أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - صاحبي الذي رحل














المزيد.....

صاحبي الذي رحل


مهند طلال الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6794 - 2021 / 1 / 21 - 22:50
المحور: سيرة ذاتية
    


منذ سالف الازمان والموت يسرق الانسان، تارة على مهل وتارة على استعجال، لم يحصل على مدار الايام وطيلة عصور الزمان ان نجى انسان من هذا الموت رغم المحاولات الحثيثة، بما في ذلك الانبياء والاولياء والقادة والزعماء وسائر انواع الملوك.

وبإستثناء الانسان من هذه القاعدة نجد ان هناك قصص وحكايا عن نفس هذا الانسان استطاعت ان تبقى وتستمر رغم غياب اصحابها وابطالها، تلك القصص والحكايا في هذه الحالة وبعد موت اصحابها تعود لتولد من جديد، وكلما غابت لا تلبث ان تستدعيها الذكريات كلما هز الحنين من تعنيهم او من كانوا جزء منها في يوم من الايام، عندها نكتشف ان تلك القصص والحكايا قرينة الذكريات، وسرعان ما يتأكد ذلك الاقتران كلما فاض بنا الحنين الى تلك الايام التي حملت الينا ذلك الحب، لكن الاهم في ذلك الحنين انه سرعان ما يستدعي ابطال تلك القصص والحكايا وهنا بالذات تولد الذكريات بحلوها ومرها، لكن يبقى الاجمل فيها انها تعيد إلينا ولو لبرهة قصيرة سيرة وصورة صادقة لاصدقاء ادمنا حبهم وتعودنا عليهم ثم خطفهم القدر من بيننا على حين غرة ودون سابق انذار.

ثم يحصل ان يعتاد الانسان على ذلك الاختطاف من فرط زياراته، فيصبح الموت امرا عاديا وحتى مرغوبا عندما تفقد الحياة بهجتها وتفقد اهم اسباب وجودها، وعند هذه النقطة يحصل التعود، والذي يكون اهم مظاهره تلك الوجوه الشاحبة وتلك العيون المترهلة وذلك الجسد الهزيل، تلك العلامات الفارقة تكون قد بدأت ببناء علاقتها الجذرية مع الموت منذ زمن لكننا لم نلحظها، تلك العلامات لا يراها احد في حينه ولا تلفت النظر اليها وتتقن فن التخفي حتى عن صاحبها، لكنها في نفس الوقت تظهر جلية واضحة وضوح الشمس بعد الموت، تلك العلامات لا يلحظها احد، لكن بعد الموت وعند استذكار تلك الصور نرى بوضوح ان الموت كان يلازمنا ولم يكن يفارفنا لكنه كان يأخذ وقته فيما ينتقي، وعندما يرسوا خياره على احدنا يبدا بالتمهيد لذلك، فيخطف من المرصود بهجة الحياة ولذة الايام وسرعان مايدُب فيه الحنين الى ايام مضت وذكريات خلت واحباء سرقهم الموت ومضى وعاد وحيدا ليكمل مهنته التي ادمنها، الموت.

الموت ليست كلمة، انها مهمة ثقيلة على من كلف بها وعلى من تقع على عاتقه تحمل اعبائها، لكنه حق وايمان بالقضاء والقدر، وتلك ثاني المسلمات بعد حقيقة الموت.

عندما تهبط الذكريات تتداعى صور الفرح واجمل الايام امامنا، ويختفي الموت تحرجا فأكثر ما يزعجه انين الذكريات وتلك الدموع المسكوبة على دروب الحنين.

عند استعادة الذكريات نجد دائما ان ذلك الموت لم يكن ليأتينا فجأة، لقد كان زائرا دائما يأخذ ما يريد قطعة قطعة وعلى مهل، وعندما يحين الفصل الاخير في الحكاية يسدل الستار ويختار لوحده بطل ذكرياتنا القادم ويرحل.

في الموت حار العلماء والشعراء والفلاسفة وكل انواع الجهابذة، وحده المؤمن بحقائق رب السماء من استطاع مواساة نفسه وتخفيف حدة اوجاع ذلك الغياب الرهيب بترديده ايات عظام اصبحت على مدى الايام تملك وجودا دائما في القلوب.

تلك الايات لا تعيد الموتى، بل تعيد الى الاحياء ما غاب عنها لفترة واعتقدته بعيدا وهو اقرب اليها من حبل الوريد.

الموت ليست قضية تخص الميت لوحده، فتلك مسألة فاتت وانقضت بمجرد ان تفيض الروح لبارئها، لكن الموت يوجع الاحياء وحدهم وتلك مسألة اخرى فيها نظر.

ذلك الموت الذي يبقي بظلاله تخيم على صدور من فقدوا عزيزا تختلف باختلاف درجة ذلك العزيز ومكانته، لكن ظل ذلك الموت يبقى ثقيلا على قلوب المحبين حتى يتمكن منهم ومن قلوبهم فيكسرهم ويرحل.

وحده الميت من يملك سبل عزائنا واعادة رسم البسمة التي اختفت وظننا انها ذهبت معه، ذلك الميت الذي يرانا ويبتسم ونتذكره ونحزن يدفعنا دائما الى ان نغافل الموت بالاصرار على الحياة وبالمزيد من الذكريات التي كان حاضرا بها، ويغمز لبعضنا ويلمز لآخرين ان اختاروا من ذكرياتي الاجمل، فأنا الباقي في حضوري بينكم طالما كنتم السيرة الافضل والصورة الاجمل .



#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمامة تصعد الى السماء
- مارادونا في حواري المخيم!
- صلاة العشاء في ساحة الشهداء
- شخصية الجزائر الدولية
- الأنَفةُ الجزائرية: مولود قاسم مثالاً
- ايفا شتال: أُممية لم تغادر الجبل
- الى اين ذهب ماجد؟
- تسابيح من حنايا الجزائر
- قف، هنا المخيم.. (ج2)
- قف، هنا المخيم..
- حين ترحل البيارق
- إرث من الرماد؛ تاريخ السي اي ايه
- رغيف الثورة
- كل يوم كتاب؛ ظلام تحت الضوء
- كل يوم كتاب؛ الغضب والأمل
- كل يوم كتاب؛ الوتر المشدود، بكر ابو بكر
- كل يوم كتاب؛ الحاجة كريستينا، عاطف ابو سيف
- كل يوم كتاب؛ الشاهد المشهود، وليد سيف(2-3)
- كل يوم كتاب؛ الشاهد المشهود، وليد سيف(1)
- كل يوم كتاب؛ هؤلاء أضاعوا فلسطين


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مهند طلال الاخرس - صاحبي الذي رحل