أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - موقع 30 عشت - أزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي البكتيريولوجي - وجهة نظر ماركسية لينينية - القسم الأول















المزيد.....



أزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي البكتيريولوجي - وجهة نظر ماركسية لينينية - القسم الأول


موقع 30 عشت

الحوار المتمدن-العدد: 6817 - 2021 / 2 / 18 - 14:22
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


القسم الأول
(التاريخ، الكوسموغونيا (1) ، الكوسمولوجيا (2) و الإسكاتولوجيا (3) )
تنبيه: هذه الدراسة التي يقدم الموقع قسمها الأول هي ثمرة قراءات وبحث وتحليل استفاد من ظروف الحجر الصحي الشامل، الذي فرض على المغاربة لمدة ثلاثة أشهر، ابتداء من شهر مارس 2020، وقد كان النص جاهزا منذ ذلك الوقت، غير أن ظروفا قاهرة قد حالت دون نشره في إبانه.

تقديم:
على سياق ما قاله "البيان الشيوعي" حول شبح الشيوعية، الذي كان ينتاب أوروبا آنذاك، يمكن القول إن كوفيد 19 (كورونا) شبح يخيم على العالم منذ أن أعلن عن ظهوره ثم انتشاره. ضد هذا الشبح اتحدت، في فوبيا رهيبة، قوى أوروبا القديمة كلها، البابا، الرئيس ماكرون، المستشارة الألمانية ميركل والوزراء الأولون في الحكومات الأوروبية، و رئيس روسيا الرأسمالية وزعيم الصين الرأسمالية، وزعيم الامبراطورية الأمريكية، ولم ينس كل فريق من هذه الفرق أن يتهم الآخر بكونه مصدر الفيروس القاتل، ولأن السياسة كما قال لينين تكثيف للاقتصاد، تحركت المطامع الرأسمالية للشركات الكبرى المنتجة للأدوية و اللقاحات في صراع محموم من أجل إنتاج لقاح مضاد للفيروس، تستطيع عن طريقه انتزاع أكبر قسط من السوق العالمية، عبر استغلال الأزمة الصحية العالمية على ظهر الشعوب والعمال والكادحين، من أجل تحقيق أعلى الأرباح الاحتكارية، عبر الزيادة في فوائد القيمة ومعدلات النهب، من خلال سرقة مدخرات شعوب العالم.
لقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في اندلاع فوبيا كوفيد 19، وتدخلت في النقاش أطراف متعددة ساذجة وعفوية أحيانا، وذات إيديولوجيات ورؤى سياسية ودينية واقتصادية أحيانا أخرى، بل حتى الفلسفة وجدت مكانا لها في هذا النقاش الدائر حول معنى ودلالة كوفيد 19، ونتائجه على البنى الاقتصادية والاجتماعية خاصة، وأصبح الحديث يدور حول ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، من أجل إنقاذ النظام الرأسمالي الآيل إلى السقوط، خاصة في مراكزه القديمة (أوروبا والولايات المتحدة).
إن ما تحدى الشعور و اللاشعور و العقل الإنساني، كون فيروس كوفيد 19، امتلك هذه القوة الجبارة غير المرئية في خلخلة الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الدينية، فكيف لا و قد توقفت أنشطة الأماكن " المقدسة" في مكة و في ساحة الفاتيكان، و منع الحجاج من دخولها، بل أفرغت الجوامع و الكنائس و المعابد البوذية و الهندوسية و غيرها من متعبديها و ناسكيها، و لم تنفع أدعية المؤمنين و المؤمنات من أجل أن يتوقف الوباء، و قد كان ذلك صفعة مدوية لكل المعتقدات، ضدا على الأفكار الرائجة حول الحصانة القدسية لتلك الأماكن، فسقطت أوراق التوت معرية عورات الفقهاء و الشيوخ و رجال الدين بصفة عامة و الدجالين و المشعوذين ... و حقق كوفيد 19 انتصارا باهرا على "الله" في عقر أماكنه المقدسة، حيث لم تنفع التعاويذ و لا غيرها ...
و تعرض الاقتصاد الرأسمالي العالمي لهزة كبيرة و زلزال عظيم، في سياق أزمة غير مسبوقة دائمة و متنامية، و تراجعت الأنشطة التجارية و الصناعية و الفلاحية و غيرها إلى أدنى مستوياتها، و خيم شبح المجاعة و الخصاص على العالم، و ظهرت الدول الكبرى عاجزة و ضعيفة في مواجهة الأزمة الصحية الجديدة الناتجة عن الجائحة العالمية، فانفضحت السياسات "النيوليبرالية" في مجال الصحة والخدمات الصحية، فاكتشف العالم بالجرم المشهود النتائج الكارثية لتلك السياسات، حيث قلة الدواء و قلة المستشفيات و الأطر الصحية، و ظهرت عورات الدول الكبرى عندما عادت المالتوسية الاجتماعية، بل و الداروينية الاجتماعية، وقدم الشيوخ والعجائز قربانا في معركة مواجهة كورونا، حيث ينقلون إلى مقابر جماعية، أو عبر شاحنات عسكرية في توابيت معزولة إلى مثواهم الأخير . انعدم الدواء وشح الأوكسجين ومات الناس من مختلف الأعمار نتيجة السياسات الصحية المعادية للإنسان، هكذا، وكمتلازمة، يدمر الإنسان بعد تدمير الطبيعة، خدمة للربح الأقصى محرك الاقتصاد الرأسمالي العالمي، وإنه لملفت للنظر أن تظهر للعيان عيوب النظام الرأسمالي في مراكزه، لما بدأت بلدانه تتوصل بمساعدات من بعض دول "الجنوب" في شكل كمامات وأدوية وأطر طبية ...
ومن نتائج كوفيد 19، أن انفضح ما يسمى بالاتحادات الرأسمالية وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، عندما تخلى عن كل دعم لدول أوروبا الجنوبية المنضوية في هذا الاتحاد، التي تركت لمصيرها، حيث تزايدت أعداد الإصابات والوفيات، وتراكمت الجثث في أقبية المستشفيات، مما فجر غضب الجماهير، بل حتى بعض المسؤولين على رأسهم رؤساء دول، ورؤساء حكومات، اللذين هددوا بالانسحاب من الاتحاد، بل بلغ الأمر حد تمزيق علم الاتحاد الأوروبي في أكثر من حالة.
وعرفت البلدان التابعة أزمات حادة عمقت من طبيعة الأزمات البنيوية التي تنخر الهياكل الاقتصادية الهشة أصلا في هذه البلدان، نتيجة التبعية و اتباع سياسات البنك الدولي و صندوق النقد الدولي ذراعا النظام الرأسمالي الامبريالي العالمي، وكذلك سيادة طبقات اجتماعية كمبرادورية هجينة و عميلة، و استفحلت الأوضاع الصحية في ظل غياب المستشفيات و قلة، بل ندرة الأطر الصحية و الأدوية و اختفاءها من السوق، و التخلي عن مجانية الصحة، و العشوائية و الارتجالية و غياب أية استراتيجية صحية لمواجهة الجائحة، مما ساهم، أمام تراجع الاقتصاد، في تأزيم الأوضاع الاجتماعية، حيث أصبحت المجاعة قدرا يوميا يعيشه المواطن في هذه البلدان.
وبعد فترة قصيرة من الذهول والارتباك أمام وصول هذا الضيف غير المرغوب فيه، وبعد لجوء الأنظمة في مراكز الرأسمالية العالمية وأطرافها إلى سن سياسات دكتاتورية وقمعية معادية للحقوق الديموقراطية والإنسانية، وانفضاح السياسات الصحية الطبقية، عرفت هذه البلدان انفجارا في الأوضاع أدى إلى خروج الجماهير في مسيرات ومظاهرات ضد تلك السياسات، التي سنت تحت شعار "الحجر الصحي" لمحاصرة الوباء، وبهذا المعنى يكون الوباء قد ساهم في تأجيج الصراعات الطبقية في هذه البلدان.

I - أزمة كوفيد19 والأزمة العامة الثانية للرأسمالية:

إن أزمة كوفيد 19، التي تحولت إلى جائحة عالمية توافق دخول الرأسمالية العالمية في فترة جديدة من تطورها، تعلن عن تراجع نمط الإنتاج الرأسمالي، الذي أصبح يعيش أزمة متواصلة، تعكس إلى حد كبير تعمق تناقضه الأساسي، الذي يعمق بدوره أحد تناقضات الرأسمالية القاتلة، التي أصبحت صارخة، ونعني بذلك التناقض بين المدن والبوادي، الذي حول حياة الناس، في ظل الرأسمالية إلى جحيم لا يطاق.
وأصبحت الطبيعة بدورها تعرف اختلالا كبيرا، نتيجة الهجوم التدميري عليها من طرف نمط الإنتاج الرأسمالي، الباحث باستمرار عن كل الطرق والوسائل، التي تضمن استمراره. ومع ذيوع أزمة كوفيد 19، دخل العالم في لحظة جديدة، تتميز بكون نمط الإنتاج الرأسمالي فيها قد أصبح يواجه أزمة مزدوجة غير قابلة للتجاوز، حيث يقابل فائض إنتاج الرأسمال، فائض إنتاج البضائع والعكس صحيح.
خلافا للكتابات السطحية، الصحافية و غيرها، ليست الأزمة الصحية هي التي ولدت، بالمعنى الضيق الأزمة العامة الثانية لنمط الإنتاج الرأسمالي، ذلك أن الأزمة لا يمكنها أن تتولد إلا ضمن التناقضات الداخلية للرأسمالية، و لذلك، يعتبر الماركسيون – اللينينيون كوفيد 19، كمرض يحمله فيروس، نتاج تحول، سببه تطور التناقض بين المدن و البوادي في سياق تطور نمط الإنتاج الرأسمالي، الباحث باستمرار عن الربح الأقصى، كمحرك لتطوره، مما يجعلنا نؤكد أن الإنتاج الرأسمالي هو الذي يولد الأزمات الصحية باستمرار، و نحن هنا أمام وضع وصلت به الرأسمالية إلى حدوده القصوى، أدى بها إلى الدخول في نزاع و تناقض مع الحياة نفسها، فاستعمالها الأقصى للعمل الإنساني و للموارد الطبيعية دخل في تناقض مع الواقع المادي الطبيعي نفسه.
بالعودة إلى الأزمة العامة الأولى لنمط الإنتاج الرأسمالي، نجد أن ثورة أكتوبر العظيمة، التي تولدت من داخل نمط الإنتاج الرأسمالي نفسه في إحدى حلقاته الضعيفة، ساهمت في انفجار الأزمة العامة الأولى للرأسمالية، والتي تميزت بتعمق كبير للتناقض بين العمل اليدوي والعمل الفكري (انظر في هذا الصدد "مشكل المثقفين" لكلارا زتكين) في حين تتميز الأزمة الثانية بتعمق التناقض بين البادية والمدينة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار سيرورة تطور الرأسمالية عالميا، فبالإمكان القول أن الأزمة الثانية هي امتداد للأزمة الأولى.
يعتقد الكثيرون (الاشتراكيون الديموقراطيون، الإصلاحيون، وأبواق الدعاية الامبريالية، وبعض السذج من المثقفين السطحيين) أن نمط الإنتاج الرأسمالي يظهر إمكانية تجاوز أزماته، والحقيقة هي العكس، ومن يقول بذلك يسقط في خطأين، وهما:
1- الاعتقاد الأول، أن تطور النظام الرأسمال هو لا نهائي.
2- الاعتقاد الثاني، أن تطور النظام الرأسمالي قادر على التفكير ...
إن الوقائع المادية على الأرض تثبت كلها عكس ذلك، فأزمة نمط الإنتاج الرأسمالي تتعمق، وتتخبط، بقدر ما هو مسيطر ومهيمن.
هناك عنصران يساهمان في تحديد ما يطلق عليه بالأزمة العامة لنمط الإنتاج الرأسمالي، وهما، وجود فائض إنتاج كبير وضخم من الرساميل، وفي نفس الوقت فائض إنتاج ضخم من البضائع، ولا مجال هنا للحديث عن العلاقة الجدلية بين الطرفين.
عند الحديث عن مفهوم الأزمة، فالتيارات الانتهازية اليمينية، تؤكد في تحاليلها فقط على فائض إنتاج الرأسمال منددة بما تسميه بالأوليغارشية، وهو التحليل الذي يقود أصحابه إلى رفع شعار "مناهضة النيوليبرالية" وليس مناهضة الرأسمالية، بينما يركز بعض "اليسراويين" على فائض إنتاج البضائع، فيطالبون بتوزيع الخيرات، كما رأينا ذلك في العديد من الحركات التي اجتاحت العالم العربي.
ومن وجهة نظر الفكر الماركسي، كما حدده ماركس، فهناك جمع، بشكل جدلي بين فائض الرأسمال وفائض البضائع، ومن وجهة نظر هاته، فنحن أمام وضع دخل فيه نمط الإنتاج الرأسمالي في فترة من التطور، أصبحت فيه الاحتكارات أكثر قوة من السابق، فقامت بتجفيف دورات تنمية الرأسمال، وذلك بتعويضها للاستغلال الرأسمالي المنتج باستغلال أكثر استبدادا من طبيعة طفيلية.
لقد مس الحجر الصحي مجموعة من الأنشطة الاقتصادية، وتوقف الكثير منها، بل هناك من أفلس.
فما هي الأنشطة التي توقفت؟ وما هي تلك التي استمرت رغم العوائق؟
إن العمال اليدويين قد تم الضغط عليهم لكي تستمر أنشطتهم، بينما ما يمكن تسميته بالعمل الفكري قد ألقي به فيما يسمى بالعمل عن بعد، لكن هذا لم يمنع من حصول تراجع عميق للنشاط الاقتصادي بشكل عام، و قد تفاجئ الرأسماليون عندما أدركوا جزئيا، أن نمط الإنتاج الرأسمالي عرف توقفا لدوراته الإنتاجية، و هذا بالنسبة لهم لا يطابق الطبيعة المتواصلة و الموسعة باستمرار للدورة الإنتاجية، و من هنا بالإمكان إدراك، أن الأزمة العامة لنمط الإنتاج الرأسمالي الآن ، لم تعبر عن نفسها بشكل رئيسي، كجمود إنتاجي، و جمود في الاستهلاك، بل كتمظهر رئيسي، عبر انكسار في انطلاقتها، لأن طبيعتها هي العيش من انطلاق للرأسمال إلى انطلاق آخر، ومن هنا، جاء فائض إنتاج الرساميل، ذلك أنه مع الحجر الصحي، و حالة البلوكاج، أصبح الرأسمال لا يعرف كيف يستثمر نفسه، في وقت كان فيه يتموقع بشكل مباشر، من انطلاق إلى آخر، و الحصيلة، وجود رأسمال ضخم بدون بوصلة، معاق في تطوره، لا يدري أين يتوجه، و الحال أنه، جدليا، كان هذا الرأسمال فيما سبق، يأتي من تحقيق الدورات السابقة، لكن الحجر أوقف توزيع البضائع، فوقع فيها تراكم كبير التي لم يتم بيعها، و من هنا الحديث عن فائض الإنتاج في البضائع، وحصل أن عددا كبيرا من البضائع تم فقدانها لأن مدة صلاحيتها قد انتهت، والحصيلة، أننا دخلنا لحظة تاريخية، حيث أن نمط الإنتاج الرأسمالي لم يكن بإمكانه أن يتحقق باستعمال الفضاءات الممكنة. هنا يمكن الحديث عن مشكل تنمية الرأسمال كصدى مباشر لتحطيم كل ما هو طبيعي على الصعيد العالمي لفرض تحقيق وتنمية الرأسمال القائم مهما كان الثمن.
إن اجتثاث الغابات لا يتم لأن أناسا فقدوا فقط أخلاقهم، بل لأن هناك رأسمال موجود من أجل هذا، ويهدف إلى تنمية ذاته على حساب الإنسان والطبيعة، وقد وصلنا الآن إلى وضع تظهر فيه الطبيعة كحد تاريخي لنمط الإنتاج الرأسمالي، تلك الطبيعة التي يعمل نمط الإنتاج الرأسمالي على إنكارها باستمرار، ضاربا عرض الحائط ب "كرامة الواقع"، ومن هنا يمكن ملاحظة بروز العديد من الظواهر مثل:
وهو ما يعني الإنجاب بمساعدة طبية، و GPA (تأجير الأرحام) PMA
و ترانسهومانيزم (4) (دمج الإنسان و الآلة) و التحول الجيني، و رفض العائلة التقليدية (رجل و امرأة) وإنتاج أنواع جديدة من المخدرات ...
عندما لا ندرك أهمية التناقض الذي يتطور في سياق الرأسمالية، ونعني هنا التناقض بين المدن والبوادي، فإننا لا نرى ولا نفهم أن الأزمة العامة لنمط الإنتاج الرأسمالي، ليست نتيجة سبب بسيط، بل ظاهرة جدلية، فإذا أدركنا الحركة التي جعلت نمط الإنتاج الرأسمالي يصل إلى حده، فإننا نتوجه حتما نحو مسألة الطبيعة والحيوان. فقد حاول الإنتاج الرأسمالي تحويل عجزه عن التنمية، من خلال محاولة تغيير جدري للواقع الطبيعي، وليس الأمر هنا مجرد تدمير فقط، بل تدخل في الطبيعة وتغييرها، فقد وصلت الرأسمالية إلى قمة جنونها بضربها لمفهوم "كرامة الواقع"، فهي اليوم تريد تغييره، لأنه أصبح حدا لاستمرارها الذي تريده أن يكون لانهائيا.
إن التحويل الفيزيولوجي للكائن البشري، الذي نعيش اليوم اللحظات الأولى لانطلاق تحقيقه، لم يعد مجرد فكرة من أفكار أفلام الخيال العلمي، بل نرى أن الشركات الكبرى وملحقاتها العلمية، وعلمائها المرتزقة، يعملون ليل نهار، لتحقيق السبق في هذا المجال، من أجل إنسان جديد، الإنسان الآلة، وهو ما يطلق عليه اليوم في مجال ترانسهومانيزم "ما بعد الإنسان". إن هذا التدمير المبرمج للإنسان يرافقه من جهة أخرى، استعمال منهجي للحيوانات في الصناعة، وذلك بهدف فتح أسواق جديدة وتوسيع إمكانية تنمية الرأسمال، والحد من تأثير قانون الانخفاض الميولي لمعدل الربح.
إن هذه التحولات ترافقها عناصر جديدة تمس الثقافة والحضارة، فقد طورت البورجوازية مفهوم ما بعد الحداثة، لتضرب، من جهة، القيم المحافظة، التي ظلت تدافع عنها، ومن جهة أخرى تدمير كل قيم العقل والفكر والإيمان بالإنسان وفكرة التقدم، التي أتت بها عصور الأنوار، فصارت، تحت غطاء "النسبوية" تبرر الأفكار الظلامية وفقدان الثقة في الإنسان.
لقد تراجعت البورجوازية عن كل القيم الإنسانية ودخلت مرحلة السقوط والانهيار، لذلك فليس غريبا أن نجد "النسبوية" وفلسفة ما بعد الحداثة قد أصبحتا مفهوما للعالم.
إن البروليتاريا والاشتراكية الثورية، هما الوريث الشرعي لقيم العقل والديموقراطية والإنسان، فمخطئ من يعتقد بإمكانية عودة البورجوازية إلى الوراء، لأن التاريخ لا يسير القهقرى، ولأن البورجوازية لا تستطيع تجديد جلدها، و واهم من يعتقد أنه بتبنيه للقيم البورجوازية القديمة، سيعيد إحياءها في تربة أخرى، فلا سبيل للاختيار، فإما البربرية و إما الاشتراكية بتعبير الشهيدة روزا لوكسمبورغ.

II - من الطاعون إلى كوفيد 19: سبع معطيات حول تاريخ الأوبئة:

1 ـــ المعطى الأول: هل الأوبئة قديمة قدم الوجود الإنساني؟
باستقراء الحقائق التاريخية والاكتشافات العلمية، وبالعودة إلى عهود ما قبل التاريخ، وخاصة عندما عرف العالم تحولات تاريخية كبرى (12 ألف سنة قبل الميلاد بالنسبة للشرق الأوسط، و10 آلاف سنة بالنسبة للصين) تمثلت في ظهور الزراعة وتربية الماشية، فقبل ذلك، وخلال مئات آلاف السنين السابقة، كان الناس يعيشون من الصيد والقطف، ويعيشون في جماعات صغيرة تتحرك جغرافيا باستمرار في فضاءات كبيرة، حيث لا يلتقون فيما بينهم إلا ناذرا، مما كان يجعل من المستحيل انتقال الأمراض المعدية.
وقد ساهم ظهور الزراعة وتربية الماشية خلال الثورة النيوليتيكية في تغيير المعطيات، بسبب أنه، من الآن فصاعدا، بدأ الناس يتجمعون في جماعات مدمجة ومستقرة أكثر فأكثر في قرى ومدن، حيث أصبح من الممكن أن تنتشر العدوى بين الناس، ولأنهم أصبحوا يعيشون في احتكاك يومي مع الحيوانات، هاته الكائنات الحية الناقلة لفيروسات متغيرة باستمرار، ستصبح مسؤولة عن أكبر الأمراض الجديدة، خاصة مع تطور احتكاك الناس فيما بينهم.
2 ـــ المعطى الثاني: الطاعون كأشهر الأوبئة (الطاعون الكبير):
عرفت الحضارات القديمة الفرعونية في مصر وبلاد الرافدين وفي الامبراطورية الرومانية وفي اليونان انتشارا متكررا لوباء الطاعون، لكن أكبر طاعون عرفه التاريخ هو ذلك الذي انتشر في أواسط القرن14، حيث أطلق عليه "الطاعون الأسود"، بل سماه الانجليز والألمان ب "الموت الأسود". ففي سنة 1346، كان الماغول من حفنة الذهب (إحدى الامبراطوريات المنبثقة من غزوات جانكيزخان) قد حاصروا مدينة كافا، وهي ميناء في القرم، كان الجنويون (نسبة إلى جنوة) قد أقاموا فيه مركزا تجاريا. وقد أصاب الوباء الجنويين المقيمين في هذه المدينة، ذلك أن مجموعة من القوارض (الفئران) قد تجاوزت قلاع المدينة من الأسفل ناقلة المرض إلى الجنويين، وهكذا أصاب المرض الطرفين المتصارعين فأضعفهما مما جعلهما يقيمان هدنة. بعد ذلك انتقل الجنويون في سفنهم حاملين المرض معهم، تلك الهدية المشؤومة، فنزلت سفنهم في القسطنطينية، ومعها الوباء القاتل، ومن القسطنطينية انتقل الوباء إلى ميسينا وهي مدينة إيطالية، ومن تم إلى مرسيليا، حيث كان الوباء قد غاب عن هذه المدن مدة طويلة، ففقدت بذلك كل مناعة ضد هذا الوباء. وخلال فترة لا تتعدى ثلاث أو أربع سنوات، انتشر المرض بشكل واسع ليمس أوروبا كلها وكل شمال إفريقيا والشرق الأدنى والمتوسط، ويقال أنه قد مس دول إفريقيا جنوب الصحراء لكن بدون وجود وثائق تؤكد ذلك، هكذا مات ما بين ربع و ثلث ساكنة أوروبا مما تسبب لها في نزيف ديموغرافي.
وكان من نتيجة ذلك، اندلاع موجات عنف ضد اليهود، اللذين اتهموا بنقلهم للوباء من خلال تسميمهم للآبار، هكذا، نظمت المجازر على أعلى درجات الوحشية وبموافقة السلطات، وذلك في مملكة فرنسا، و وادي الراين، وحده البابا حاول تهدئة الأمور باستعمال حجة منطقية، مفادها أنه لماذا اتهام اليهود بنشر الوباء ما داموا هم كذلك من ضحاياه؟ ولعل أشهر طاعون، هو طاعون لندن، الذي انتشر سنة 1665، وقتل واحدا من خمسة من الساكنة.
3 ــــ المعطى الثالث: حول ما سمي ب "جدار الطاعون":
في سنة 1720، انتشر الطاعون في مدينة مارسيليا، وكان نتيجة وصول سفينة محملة بأثواب الحرير وغيرها قادمة من الشرق، وكانت الأثواب تحمل براغيث تحمل جرثومة المرض المنقول إليها من الفئران، فوضعت منطقة البروفانس تحت الحجر الصحي، وأقيمت حواجز في وجه المتنقلين للتأكد من عدم نقلهم للمرض، فوضع جدار كبير للحماية من انتشار الوباء امتد أحيانا إلى 36 كلم، وهو ما سمي ب "جدار الطاعون".
4 ــــ المعطى الرابع: الصدمة الميكروبية ما بعد الكولومبية:
لعل أكبر كارثة صحية في التاريخ، هي تلك التي يسميها المؤرخون و العلماء ب "الصدمة الميكروبية ما بعد الكولومبية"، ذلك أن الهنود في القارة الأمريكية كانوا يعيشون في عزلة عن باقي العالم بدون احتكاك مع الفيروسات و البكتيريات، لكن مجيء الاسبان إلى القارة الأمريكية بقيادة كولومبوس في 1422 حمل معه مجموعة من الفيروسات و الميكروبات لم يكن يعرفها الهنود، و يتفق المؤرخون اليوم على أن السلاح القاتل الذي سمح للغزاة أمثال بيزارو و كورتيس بالقضاء على الامبراطوريات القديمة للأزتيك والأنكا، هو السلاح البكتيريولوجي المتمثل في الأوبئة، من قبيل الجدري و الحصبة، التي ساهمت في إبادة الهنود، و كما يعتقد الهنود في كون آلهتهم انتقمت من الإسبان، قام هؤلاء الأخيرين بنقل العديد من الآفات، فنقلوا معهم مرض السيفليس الذي انتشر في أوروبا منذ بداية القرن 16. وفي نهاية القرن 18، تم اكتشاف جزر أوقيانوسيا (تاهتي) من طرف اسبانيا، فكانت سنتان كافيتان لتصبح تلك الجزر فارغة من سكانها.
5 ــــ المعطى الخامس: أوروبا القرن 19 والكوليرا:
عرف القرن 19 في أوروبا انتشار مرض الكوليرا، الذي تسببه باكتيريا فيبريون كولينج، والذي يؤدي إلى الموت بعد التسبب في إسهال كبير يؤدي إلى جفاف الجسم. لقد كانت البؤرة الأصلية للوباء في واد الغانج في الهند، حيث كان ينتشر استعمال سماد الروث البشري، هكذا انتشر الوباء بعدما كان منعزلا في آسيا لينتشر في العالم كله، نتيجة مجموعة من الأسباب، وهي العولمة واتساع التجارة العالمية واستعمال السفن البخارية واتساع سلسلة السكك الحديدية.
ومن بداية القرن 19 إلى أواسط القرن 20، انتشرت سبع جائحات ستمس آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، لكنها لم تمس أوروبا. وفي سنة 1832، مس وباء الطاعون مدينة لندن وباريس، حيث سقط الناس صرعى في مدينة باريس وقد وصل العدد إلى 20 ألف ضحية بمن فيهم رئيس الحكومة آنذاك كاسمير بيير بيريي.
6 ــــ المعطى السادس: إنفلوانزا 1918 الإسبانية:
سمي هذا الوباء بالإسباني لأن إسبانيا التي كانت محايدة في الحرب العالمية الأولى، التي كانت تدور رحاها عندما انتشر الوباء، فتحدثت الجرائد عن الوباء باعتباره إسبانيا، و قد خيم الصمت حول هذا الوباء بين أطراف الصراع، في محاولة لكل طرف عدم إعطاء الانطباع باحتمال إمكانية إضعافه، فاكتفت كل العناوين الكبيرة للصحف الفرنسية و الانجليزية و الألمانية، بإعطاء انطباع بأن هذا المرض الغريب و البعيد لا يصيبهم، و كان ذلك خطئا فادحا نظرا لنتائجه الكارثية، حيث سيودي بحياة ما بين 80 و 100 مليون شخص، فقد انتشر الوباء في العالم كله.
7 ــــ المعطى السابع: بصدد اكتشاف اللقاح:
لقد كان الصينيون أول من استعمل اللقاح ضد الأوبئة، لأنهم أدركوا مبدأ المناعة، انطلاقا من تجربة وباء الجدري، فتعلموا أنه لا يمكن الإصابة بها مرة ثانية بعد إصابة أولى، ومن هنا تولدت الفكرة بأنه إذا تم نقل جرعة قليلة من المرض إراديا إلى فرد ما، يتم حماية الشخص من الداء، وانتقلت الفكرة إلى الامبراطورية العثمانية، وعبرها إلى أوروبا في القرن 18، وقد كان الطبيب الانجليزي إدوارد جينير (1749 - 1823) أول من طور تقنية اللقاح، وجاءت أولى اللقاحات على يده.

III - من ذاكرة التاريخ : ثلاث أوبئة ساهمت في تغيير العالم :

يكاد يتفق مؤرخو الأوبئة على أن من بين العديد من الأوبئة هناك ثلاث أوبئة لعبت دورا هاما في تغيير مجرى التاريخ، أولها طاعون أثينا، ثانيها طاعون جوستينيان وثالثها الطاعون الأسود.
1 ــــ طاعون أثينا: (يقول العلماء اليوم أنه التيفوئيد وليس طاعونا):
لقد ضرب هذا "الطاعون" أثينا سنة 130 قبل الميلاد، و قد كان اليونان القديم مقسما إلى مجموعة من المدن – الدول و في مقدمتها أثينا و سبارطة خصمها العنيد، و كان لكل منهما مناطق نفوذ و تحالفات تسعى إلى تحقيق القوة و السيطرة، و كانت أثينا دولة – مدينة تعيش على التجارة، و قوتها تقوم على البحر من خلال عدد السفن التي تمتلكها، كما كانت أثينا تعيش من دفع الإتاوات المفروضة على مجموعة من المناطق، التي كانت توجد تحت نفوذها، و كانت سبارطة الخصم القوي لأثينا تسعى لبناء قوتها هي الأخرى في البحر لمواجهة أثينا، و عانى اليونان من الانقسامات نتيجة ذلك، و خلال إحدى الحروب بينهما، قام بيركليس، زعيم أثينا المنتخب ديموقراطيا ببناء حصن حول المدينة، استعدادا للحرب مع اسبارطة، و كان السكان اللذين يعيشون داخل الحصن يقدرون ب 40%، لكن "الطاعون" سرعان ما تفشى في المدينة فمات الكثيرون، و من بينهم بيركليس نفسه زعيم أثينا، و نتيجة ذلك انتشر التذمر و الانشقاقات في صفوف الأثينيين، لكن سرعان ما أدرك الإسبارطيون أن الوباء قد انتشر في أثينا، فتراجعوا خوفا من "الطاعون"، لكن بعد ذلك استغل الإسبارطيون الفرصة فاستقطبوا العديد من المرتزقة، و بنوا قوة بحرية، و حققوا الانتصار على أثينا ليدخل اليونان في مرحلة حروب لا تنتهي.
كان ل "الطاعون" أثر كبير على أثينا من حيث اضطراب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مما أدى إلى انتقال أثينا من حكم ديموقراطي إلى حكم أوليغارشي، وهو ما سيطلق عليه ب حكم "الطغاة الثلاثون" (المعني هنا هم أصحاب المال اللذين كان عددهم ثلاثون) فزاد الاستغلال والاضطهاد والفقر، وتراجع الحق في التصويت ليتقلص إلى من يملكون أسلحة (هوبليت) يقدر ثمنها بثمن 20 بقرة، وهكذا ساهم "الطاعون" في سقوط أثينا وديموقراطيتها وانتقالها إلى الحكم الأوليوغارشي.
2 ـــ طاعون جوستينيان وأسطورة انتصار العرب على الروم والفرس:
يعزو العرب و مؤرخوهم انتصارهم على جيش الحبشة بقيادة أبرهة إلى دعم من الإله، الذي أرسل "طير أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل" مؤكدين على أسطورة انتصار قوة صغيرة على جيش عرمرم بفضل دعم الملائكة، و هو ما سيؤكدون عليه مرة أخرى من خلال الحديث عن الفرس و الروم، و الحال أن ما أسموه ب "العصف الماكول" ليس سوى طاعون رئوي يفتت الرئة، و عندما يبصق المصاب فهو يلقي قطعا من نسيج الرئة فتلتقطها الطيور، "أبابيل" هنا، و هي مصدر انتشار الوباء، لكونها تتناول الجثث، و المقصود هنا في الواقع طيور الرخمة، التي هي طيور القمامة، و نوع من الجوارح التي كانت تتبع الجيوش لتأكل من الجثث، و من المعروف أن الدم عنصر معد، و مما يؤكد ذلك فإن الأقباط ذكروها في كتبهم.
لقد ضرب طاعون جوستينيان الروم (بيزنطة) سنة 540 ميلادية، واستمر إلى 690 ميلادية (حسب ويكيبيديا من 541 إلى 767، وهناك تواريخ أخرى، إلا أن الغالب هو استمرار الوباء لمدة 200 سنة)، وقد أودى بحياة 100 مليون شخص حسب بعض الدراسات.
لقد أصاب وباء جوستينيان الامبراطورية البيزنطة وخاصة عاصمتها بيزنطة، وكذلك الامبراطورية الساسانية (بلاد فارس) والمدن الساحلية حول البحر الأبيض المتوسط بأكمله، وانتقل إلى الهند وسواحل الخليج، حيث كانت السفن التجارية تأوي الفئران المصابة، التي كانت تحمل البراغيت الناقلة للوباء.
لقد كان لوباء الطاعون في بلاد الروم أثر كبير على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، فانفجرت الأزمات التي شكل الطاعون بدايتها، هكذا انطلقت أزمات دينية وأزمات سياسية – دينية، أدت إلى تحولات كبيرة. لقد سبب الوباء، بالإضافة إلى أزمات تجارية واقتصادية، نشوء وضع جديد ضرب التضامنات القبلية، وعمق الفوارق الاقتصادية في بلاد الروم.
لقد أودى الوباء بحياة 40% من البيزنطيين، ومس بشكل خاص أعدادا كبيرة من الطبقات الوسطى والجيش والشباب القابل للتجنيد.
هذا هو السياق الذي أدى إلى سقوط امبراطورية بيزنطة، التي أصيبت بضعف شديد نتيجة الوباء، الذي طال أمده، فانتقلت الهيمنة الرومية على الحضارة إلى العرب القادمين من شبه الجزيرة العربية الصحراوية المناخ.
3 ــــ الطاعون الكبير أو "الموت الأسود":
يستخدم مصطلح "الطاعون الأسود" أو "الموت الأسود" للإشارة إلى وباء الطاعون، الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين سنتي 1347 و 1352، و تسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة، و قد انتشرت أوبئة مشابهة في نفس الوقت، في آسيا و الشرق الأدنى، مما يوحي أن هذا الوباء الأوروبي كان جزءا من وباء عالمي أوسع نطاقا، و انتهى الوباء سنة 1353 حسب بعض الدراسات، لكن الوباء كان له أثر كبير على تطور أوروبا اللاحق، نتيجة الخلخلة التي تسبب فيها على مستوى الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية و السياسية، فتغيرت الخريطة الاجتماعية، و تأثر بحكم ذلك الوضع الاقتصادي، و اهتز البنيان الفكري و الديني، و بدأت تتقوض أسس حكم النظام الإقطاعي، لتدخل أوروبا عصر النهضة. هكذا، عرفت الفنون والحرف تحولات بعدما كانت وراثية، وتنمى نمط الإنتاج الحرفي، واكتسب فلاحو أوروبا نوعا من الحرية الشخصية مقابل تقديم ريع وإتاوات للإقطاع، وظل الارتباط الشخصي بالأسياد الإقطاعيين قائما، ولأن الوباء ضرب أكثر من ربع سكان أوروبا، فقد فقد العديد من العاملين لحرفهم، لتظهر لأول مرة يد عاملة حرة فائضة، نتيجة لمناصب الشغل التي أصبحت شاغرة بشكل كبير، مما ساهم في تحسين وضعية العمال من حيث شروط عملهم. أما الفلاحون، اللذين كانوا يشكلون ثلثي المجتمعات الأوروبية، و اللذين كانوا قد اكتسبوا نوعا من الحرية الشخصية، و نوع من حرية الاتجار بخدماتهم، فقد جرهم ارتفاع الأجور في المدن ليلتحقوا بها بحثا عن عمل، هكذا بدأت تتشكل سوق عمل جديدة في أكبر المدن الأوروبية، سيساهم نمو التجارة في اتساع نطاقها نظرا لتمركز الرساميل التجارية بها، لتصبح تلك المدن منطلقا لنمو الرأسمالية لاحقا لما توفرت عوامل أخرى، الشيء الذي لم يتوفر للمناطق الأخرى المصابة، كمنطقة الشرق الأدنى و المتوسط و الأقصى، فدخلت أوروبا عصر النهضة، و بدأ الغرب الأوروبي يتقدم ليحقق قدم السبق في ذلك.
تسبب الوباء في أوروبا في زلزال عنيف أصاب المؤسسة الدينية السائدة، لما بدأ الناس يتهكمون من الرؤى الدينية، و رأوا بأم أعينهم كيف أصاب الوباء الجميع، و لم تنفع معه كل الصلوات، فرأوا قساوسة و رجال الدين عموما، و الناس المؤمنين و قد نال منهم الطاعون فلقوا حتفهم، بينما رأوا كذلك العديد من المجرمين و القتلة و اللصوص لم ينل منهم الطاعون، بينما سقط أطفال و أبرياء و مؤمنون، و سقطت كذلك مناعة رجال الدين و تهاوت القداسة أمام تغول الوباء، فانفجر العقل الديني، وبدأت المعتقدات و الخرافات تتهاوى تباعا، و تحول العديد من رجال الدين، من رجال دين إلى مثقفين، و انطلق نقد الدين تدريجيا، و بدأت الفلسفة تعرف نوعا من التطور، كما ظهر نوع من المثقفين الأحرار.
لقد كانت أوروبا تتطور في اتجاه تشكل شعوبها القومي، وتحولت اللغات المحلية إلى لغات قومية، وبدأت الدولة في بعض المناطق تعرف نوعا من التمركز، فتشكلت مجموعة من العناصر الممهدة للانتصار اللاحق لطبقة جديدة ظهرت في المدن، هي البورجوازية، نسبة إلى بورغ، وهي المدينة الصغيرة في القرون الوسطى، وبقي عنصر وحدة السوق القومية ينتظر تشكيله، لتكتمل صورة التطور الرأسمالي، فجاءت الثورة الانجليزية في 1679 وبعدها الثورة الفرنسية في 1789 لتفتحا طريق الانتصار الحاسم للطبقة البورجوازية على الإقطاع.

VI ــــ الكوسموغونيا، الكوسمولوجيا، الإسكاتولوجيا ونهاية العالم :

(الفزع الذي لا ينتهي)
تعيش أغلبية كبيرة من سكان الأرض تحت تأثير الأساطير والخرافات، التي تتحدث عن نهاية العالم، وتلعب الديانات دورا كبيرا في نشرها، ويعيش الإنسان بحكم تأثيرها في فزع وقلق لا ينتهيان.
عندما اكتشف العلماء والباحثون ليومية المايا المنقوشة على حجر، وجدوا أن حضارة المايا قد قامت بحسابات تتنبأ فيها بنهاية العالم في 21 دجنبر 2012. ولا تخلو كل الديانات والمعتقدات القديمة من تواريخ مماثلة تتنبأ فيها بنهاية الزمن، وقد نشأ علم خاص يسمى الإسكاتولوجيا، ويختص بدراسة نهاية الزمن، وتأسس المصطلح لأول مرة في 1864، وسنقوم هنا بمحاولة للتذكير بأهم هذه الأساطير والخرافات، التي تسببت وتتسبب في فزع الناس وخوفهم المستمر، خاصة وأن أغلبها يربط بين هذه النهاية وسلوكات الإنسان وممارساته.
1 ــــ مفهوم الزمن الدائري، أو الزمن كعجلة أو سهم:
لقد تبلور هذا المفهوم في التاريخ القديم لتفسير نهاية العالم، وارتبط عند مبلوريه بدورة أو تعاقب الفصول، أي الاختفاء من أجل العودة والولادة من جديد، وانتشر هذا المفهوم الدائري عند بعض الشعوب في الهند وبلاد الأمازون، ففي الهند يعتبرون أن تفسخ "البرالايا" يسببه دخول البراهمة (مهندس الكون) في حالة نوم، ويحمل هذا المفهوم تصورا متفائلا، لأنه مرتبط بالعود الأبدي.
أما الصيغة المصرية القديمة لمثل هذا التصور، فتتمثل في اختفاء الإله رع كل ليلة وراء الأفق ليولد من جديد في الصباح، أما في اليونان فإن بيرشيفون يعود بالحياة بخروجه من الجحيم لبضعة أشهر.
2 ــــ الزمن الخطي:
لقد كان العبرانيون وراء هذا المفهوم، الذي يرى أن الزمن يمضي بطريقة لا عودة فيها بين البداية والنهاية، من نشوء آدم باعتباره بداية الكرونولوجيا التوراتية إلى نهاية الزمن، وبالتالي نهاية الأرض. وبشكل مواز لهذا المفهوم، الذي يعتمد على مفهوم لعالم منته، أنشأت الديانات الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، القناعة بأن هناك عالم آخر من غير ذلك الذي يعيش فيه المؤمنون، عالم يتميز بالكمال ولا يعرف الشر والموت، وقد وجدت بذور هذه الأفكار عند الفراعنة والديانة المجوسية. إن هذا الأمل في حياة خالدة لا ينفي الفزع والقلق، لأنه قبل السعادة الأبدية لابد من مواجهة الكوارث المؤدية إلى تحطيم المجتمعات القديمة، بمعنى آخر، يتولد خوف وفزع باستمرار.
وكنتيجة حتمية لهذا التصور، كان لابد من اختراع طريقة للتخلص من أوساخ الحياة اليومية المجتمعية، وضمان انتقال سلس للحياة الأبدية عبر "مسح الطاولة" وتنظيف العالم من الذنوب والآفات.
- التنظيف بمياه كثيرة: أسطورة الطوفان:
إن القيام بهذا العمل، وبشكل منتظم، يسمح لكل الآمال أن تعود من جديد، وقد حضرت هذه الفكرة لدى العديد من الحضارات، وأسطورة الطوفان إحدى أقدمها والأكثر انتشارا في العالم:
عند سكان بلاد الرافدين:
اكتشف المؤرخون أن بلاد الرافدين كانت تنتشر فيها أسطورة أتراهاسيس (17 قرنا قبل الميلاد)، كما وجدوا ملحمة جلجاميش حوالي 20 قرنا قبل الميلاد، وذلك في مكتبة الملك الآشوري آشور بانيبال، وتتحدث الملحمة عن الطوفان تماما، كما تم الحديث عنها في سفر التكوين حوالي القرن السابع قبل الميلاد، أي 13 قرنا بعد ذلك، وهكذا نشأت أسطورة سفينة نوح.
ـــ القيامة من أجل الطمأنة:
عند نهاية القرن الأول بعد الميلاد، كان المسيحيون يعيشون كأقلية في الامبراطورية الرومانية، يتعرضون للاضطهاد والتعذيب، وكان لابد من البحث عن مواساة لهم من أجل أن يستمروا، فظهرت فكرة العودة القريبة للمسيح المسماة الباروسيا، التي ستضع نهاية لعذاباتهم ومآسيهم، فقام القديس جان بتحرير آخر كتاب للعهد الجديد تحت اسم "القيامة" (الآبوكاليبس)، وذلك في جزيرة باطموس. لقد أعلن كتاب الأبوكاليبس عن نهاية معاناة المسيحيين، بإقامة مملكة المسيح على الأرض لمدة ألف سنة، تسودها السعادة الكاملة، مع عودة القديسين اللذين سيتم إحياؤهم من جديد، ثم بشر الكتاب المسيحيين بعودة جديدة ستسبق المحاكمة النهائية والخلاص الأبدي، لكن قبل ذلك الظهور، ستأتي مرحلة من الكوارث والمحن والحروب والموت والمجاعات ليظهر فرسان الآبوكاليبس الأربعة، وتقوم الملائكة لتنفخ في المزامير، التي ستولد الحرائق والفيضانات وغزو الحشرات.
وسط هذه الرؤية المرعبة تنتصب "الدابة"، وهي وحش ضخم له صورة فهد بسبعة رؤوس مكلف بإنهاء إفساد الإنسانية، ويرى البعض في ذلك رمزا للمسيح الدجال، الذي يتقمص عملية الإنقاذ. ومهما كانت التأويلات، فالرسالة واحدة، وهي أن على المسيحي أن ينتظر محنا جديدة، التي عليه أن يتحملها قبل أن يأتي خلاصه بعودة المسيح، ليخلق "سماء جديدة وأرضا جديدة".
3 ــــ الخوف من الرقم الدائري:
كلما عاد التقويم المسيحي إلى الرقم الصفر- ولعلنا نتذكر ما حصل سنة 2000 والهلع الذي أصاب الناس خوفا من نهاية العالم- كلما تحرك جماعة من رجال الدين والمنجمين ليحدثوا الناس عن نهاية العالم، لأن العودة إلى الرقم 0 تعني كل شيء، وبالعودة إلى التاريخ نعرف أن رجل الدين دينيس لوبوتي، بتكليف من البابا جان الأول، هو الذي قام بطريقة تعسفية بتحديد التقويم المسيحي الذي يبدأ يوم فاتح يناير، والذي يوافق يوم ختان المسيح. وعند المسيحيين فالأرقام 1000 تشكل رمزا لللانهائي، فألف يوم تساوي يوما واحدا عند الله، وألف سنة تساوي سنة واحدة عند الله، ويقوم من يطلق عليهم اسم "الألفيون" في المسيحية بتأويل لنص "الأبوكاليبس" فحددوا الألفية (الملينيوم) بمرحلة تمتد بين الانتصار على الشر ويوم الحساب الأخير، وشكل اكتشاف أمريكا نموذجا بالنسبة لهم، حيث لا يزال في أمريكا إلى يومنا هذا من يروج لذلك، ويطلق عليهم المورمون أو شهود جيهوفا.
من باب الكوارث التي تسبب فيها هذا المعتقد، هو ما حصل في السنة الألف بعد الميلاد وما سيليه في القرون التالية، حيث روج رجال الدين لمعتقدهم حول الألفية، إذ اعتبروا أن العد العكسي للآبوكاليبس قد بدأ مع ولادة المسيح، إذن فالسنة 1000 يجب أن تعني نهاية الزمان، وظهر الخلاف فيما بينهم حول، هل يعود إلى تاريخ ولادة المسيح أو تاريخ وفاته، وبما أن أصحاب الرأي الثاني اعتبروا أن وفاة المسيح كانت في عمر 33 سنة، فتلك النهاية ستعود إل 1033 سنة.
عاش الناس منذ تلك الفترة، خاصة في أوروبا، المزيد من الخوف والهلع، سيزيد منه في نهاية القرون الوسطى، انتشار الطاعون الأسود والحروب وسقوط بيزنطة، والعديد من الأراضي المسيحية، ثم ظهور العديد من الانقسامات الدينية، مما زاد في الخوف والقلق والهلع من المستقبل، ليصل قمته في عصر النهضة بتزايد انتشار الخرافة وانطلاق ما يسمى بمطاردة الساحرات، ولم تعد الثقة في المستقبل في أوروبا إلا في نهاية القرن 17. (انظر كتاب "تاريخ فرنسا، الكتاب السابع، 1876"، جول ميشلي).
لم تتوقف التأويلات خلال وبعد نهاية الامبراطورية الرومانية، هكذا، ففي القرن 15، حيث كان السياق يتميز بانتشار الأوبئة مما أضعف الإيمان لدى الناس، ظهر الكثير من المتنبئين ينذرون الناس، وكان أشهرهم جوهان ستوفر، الذي استطاع أن يقنع جزءا من معاصريه بأن يبنوا سفن نوح. وفي سنة 1914، أعلن شارل طاز راسل مؤسس "شهود جيهوفا" أن 1914 هي السنة الأخيرة لانطلاق الآبوكاليبس.
وفي يومنا هذا، مع تطور وسائط التواصل وانتشار فقدان الثقة في السياسة، توفرت الأرضية الخصبة لانتشار أعداد كثيرة من المتنبئين، اللذين يستغلون خوف وهلع الملايين من الناس.

