أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر عيسى عمران - مِنطقةُ العقل ومَنطِقهُ في مؤتمر الشياطين














المزيد.....

مِنطقةُ العقل ومَنطِقهُ في مؤتمر الشياطين


عمر عيسى عمران

الحوار المتمدن-العدد: 6805 - 2021 / 2 / 3 - 22:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مؤتمر الشياطين - بحسب عالم سبيط النيلي - في حلّه الفلسفي مؤتمر متخيَّل انعقد من فحول المتكلمين وأساطين الفلاسفة لغرض واحد هو تضليل الإنسان عن الحقيقة؛ فالفلسفة ليست هي الحكمة التي تعني وضع الأشياء في مواضعها الصحيحة؛ لأنها لو كانت كذلك فلماذا يختلف الحكماء ويتنازعون فيما بينهم؛ فلا تكاد تجد اثنين منهم يتفقان في مسألة من المسائل -مدخلات ومخرجات- وفي كيفية التعاطي معها، واذا كانت الفلسفة حب الحكمة فكيف يتصور تعليم (الحبّ) وتعلّمه؟
إنَّ الشيء الأكيد من محاورات الحكماء والمتكلمين "الشياطين" أن الحقيقة ستظهر واضحةً جليةً في محاوراتهم، وإن كانت غير مقصودة منهم، لأنهم يريدون تضليل الإنسان عن الحقيقة لا إظهارها وابرازها ومن ثم العثور عليها؛ لكنها تظهر رغما عنهم، ومن غير أن يكون لهم علمٌ بها أساساً.
إن الحل والطريق للوصول إلى الحقيقة تكمن في الفصل التام بين المعرفة والأخلاق، ومن هنا يجب ملاحظة أن مبادئ (الأنا وحدية) أو (الأنا الديكارتي) أو (الأنا المتعالي) هي مبادئ تدميرية شيطانية نتيجتها الوحيدة هي فناء الأنا؛ لذا يتوجب تحرير العقل من سلطة الأنا أولاً ليتمكن العقل من القيام بالحكم مستقلاً وتلك أول مرحلة من مراحل التمهيد للحلّ الفلسفي معرفياً.
تُظهر الحوارات في هذا المؤتمر أن ما حصل في الفلسفة بجميع أقسامها هو العكس مما يجب أن يكون عليه الأمر، فقد تمَّ تطوير الأنا ليقوم بأكبر قدرٍ من الاستلاب للعقل ولحريته في الحكم، وهنا تتضح ملامح مِنطِقة العقل نفسه قبل التسليم بمنطِقِه وضرورة إجراء التشكيك بأولياته نفسها حذراً من أن يكون الأنا قد تدخّل في تحديدها؛ لذا يكمن الحل عند عالم سبيط النيلي في فكرة التناقض وضرورة احداث تناقض جديد كلما توقّف العقل عن البحث أو وجد توقفاً في عمل مبدأ عدم التناقض، وحينما يصل الباحث عن الحقيقة إلى مرحلة تساوي الأطراف، ولا يقدر على تجاوزها بتناقضٍ جديد؛ فإنه يتمكن من الحصول على (علم) بالمجهولية، وهذا هو المطلوب أخيرا.
يوضح عالم سبيط النيلي ما تنطوي عليه هذه العملية من التزامات؛ حيث إن البحث عن الأنا -حقيقته ووجوده- يستلزم في البدء إلغاءه، وهذه العملية تجاري الأساليب العلمية في علوم الطبيعة وهي بخلاف ما جرت عليه عادة الفلاسفة جميعاً؛ ففي العلم التجريبي يتم تثبيت أحد المتغيرين لرصد المتغير الآخر وهذا هو السرُّ الوحيد في تطور العلوم جميعا وهو في الأصل روح الرياضيات؛ فالتثبيت ليس له أي معنى فيزيائي سوى الإلغاء؛ لأنه يوقف الحركة بالفرض والذي هو نقيض لها في الخارج؛ فالحركة لا تتوقف بالفعل وإنما بالفرض.
وهذا تبدو تناقضات الفلسفة فاضحة وأوهامها مخزية وهي تتحرك من الخارج إلى الداخل ولا تفعل مثل ما يفعل جميع العقلاء حينما يريدون معرفة موضع ما؛ إذ لا بد لهم من إلغاء وجودهم في الموضع الأول والتحرك إلى الموضع الآخر، بينما يقوم الفلاسفة بعمل معكوس حينما يقول أحدهم (أنا) في البدء ويزعم بعد ذلك أنه كشف عن حقيقة الآخر، فتظهر تلك التناقضات خلال المحاورات في المؤتمر الخيالي هذا.
إن إلغاء الأنا يعني إلغاء الأشياء بينه وبين (الذي هو)؛ فالمسافة تكون معدومة عند إلغائه تماماً بيد إن هذا الإلغاء ودرجته مرتبطة بالاختيار والتجربة، وعند الرجوع إلى الأنا لبعثه من جديد يمر بجميع الموجودات التي تم إلغاؤها فهو إذن يلغي مركزه ولا يلغي وجوده، وإنما يرحل وخلال رحلته يكشف جميع المواضع بما في ذلك موضعه هو.
يقدم الحلّ الجديد مقترحه الضمني وهو أن العلاقة مع الله يجب أن تخضع للتجربة وإن كان الله لا يخضع لها؛ فإن الطرف الآخر يخضع لها وهو الأنا، وهذا يعني أن الحل يرفض التعبير عن الله بعبارة غير المتناهي إذ أن (الذي هو) يجب أن يكون (أكبر) دوماً من أي تحديد وإن كان لا متناهياً وهذا هو غاية العلم على حدود الكون أي مجهولية (الذي هو)؛ فإن ذلك من شأنه تفسير المجهولية خلافاً لإجماع الفلاسفة والصوفية، كما يرفض الحل تسميته بالعلة الأولى؛ فالعلاقة به والعالم بأكمله مواضيع للبحث إلا هُوَ.
ويمكن القول إن هذا التوصيف هو شرح فلسفي موجز لأول مفردتين من سورة الإخلاص (التوحيد) أي (قل هو). إذ يكمن الحل في هذه العبارة فهي تقتضي بصيغة الأمر هذه.. النقيض: (لا تقل أنا)، ولذلك فإن فعل الأمر (قل) إنما هو تأكيد على المجهولية واستمرار لإلغاء الأنا، إذ بإلغائه فقط يحقق وجوده، ومعنى ذلك إن الذي هو ليس موضوعاً للبحث وإنما علاقته بالانا هي موضوع البحث خلافاً أيضاً لإجماع الفلاسفة، ففي البدء يتوجب أن تقول (هو) ثم تجري البحث، فكل الموجودات باستثناء (الذي هو) تصلح للبحث وكذلك علاقاتها معه.
إن ظهور الحل على ألسنة الشياطين يحاول إبراز مفهوم التجربة الذاتية والحرية، فالعقل يعمل بحسب أوامر الذات ولذلك يمكن أن يكون الولي والشيطان على مستوى واحد من معرفة الحقيقة، لكن الموجودات لا تخضع للشيطان وتخضع للولي بما في ذلك الشيطان نفسه، لان الاختيار الذاتي المختلف يجعل المعرفة في خدمة متطلبات الذات عند الولي خلافاً للشيطان. إن القصة قد تذكر أشياء مختلفة ومتناقضة، فيتوجب فرزها فهي بسيطة جداً من جهة ومعقدة من جهة أخرى. فمثلاً إنها تذكر تجاور الفلسفات وعدم تراكمها في البدء، ولكن الهيكل العام ينبئ من طرف آخر إلى عكس ذلك فالاناوية تطورت وتراكمت مفاهيمها، ولذلك تتصاعد المعرفة الشيطانية معها بالتوازي.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- صحة غزة تكشف حصيلة ضحايا غارات قالت إسرائيل إنها استهدفت محم ...
- -ما يحدث في سوريا لا يبقى في سوريا-.. فراس مقصد يوضح لـCNN أ ...
- تعاون روسي مصري بنسق متصاعد
- استعدادات عراقية لانطلاق القمة العربية
- ما هي العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، ومتى ستُرفع بال ...
- أرباح تاريخية لترامب في الدوحة.. التزام قطري باستثمار أكثر م ...
- بسبب -هدية الطائرة- القطرية.. ترامب يهاجم شومر ويصفه بـ-الفل ...
- أزمة ديموغرافية في بلغاريا: عشرات القرى المهجورة وموجة نزوح ...
- أنباء عن اغتيال محمد السنوار بعد غارات إسرائيلية مكثفة في خا ...
- تفكيك شبكة صينية-عربية لغسل الأموال في إسبانيا


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عمر عيسى عمران - مِنطقةُ العقل ومَنطِقهُ في مؤتمر الشياطين