أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - ما كانت الحركة الاسلامية لتُقدم، لو كان في سائر الأحزاب حياة















المزيد.....

ما كانت الحركة الاسلامية لتُقدم، لو كان في سائر الأحزاب حياة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 29 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم ينجح اقطاب القائمة المشتركة في تذليل الخلافات التي برزت مؤخرًا بينهم، خاصة تلك التي أثارتها مواقف وممارسات الحركة الاسلامية، التي اتخذها وعبّر عنها النائب منصور عباس، وألحقها موجزًا ، قبل أيام، بمنشور ألصقه على صفحته، قال فيه بوضوح : "إنّ القائمة العربية الموحدة مستعدة لقبول الشرط الذي وضعه شركاؤها أن نتنياهو خط أحمر ولا يمكن التعامل معه.." واضعًا في نفس الوقت، مقابل هذا "التنازل" شرطين، بدون الاستجابة لهما لن تستمر القائمة بمركباتها الأربعة: تسمية المرشح لرئاسة الحكومة الذي ستدعمه المشتركة، خلاف نتنياهو، والتعهد بعدم التصويت الى جانب قوانين تخالف تقاليد مجتمعنا المحافظ !

لقد رافقت عملية تشكيل القائمة المشتركة عدة تصورات وتوقعات تنبأ بعضها منذ البدايات المبكرة بوصولها الى طريق مسدود وعليه الى تفككها الحتمي، الا اذا اهتم مقيموها بتحييد تلك العوامل والعثرات التي كان وجودها واضحًا وتأثيرها السلبي مؤكدًا، خاصة وأن السحر المفترض في مقولة "الشعب يريد الوحدة" لم يشكل ضمانًا واقعيًا وحقيقيًا لاستمراريتها، وذلك لكونه وهمًا تجرّعه، منذ البداية، هذا الشعب بارادة مغلوب على أمرها ونتيجة لشيوع حالة من البلبة الصارخة.

لا نعرف كيف ستنتهي تداعيات هذه الأزمة في الايام المقبلة، ولا كيف سيقرر مجلس شورى الحركة الاسلامية الذي ستوكل اليه مهمة اتخاذ القرار والاعلان عن الانفصال النهائي وخوض المعركة من خارج اطار معسكر الوحدة ، أو، رغم فشل المفاوضات الأخيرة ، تكرار محاولة جسر الهوات وتذليل الصعوبات والعودة الى حضن المشتركة ؛ فهي، هكذا صرح جميع القادة حتى في آخر اللحظات، التعبير الأصدق عن إرادة الشعب!

وبعيدًا عما ستفرزه عمليات التفاوض من تحالفات وأطر سياسية ستخوض الانتخابات في آذار القادم، لا بد لنا اليوم، قبل الغد، من ادراك رزمة التعقيدات السياسية والاجتماعية التي عكستها هذه الازمة، والبدء، بالتالي، في تشخيص معالمها الحقيقية ومسبباتها التي كانت واضحة وأصبحت مستفزة وبارزة ؛ وذلك على أمل أن تكون بيننا "عناوين" معنية بالقيام بهذه المهمة وقادرة على التوصل الى خلاصات حاسمة، وفي طليعتها الاقرار بأن المشهد الذي نواجهه هو آخر البراهين على انتهاء حقبة سياسية اجتماعية بدأت بناها تتداعى أمام أعيننا منذ سنوات، حتى أفضت بعد مخاضات، كما نشاهد في هذه الأيام، الى تشكّل حالة سياسية اجتماعية جديدة مليئة بالتحديات وبالاسئلة الوجودية، لا سيّما حول هوية مجتمعنا السياسية المتغيّرة، وقيَمِه الاجتماعية المرغوبة والحقيقية، وركائزه الثقافية المتهالكة وتلك الجديدة والمتوالدة.

لا أقول ذلك عن حدس مجرد، أو نتيجة لتحليل أكاديمي مجازف؛ فمن يقرأ شرطي الحركة الاسلامية كما أعلنا للناس، يعرف اننا ازاء واقع سياسي جديد قررت فيه المرجعيات الدينية في الحركة الاسلامية تغيير أصول العمل السياسي التي كانت القوى السياسية الوطنية، على اختلاف مشاربها، منذ قيام الدولة، مجمعة عليها؛ وتبديلها بانماط عمل تثير القلق وتستوجب المناقشة والمعارضة.

لقد طالبت الحركة الاسلامية، في اشتراطها الاول، سائر شركائها بضرورة اعلان اسماء رؤساء الاحزاب اليهودية التي سيكونون مستعدين للتعامل معهم كبديل عن نتنياهو؛ ولم يخفَ باعتقادي على اعضاء مجلس الشورى المعنى الحقيقي لهذا المطلب، وتسببه الفعلي بتقويض واحد من التابوهات واركان الاشتباك السياسي المتبع منذ أجيال في نضالاتنا مع القائمين على رسم السياسات الاسرائيلية العنصرية بحقنا، نحن المواطنين العرب.

لقد كان بديهيًا ألا تتأثر مبدئيات وقواعد النضال الأساسية ضد سياسات القمع بشخص الحاكم أو بهوية حزبه، لانها كانت وما زالت، سياسات تبنتها ومارستها جميع تيارات الحركة الصهيونية سواء كانوا في الحكومة او في المعارضة.

وان كان ذلك المطلب تعجيزيًا، فاستعداد الحركة الاسلامية لاتّباع سياسة مقايضة المواقف بالمنافع، ومن موقع لا نحن مع اليمين ولا نحن مع اليسار، يعتبر انحرافًا سياسيًا لا قاع له؛ فحقوقنا الاساسية لن تعطى لنا كمنّة من سيّد، لضيوف على طاولته، وتحصيل الميزانيات التي نستحقها كمواطنين لن تكون مجرد مكرمات سلطانية.

قد يعتبر البعض هذا المطلب شرعيًا أو ذا اهمية هامشية، لكننا اذا تعمقنا بكنهه وبما يعكسه من مسلمات سياسية وشرعية سنجده مرتبطًا بموقف الحركات الاسلامية السياسية من مفهوم الدولة المدنية وعلاقتهم مع حاكمها، وتفسيرهم لمعنى المواطنة وحدودها، ومتعلقًا ايضًا بشروط المقاومة وقواعد التقية في ظروف الاستحالة، مقابل تأمين سلطة الشريعة ونفاذها كمحرك وحيد ومهيمن على علاقات وسلوكيات الافراد داخل المجتمع الضيق.

فعلى هذه الخلفية وبسببها سنجد ان الاشتراط الثاني الذي طالبت به الحركة الاسلامية شركاءها يقضي بضرورة اعلانهم وبشكل واضح انهم لن يصوتوا الى جانب قوانين تخالف عقيدة مجتمعنا المحافظ؛ أي بضرورة تقديم ما يعتبرونه الثوابت العقائدية كما يعرفونها واعلائها كمساطر ملزمة تحدد حقوق جميع ابناء المجتمع وواجباتهم، وترسم لهم مساحات المسموح والمحظور حتى لو أدت هذه الهيمنة الى صراعات داخل المجتمع والى انقسامات عرفت مجتمعاتنا كيف تتجنبها طيلة عقود من العمل على بناء هويتها الجامعة.

لا اعرف اذا كان هناك من توقع ان تتصرف الحركة الاسلامية في اسرائيل بشكل مختلف عن تصرفاتها في كل المواقع والمجتمعات التي تنشط في داخلها؛ ولا اعرف اذا راهن قادة الاحزاب والحركات السياسية والمؤسسات المدنية الموجودة بيننا على امكانية اكتفاء وقناعة الحركة الاسلامية بما لديها من قوة ودعم بين الجماهير، وعلى قبولها بالا تسعى لإحكام سيطرتها على جميع مرافق المجتمع وإخضاع سلوك أفراده الى أحكام قوانينها؛ فلجميع هؤلاء تقول اليوم الحركة الاسلامية كلمتها الواضحة، وتعلن بأنها لن تتنازل عن أهدافها وبانها ستعمل لاتمام رسالتها كما تؤمن بها، خاصة بعد أن استوعبت ضعف غرمائها السياسيين واستشعرت عجزهم عن لملمة بقايا أنفاسهم.

انها بداية حقبة سياسية اجتماعية جديدة تدخلها الحركة الاسلامية وهي بكامل استعدادها وعتادها وتأهبها، ولها في الستر حلفاء، بينما تقف ازاءها سائر الاحزاب والحركات السياسية وهي ضعيفة وغير مستعدة للمواجهة، لا بأجسادها المتهالكة ولا بامكانياتها المتواضعه ولا بطروحاتها المتآكله والبعيدة عن المستجدات التي طرأت على اسرائيل وعلى مواطنيها اليهود والعرب على حد سواء.

كم كتبتُ عن ازمة الهوية التي تعصف بلحمة ابناء مجتمعنا وتساءلتُ من يصنع في مواقعنا هويات الاجيال الشابة؟ غضب من غضب من القادة المتنفذين وبقيتْ الحقيقة عارية في عظام ما قلته قبل سنوات واصررت على "أن ما كان مسلّمًا به قد تصدّع، فاليوم قد تراجع "الفلسطيني" عن مكانته، كمركب محسوم بارز في هويتنا الباهتة، أمام الإسلامي الداهم الطاغي، وأمام الإسرائيلي الملتبس المدفوع بكل خبائثه بيننا"؛ ومن سيمعن بالتمحيص في واقعنا سيجد، كما قلت: "إن أقوى عاملين يؤثران في تكوين هوية أفراد مجتمعاتنا هما: الحركات الإسلامية على تفرعاتها وتشكيلاتها المعلنة والسرية ووعاظها المتزمتين والعصريين من جهة، والمفاعيل الإسرائيلية الموجَّهة علينا ومن بيننا، المباشرة منها والمخفية، من جهة اخرى". ومرت السنوات وكبرت الحقيقة حتى صارت ماردًا لا يهادن ولا يساوم ولا يصالح...

ما يجري هو بمثابة الصفعة الاخيرة أو قل نداء الليل الأخير؛ فلقد كشفت هذه المواجهة مع الحركة الاسلامية وما سبقها من تهجمات على مركبات القائمة المشتركة، بعض معالم الواقع وتفاعلاته الحقيقية؛ وكشفت أيضًا بشكل سافر ومؤلم حقيقة انحسار قوة الاحزاب والحركات السياسية التقليدية، وأكدت على عدم وجود قيادة علمانية وطنية حاسمة وقادرة على استباق ومنع حدوث الازمات، ومواجهتها، بحكمة وبصلابة، اذا وقعت؛ وعرّت أيضًا كذبة وجود مجتمع مدني أصيل تؤدي مؤسساته دورها في ساعات المحنة وتذود عن حقوق المواطنين وتحمي، بقوة وبتفانٍ، حيّزاتهم وحرياتهم الاساسية؛ وكشفت، مرة اخرى، عن ضعف لجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء، اللتين خسرتا كثيرًا من رصيديهما ومكانتيهما الأصليتين. سيدّعي البعض ان نتنياهو نجح بتفتيت القائمة المشتركة وذلك بعد نجاحه بتفسيخ معظم معسكرات اعدائه؛ لكنه لم يكن لينجح لولا استقرائه لجميع بواطن الضعف المستشرية بيننا ؛ وسيدّعي اخرون أن الحركة الاسلامية هي من فكك المشتركة وضرب وحدتها؛ لكنني اجزم، وفي بعض الادّعاء صحة، انهم ما كانوا لينجحوا لو وقف أمامهم خصم يحسب له الحساب، ولو لم تكتس المنابت، خلال السنين الماضية، في الشوارع وفي الحارات، بالأخضر، بعد أن بهتت سائر ألوان قوس قزح.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس بالقائمة المشتركة وحدها يحيا الكفاح
- لنصنع ربيعنا في آذار المقبل
- عندما سألني مرسيل: كيف استقبلت فلسطين عامها الجديد
- عن زمن اليأس والعدل بطعم الخل
- كان اسمه عيد الميلاد فلماذا صار اسمه الكريسماس؟
- اسراطينيات..جولة الباطل زفرة
- سقوط المحكمة العليا الاسرائيلية الوشيك
- ما المشترك بين عايدة ومنصور ؟
- النائب عن الحركة الاسلامية، منصور عباس، ولافتة قف
- المواطنة، الهوية، قتل النساء والأمل المفقود
- الأسرلة والتأسرل والعالم المقلوب!
- الأسرلة
- صائب، مفارقات غريبة ومسيرة طويلة
- من يسمع صرخة هذا -الأخرس- من أجل الحرية
- من سيدق الأجراس على باب جهنم؟
- جمال عبد الناصر ..غصة وذكرى وضريح
- حاج في دبي، نعمة أم نقمة
- -طوبى لصانعي السلام- أريد مسيحًا يسعفني
- ويبقى السؤال كم مرة ومن قتل يعقوب ابو القيعان؟
- عندما يصيب -كوفيد15- رئتي القائمة المشتركة


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - ما كانت الحركة الاسلامية لتُقدم، لو كان في سائر الأحزاب حياة