أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن العاصي - فارس القدس ونسر الأقصى.. الأسير علاء البازيان















المزيد.....

فارس القدس ونسر الأقصى.. الأسير علاء البازيان


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 6779 - 2021 / 1 / 5 - 17:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


فقد بصره، ولا زال يكابد ألم السجن، ولوعة الفراق، وأحزان البعد والحرمان، وأوجاع الأمراض التي أنهكت جسده النحيل، لكنها لم تنل من عزيمته الفولاذية.
يشبه قبة الصخرة في القدس الشريف بثباته. ومثل جدران المدينة القديمة حيث وُلد، يقف الأسير المناضل الفلسطيني المقدسي الكفيف "علاء البازيان" في زنزانته شامخاً بكل عنفوان بوجه الجلادين الصهاينة.
فقد والده التسعيني الصابر الذي أمضى عمره متنقلاً من سجن لآخر خلف فلذة كبده، في شهر أيلول/سبتمبر العام 2009 دون أن يتمكن من رؤيته لمدة عشر سنوات متواصلة قبل وفاته. حين سمع بخبر وفاه والده قال "تمنيت يا والدي أن أحضنك لساعات، وأن أكلم مرضك ليدعك وشأنك لأنني أحبك كثيراً، وفقداني لك يعني خسارتي لآخر قلاع العز والفخار"

ثم بعد أقل من عام، في شهر تموز/ يوليو من العام 2010 فقد والدته المرابطة، حيث انتقلت الحاجة المقدسية "انتصار البازيان" إلى جوار ربها بعد صراع مرير وطويل مع مرض السرطان. عاجلها الموت قبل أن تتمكن من تحقيق أمنيتها التي انتظرتها طوال أربعة وعشرون عاماً لاحتضان ابنها وإقامة حفل زفافه.
وكانت والدة الأسير حُرمت من زيارته خلال آخر سبعة أعوام قبل وفاتها بسبب مرضها الشديد، وبسبب قرارات إدارة السجون الإسرائيلية. غادرت الحياة دون أن يراها ابنها الأسير، دون أن يودعها، دون أن تحتضنه، دون أن يقبل يديها للمرة الأخيرة قبل أن تُوارى الثرى.
حين أخبروه بوفاة والدته، وأن جميع سكان البلدة القديمة في القدس صغاراً وكباراً قد ساروا في جنازتها، وأن جدران البلدة قد بكتها قبل أن يبكيها الرجال والنساء، بكى بكاءًا كثيراً وقال "سامحيني يا أمي على كل لحظة ألم سببها لك اعتقالي، عن كل الوقت الذي أمضيته وأنت تجرين خلفي من سجن لآخر، كم كنت أتمنى أن أتنفس آلامك وأن أستشعر حزنك ومرضك، تمنيت يا والدتي أن اقتلع من جسدك الطاهر ذلك المرض الخبيث كما أقتلع الأشواك من غصن الورد، لأغرسه في جسدي لتعيشي سعيدة ومعافاة"

يُشبه صخور القدس
الأسير الباسق علاء البازيان رمز من الرموز النضالية للحركة الاسيرة الفلسطينية، وقامة وطنية سامقة، وعلامة كفاحية بارزة. سنديانة مقدسية متجذرة، وواحداً من الأسرى القدامى. يعتبر من عمداء الأسرى وسادس أقدم أسير مقدسي.
ترعرع في البلدة القديمة التي هي قلب مدينة القدس، فيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
لكن المدينة تغيرت كثيراً ملامحها منذ شاهدها المناضل الصامد الأسير آخر مرة منذ واحد وأربعون عاماً، قبل أن تُصاب عينيه ويفقد البصر.
الشاب المقدسي ذاته الذي أرهقته تصاريف الأيام قد تغيرت معالم وجهه أيضاً، وشاب شعر رأسه بما تحمّل ما تنوء الجبال عن حمله، لكن إيمانه بعدالة ومشروعية قضيته لم يتغير، وكذلك نظارته السوداء التي تخفي خلفها حكاية فتى مقدسي رفض الخضوع لطغيان الاحتلال لم تتغير كذلك.
علاء الملقب "أبو كمال" الذي ترعرع في أزقة مدينة القدس وفي حواري بلدتها القديمة، لم يستطع رؤية جنود الاحتلال الصهيوني يجوبون شوارع المدينة، فالتحق مبكراً بالعمل الوطني، وتعرض للإصابة والاعتقال في سن مبكرة، تعرض لأبشع أنواع التعذيب، لكنه مناضل صلب وفدائي عقائدي، صاحب انتماء راسخ.
القضية الوطنية بالنسبة له مقدسة وفوق جميع الاعتبارات الأخرى. لم تردعه سادية السجان، ولا ظلام السجون، ولا التعذيب، ولا فقدان البصر والعائلة، ولا ألم الأمراض المزمنة، عن مواصلة طريقه في النضال ومقاومة الاحتلال الصهيوني، ولم تفلح كافة الأساليب التي استخدمها السجّان الفاشي في كسر إرادته وإضعاف معنوياته، بل على العكس تماماً، زاده الألم إصراراً فوق إصرار على المضي قدماً، ليكون واحداً من أبرز القادة المُنظمين والمُلهمين في الحركة الأسيرة الفلسطينية داخل السجون الصهيونية.

مأساة الاعتقال
ولد الأسير المقدسي "علاء الدين أحمد رضا البازيان" الملقب ـ أبو كمال ـ في عام 1958 في حارة السعدية في البلدة القديمة بالقدس الشريف. وفي عام 1977 انضم إلى صفوف الثورة الفلسطينية. بتاريخ 20/4/ 1979 حاول مع مناضل آخر وضع عبوة ناسفة داخل سيارة أحد الضباط الصهاينة، لكن القنبلة انفجرت بهما. على الفور استشهد كمال النابلسي، وأصيب علاء البازيان بجروح خطيرة في كافة أنحاء جسده وعينيه.
تم إلقاء القبض عليه من قبل قوات الاحتلال حيث تعرض إلى أقسى أنواع التعذيب. وتمت مساومته على جراحه، على أن يعترف بمسؤوليته عن التفجير مقابل معالجة عينيه، لكنه رفض، فقام الأطباء الصهاينة بخياطة عينيه دون علاجهما، ثم تم استئصال طحاله الذي تضرر بالانفجار. أُفرج عنه في 22/4/1981 لعدم توفر الأدلة ضده. لكن بعد شهور قليلة عادت والقت قوات الاحتلال القبض عليه بتاريخ 4/12/1981 وحكمت عليه المحكمة الصهيونية بالسجن لمدة عشرين عاماً.
تم إطلاق سراحه ضمن عملية تبادل الأسرى في عام 1985. لكن قوات الاحتلال الفاشي عادت واعتقلته بعد اقل من عام في 20/6/1986، وحكمت عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة بتهمة تشكيل وتنظيم مجموعات فدائية تعمل ضد جيش الاحتلال.
في 11/10/2011 تم الإفراج عنه ضمن صفقة "شاليط" لتبادل الأسرى. وأعيد اعتقاله من جديد بتاريخ 18/6/2014 وتم الحكم عليه بالمؤبد مرة أخرى.
يبلغ الأسير الفلسطيني المقدسي المرابط "علاء البازيان" من العمر الآن اثنان وستون عاماً، وبلغت حصيلة سنوات اعتقاله ثمانية وثلاثون عاماً في سجون وزنازين الاحتلال الصهيوني الفاشي.

