أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد هاشم - الهرمية السلطوية في المؤسسات التعليمية















المزيد.....

الهرمية السلطوية في المؤسسات التعليمية


أحمد محمد هاشم
باحث في اللسانيات النفسية

(Ahmed M. Hashim)


الحوار المتمدن-العدد: 6829 - 2021 / 3 / 2 - 04:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ان المتتبع لهيكلية المؤسسات التعليمية والتي تدعي بأنها مؤسسات علمية وثقافية بحته هدفها الرئيسي توعية افراد المجتمع ونشر العلم والثقافة، يرى ان تلك المؤسسات ورغم ادعاءاتها تبنى على هيكلية هرمية دكتاتورية وكدولة مصغرة يكون فيها مدير المؤسسة التعليمية او رئيسها في قمة الهرم وله من الصلاحيات والسلطات نفس التي يتمتع فيها الحاكم على دولة ما. فرؤساء تلك المؤسسات العلمية الثقافية والتي تدعي الموضوعية والحياد قادرون على نفي (فصل) شخص ما واثابة شخص اخر. ويتمتعون أيضاً بانفراد القرار، اذ ان ما يأمر به مدير تلك المؤسسة يجب ان يكون نافذاً على الجميع من معلمين "تربويين" و طلاب وباحثين. غير ابه لا برأي الأكثرية ولا بأنصاف الأقلية...!!
وعليه فان الصف الدراسي في تلك المؤسسات يمكن تشبيهه بدولة صغيرة، حيث يكون المعلم او الأستاذ فيه هو الحاكم المطلق والدكتاتوري العظيم بلا منازع والذي لديه القدرة على العقاب والثواب. ولو لاحظنا _عزيزي القارئ_ تركيبة الصف الدراسي لوجدنا انه يشبه الى حد كبير جدا التركيب الذي تعتمده السلطة الشمولية والتي تدار من فرد واحد احد. حيث وكما قلنا، ان المعلم او الأستاذ هو الحاكم المطلق في ذلك الصف, يطردُ من يشاء ويثيب من يشاء ويعاقب من يشاء ثم ان لهذا الحاكم افراداً يمثلون بما تسميه السلطة "بالأمن العام" او "المخابرات" ويسمى "المراقب" والتسمية توحي بعمل هذا الفرد بمراقبة الشعب الراضخ تحت حكم الحاكم المطلق.
ان المؤسسات التعليمية ورغم ما تدعيه من انها مؤسسات لنشر العلم والثقافة لا تتعدى كونها جهاز من أجهزة السلطة كجهاز الشرطة والامن والجيش والمخابرات. يكلف هذا الجهاز بنشر الاجندات والاهداف التي تريد السلطة نشرها وترسيخها في عقول الأطفال والناشئة والشباب تحت غطاء علمي او ثقافي..!
ان تلك المؤسسات وكما يراها الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو, مؤسسات خادعة لأفرادها, اذ انها لا توحي بالهدف الأساسي لوجودها وتخفي نفسها تحت مظلة العلم والثقافة. لو سألنا جهاز الشرطة عن دوره لأجابنا بكل وضوح وشفافية بأنه جهاز ينفذ أوامر السلطة على الشعب ولو سألنا جهاز الامن والمخابرات عن دوره الأساسي لأجابنا بكل شفافية ايضاً بانه ينفذ أوامر السلطة ضد "الخارجين على القانون" والذي على الاغلب يفرض بشكل قسري غير ابه برأي ما يعتقده الناس. ولكن لو سئلنا تلك المؤسسات عن دورها الأساسي لأجابتنا بطريقة مخادعة بانها لنشر العلم والثقافة.. فهل يا ترى ستنشر تلك المؤسسات الثقافة اللاسلطوية المناهضة لعرش الحاكم؟!!
لازلت أتذكر جيداً كم كنا نحفظ من سطور ومقالات تمجد النظام الدكتاتوري في العراق وتدعي زيفاً انتصاراته في كل المعارك التي خاضها بل وتتجرأ على القول بان ذلك النظام يتيح للافراد حرية اكبر من تلك الموجودة في كل بقاع العالم..!!
كان ومازال هدف تلك المؤسسات هو ترسيخ الاجندات والاهداف والقصص التي تريدها السلطة ان تنشر وبمزاح الحاكم المطلق (حفظه الله ورعاه) تحت غطاء العلم والثقافة والمعرفة. ان مهمة الباحث والمتعلم الحق في تلك المؤسسات تكمن في تعريتها من تلك الأدوار الزائفة التي تدعيها ومن القصص العارية عن الصحة التي تمجد السلطة والمتسلطين لا ان يكون جزءا من هذا النظام السلطوي الدكتاتوري يتلقى الأوامر من مديره ويطلق أوامره على طلابه من المغضوب عليهم والضالين..!!
المدرسة او المؤسسة التعليمية ما هي الا وسيلة لترسيخ تلك الأفكار التي تريدها السلطة ان تترسخ. تلك الأفكار التي تهدف الى "عسكرة" المجتمع وتعريه من هويته المدنية. تذكر _عزيزي القارئ_ اصطفاف الصفوف, رفع العلم, المشية العسكرية, الاستعداد والاستراحة, القاء التحية العسكرية, الزي الموحد واخذ وتطبيق الأوامر من صاحب السلطة كلها أفكار تسعى السلطة الى ترسيخها في عقول أولئك المساكين حتى تحبب اليهم عسكرتهم وتجريدهم من المدنية وحقوقها وحتى يكونوا بيادق تضحي بهم السلطة في معاركها المزاجية.!!
فأن كان هدف تلك المؤسسات علمي وثقافي ومعرفي, لماذا تجبر افرادها على ان يصطفوا كل يوم او كل بداية أسبوع؟ لماذا تجبر افرادها على القاء التحية العسكرية عند رفع العلم؟ أيكون افرادها عسكريين؟ ام مدنيين, علماء ومثقفي المستقبل؟! لماذا تجبر افرادها على لبس زي موحد؟ حتى يتشبهوا بالعسكر او بالشرطة؟!! ام حتى يعلم الناس ان افرادها طلاباً للعلم؟َ!
أيقدر احد في تلك المؤسسات ان يشكك ولو بقصة من قصص "المنهج الدراسي" والذي بالمناسبة تضعه لجنه من اقرب المقربين للسلطة حتى يتم زرعه وترسيخه في عقول أولئك المساكين؟!
تلك المؤسسات لا تنشر العلم ولا الثقافة ولا المعرفة الا اللهم ما يخدم السلطة وأهدافها والتي تتمثل بشكل كبير في عسكرة المجتمع وتجريده من مدنيته وحقوقه واختراع فكرة ان "العدو" متربص بهم من كل حدب وصوب يريد الانقضاض على حريتهم وديمقراطيتهم لكي يجعل الناس يتنازلون عن حقوقهم المدنية حقاً تلو الاخر وكما تلاه افلاطون في يوتوبيته.
فبعد كل تلك المقارنات, ان اقتنعت بها وايقنت أهدافها الحقيقة, ما على المتعلمين من مهام؟ ماذا سنفعل للتخلص من تلك الاخطبوطات السلطوية والتي تنشر الجهل والفاشية والدوغمائية والعسكرة اكثر من نشرها للعلم والثقافة؟
الجواب يكمن في مقارعة تلك المؤسسات, في فضح أهدافها المخفية, وفي كشف الحقائق والمعلومات التي لا تريد السلطة ان تكشف للمجتمع. فاليوم وفي عصر الانترنت لا يمكن ان تمارس السلطة قمعاً فكرياً محكماً على افرادها, الا اللهم بحجب الانترنت عن افراد المجتمع وكما يحدث الان في كوريا الشمالية والسعودية وايران ومصر والقائمة تطول.
ان الدور الأكبر يقع على الطلبة انفسهم, فلا بد لهم ان يتعلموا بأنفسهم وان يشككوا بصحة كل المعلومات التي يرددها المعلم او الأستاذ والمعلومات المدرجة في "مناهجهم" الدراسية والتي تضاف بحذر شديد وبمتابعة مستمرة من قبل ازلام السلطة. عليهم ان يبحثوا وان يجدوا الحقائق المخفية وان يتفكروا فيها ويواجهوا منفذي اجندات النظام باسم العلم والمعرفة. ففي تلك المرحلة فقط سوف نتخلص من تلك المؤسسات البغيضة.
لا تشجع السلطة الدكتاتورية التفكير النقدي, اذ ان هذا التفكير سيطالها في النهاية ولذلك فانها تشجع دائما على ان يتعلم الطلاب طريقة التلقين والحفظ لا طريقة الفهم والتفكير والمسائلة, فهي بذلك تجعل طلاب العلم عبارة عن أجهزة تسجيل تسجل النصوص وتحولها الى أصوات.. والاسخف من ذلك هي تلك "الاختبارات" التي يصفوها بالعلمية والرصينة ولكنها في الحقيقة لا تتعدى كونها اختبار لذاكرة المتعلم بدلا من تفكيره وفهمه..!!
اذكر انني في مرحلة ماضية من مراحل دراستي كان يطلب منا الأستاذ حفظ المادة من النقطة أ الى النقطة ب والزيادة كالنقصان كما كان يقول.!!
ان طريقة الحفظ والتلقين والاعادة المستمرة تفيد السلطة افادة عظيمة اذ ان تلك الطرائق ترسخ اهداف السلطة واجنداتها في عقول الناس وتقتل تفكيرهم النقدي وتفكرهم في ما يدور حولهم.. فكل الشعب العراقي على سبيل المثال كان يعلن استعداده عن فداء الحاكم بالروح والدم والموت من اجله..!!!!

في هذا المقال لا ادعي انني على حق, للقارئ الحرية (وربما هذه الحرية الوحيدة المتاحة له) في تمحيص ما كتبت والتفكير به.



#أحمد_محمد_هاشم (هاشتاغ)       Ahmed_M._Hashim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الأعلام العربي وواقع المشهد العراقي


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد محمد هاشم - الهرمية السلطوية في المؤسسات التعليمية