V ــــ العلم والمقاربة العلمية للتاريخ ونهايته :

1 ــــ قدم العالم وحركية التاريخ البشري والطبيعي:
لقد تطور منذ القرن 18 منظور الإنسان لذاته وللطبيعة، هكذا، قام علم دراسة المستحثات منذ ذلك الحين بتثوير نظرتنا للكرونولوجيا التاريخية منذ التاريخ القديم، وكان الأمر يتعلق ببقايا كائنات عملاقة تعود إلى "ما قبل الطوفان"، فتحقق الإنسان من قدم الحياة بشكل كبير، وكان هذا العلم مع بوفون (5) قد وصل بنا إلى 75 ألف سنة قبل الميلاد بالنسبة لحياة البشر، ولم يتوقف العلم عند هذا الحد، فقد توصل الآن إلى أن ظهور البشر يرجع إلى حوالي خمسة ملايين سنة، ونعني أجداد البشر الأوائل. وفي عصر الأنوار أصبح بالإمكان إدراك فكرة الطبيعة باعتبارها في سيرورة تطور مستمرة.
في القرن 19، جاء داروين بنظرية الانتقاء والتطور، التي برهنت علميا على وجود تطور في الأنواع (حيوانية، نباتية ومعدنية) عبر طفرات في التطور، تؤدي إلى ظهور أنواع جديدة، وقد شكلت هذه النظرية ضربة قوية للمعتقدات والفكر الخرافي حول ما سمي بخلق البشر وكل الكائنات والنباتات دفعة واحدة على طريقة كن فيكون، فقامت الكنيسة الانجليكانية في بريطانيا بطرد داروين من المسيحية وتكفيره.
كما ساهمت الاكتشافات حول ظهور الدناصير وانقراضها في تحديد تاريخ وجودها الذي يعود إلى 65 مليون سنة. وعرف علم الفلك هو الآخر تطورات هائلة حول عالم الكواكب والمذنبات والنجوم المحيطة بنا، فاتسعت المعرفة إلى أوسع حدود لتمس عالم المجرات وغيرها، وذلك منذ غاليليو وكيبلر وكوبرنيك ونيوتن.
ساهمت النظريات العلمية في انتشار التفاؤل والإيمان بقدرات العقل الإنساني ونسبنة الفكر البشري وفي ضرب الدوغمائيات الدينية وغيرها. وحول سؤال نهاية العالم (الأرض عند المؤمنين)، الذي طالما أرق الفكر الإنساني فأنتج العشرات من النظريات حول هذه النهاية وربطها بمعتقداته الدينية والخرافية، فقد أجاب العلم بشكل قطعي عن تاريخ تلك النهاية بعيدا عن كل تصور ديني أو خرافي أو عقيدي، مقدما السيناريو الأكثر تأكدا من وجهة نظر الإسكاتولوجيا، عندما ربط ذلك بموت الشمس بعد استنزاف كل احتياطاتها من الهيدروجين، مما سيؤدي إلى نهاية الحياة على سطح الأرض، بل انفجار كوكب الأرض. وقد سمحت حسابات العلماء، باستعمال الرياضيات، إلى تحديد تاريخ ذلك الحدث المؤدي إلى نهاية الحياة على الأرض في 5 ملايير من السنين.
ومن المفارقات التي نعيشها اليوم رغم التطور الهائل الذي عرفته مختلف العلوم، هو عودة انعدام الثقة في العلوم والتشكيك فيها، بل الاستخفاف بالعقل البشري وقدراته، فعادت المعتقدات الدينية والخرافة تزحف على العقول وتعيد الاستيلاء على مواقع فقدتها منذ عصر النهضة، فظهرت تصورات حول تسطح الأرض وحول خلق الإنسان من طرف الإله، وحول قرب نهاية العالم وما سيسبق ذلك من حروب وأهوال، بل وظهر دجالون من كل صنف ودين، يبشرون بقرب ظهور المسيح أو المهدي المنتظر أو عزرا ... كمنقذين للبشرية.
وقد ساهم انتشار نظريات ما يسمى ب "ما بعد الحداثة"، المشككة في كل الخطابات الفلسفية والعلمية على حد سواء، في تقديم الأرضية المناسبة لانتشار الخطابات الظلامية واللاعقلانية والخرافية، هكذا أصبحت البشرية من جديد تشكك في كل إنجازات العقل البشري، وأصبح الشك حتى في مستقبل الإنسان، وذهب التفاؤل أدراج الرياح وعم التشاؤم وسقطت من الحسبان فكرة التقدم، التي أتت بها الحداثة التنويرية.
ولعل السياق العام المتميز بتعمق الأزمة البنيوية للرأسمالية، و ما يرافقها من أزمات إيكولوجية، إقليمية و عالمية (الاضطرابات المناخية و إضعاف طبقة الأوزون و التحولات الجينية للنبات و الحيوان ...) و صحية (انتشار الأمراض و الأوبئة و الجوائح و غيرها)، قد نمى الخوف و الهلع من مستقبل الإنسان و الكرة الأرضية، لحد أن البعض بدأ يتحدث عن انتحار جماعي للمجتمع الإنساني، بل هناك من صرح بأنه "فليأت فرسان الأبوكاليبس سنقدم لهم المساعدة القوية"، و ظهرت العديد من الكتب و المقالات حول النهاية الوشيكة للعالم تروج لها العديد من الصحف و القنوات و المواقع الإليكترونية.
إن قيم التقدم و العقل و التنوير و الحرية و الحداثة الثورية، ستبقى عصية عن كل انكسار في هذا الزمن الرأسمالي الآيل للسقوط، كما أن قيم الحفاظ على البيئة بكل مكوناتها، و إعادة الاعتبار لكرامة الواقع و التعايش بين الإنسان و محيطه الطبيعي، في ظل ثقافة إنسانية متصالحة مع ذاتها، من أجل أنسنة الطبيعة وطبعنة الإنسان، كلها قيم تحملها الاشتراكية بشكل متأصل، كأرقى ما بلورته الإنسانية المعذبة في شخص الطبقة العاملة، من أجل الانتقال من الحلم إلى الواقع، و تجسيد مجتمع الإنسان على الأرض، الإنسان المحرر من كل القيود، إنسان المجتمع الشيوعي، و ستظل الشيوعية شبابا دائما للعالم، فعلينا أن ندرك أننا في حالة انتقال، من عالم قديم إلى عالم جديد رغم أن الولادة عسيرة.

وليد الزرقطوني

الهوامش:
(1) كوسموغونيا: كلمة يونانية قديمة ارتبطت بالحديث عن نشوء العالم والكون، وتغذت بالأساطير البدائية حول ما يسمى خلق الكون والعالم. ومع تطور العلوم واندحار الفكر الخرافي أصبحت علما لنشوء الكون والعالم اعتمادا على الاكتشافات والنظريات العلمية.
(2) كوسمولوجيا: هي العلم الذي يدرس القوانين الكبرى التي تحكم الكون.
(3) إسكاتولوجيا: المذهب، أو المذاهب التي تعنى بنهاية العالم ومصير الإنسان، وقد ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمعتقدات الدينية والخرافية، التي تتحدث عن نهاية العالم وعن يوم الحساب وعن البعث وعن الجنة والنار كمصير للإنسان في عالم آخر ميتافيزيقي.
(4) ترانسهومانيزم: تيار فكري انطلق من جامعات كاليفورنيا، يعتمد على تقدم علوم الإعلام والنانو تكنولوجيا وغيرها في محاولة لتصور إنسان آخر، إنسانا هجينا مع الآلة، وتتم إطالة عمره وقدراته، ويطلق. H+ عليه
إن هذا التيار يسعى إلى خلق نوع بشري جديد يطلق عليه "ما بعد الإنسان"، بمعنى آخر، عبارة عن جهاز سيبرنيتيكي معدل جينيا (وراثيا) يخلف النوع البشري الحالي. إن أفكار هذا التيار، وإن بدت في انطلاقها كنوع من الخيال العلمي، المحشو بالآمال المستقبلية للإنسان، فسرعان ما تحولت إلى مشاريع عملية، تستثمر فيها الرأسمالية بهدف تحويل الإنسان نفسه جينيا، ليصبح إنسانا آلة، يسهل التحكم فيه وبرمجته لصالح خدمة الرأسمالية كبعد واحد و وحيد للإنسانية، ومن أجل وضع حد للتاريخ.
(5) بوفون: هو جورج – لويس لو كلير دي بوفون، مؤرخ طبيعي ورياضي وعالم كون فرنسي (1707 – 1788).



#موقع_30_عشت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع - فيكتور سيرج - الفصل الأ ...
- الحلقة الرابعة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغر ...
- -ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع-
- وثيقة تاريخية بمناسبة الذكرى 48 لحظر -الاتحاد الوطني لطلبة ا ...
- الذكرى 43 لاستشهاد المناضلة الماركسية اللينينية الثورية الم ...
- الحلقة الثالثة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغ ...
- الحلقة الثانية: منظمة -إلى الأمام- الماركسية ــ اللينينية ال ...
- منظمة -إلى الأمام-: كرونولوجيا سياسية محاولة تفصيلية وشاملة
- جريدة -إلى الأمام-: عدد 19 - يناير 1974 - من وثائق المرحلة ا ...
- من وثائق المرحلة الثورية من تاريخ منظمة -إلى الأمام-: نشرة - ...
- من وثائق الخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام-: - ضد الأساليب الخا ...
- جديد منشورات موقع 30 غشت
- بيان الذكرى الخمسون لتأسيس منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللي ...
- بلاشفة منظمة -إلى الأمام- الماركسية – اللينينية -- المحترفون ...
- موقع 30 غشت - خمس سنوات على الانطلاقة -
- إصدار جديد: -الصراعات الطبقية بالمغرب وحركة 20 فبراير: السيا ...
- منشورات جديدة: الخط التحريفي (1980 1994):-مجلة إلى الأمام-
- في الذكرى الثانية والأربعون لاستشهاد الرفيقة الشيوعية المارك ...
- في الذكرى الخامسة والأربعين لاستشهاد الرفيق القائد الشيوعي ا ...
- منشورات جديدة: الخط التحريفي:-مجلة إلى الأمام- السلسلة الجد ...


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - موقع 30 عشت - أزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي البكتيريولوجي - وجهة نظر ماركسية لينينية - القسم الأول