علينا تغيير النّظام الرأسمالي لا المناخ

ليانا خوري

الحوار المتمدن-العدد: 6984 - 2021 / 8 / 10 - 09:47
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

2020
وجمعت جمعية "كريستيان إيد" بيانات هامة حول 10 أحداث حصلت على خلفيّة التغير المناخي، والتي أدّت إلى خسارة آلاف الأرواح وتكاليف مادّية كبيرة. وقعت ستة من الأحداث في آسيا، حيث تسببت الفيضانات في الصين والهند بأضرار تزيد عن 40 مليار دولار. وفي الولايات المتحدة، تسببت الأعاصير وحرائق الغابات القياسية في خسائر بنحو 60 مليار دولار.



اضطر ملايين الأشخاص الى التّعامل مع آثار وتداعيات الظواهر المناخيّة المتطرّفة، بينما كان العالم يكافح في ذات الوقت من أجل السّيطرة على جائحة فيروس كورونا.

ارتبطت الرياح الموسمية الممطرة بشكل غير معتاد ببعض أكثر العواصف ضررًا في آسيا، حيث كانت بعض أكبر الخسائر. على مدى أشهر متواصلة، تسببت الفيضانات الغزيرة في الهند في مقتل أكثر من ألفي شخص مع نزوح ملايين الأشخاص من منازلهم. وتقدر قيمة هذه الخسائر المؤمن عليها بـ 10 مليارات دولار.

في المقابل عانت الصين من أضرار مالية أكبر من الفيضانات، حيث وصلت إلى حوالي 32 مليار دولار بين حزيران/ يونيو وتشرين الأوّل/ أكتوبر من هذا العام. كانت الخسائر في الأرواح من هذه الأحداث أقل بكثير مما كانت عليه في الهند. بينما كانت هذه كوارث بطيئة الحركة، تسببت بعض الأحداث في أضرار جسيمة في فترة زمنية قصيرة.



ضرب إعصار أمفان خليج البنغال في أيّار/ مايو وتسبب في خسائر تقدر بنحو 13 مليار دولار في غضون أيام قليلة، وأشارت تصريحات لمطلعين الى أنّ أمفان هو أحد أقوى الأعاصير التي تم تسجيلها على الإطلاق في خليج البنغال خلال فترة ما قبل الرياح الموسمية.

وقال الدكتور روكسي ماثيو كول، عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية الاستوائية في بيون في تعليق على تقرير "كريستيان إيد": "لقد رأينا درجات حرارة قياسية في بحر العرب وخليج البنغال، تراوح بين 30 درجة مئوية و33 درجة مئوية"، مضيفًا: "هذه درجات الحرارة المرتفعة لها خصائص موجات الحرارة البحرية التي من المرجح أنها أدت إلى اشتداد سريع لعصف ما قبل الرياح الموسمية أمفان ونيسارجا".

كانت إفريقيا أيضًا في الطرف المتلقي للأحداث القاسية، مع أسراب الجراد الهائلة التي دمرت المحاصيل والغطاء النباتي لتصل قيمتها إلى 8.5 مليار دولار. وربطت الأمم المتحدة هذه الأسراب بالتغير المناخي، حيث ساهمت الأمطار الغزيرة بشكل غير معتاد في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي (أو شبه الجزيرة الصّوماليّة) في السنوات الأخيرة في تفشي الجراد.



شهدت أوروبا أيضًا تأثيرات كبيرة عندما اجتاحت العاصفة "سيارا" إيرلندا والمملكة المتحدة وعدة دول أخرى في شباط/ فبراير. وأسفرت هذه العواصف عن مقتل 14 شخصًا وإلحاق أضرار بلغت نحو 2.7 مليار دولار. وتؤكد مؤسسة "كريستسان إيد" أن هذه الأرقام الخاصة بالتكاليف المالية من المحتمل أن تكون أقل من قيمتها الحقيقية لأنها تستند فقط إلى الخسائر المؤمن عليها.

الدّول الغنيّة لديها خصائص وممتلكات بقيمة مادّية أكبر مقارنة مع الدّول الفقيرة، لذلك بشكل عام يضطرون لصرف غرامات مالية أكبر بعد حدوث الكوارث الطبيعيّة الضخمة، اذًا الخسائر المالية لا تعكس بالضّرورة الأثر الكامل أو قوّة العواصف والحرائق. في حين أن فيضانات جنوب السودان لم تكن من بين الأكثر تكلفة من حيث "القيمة الدولارية"، فقد كان لها تأثير كبير، حيث قتلت 138 شخصًا وأتلفت محاصيل هذا العام.

يشير الباحثون الى أن تأثير تغير المناخ على الكوارث الطبيعيّة قوي ومن المرجح أن يستمر التأثير بالتّصاعد ليكون أشد قسوة. وقالت الدكتورة سارة بيركنز كيركباتريك، من مركز أبحاث تغير المناخ بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا: "تمامًا مثل عام 2019، كان عام 2020 مليئًا بالكوارث القاسية"، وأضافت: "لقد رأينا كل هذا مع ارتفاع درجة الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية واحدة، مما يبرز العلاقة الطّرديّة الحساسة بين متوسط درجات الحرارة ​​وبين شدّة الكوارث الطبيعيّة".

في نهاية الأمر، سنشعر بآثار تغير المناخ من خلال شدة تطرّف الكوارث الطّبيعيّة وليس من خلال التّغييرات المتوسطة لدرجات الحرارة، ومن غير المستبعد أن تكون السنوات القادمة مشابهة بل وأقسى من عام 2020 مع الاستمرار بارتفاع درجات الحرارة العالميّة. واختتمت كاتبة تقرير كريستيان إيد، الدكتورة كات كرامر: "من المهم أن يشرع العالم في العام المقبل في دخول حقبة جديدة من النّشاط لتغيير موجة تغير المناخ".





//الآثار الـ12 الرئيسية لتغير المناخ العالمي في عام 2020

كما نشرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقريرًا أوليًّا يشمل 12 أثرًا رئيسيًّا لتغير المناخ العالمي في العام 2020. وتصدر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقريرًا عن حالة المناخ العالمي للعام السابق سنويًا منذ عام 1993.

ويظهر التقرير الأوّلي لحالة المناخ العالمي 2020، الذي صدر هذا الأسبوع للمناقشة والمراجعة، أن تغير المناخ واصل مسيرته الحثيثة في عام 2020، والتي تسلك طريقًا ممهّدًا لتكون واحدة من أحر ثلاث سنوات مسجلة. كما أشارت التقارير الى أن العقد 2011-2020 هو العقد الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث كان العام الحالي أكثر السنوات الست دفئًا منذ عام 2015.

وصلت حرارة المحيطات إلى مستويات قياسية وشهد أكثر من 80٪ من المحيطات العالمية موجة حارة بحرية في وقت ما في عام 2020، مع تداعيات واسعة النطاق على النظم البيئية البحرية التي تعاني بالفعل من مياه حمضية أكثر بسبب امتصاصها لغاز ثاني أكسيد الكربون.

ويُظهر التقرير، الذي يستند إلى مساهمات العشرات من المنظمات والخبراء الدوليين، كيف أثرت الأحداث، بما في ذلك الحرارة الشديدة وحرائق الغابات والفيضانات، فضلاً عن موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي الذي حطم الرقم القياسي على ملايين الأشخاص، مما أدى إلى تفاقم التهديدات للإنسان الصحة والأمن والاستقرار الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا. وتجدر الإشارة الى أنّ التقرير النّهائي لعام 2020 سينشر في شهر آذار/ مارس.



يشمل التقرير الأوّلي 12 بندًا رئيسيًا:

غازات الاحتباس الحراري: استمرت تركيزات الغازات الدفيئة الرئيسية والتي تشمل: ثاني أكسيد الكربون، الميثان، وأكسيد النيتروس بالارتفاع في عامي 2019 و2020.

الاحتباس الحراري: على الرغم من تطور ظروف "ظاهرة النينيا" (وهي تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي، مؤثرًا على المناخ في الكثير من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. وتُعرف مرحلة التبريد بـ "لا نينا)، فإن متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2020 في طريقه ليكون واحدًا من أكثر ثلاث درجات حرارة مسجلة. من المرجح أن تكون السنوات الست الماضية، بما في ذلك عام 2020، هي السنوات الست الأكثر دفئًا المسجلة.



ارتفاع منسوب مياه البحار: ارتفع مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم سجل مقياس الارتفاع، ولكن مؤخرًا ارتفع مستوى سطح البحر بمعدل أعلى بسبب زيادة ذوبان الصفائح الجليدية في جرينلاند وأنتاركتيكا. وكان المتوسط ​​العالمي لمستوى سطح البحر في عام 2020 مماثلاً لما كان عليه في عام 2019. ومن المحتمل أن يكون هناك انخفاض طفيف في مستوى سطح البحر العالمي في الجزء الأخير من عام 2020 مرتبطًا بتطور ظروف "النينيا"، على غرار الانخفاضات المؤقتة المرتبطة بأحداث النينيا السابقة.

موجات الحر البحرية: أكثر من 80% من مساحة المحيط تعرضت لموجة حارة بحرية واحدة على الأقل في عام 2020 حتى الآن. وتعرضت معظم المحيطات لموجات حرارية بحرية مصنفة على أنها "قوية" (43%) و28% صنفت على انها "معتدلة".

ارتفاع درجات حرارة المحيط: شهد عام 2019 أعلى محتوى حراري للمحيطات على الإطلاق، وكان معدل الاحترار على مدى العقد الماضي أعلى من المتوسط ​​طويل الأمد، مما يشير إلى استمرار امتصاص الحرارة من الاختلال الإشعاعي الناجم عن غازات الاحتباس الحراري.

