أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - الرابطة الأممية للعمال - مارادونا.. المعبود، الإنسان















المزيد.....

مارادونا.. المعبود، الإنسان


الرابطة الأممية للعمال

الحوار المتمدن-العدد: 6767 - 2020 / 12 / 21 - 09:48
المحور: عالم الرياضة
    




وفاة دييغو أرماندو مارادونا كان لها تأثير عالمي. بكى ملايين الناس، وليس فقط وسائل الإعلام الرياضية، ولكن أيضا الصحافة العالمية خصصت عناوينها له. كان شخصية مثيرة للجدل للغاية خلال حياته، واستمر الجدل بوفاته.



إعداد: الرابطة الأممية للعمال_ الأممية الرابعة_ سكرتاريا المرأة الأممية



بعض صفحات الإعلام نشرت على صفحاتها الأولى “مات الرب”، وكثير من مشجعي كرة القدم في الأرجنتين والعالم فكروا أو شعروا بذات الشيء. كان هناك قطاعات سلطت الضوء على بعض تعبيراته السياسية الأكثر تقدمية. في فرنسا، تظاهرة ضد عنف الشرطة كان يتقدمها علم يحمل صورة مارادونا. في قطاعات أخرى كان هناك نقد حاد لتكريمه بسبب إغفال أو تبرير تحيزه الجنسي. وأخيرا، كان هناك أولئك الذين أعربوا عن أنه من أصول متواضعة، وكان في النهاية شخصية وظيفية للنظام البرجوازي. حتى جنازته لم تتمكّن من المرور بسلام على عائلته أو الجماهير الذين يريدون توديعه. الحكومة الأرجنتينية الكيرتشنرية (التي كان يدعمها مارادونا) حاولت استغلال العاطفة الشعبية تجاه المعبود الراحل وأخذت زمام المبادرة في مقر الحكومة، مع وصول الجماهير. كل شيء انتهى إلى فوضى حقيقية، بقمع في فناء “كاسا روسادا” وشوارع وسط مدينة بوينس آيرس. ناهيك بالتأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا الموقف غير المسؤول على ديناميكيات جائحة فيروس كورونا، والتي هي بالفعل شديدة للغاية في البلاد.

مثل هذه الحياة المعقدة المتناقضة ومغزاها لا يمكن تلخيصهما في فكرة واحدة، أو فقرة واحدة، وربما ليس حتى في مقال. سنحاول إذاً، “نزع سلاح” هذا التعقيد بداية، عبر النظر إلى بعض مكوناته، ومن ثم إعادة بنائه كلياً، ثم عرض النتائج من وجهة نظرنا.

فنان كرة القدم الاستثنائي

بداية، الأمر الأكثر وضوحا أنه كان رياضيا استثنائيا، وصفه البعض بـ “العبقري” أو “الساحر”. يمكننا تعريفه كفنان، كشخص قادر على صناعة الشعر بقدميه وحركاته. الهدف الثاني ضد فريق إنجلترا في كأس العالم عام 1986 (أعيد إنتاجه ملايين المرات ووصف بأنه أفضل هدف في تاريخ كرة القدم) سيبقى إلى الأبد “عملا فنيا” يستوجب تذكره والإعجاب به، إلى جانب بعض ما أنتجه كبار الفنانين الآخرين في الموسيقى، أو المسرح، أو السينما، والرسم، أو النحت، أو الرقص.

عمل مارادونا هذا، وغيره من أعمال، ربما أقل، ولكنها أيضا ذات قيمة، تم إنتاجها في مجال خاص: “كرة القدم، شغف الجماهير”، كما قال معلق إذاعة أرجنتيني قديم. لذا، كان هذا الهدف هو تذكرة مروره إلى أوليمبوس الآلهة التي شيدها الجماهير في قلوبهم.



عالم الاستعراض وأصنامه



لكن كرة القدم الاحترافية، إلى جانب أنها ولّدت هذا الشغف الشعبي، هي أيضا عمل رأسمالي عملاق، شكل خاص لما يسمى بالأعمال الاستعراضية. هذا العمل يحتاج إلى بناء أصنام لبيعها كبضائع، مقابل حياة مترفة، وفكرة أن كل شيء مباح. في هذا السياق، غالبا ما يُدمّر الأشخاص الذين حولّهم إلى “آلهة”. إدمان مارادونا هو مثال على هذا، لكن هناك كثير من الحالات الأخرى في الرياضة وغيرها من الحقول.

