أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - أنيس زكي حسن .... كاتب ومترجم كبير عاش في الكوفة وانطلق ابداعه منها.















المزيد.....

أنيس زكي حسن .... كاتب ومترجم كبير عاش في الكوفة وانطلق ابداعه منها.


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 6815 - 2021 / 2 / 15 - 17:17
المحور: الادب والفن
    


في خمسينات القرن الماضي كانت شركات النفط في كركوك تصدر مجلة شهرية بورق صقيل أخاذ وبألوان زاهية اسمها (أهل النفط). تباع في المكتبات بسعر بخس وهو 20 فلساً للعدد , و250 فلساً (ربع دينار) للاشتراك الشهري واصل بالبريد , لذا ترى الشباب في بداية كل شهر يتسابقون إلى المكتبة حالما يصلهم خبر وصولها لغرض اقتنائها. مواضيع المجلة تتوزع مابين أخبار النفط وشركاته , والريبورتاجات الصحفية مع الصور الجميلة الملونة, وأخبار المجتمع وأبواب
التسلية ونشريات أخرى متنوعة. والأهم من كل هذا هناك قصة العدد التي يترقبها القراء وأنا منهم والتي يكتبها أديب وقاص كان يسكن الكوفة اسمه أنيس زكي حسن والذي يجبرك اختيارها وأسلوب ترجمتها وسردها السلس الجميل على تكرار قراءتها. وقد نشر هذا القاص الرائع مرة ريبورتاجاً صحفياً مصورا غطى من خلاله المشاريع التي قامت الحكومة بإنجازها عام 1954, منها تبليط شارع (كوفة – نجف) , وشارع عبد الإله الممتد من ساحة مسلم باقر إلى ساحة حبيب الرعاش, وكذلك الشارع الذي يصل مركز المدينة (منطقة الأماين) بمسجدها الأعظم ,وإنجاز جسر الكوفة الحديدي,وباصات النقل الأنيقة التي تنقل الركاب من الكوفة إلى النجف وبالعكس, وكنت شخصياً من المتابعين لقراءة هذه المجلة إذ كنت أنتظر اللحظة التي ينتهي فيها أخي الأكبر من قراءتها لأتلقفها بلمح البصر ثم أفتحها على صفحة القصة القصيرة بداية لأتمتع بقراتها لمرات عديدة وبشغف كبير. أتذكر بعض مانشر من هذه القصص العالمية التي ترجمها الكاتب والمترجم العذب أنيس زكي حسن مثل قصة الرقم خمسة والحظ السعيد. كذلك قصة المحاسب الذي أنهى ثقة مديره المطلقة عندما سرق قطعة من الجبن وأخفاها تحت كمه في حفلة كانت معدة أصلاً لاعلان ترقيته إلى مدير حسابات, وغيرها من القصص. ولما كنت دائم الزعم والادعاء بحبي للكوفة وأهلها , كما أحرص على السعي لجمع ما ضاع من تراثها أو اقترب من الضياع قبل رحيل من يمتلك أداة لذلك , لذا تجدني الآن ومن خلال هذا المنشور أتوجه بمناشدة الحريصين الأوفياء من أهل الكوفة على جمع ما أمكنهم من تراثها وخاصة الأدبي المهدد بالضياع وتقديم ما يعرفونه عن هذا الأديب والقاص الكوفي الكبير الذي نسيه الزمن, لكننا لا نريد نسيانه نحن أهله.ترى من هو أنيس زكي حسن ؟ ومن جاء به إلى الكوفة ليسكنها؟ وماذا هي إنتاجاته الأدبية.
في مطلع الخمسينات من القرن الماضي غادر أنيس زكي حسن بغداد التي ولد فيها عام 1937 بمعية والده الموظف الذي صدر أمر نقله إلى مدينة الكوفة بحكم وظيفته وسكن في شقة ( باله خانه) تطل على شارع السكة شريان الكوفة الرئيس. وللوهلة الأولى يطالعك هذا الشاب بغرته البيضاء و وجهه المدور وجبهته اللماعة التي تميل إلى الاتساع قليلاً . ومنذ أن وطأت أقدامه أرض المدينة الهادئة الوديعة إنصرف إلى قراءة الكتب الكثيرة التي جلبها معه من بغداد وأغلبها مكتوبة بالانكليزية ليمضي وقتاً طويلاً في قراءتها وتعلم هذه اللغة و دراستها عن كثب من دون الاستعانة بأحد. وكان يستثمر وقت الفراغ في أثناء عمله بعد التحاقه بوظيفة بسيطة في دائرة والده التابعة لوزارة المالية . وهذا الفتى كان عصامياً دأب الاعتماد على نفسه في الدراسة و التعلم إذ تكفيه فقط القواميس والكتب والقصص التي جلبها ويجلبها معه كلما سافر إلى بغداد لتحقيق هذا الهدف. وقراءاته كانت تستغرق منه جل وقته لذا تراه لا يغادر مكان سكنه إلا للعمل أو لقضاء بعض الوقت في نادي المتنبي للموظفين فهو يميل إلى العزلة والجلوس على ضفة الفرات أمام النادي وحيداً متأملاً الطبيعة الخلابة ويتابع مراحل بناء جسر الكوفة الحديد. وأحياناً قليلة يمضي وقتاً مع بعض الأصدقاء والمحبين من الموظفين أعضاء النادي. ولعل الهدوء والتأمل هي من صفاته الذي أضفت عليه الهيبة واحترام الآخرين.
كان ولعه الكبير وشغفه لدراسة وتعلم اللغة الانكليزية ومتابعته الدؤوبة لها ولآدابها هو الذي مكنه من أن يمتلك ناصية الترجمة لعدد من القصص العالمية الشهيرة إلى العربية وبالأخص القصص البوليسية ,وقصص مختارة قصيرة من الأدب العالمي في بداية مشواره في الترجمة , وكان يشجعه في نشرها في مجلة (أهل النفط) ثم بعد ذلك مجلة (العاملون في النفط) صديقه الروائي والمترجم القدير جبرا إبراهيم جبرا المشرف على القسم الثقافي في المجلتين. في هذه الأثناء كان يستعد بجدية لأداء الامتحان الخارجي في مديرية المعارف في مركز لواء كربلاء لنيل شهادة الاعدادية (الخامس الأدبي). وقد أدرك هذا الهدف بسهولة ويسر ليلتحق في دار المعلمين العالية في بغداد الفرع الانكليزي وليتخرج منها عام 1959.
في عام 1956 نشر في لندن كتاب عنوانه (الغريب) لكاتب شاب انكليزي فقير عمره 24 سنة غير معروف حينذاك اسمه كولن ولسن, ولم يمض على هذا سوى عام ونيف إلا ونجد هذا الكتاب قد ترجم إلى العربية بلغة أنيقة وتمكن واضح من قبل مترجم عراقي نبيه متوقد بالحماس والمعرفة يسكن الكوفة اسمه أنيس زكي حسن تحت إسم (اللامنتمي) وهي الكلمة الموفقة التي اختارها المترجم عنواناً للكتاب بعد أن وجدها الأنسب والأفضل بدلاً من العنوان الأصلي (الغريب) الذي وضعه كولن ولسن مما أثار اعجاب الأدباء والنقاد العرب قاطبة والذين اعتمدوا هذا العنوان الجديد في الدراسات الأدبية حتى الآن . صدر الكتاب المترجم عن دار العلم للملايين في بيروت التي نفذت جميع نسخه بسرعة مذهلة فسارعت هذه الدار إلى إعادة طبعه ثانية وثالثة . وعَد الكتاب الأكثر انتشاراً في ستينات القرن الماضي على الاطلاق حتى غدا إيقونة ثقافية تداولها مثقفو الستينات والسبعينات في البلاد العربية وفي طليعتهم الماركسيون واليساريون عموماً وجعله يتصدر مكتباتهم , كما اكتسب المترجم في إثر ذلك سمعة أدبية وفلسفية لم يحلم بها يوماً, ومالاً كثيراً ليس في الحسبان مما شجعه للمضي في طريق ترجمة روائع الروايات العالمية الحديثة لأشهر الكتاب حينذاك وبالأخص الوجوديين الذين قرأ كتبهم وتأثر بافكارهم .
بلغ عدد الروائع العالمية لكبار الروائيين المعاصرين التي ترجمها أنيس زكي (18) كتاباً كانت حصة كولن ولسن منها ( اللامنتمي ,سقوط الحضارة , المعقول وغير المعقول في الأدب الحديث) إضافة إلى مشاهير الكتاب الآخرين إيفانز , البير كامو, دستوفسكي, برنادشو, هنري لوت, وايت ,كوبر , لويس باسترنك, فنتوري .
لا بد لنا من أن نذكر ما انتهى إليه الأديب الكبير والمثقف الرائع أنيس زكي حسن بعد تخرجه من دار المعلمين العالية قسم اللغة الانكليزية إذ عين موظفاً في وكالة الأنباء العراقية , ثم مديراً عاماً لدائرة الصحف الأجنبية في وزارة الخارجية العراقية مما أهله للحصول على وظيفة في الأمم المتحدة لثقافته العالية واجادته التامة للغة الانكليزية.
توقف عن الترجمة لاحساسه بأن ما ينشر في الغرب من أفكار لا تستحق التوقف عندها . وقد رفض عروضاً من دار الآداب لترجمة أعمال أخرى لكولن ولسن لأنه يرى أن ما كتبه ولسن لا يرتقي ألى مستوى الكتب التي ترجمها للمؤلف ذاته. لذا تحول أنيس إلى كاتب استهلاكي يكتب الروايات البوليسية وكتب الشعوذة كما وصفها أنيس زكي حسن ذاته . في نهاية المطاف قرر الكاتب الرائع والمترجم المبدع العيش في باريس في منطقة ( مترو بولتيان ) ثم لتنقطع أخباره عن أصدقاءه ومحبيه حتى رحيله الأبدي.
قد يتساءل كثير من القراء عن محتوى وفحوى كتاب اللامنتمي, لذا سأقدم إستعراضاً موجزاً لما ورد في الكتاب.
كتاب اللامنتمي ألفه المفكر والأديب وعالم الاجتماع الفيلسوف كولن ولسن . تحدث فيه عن نفسية الانسان المنعزل الغريب عن مجتمعه . الذي لا ينتمي لحزب ولا لعقيدة أو فكرسياسي مؤدلج أو دين سواء أكان ذلك الدين سماوياً أم وضعياً . وسعى كولن لدراسة هذه الشخصية وتحليل نفسيتها من خلال أبطال الروايات العالمية الحديثة الشهيرة التي كتبها كبار الروائيين الوجوديين من أمثال دستوفسكي , كافكا ,أرنست همنغواي , البير كامو, جان بول سارتر, نيتشه , لورنس , هنري باريوس , وغيرهم .والتي كان لها الأثر الكبير في التاريخ الحديث. وكان كولن ولسن يعلق عليها بشكل متقن ومعمق من خلال التصرفات ثم يسعى لتحليلها بطريقة وأسلوب يدل على العبقرية. فالذي لم يقرأ تلكم الروايات عن كثب لايستطيع متابعة ما ورد فيها. لذا تجدني غير ناصح لأي من القراء من محاولة قراءة اللامنتمي من دون مراجعة تلك الروايات ويتشبع بتصرفات وسلوكيات أبطالها ليستطيع فهم التحليلات التي تطرق لها كولن ولسن في كتابه. ترى كم روايةً قام أنيس زكي حسن بدراستها ليتمكن من ترجمة ما ورد في اللامنتمي بهذه الكفاءة الذي أذهلت كبار النقاد والكتاب العرب؟.



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى اغتيال ثورة 14 تموز الخالدة
- حرب الفايروسات الألكترونية ...... فوز بدون نزال
- سلاح أمريكا لتدمير العراق وإخضاعه ....... نظرية الصدمة
- منتفضون ... سلاحهم علم ,وهمرهم تكتك.
- سيف الدين ولائي شاعر الأغنية العراقية الذهبية
- عشية أربعينية شيخ الملحنين عبد الحسين السماوي
- نشوء مدينة الكوفة الحديثة وتطورها
- وداعاً ستيفن هوكنك .. لقد أنجزت وأنت المعاق ,ما عجز عنه كثير ...
- الغناء الممنوع ....
- الريم التي أخرجت الشعر والفن السعودي إلى كل العرب
- من الماضي.... الحمامات العمومية في مدينة الكوفة .
- النوستالجيا والحنين لزمن صدام
- من أجل السلام العالمي إذا لم تضع البشرية حدا للحرب ... فإن ا ...
- منتصف الليلة البارحة لمحت شبحاً ...
- رحيل العامل الباسل عبد زيد حمد
- تقوس الزمنكان ..... وموجة الجاذبية
- الباحث والأديب الدكتور كامل سلمان الجبوري ..... السنبلة المُ ...
- مؤتمر أنصار السلام في قرية السهيلية بالكوفة
- من إغتنى بالرشوة ... أفتقر في عرضه
- سراق خبز الفقراء


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - أنيس زكي حسن .... كاتب ومترجم كبير عاش في الكوفة وانطلق ابداعه منها.