أيها الأقوام
السؤال الهام الكبير والملح الذي نوجهه إلى كل ذي شأن بقضية الأسرى، السلطة الفلسطينية، جامعة الدول العربية، المؤسسات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وإلى كل حر وشريف في هذا العالم البائس: إلى متى يستمر اعتقال علاء البازيان وبقية الأسرى؟ حتى متى تتواصل هذه المأساة الوطنية الإنسانية؟ هل يظل الأسرى الفلسطينيين يودعون الأمهات والآباء وذويهم وهم في يذرفون الدموع بصمت؟ ومتى نكف عن رسائل وخطابات التضامن، وبرقيات التعازي وعبارات المواساة، ونبدأ بتحرك يفضي إلى تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية وإطلاق سراحهم جميعاً؟
يا معشر بني آدم:
حين يصبح الواقع الحقيقي أكثر دهشة وغرابة ووحشة من كل ما يتخيله العقل البشري، تفقد القيم والأخلاق قيمتها ومعناها، وترتبك القواعد والمفاهيم.
هؤلاء الأسرى بشر مثلكم من لحم ودم، مضى على معظمهم أكثر من ربع قرن في سجون الاحتلال الصهيوني الفاشي، وبعضهم أمضى أكثر من أربعين عاماً، دون أن يلمسوا ويقبلوا أيادي الآباء والأمهات، دون أن يحضنوا الشقيقات والأشقاء وأبناءهم كما تفعلون، دون أن يشاهدوا شروق وغروب الشمس كما يروق لبعضكم، دون أن يأكلوا طعاماً منزلياً كما تتناولون يومياً، دون زواج وعائلة وإنجاب، دون أن يفعلوا الأشياء البسيطة التي تتذمرون أنتم منها. بعضهم شهد تغيير أبواب السجن الحديدية المصفحة مرتين خلال فترة اعتقاله.
ألم يحن الوقت للقيام بأوسع حملة تضامن فلسطينية ـ عربية ـ دولية للضغط على حكومة الكيان الصهيوني من أجل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجونها؟
أما حان الوقت كي يستيقظ ضمير هذا العالم ويرى ما تفعله إسرائيل بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين؟
سلاماً عليك أبا كمال، سلاماً عليك يا أمير الثوار، سلاماً عليك يا فارس الفرسان، سلاماً عليك وعلى جميع الأسرى، سلاماً عليك وعلى القدس توأم الشام وشقيقة المسيح، على الكروم وبساتين التين، وعلى شراب البن وأكواب القهوة في الشرفات العتيقة.
تستحقك الحرية الكاملة أيها النسر الكفيف المُبصر الفؤاد. العار للمُبصرين العميان.



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوير بين الدين والفلسفة
- مؤسسة سيدة الأرض تختار الرئيس الجزائري شخصية العام 2020
- أمير الأسرى.. وليد دقة.. المثقف المشتبك
- صدور ديوان -درب الأراجيح مغلق- للباحث والشاعر حسن العاصي
- حسن العاصي... شاعر يربّي عشق الانتماء بروح مغتربة
- سيدة الأرض تعلن أن (العزم ما غاب)
- الأسير المرابط ماهر يونس.. أيقونة المعتقلات
- الأوروبيون لا يريدون طالبي اللجوء المسلمين
- محارق الصهيونازية.. الأسير الفلسطيني كمال أبو وعر نموذجاً
- جمعية الرعاية الإنسانية المغربية تعقد مؤتمرها السنوي الثاني
- أقدم سجين في العالم كريم يونس.. مانديلا فلسطين
- مسلسل -أم شارون- تزوير للتطبيع.. فلسطين أم الشهداء
- أن تكون عنصرياً ضدي لأنني فلسطيني
- الأقفاص البشرية.. ما بعد كورونا
- الإغراق الإعلامي.. تصنيع الكذب والتضليل
- الأدوية الذاتية.. العلاج بالضحك
- الكوروجينيا.. من الانتخاب الطبيعي إلى الانتقاء الموجه
- لماذا نحب المغرب؟
- الدبلوماسي المتمرس جمال الشوبكي السفير الفلسطيني في المملكة ...
- في الشرق المرعب


المزيد.....




- مهرجان الصورة عمّان..حكايا عن اللجوء والحروب والبحث عن الذكر ...
- المجلس الرئاسي الليبي يتسلم دعوة رسمية لحضور القمة العربية ف ...
- الخارجية الروسية تحذر من شبح النازية وتقدم تقييما لوضع العال ...
- إصابة 29 شخصا بزلزال شمال شرقي إيران
- وزير الداخلية الإسرائيلي: المشاهد القادمة من سوريا تشير إلى ...
- والتز يؤكد استمرار المباحثات بين موسكو وواشنطن
- -حماس- تعلق على قرار سويسرا حظر الحركة
- مادورو: رفع -راية النصر- على مبنى الرايخستاغ عام 1945 تحول إ ...
- بريطانيا تبحث استخدام أموال ليبيا المجمدة لتعويض ضحايا -إرها ...
- بريطانيا ترحب بتوقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن العاصي - فارس القدس ونسر الأقصى.. الأسير علاء البازيان