أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ويسأل شعب العراق جيوب حكامه: هل امتلأت وتقول هل من مزيد!















المزيد.....

ويسأل شعب العراق جيوب حكامه: هل امتلأت وتقول هل من مزيد!


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 30 - 15:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يبدأ البحث في الإعلام والصحافة المحلية والإقليمية والدولية عن الفساد الجاري منذ عام 2003 حتى الآن في العراق، سيجد الباحث أو الباحثة أمامه كماً هائلاً من المعلومات الموثقة، بدءاً من منظمة الشفافية الدولية ومروراً بتقارير منظمات مالية دولية ولجان الدفاع عن حقوق الإنسان ونقابات، وانتهاءً بمواقع التواصل الاجتماعي والمحاضرات التي تقدم في السكايب أو الزووم، أو حتى في محاضرات لأساتذة في الجامعات والكليات التي تُدرّس الاقتصاد ومشكلات التنمية والفساد المالي، كما سيجد أمامه مجموعة من الكتب الصادرة بهذا الصدد من عراقيين وعرب وأجانب. ولا شك في توفر إمكانية تقديم طلبة الدراسات العليا في سائر أرجاء العالم أبحاثاً غزيرة عن الفساد في العالم ويتخذوا من العراق أنموذجاً فريداً يصعب العثور على مثيل له في العالم من حيث: 1) العدد الكبير من قادة الأحزاب والقوى الإسلامية السياسية وغيرها والنخب الحاكمة والمقاولين والمضاربين ومن شيوخ دين بارزين يشاركون بحيوية في ذلك؛ 2) الحجم الاستثنائي للأموال المنهوبة سنوياً من خزينة الدولة والنفط الخام خلال الأعوام المنصرمة والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات الأمريكية، سواء تلك المهربة نحو المصارف الأجنبية أو المحولة إلى عقارات في الداخل والخارج والمشاركة في غسيل الأموال، كما في مزاد العملة في البنك المركزي رسمياً؛ 3) علنية النهب لتلك الموارد والحديث عنها من جانب كبار المسؤولين النهابين انفسهم وفي قمة السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضاء ورئيس الدولة؛ 4) بيع وشراء المقاعد النيابية ابتداءً من رئيس المجلس وانتهاءً بمعاونيه ونوابه وعدد هائل من الوظائف العامة في جميع المستويات والمجالات؛ 5) مشاركة دول وشركات إقليمية ودولية بهذا النهب والسلب عبر صيغ مختلف كالعقود المتنوعة (نفط، سلاح، أجهزة مختلفة، مقاولات بناء)، إضافة إلى دورهم في إعاقة التنمية الإنتاجية والخدمية في البلاد لصالح اقتصادهم وتجارتهم الخارجية مع العراق، كما في حالتي إيران وتركيا.
لم يقتصر الفساد في العراق على الجانب المالي والإداري المباشرين، بل امتد إلى مجالات أخرى تساهم في تدمير الحياة العامة، ومنها العلمية والثقافية والصحية والاتصالات ومجمل الخدمات العامة للشعب، لاسيما الماء والكهرباء، وفي مجال تعيين المعيدين والمدرسين والأساتذة الجامعيين وفي الكليات والمعاهد على وفق تسعيرات معينة، إضافة إلى شراء الشهادات من الخارج وإلى حدود غير قليلة في الداخل وبأساليب ذكية ومن ثم تزوير الشهادات في مستويات واختصاصات مختلفة. وهذا الأمر يشمل قطاع الصحة والأدوية وما إلى ذلك. لقد أدى ذلك إلى انخفاض شديد جداً في مستوى التعليم في جميع المراحل الدراسية والمعاهد الفنية والمهنية، وكذلك في جميع مجال الرعاية الصحية والطبابة وغيرها.
نحن أمام أنموذج استثنائي متقدم جداً في الفساد، إنه نظام متكامل ومتناغم في فلسفته والأيديولوجية التي تقف وراءه، وفي سبله وأدواته ومجالاته وعلاقاته وبنيته التحتية، كما يجسد في أداءه خبرة متراكمة في العراق مضافاً إليها خبرة دول الجوار والدولة الأمريكية والمملكة البريطانية وشركاتهما الكبرى والمتعددة الجنسية، لاسيما في قطاعي النفط والسلاح.
لقد اقترن الفساد المالي والإداري في العراق بنشوء نظام سياسي طائفي محاصصي أولاً، وباقتصاد ريعي نفطي وبنية اقتصادية مشوهة ومتخلفة وفي إطار علاقات إنتاج رأسمالية طفيلية في بلد ما يزال يعاني من العشائرية وبقايا علاقات اجتماعية فاعلة شبه إقطاعية أنتجت مجتمعاً طبقياً مشوه البنية والدور، أثرت كلها على مستوى وعي الفرد والمجتمع. والنخب الحاكمة في البلاد تعمل على إبقاء هذه البنية الاقتصادية والاجتماعية والوعي الاجتماعي على حاله المتخلف، بل والسعي لتعميقه أكثر فأكثر. إنها خصائص لعملة واحدة هي عدم مشروعية النظام السياسي القائم في العراق وفقدانه للشرعية الموضوعية. لقد صادر هذا النظام الحرية والحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان، صادر حق الإنسان في الحياة والتعبير. يمكنك أن تنتقد، لكنك ستقتل أو تختطف وتعذب وتختفي من الحياة.. هكذا هي حرية النظام الطائفي الفاسد حتى اليوم.
لو دققنا في الأدوات التي تمارس في النهب والسلب لا لأموال الحكومة، وهي أموال الشعب، فحسب، بل وعمليات ابتزاز للشعب مباشرة من خلال أدوات الفساد المعروفة للمجتمع والدولة في آن. ويمكن تكثيفها في صيغ عديدة، منها: 1) ممارسة موظفي الدولة من مستويات مختلفة وفي كل المجالات بفرض رشوة مالية أو عينية على الأفراد والجماعات لإنجاز معاملاتهم مثل الزواج والطلاق في المحاكم، تسجيل العقارات الطابو في حالات الشراء والبيع، في الحصول على الرعاية الصحية، في مراجعة العائلات لأبنائهم في السجون والمعتقلات والمواقف، أو في الحصول على جواز سفر أو تعويضات عن مصادرة الدور في دائرة فض النزاعات...الخ؛ 2) ابتزاز أصحاب المحلات بذريعة حمايتهم من النهب والسلب أو حتى من أصحاب البيوت والعمارات؛ 3) التهديد بالقتل أو عبر الاختطاف وابتزاز العائلات بدفع فدية للمختطفين؛ 4) سرقة جزءٍ من الحصة التموينية المخصصة للعائلات بأساليب متنوعة، ودفع الرشوة للحصول على أدوية لأمراض خطيرة يعاني منها المواطنون مع دفع أسعار خيالية؛ 5) دور جمهرة كبيرة من شيوخ الدين الذين يبتزون الناس تحت واجهة عزاءات الحسين أو غيره من أئمة الشيعة وأبنا وبنات عائلة علي ابن أبي طالب وأحفاده وأحفاد أحفاد احفاده ..الخ، أو حتى إقناعهم بأن ما يتعرضون له هو قدر مكتوب له قبل أن يولدوا ومن ربهم، كلما زاد عذابهم في الأرض، زاد ثوابهم في الحياة الأخرة!!!
وأذ تمارس أجهزة الدولة في السلطات الثلاث كل ذلك، فأن الممارس الأكبر والمباشر لها أيضاً هي الميليشيات الطائفية والإرهابية المسلحة في البلاد والتي تجد تمثيلها الواضح في الحشد الشعبي المسجل رسمياً كرديف للقوات المسلحة العراقية، وهي ميليشيات مسلحة تابعة لدولة إيران في العراق، بغض النظر عن التباينات النسبية والمنافسات فيما بينها، إذ في الحصيلة أنها كلها تقف في موقع واحد ليس في صالح الشعب ولا استقلال وسيادة الوطن والدولة العراقية.
مثل هذا الواقع العراقي لا يُعالج بإصلاحات ترقيعية والابتعاد عن الجذر الأساس في هذه العملية كلها والمستندة إلى ثلاثة مساند هي: الطائفية السياسية ومحاصصاتها في الدولة أولاً، والفساد المالي والإداري والاجتماعي ثانياً، والتبعية الخارجية، سواء أكانت لإيران أساساً وبشكل مباشر وللولايات المتحدة وانكشاف كامل وتام للاقتصاد والمجتمع على الخارج.
هذا الواقع العراقي المرير هو وراء استمرار الإرهاب المتنوع والقتل والاختطاف والتعذيب والسجون والمعتقلات العلنية والسرية والحشدية أولاً، وهو وراء الفقر والجوع والحرمان لنسبة عالية جداً من العائلات العراقية والأفراد ثانياً، وهو وراء توقف عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وتدهور مستمر للخدمات الاجتماعية ثالثاً، وهو وراء إفلاس الدولة العراقية وطلب المزيد من القروض الداخلية والخارجية والخضوع المستمر للمؤسسات المالية الدولية وشروطها المجحفة بحق الشعب واستقلاله السياسي والاقتصادي رابعاً، وتدهور سعر صرف الدينار العراقي وارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات وتدهور القدرة الشرائية للسكان خامساً، رغم غنى العراق بشعبه وكفاءاته ونفطه وخيراته الأخرى وقدراته الكامنة وطاقاته المتوفرة في الخارج.
هذا الواقع لا يعالج بالوعود المعسولة والخادعة من الحكومة أو الأحزاب الحاكمة الفاسدة، بل يتم عبر قواه الحية التي يزداد وعيها الاجتماعي والسياسي، بل والطبقي تدريجاً، ويزداد انحياز المزيد من أبناء وبنات الشعب من جميع الفئات الاجتماعية المتضررة من هذا الواقع المرير والمدمر للإنسان وحياته وكرامته وإنسانيته، ويزداد تفاعل وتحالف قواه الحية، قوى انتفاضة تشرين 2019 بكل مكوناتها الحزبية والمستقلة والمعارضة لنهج الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي الفاسد والطائفي والتابع للخارج. هذا الواقع لا يعالج بمحاكمة سراق المال العام الصغار، بل برؤوس الفساد الكبار الجالسين على كراسي الدولة العراقية بسلطاتها الثلاث وأحزابها الإسلامية السياسية وغيرها، فالسمك لا تجيف من ذيلها بل من رأسها ولا بد من قطع الرأس، رأس الفساد والطائفية والتبعية، ولا يعالج بالسكوت المطبق على قتلة المتظاهرين واختطافهم وتعذيبهم وتغييبهم.
وأخيراً، إذ تساءل قرآن المسلمين والمسلمات "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ۝، يسأل شعب العراق جيوب حكامه الفاسدين: هل امتلأت وتقول هل من مزيد! لكم الخزي والعار في الدينا أيها الطائفيون الفاسدون، ولكم أن كنتم تؤمنون بالآخرة أيها الفاسدون المثقلون بجرائم ارتكبت بحق الشعب والوطن، جهنم وبئس المصير!!!



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواقع الطبقي للمجتمع العراقي والموقف من مفهوم الطبقة الوسطى
- التجاوزات الفظة والدامية على حقوق الإنسان في العراق
- الذهنية الطائفية مهيمنة على عقول وأفئدة أجهزة الأمن والاستخب ...
- عصابات داعش المجرمة ترتكب مجزرة دموية جديدة في بغداد
- العواقب المدمرة لمهادنة السياسيين والإعلاميين لحكومة الكاظمي
- خلوة مع النفس بصوت مسموع حول الحياة الحزبية في العراق
- المساومة السياسية الخاسرة بين الكاظمي والتيار الصدري في وأد ...
- الشخصية الوطنية التقدمية المصرية: أحمد شوقي عز الدين نموذجاً
- الكتاب الثاني- الهجرة المغاربية والعنصرية في بلدان الاتحاد ا ...
- كتاب - لمحة مكثفة عن اتجاهات التطور الاقتصادي والاجتماعي في ...
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ...
- قتلة هاشم الهاشمي يهددون هشام داود بالموت!
- المثقف والشاعر والمناضل ألفريد سمعان في ذمة الخلود
- وفاة الشخصية الوطنية والعلمية الأستاذ الدكتور راجح عبد الصاح ...
- ماذا في جعبة علاء اللامي من تشويهات وافتراءات حول فاجعة الفر ...
- ماذا في جعبة علاء اللامي من تشويهات وافتراءات حول فاجعة الفر ...
- ماذا في جعبة علاء اللامي من تشويهات وافتراءات حول فاجعة الفر ...
- نظرة مكثفة في كتاب -تاريخ الخوف- نقد المشاعر في الحيز الدائر ...
- نظرة مكثفة في كتاب -تاريخ الخوف- نقد المشاعر في الحيز الدائر ...
- هل يجلس مصطفى الكاظمي في المكان الصحيح حقاً؟


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - ويسأل شعب العراق جيوب حكامه: هل امتلأت وتقول هل من مزيد!