الجليد البحري في القطب الشمالي: كان الحد الأدنى في القطب الشمالي، لمدى الجليد البحري السنوي هو ثاني أدنى مستوى على الإطلاق، ولوحظ انخفاض قياسي في نطاقات الجليد البحري في شهري تموز/يوليو وتشرين الأول/أكتوبر. وظل امتداد الجليد البحري في أنتاركتيكا قريبًا من المتوسط ​​طويل الأجل.

جليد جرينلاند: استمر الغطاء الجليدي في جرينلاند في فقدان كتلته، على الرغم من أن توازن الكتلة السطحية كان قريبًا من المعدل العام، إلا أن فقدان الكتل الجليدية بسبب عمليّة "تكسر قطع الجليد من حافة النهر الجليدي" كانت الأكبر منذ 40 عامًا من سجل الأقمار الصناعية. في المجموع، فقد ما يقرب من 152 جيجا طن من الجليد من الغطاء الجليدي بين أيلول/سبتمبر 2019 واب/اغسطس 2020.

المطر والفيضانات: سقطت أمطار غزيرة أحدثت فيضانات واسعة النطاق على أجزاء كبيرة من إفريقيا وآسيا في عام 2020. وأثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات على جزء كبير من منطقة الساحل والقرن الأفريقي الكبير وشبه القارة الهندية والمناطق المجاورة والصين وكوريا واليابان وأجزاء من جنوب شرق آسيا في أوقات مختلفة من العام.

أعاصير المحيط الأطلسي: مع وجود 30 عاصفة محددة (اعتبارًا من 17 تشرين الثّاني/ نوفمبر)، شهد موسم الأعاصير في شمال المحيط الأطلسي أكبر عدد من العواصف المسماة على الإطلاق مع رقم قياسي وصل إلى اليابسة في الولايات المتحدة الأمريكية. كانت العاصفة الأخيرة من الموسم (حتى الآن) "لوتا" هي الأشد أيضًا، حيث وصلت إلى الفئة 5.



عواصف استوائية أخرى: كان نشاط العواصف المدارية في الأحواض الأخرى قريبًا أو أقل من المتوسط طويل الأمد، على الرغم من وجود تأثيرات شديدة.

جفاف شديد: أثر الجفاف الشديد على أجزاء كثيرة من المناطق الداخلية في أمريكا الجنوبية في عام 2020، وكانت المناطق الأكثر تضررًا هي شمال الأرجنتين وباراغواي ومناطق الحدود الغربية للبرازيل. كانت الخسائر الزراعية المقدرة قريبة من 3 مليارات دولار أمريكي في البرازيل مع خسائر إضافية في الأرجنتين وأوروغواي وباراغواي.

الهجرة المدفوعة بالمناخ: تسببت أحداث المناخ والطقس في تحركات سكانية كبيرة وأثرت بشدة على الأشخاص المستضعفين أثناء التنقل، بما في ذلك في منطقة المحيط الهادئ وأمريكا الوسطى.



في المقابل، لا يزال هنالك أمل بأخذ قضيّة التغير المناخي على محمل الجد والبدء باتخاذ الخطوات للحد من التغيير المناخي. بدوره شدد الأمين العام للأمم المتحدة، في بيان له على أن تغير المناخ وجائحة كورونا هما أزمتان لا يمكن معالجتهما إلا بالتّضامن الأممي في إطار عملية التحول صوب مستقبل مستدام لا يُقصى منه أحد. وقال "إن الطموح الرئيسي للأمم المتحدة في العام المقبل هو بناء تحالف عالمي حقيقي من أجل الوصول بانبعاثات الكربون إلى مستوى الصفر بحلول العام 2050. وسيكون بوسع كل الحكومات والمدن والشركات والأفراد الاضطلاع بدور في تحقيق هذه الرؤية".

وصرّح أنطونيو غوتيريش، في تقرير له، بأنّ الاتحاد الأوروبي قد التزم بتحييد أثر الكربون بحلول 2050. بالإضافة الى كل من المملكة المتحدة، اليابان وجمهورية كوريا وما يزيد على 110 بلدان. والتزمت بذلك أيضًا إدارة الولايات المتحدة المُقبلة، كما التزمت الصين ببلوغ الهدف قبل عام 2060. وأضاف: "ينبغي لكل بلد وكل مدينة وكل مؤسسة مالية وكل شركة أن تعتمد خططًا للوصول إلى مستوى الصفر – وأن تتخذ إجراءات الآن لتكون في المسار الصحيح صوب ذلك الهدف، وهو ما يعني تخفيض الانبعاثات في العالم بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010. وقبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في غلاسكو، تُلزم الحكومات بموجب اتـفاق باريس بأن لا تفتأ تبدي طموحًا أكبر كل خمس سنوات وأن تقدم التزامات معززة تعرف باسم المساهمات المحددة وطنيًا، ويجب أن تبرز هذه المساهمات طموحًا حقيقيًا في تحييد أثر الكربون".

#ليانا_خوري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات