو يظهر، على الأقلّ، أنّه كذلك، ذلك ما دوّنه ديدرو أبرز الموسوعييّن وأحد كبار الراديكالييّن المُتأخّرين في حلقات التّنوير الأوروبي، قبل انزياح المسارات وانحرافها وتغيّر الأدوار وانقلابها.



#يزيد_القرطاجنّي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرئاسة الروحية للدروز بالسويداء: نرفض دخول الأمن العام إلى ...
- دمية عالم سمسم تثير الجدل على إكس وتدعو إلى تدمير اليهود
- الاحتلال يجبر مواطنا على هدم منزله جنوب المسجد الأقصى
- أولمرت: يهود يقتلون فلسطينيين في الضفة ويرتكبون جرائم حرب
- في ذكراها الثامنة.. كيف يمكن استلهام تجربة هبّة الأسباط لحما ...
- العمود الثامن: الثورة ومعارك الطائفية
- نيجيريا تدين 44 عنصرا من بوكو حرام بتهمة تمويل الإرهاب
- خلال زيارته لبلدة الطيبة والاطلاع على اعتداءات المستوطنين د ...
- TOYOUR EL-JANAH KIDES TV .. تردد قناة طيور الجنة بيبي على نا ...
- 400 عالم يؤيدون فتوى تصنيف من يُهددون المرجعية، بالحرابة


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يزيد القرطاجنّي - التّنْوير الراديكالي (1): افتتاحيّة، تقريظ سبينوزا