يوليانا

جلال الرفاعى

الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 08:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كان واردا أن تطوى " ذاكرة التاريخ " ثورة يوليو بعد حقبة من الزمان طالت أم قصرت مثلما حدث مع ثورات عديدة مماثلة لا سيما فى الدول النامية
لكن من حسن حظ هذة الثورة ومن حسن حظ شعب مصر أن جرس البدء الذى دق إيذانا بميلاد عهد جديد لم يكن فى صراع تلك الحركة التى قام بها الجيش ونزاعها مع الأحزاب القديمة وصيغ التألف والتخالف والإقتراب والإغتراب وإنما بدأت عيون أهالينا تيقظ على أبناء الوحدة المجمعة
وتتوارد هذة الأسئلة فى خاطرى على هذا الحدث الذى غير مجرى التاريخ المصرى الحديث وأحسب أنها تتردد على أبناء جيلى الذين ولدوا ولم يعايشوا الثورة أو حتى تتردد على الجيل الذى عاصر هذا الحدث . وكان المعيار فى جميع الأحوال هو العائد الديمقراطى ومدى نجاح الثورة فى إحترام إرادة الشعب بعد تحريرة من الإستعمار والفساد وإطلاق طاقاتة نحو آفاق جديدة كى يواصل مسيرتة التاريخية فى بناء التقدم والحضارة
هل كانت حركة الجيش فى 23 يوليو ضرورة حتمية لا بديل عنها ؟
وهل كان خروج الضباط الأحرار فى ذلك اليوم هو الطريق الأمثل لإخراج البلاد من بؤرة الفساد التى صنعها الملك وحاشيتة؟
وهل تحقق على أيديهم ماكانت تصبو إلية البلاد من حياة دستورية ونيابية تكون فيها الإرادة الأولى للشعب بعد زوال الطاغية؟
يقول الرئيس جمال عبد الناصر فى كتابة " فلسفة الثورة " وهو أهم كتاب تضمن بواكير أفكارة ونواياة
أنة مرت علية بعد قيام الثورة نوبات اتهم فيها نفسة وزملاءة وباقى الجيش بالجنون والحماقة !!! لماذا ؟؟
لأنة قبل 23 يوليو كان يتصور أن الأمة متحفزة ومتأهبة وأنها لا تنتظر إلا الطليعة التى تتقدم لتطيح بالطاغية فتندفع الأمة وراء الطليعة " العسكرية " صفوفا منتظمة تزحف زحفا مقدسا إلى الهدف الكبير
وما هو الهدف الكبير ؟
هنا لا يفصح الرئيس جمال عبد الناصر عن هذا الهدف الكبير
وهل هو إفساح الطريق أمام الشعب المصرى ليبنى حياتة السياسية الجديدة على قواعد سليمة ؟ أم تقديم الحكم طواعية إلى الطليعة العسكرية ثمنا للدور الذى قامت بة؟
كذلك يقول الرئيس جمال عبد الناصر .. أنة جلس ينتظر وصول الزحف المقدس ولكنة لم يجد سوى الجموع التى جاءت أشياعا متفرقة وفلولا متناثرة
كنا فى حاجة إلى النظام فلم نجد إلا الفوضى وكنا فى حاجة إلى الإتحاد فلم نجد إلا الخنوع والتكاسل
وكل رجل قابلناة لم يكن يهدف إلا إلى قتل رجل آخر .. وكل فكرة سمعناها لم تكن تهدف إلا إلى هدم فكرة أخرى
فماذا نستخلص من هذا التصوير الظالم لحالة الشعب كما رسمة الرئيس جمال عبد الناصر
كان قائد الثورة الذى تربى على التخطيط والتكتيك ينتظر أن تأتية جماهير الشعب فى قوالب مصيرية لتؤدى لة يمين الطاعة والولاء وتعطية صك التنازل عن إرادتها ليتصرف فيها كما يتصرف الوصى على أتباعة القصر
ألم تخلق مصر يوم 23 يوليو ؟؟ ألم يزرع هو فى المصريين الحرية والكرامة ؟؟
فى حين كانت هذة الجماهير تفكر من منطلق آخر هو
إذا كانت الطليعة الثورية قد قامت مشكورة بتقليم مخالب الجيش التى كان يستخدمها الملك فى البطش وتعطيل الديمقراطية . فإن عليها أن تتفرغ لبناء القوة العسكرية لمواجهة الخطر الذى يهدد مصر من إسرائيل . وإن عليها أن تترك الحكم لمن يتقنون فن الحكم وطبيعتة التى تختلف عن البنية العسكرية . ولكل منهما خبرتة ودريتة
ولكن الذى حدث أن الرئيس جمال عبد الناصر ظل ينتظر الزحف المقدس . فلما تقاعس إخترق الحواجز والسدود واستأثر بالسلطة واختلطت السياسة بالعسكرية وكانت النتيجة إنة فشل فى الناحيتين فلا هو نجح فى إقامة بناء ديمقراطى سليم ولا نجح فى بناء الجيش بعد أن عهد بة إلى أقرب حلفائة ليضمن عدم الإنقلاب علية فسادت الشللية والمحسوبية مما أدى لما حدث فى حرب 1956 وهزيمتنا فى حرب يونيو 1967

#جلال_الرفاعى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات