أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل لحدو-باركينو - رسالة مفتوحة إلى قداسة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو















المزيد.....

رسالة مفتوحة إلى قداسة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو


نبيل لحدو-باركينو

الحوار المتمدن-العدد: 6854 - 2021 / 3 / 30 - 10:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


علينا نحن المسيحيين عامة والكلدان والسريان خاصة أن نشعر بفخر واعتزاز بشخصكم الكريم لعمق معرفتكم الدينية واللاهوتية والتاريخية.

أتوجه لقداستكم بهذه الأسطر حول بعض التساؤلات التي أردت الحصول على جواب لها قبل نشر كتابي "القضية السريانية".

في تصريح لكم بعنوان "كنيسة المشرق وموضوع القومية"، تم نشره بتاريخ 14 آب/أغسطس 2020 في الموقع الرسمي لبطريركية بابل للكلدان، أكدتم على التاريخ التالي:
"يذكر التّاريخ وجود دولة كلدانيّة وإمبراطورية كلدانيّة، عاصمتها بابل في الوسط والجنوب، وكذلك وجود إمبراطوريّة آشوريّة عاصمتها نينوى، انتهت سنة 612 قبل الميلاد".

ليس الغرض هنا نقض ما ذكرتم وسرد القناعات المختلفة للمؤرخين حول كلمة كلدو و كلدي و"الإمبراطورية الكلدانية" المزعومة. لأن معظم المؤرخون يذكرون بلاد بابل والإمبراطورية البابلية وليس "الإمبراطورية الكلدانية ". فيذكر المؤرخ (لويس جوزيف ديلابورت)، على سبيل المثال، في كتابه المعروف، بلاد ما بين النهرين: الحضارة البابلية والآشورية. ترجمه محرم كمال، أن البابليين كانوا آراميين، وأسسوا إمبراطورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد. وفي عام 612 ق م تعاون الملك البابلي/الآرامي (نبوبولاسر) مع الميديين وأسقط حكم نينوى عاصمة الآشوريين، حينها استعاد حكام بابل تراث بلاد ما بين النهرين القديم، وأصبحت اللغة الآرامية اللغة العامية في جميع أنحاء الإمبراطورية البابلية/الآرامية الجديدة. ويشارك المؤرخ (ديلابورت) هذا الرأي المؤرخ (فوزي رشيد محمد العزاوي)، مؤرخ وأكاديمي وعالم آثار عراقي، وكذلك المؤرخ (أدون بفن) في كتابه أرض النهرين، الذي يؤكد فيه أن البابليين كانوا من أجيال أرامية الأصل، وإن العلاقة القوية بين الآراميين والبابليين جعلت الباحثين يعدونهم قبيلة واحدة أو من منبع واحد.

إن الغوص في أعماق التاريخ مسألة معقدة ولن تأتي دوماً بنتائج حقيقية. فلندع التاريخ وتفسيره لأصحابه المختصين، وأن نعتمد على التاريخ المنطقي، أي المقارنة والاستنتاج، بعيداً عن الموروث الشعبي في قراءة التاريخ، الذي هو رؤية الجماعة لتاريخها، ولدورها في صنع هذا التاريخ بغض النظر عن التفاصيل التي تتعلق بالزمان أو المكان.

وذكرتم أيضاً أن "الإنتهاء السّياسيّ لكيان ما أو مملكة ما لا يعني البتّة أنّ الشّعب الكلدانيّ والآشوريّ والسّريانيّ انتهى".
هذا القول صحيح من وجهة التاريخ المنطقي، لكن مكتبات العالم مليئة بالكتب التي تتناول بالتفصيل تاريخ بلاد ما بين النهرين، وخاصة تاريخ الإمبراطوريتين الآشورية والبابلية ومجدهما. لكن لا يوجد كتاب أو مؤرخ واحد يتناول تاريخ الآشوريين بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية وعاصمتها نينوى عندما تحالف البابليون والفرس واستولوا على نينوى عام 612 قبل الميلاد. وينطبق الشيء نفسه على البابليين بعد سقوط بابل على يد الفرس عام 539 قبل الميلاد. هنا يجب أن نطرح السؤال عما حدث للآشوريين والبابليين بعد أن حكم الفرس تلك المنطقة. فمن المعقول تماماً ألا تتعرض عامة الناس للإبادة الكاملة بعد التخلص من ملوكهم وقادتهم. أولئك الذين نجوا راحوا بكل تواضع وخُشُوع، يخضعون لسلطة وثقافة حكامهم الجدد التي غالباً ما كانت تعني عبادة آلهتهم والتحدث بلغتهم. كان هذا عادة واقع الشعوب المهزومة والمقهورة، فتمر بفترة تأقلم ثم الاندماج ثم الانصهار الكامل في نهاية المطاف. وهذا يصح بشكل خاص عندما نتحدث عن فترات زمنية تصل إلى ثلاثمائة عام. وهذا ما حدث للشعبين البابلي والآشوري.

مع إنتشار المسيحية خلال القرون الأربعة الأولى بعد الميلاد، لم يدخل البابلي والآشوري إلى المسيحية كشعب مستقل ذو هوية مميزة، وإنما كغيره من شعوب المنطقة، مختلفة الأجناس والأعراق، لتشكل فيما بعد الشعب السرياني. وبعد أربعة قرون من انتشار المسيحية الدين التوحيدي الجديد، بدأت دلائل ظهور شعب جديد، مكون من أصول وأعراق مختلفة، يؤمن ويعتز، ويدافع عن دينه الجديد. وبالرغم من أن غالبية المسيحيين خلال القرون الأربعة الأولى كانوا من الفقراء الناطقين باللهجات الآرامية، لكنهم لم يكونوا من أصول آرامية فقط، بل من شعوب وأعراق مختلفة. وعليه تؤكد الغالبية العظمى من المؤرخين والباحثين في تاريخ السُّريان أن سكان بلاد الهلال الخصيب في القرون الخمسة الأولى للمسيحية، كانوا من الآشوريين والبابليين والآراميين والكنعانيين واليهود واليزيديين والعرب والفرس واليونان والرومان، وأن دخول تلك الشعوب المختلفة الأعراق إلى المسيحية أدى إلى انصهارهم، خلال القرون الخمسة الأولى للمسيحية، ونشأ عن عملية الانصهار الشعب السُّرياني الناطق بالسُّريانية الآرامية.

ذكرتم أن "كنيسة المشرق انقسمت الى كنيستين في 1441 وسميت جماعة مشرقية في قبرص انضمت الى الكنيسة الكاثوليكية بالكلدان، وانضم فريق آخر بزعامة يوحنا سولاقا الى الكنيسة الكاثوليكية سنة 1552 وسُمّوا كلداناً، وصار سولاقا بطريركاً لهم".

على خطى الإمبراطوريات القديمة سارت الكاثوليكية في توسعاتها للسيطرة على المسيحية والمسيحيين في كل أنحاء العالم. ولم تسع الكاثوليكية منذ نشأتها إلى نشر المسيحية الكاثوليكية بين المسلمين أو البوذيين وغيرهم من الأديان الأخرى، بل بين المسيحيين من مذاهب غير كاثوليكية.
يتفق أغلب المؤرخين حول تاريخ ومصدر كلمة "كلدو وكلدا وكلدان". لكن تاريخ بابل القديم يذكر أنهم جماعة أو طبقة متعلمة، اشتهرت في رَصْد الكواكب والتقويم السنوي وبمعرفة المستقبل حتى إن بعض المؤرخين يؤكد أن كلمة كلدو/كلدا، تعني: المنجم في اللغة الأكادية، وأن لا علاقة لكلدان اليوم بالمنجمين الكلديين الذين سكنوا بابل، والذين كانوا من الآراميين الذين اجتاحوا المنطقة في القرن الثامن قبل الميلاد.

كان الرومان، بعد اندحارهم أمام العرب، ثم أمام المغول، وأخيراً أمام العثمانيين، ساقوا معهم أعداداً من السُّريان، وأسكنوهم في جزيرة قبرص. وفي عام 1445، إثر مجمع فلورنسا، نجح الفاتيكان في شراء بعض مطارنة كنيسة المشرق (النساطرة) في قبرص ليتبعوا الكثلكة. والمعروف أن البعثات الفاتيكانية التبشيرية إلى نينوى وسهولها، كانت قد جلبت من المال ما يكفي لرشوة بعض رؤساء العشائر ورجال الدين النساطرة، لكي يعلنوا انتماءهم إلى الفاتيكان. ولكي يرسخوا الانقسام بين السريان النساطرة الأرثوذكس والنساطرة الكاثوليك، جاؤوا بالتسمية الكلدانية التي باتت التسمية الرسمية للسريان النساطرة المنتمين إلى الفاتيكان. واستغلت الفاتيكان هذه الفرصة، لزرع الانشقاق في كنيسة المشرق. وفي عام 1552م، بعد أن جاء مبشرو الفاتيكان الكاثوليك إلى الشرق لنشر المذهب الكاثوليكي، توجهوا لشمال بلاد الرافدين، ونجحوا في شراء العديد من قادة عشائر السريان النساطرة، ونشر العقيدة الكاثوليكية. وفي سنة 1838م أطلقت الفاتيكان على الكنيسة المنشقة اسم كنيسة بابل، فقط لإبعادها وتَميِّزها من كنيسة المشرق النسطورية، ومع الزمن سادت تسمية الكنيسة الكلدانية على التسميّات الأخرى.

وكما فعل السُّريان النساطرة، هكذا فعل السُّريان الكلدان. فقد سيطرت على عقولهم فكرة أنهم حقاً ينحدرون من أصول بابلية، وهم الكلدان الذين بنوا تلك الحضارة، دون أية دلائل تاريخية. ولقد مر حوالي ستة قرون على انشقاق السريان الكلدان عن السريان النساطرة، وابتعدوا عنهم دينياً وجغرافياً واجتماعياً، وحتى لغوياً.

الحقيقة المرة
يمكن لمجموعة من الناس معاً تشكيل مؤامرة على أساس مجموعة من الأكاذيب حيث أنّهم جميعاً متفقون أن يقولوا القصة الكاذبة نفسها، تماماً كما فعل الإنكليز عندما زَعِموا أنّ السريان النساطرة هم أحفاد الآشوريين القدامى. والحقيقة ليست ما يجعل الناس يشعرون بالارتياح، لسوء الحظ يمكن للأخبار السيئة أن تكون حقيقة. نحن البشر ندمن على تعاطي الخيال عندما لا يرضينا الواقع. فهل سيقتنع من أطلق على نفسه التسمية الآشورية والآرامية والبابلية وتخيل أنه ينحدر من سُلالات تلك الشعوب، أن سريان اليوم هم شعب مُمَيَّز عن باقي شعوب المنطقة وتكون في حقبة زمنية معينة، هي القرون الأربعة الأولى من انتشار المسيحية؟

واقع السريان اليوم يفرض على المثقف السرياني ضرورة عدم التمسك بالانتماء أو الانحدار من الآشوريين والآراميين والبابليين أو العرب، وإنما يترك التاريخ المعقد للأخصائيين، وأن ينطلق، ولو لمرحلة انتقالية، من استعمال الاسم سوريويو للغة والشعب والكنيسة، ليجتمع تحت رايتها كل من يريد إنقاذ ما تبقى من هذا الشعب من الانقراض.

الخطوة الأولى والأهم للتقارب والتفاهم بين طوائف ومؤسسات الشعب في العالم هي أن تبدأ الكنيسة والشعب معاً باستعمال التسمية سوريويو/سوريايا (suryoyo/suryaya) في اللغات الأجنبية للتعبير عن أسم الكنيسة والشعب واللغة مثل:
في اللغة السُّريانية (عامو سوريويو، ليشونو سوريويو، عيتو سوريايتو) وفي اللغة العربية (شـعب سـرياني، لغة سـريانية، كنيسة سريانية) وفي اللغات الأجنبية نضع كلمة سوريويو صفةً قبل الاسم:
In English En français
Suryoyo people Les gens de Suryoyo
Suryoyo language Langue Suryoyo
Suryoyo church Église de Suryoyo
هل يصبح الحلم حقيقة؟
يؤكد علماء الرياضيات الحسابية أن الفوز في الجائزة الكبرى في "الـ يانصيب" هو واحد من عشرة ملايين، وفقا لعلم الاحتمالات. ولكوني فرد من أبناء هذا الشعب، وعلماني المبدأ، أتوجه إلى قداستكم لأخذ المبادرة إلى قيادة وحل، ربما إحدى أكثر المسائل تعقيداً في العالم، مسألة الشعب السرياني بكل طوائفه، لإنقاذه من الانقراض.

سودرتاليه-السويد في 30/03/2012
نبيل لحدو-باركينو



#نبيل_لحدو-باركينو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نبيل لحدو-باركينو - رسالة مفتوحة إلى قداسة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو