أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هاجر منصوري - حكومات كلّما جوّعت شعبها أكلت نساءها














المزيد.....

حكومات كلّما جوّعت شعبها أكلت نساءها


هاجر منصوري

الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 20:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تعاقبت الحكومات في الجمهوريّة التونسيّة الثانية بعد ثورة 14 جانفي 2011، وتعدّدت فيها أسماء الرّجال ممّن استفردوا بـ"الرّأس" في الحكومة والبرلمان والدولة والأحزاب وتورّكوا جميع المناصب الوزاريّة ورقابهم مشرئبّة إلى وزارتي العدل والداخليّة وعليهما يتنافس المتنافسون ولأجلهما تسقط "العِمّة" وتشدّ "ربطة العنق" وتشحذ الهمّة، أمّا النساء فلا أهليّة لهنّ في " إمامة" البرلمان أو الحكومة، أو الدولة، وحتّى الأحزاب. واقتصر حضورهنّ بشكل أفقيّ في قواعد هذه الصروح السياسيّة، وشرع يخفت بريقه يوما بعد يوم حتّى فاجأنا التحوير الوزاري الأخير الذي أعلنه مساء يوم 16 جانفي 2021 رئيس الحكومة هشام المشيشي بعد مشاورات حثيثة مع الائتلاف البرلماني المساند للحكومة، وكانت القائمة النهائية للتحوير الوزاري تضم تغييرا في 11 حقيبة وزارية لا يقترح فيها أيّ اسم نسائي.
ونرى في هذا التحوير الرجالي الصرف هدرا للحراك النسوي التونسي بل تعمّدا مقصودا إلى تصفية النَفَس النسائي عن تحمّل أعباء الحقائب الوزاريّة، فيكفيها فيما يعتقدون أن تحمل حقائب الملابس أو الزينة أمّا الوزارات فلها رجالاتها ولا مجال لرِجْل النساء أن تطأ بلاطها إلاّ فيما قلّ وندر. ومثل هذا الإجراء يثير ريبتنا في مسار المناصفة بين الجنسين في المجال السياسي، فهل فقدت النساء الأهليّة في التكليف الوزاري وحتّى الرّئاسي أم هل قصّرن حتّى يتمّ التفويت في حقّهنّ ؟ أم أنّ الأمر يتجاوز الحراك النسوي ذاته إلى الاصطدام بالموروث الاجتماعي الذكوري؟ أم لعلّنا أمام حكومات حينما تجوّع شعبها تأكل نساءها ؟
ولكلّ من يصمّون آذانهم عن ضرورة مشاركة النساء في مراكز القرار السياسي باعتبارها حقّا دستوريّا وليس منّة أو ترفا سياسيّا، فإنّنا نذكّر فحسب بأنّ النساء ساهمن في الثورة، حينما انتفضن في الشوارع مطالبات بإسقاط النظّام، ونالهنّ الضّرب والإيقاف، واستشهدن في سبيل هذه الجمهوريّة الثانية. وحتّى بعد أن سقط النظام تواصل حضورهنّ في الحراك الثوري المنادي باستكمال مسار الثورة فتصدّين ضدّ كلّ من حاول الرّجوع بتونس إلى مربّع الدّكتاتوريّة المتلوّنة بصبغة الحكم الثيوقراطي، ولنا في اعتصامي القصبة 1 و2 خير شاهد على دور النساء مثلهنّ مثل الرّجال في إسقاط حكومة محمّد الغنوشي وإحداث البرلمان أملا في تحقيق أهداف ثورة الحريّة والكرامة والعدالة الاجتماعيّة.
وواصلت النساء النضال في المنابر السياسية والإعلاميّة للمطالبة بالمساواة في الحقوق والواجبات وخاصّة في مجال المشاركة السياسية عبر تقلّد مناصب عليا في الدّولة. ونتيجة لتلك التحرّكات تبنّى المجلس الوطني التأسيسي في ماي 2011 قاعدة التناصف والتناوب في القائمات الانتخابية، وتمّ إدراج فصل في باب الحقوق والحريات يقر بأنّ:" المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز". وكانت النساء في كلّ الانتخابات حاضرات بكثافة يمارسن حقّهنّ الذي حرمن منه لسنين طوال ، وقد بلغت في انتخابات 2011 نسبة الناخبات المسجلات إراديّا 46% أمّا نسبة المترشّحات على القائمات فقد بلغت 48%، وكذا الشّأن بالنسبة إلى انتخابات 2014 إذ فاقت نسبة النّساء المسجّلات في الانتخابات الــ 50 %، فيما بلغ عدد المترشحات حوالي 47 %. ولكن رغم تقارب نسبة الرجّال والنساء في هذه الانتخابات فإنّ النساء في الانتخابات الأولى شغلن فقط نسبة 27 % من المقاعد البرلمانية أي في حدود الرّبع، وفي الثانية نجد 12 امرأة فقط منهنّ ترأّسن القائمات الانتخابيّة، وشاركت تونسية واحدة فقط من 26 مترشّحا في السباق نحو قصر قرطاج.
فبين جمع أصوات النساء للانتخابات وطرحها عن المسؤوليات والقيادة السياسيّة ضرب للحراك النسوي أوّلا ولمدنيّة الدوليّة ثانيا. وهو تزييف للوعي النسوي إذ يؤتى بأصواتهنّ للتعبئة أمّا مركز القرار فيقطفه من استغلّ صوتها، وكأنّ النساء بعد كلّ نضالاتهنّ لم يبرحن مكانهنّ من الاستغلال والتوظيف وإلاّ فبماذا نفسّر حضورهنّ المحتشم في تشكيل الحكومات المتعاقبة في تونس الجمهوريّة الثانية؟ بدءا بحكومة الترويكا التي تشكلت من 48 عضوا وأسندت فقط للنساء 3 مناصب وزارية. والحصيلة ذاتها تتكرّر مع حكومة المهدي جمعة التي أسندت بدورها 3 مناصب فقط للعنصر النسائي، فيما ضمّت حكومة الصيد وزيرتين و5 كاتبات دولة. وهكذا دواليك مع الحكومات المتوالية وصولا إلى حكومة هشام المشيشي التي اقترحت في تحويرها الوزاري 11 حقيبة منحتها جميعها للرجال.
فلِمَ هذا الاستثناء النسائي عن مراكز القرار؟ النساء يمررن على صراط النضال والكفاح والثورة، ينتفضن، وتتعالى أصواتهنّ:" نريدها تونس حرّة أبيّة.. نريدها عيشا كريما وعدالة اجتماعيّة.. نريدها خضراء ننعم بخيراتها رجالا ونساء.. نريدها مناصفة"، ولكن حينما يبدأن قطاف نضالاتهنّ يتساقطن من غربال التشكيل والتحوير ولا تبقى إلاّ التي لها القدرة على تبييض النظام أو تسويد المسار . وإن كنّا لا نعوّل كثيرا على هذا التحوير الوزاري الرّجالي إذ لا يعدو أن يكون مجرّد مسايرة لرمال النظام القديم المتحرّكة، فإنّه قد ترسّخ أكثر في اعتقادنا أنّ النهوض بالأوطان في جميع المجالات عقليّة لا يبلغها أصحاب العقليّة الذكوريّة المتنفّذة والتابعة في مجتمعاتنا..
وعليه يكون من الأحرى على النساء أن يعلمن أنّهنّ بذواتهنّ قادرات على مواصلة المسار النضالي بعيدا عن أن تكون زوجة سياسي أو أخته أو ابنته أو تابعة له فبمثل هذه الانتماءات لن تخرج من جلباب التبييض أو التسويد، في حين أنّنا بحاجة إلى نساء على رأسهنّ عَلَم وفي ذهنهنّ وعي سياسي وطني وبين ضلوعهنّ مسار نضال قدّمت فيه المرأة الغالي والنفيس حتّى يكون لخلفها من النساء صوت حقيقيّ لا مزيّف... حتّى لا تأكلهنّ حكوماتهنّ حينما تجوّع شعبها.



#هاجر_منصوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحَجْر في الذكرى العاشرة لثورة ثروتها محْجُورة
- بين رأس السنة الميلاديّة الجديدة ورؤوس الرعاة الثلاث... نذكّ ...
- الحراك النسوي التونسي وسياسة الاغتيال الناعم
- سرديّات نسائيّة عن النكبة: شهادات وأدوار
- بين المحنة ورهان تفعيل حقّ حريّة التعبير والمعتقد
- ما بعد الاغتصاب وأنطولوجيا - الوجع- و-الوصم-
- -اللباس- زمن الوباء و -فتنة- فيروس الكورونا المستجدّ


المزيد.....




- مقتل امرأة عراقية مشهورة على مواقع التواصل.. وأجهزة الأمن تح ...
- “احلى اغاني الاطفال” تردد قناة كراميش 2024 على النايل سات ka ...
- إدانة امرأة سورية بالضلوع في تفجير وسط إسطنبول
- الأمم المتحدة تندد بتشديد القيود على غير المحجبات في إيران
- الاعتداء على المحامية سوزي بو حمدان أمام مبنى المحكمة الجعفر ...
- عداد الجرائم.. مقتل 3 نساء بين 19 و26 نيسان/أبريل
- هل تشارك السعودية للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون؟
- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - هاجر منصوري - حكومات كلّما جوّعت شعبها أكلت نساءها