في غضون ذلك، الرأسمالية تستخدمهم كجزء من “الخبز والسيرك”، التي استخدمتها الطبقات الحاكمة في روما القديمة لإبقاء الجماهير صامتة، أو وفقا لصياغة ماركس، كـ “أفيون الشعوب” الحديث.

وأيضا كنموذج زائف للعمال وللطبقات الإجتماعية الأكثر فقرا، خاصة إذا كان المعبود قد جاء من هذه القطاعات. إنها رسالة الفردانية الطاغية، المناقضة للتنظيم والنضال الجماعي: “إذا كانت لديك المناقب وتعرف كيف تستغلها يمكنك الوصول إلى هناك، وعندما تصل فإن كل شيء يكون مباحا”.



تحيزه الجنسي



كقضية مركزية نشأت عن المسألة السابقة، برز هذا التحيز الجنسي لمارادونا وموقفه تجاه النساء. الأمر لا يقتصر على أنه كان “زير نساء”، فهو أكثر خطورة من ذلك وكان متواصلا خلال حياته. لقد رفض الاعتراف ببعض أبنائه (كالإيطالي دييغو سيناغرا) أو فعل ذلك فقط عقب الإجراءات القانونية. شريكته السابقة روسيّو أوليفيا نددت به عدة مرات بتهمة الاعتداء، وتمت إدانته بالتحرش من قبل صحافية روسية عام 2014، واللائحة تطول لوقائع مشابهة تتضمن الاستخدام الدائم للدعارة.

هذا التحيز الجنسي هو وجه مارادونا الأكثر إثارة للاشمئزاز، والذي لا يمكن “التسامح معه” او تبريره بالبهجة التي منحنا إياها بكرة القدم، أو بالتناقضات التي يمكن أن تكون لدى أي شخص تبعا لأصله أو أصلها الاجتماعي أو تطورات حياته أو حياتها. التحيز الجنسي تنبغي محاربته في كل الحالات وفي أي سياق يتجلّى فيه.
كان ينظر إلى مارادونا على أنه نموذج من قبل الملايين من الناس، لذلك من الضروري أن ننتقده أكثر من أي وقت مضى.
الرثّ الذي أبقى على “شعلته المتمردة”
دييغو مارادونا ولد في “فيجا فيوريتو”، أحد أفقر الأحياء في بوينس آيرس الكبرى، وفقا للغة الماركسية يمكننا اعتبار أنه ولد داخل البروليتاريا الرثّة.
لكن كان لديه سحر في قدميه، ثم انضم إلى “لوس سيبوليتاس”، المواهب الشابة لنادي أرجنتينوس جونيورز، ليكون بعد ذلك ظهوره الأول في دوري الدرجة الأولى لسن 16، ولاحقا في الأندية الوطنية، “بوكا هونيورز”، والعالم. عاش حياته بجشع الشخص الذي جاء من الفقر الفادح وبدأ يحصل على الذهب بوفرة. انغماساته وإدمانه حفرت في حالته الجسدية، وكان لها ثمنها. بطريقة ما، كان قد سعى إلى موته.
في حياته، بقي رثّاً بطريقة أو بأخرى، رغم أنه بات لديه الكثير من المال ويستطيع العيش حياة فاخرة. ولكن، خلافا للمحبوبين الآخرين كـ “بيليه” أو “باكنباور”، اللذين أصبحا (اجتماعيا وسيكولوجيا) برجوازيين، لم يندمج في النظام بشكل كامل، وحافظ دوما على شعلة التمرّد.
أحيانا كان هذا التمرد يتجلى بطريقة هزلية إلى حد ما. كان قد اشترى منزلا في حي “باركي”، وهو مجمع فاخر. وهناك قام بتنظيم حفلات صاخبة للغاية مع أصدقائه وعائلته. جارته الأقرب، الممثلة فلافيا بالمييرو (والتي كانت شريكة متعهد الأعمال العملاق فرانكو ماكري، والد الشخص الذي سيصبح رئيسا للبلاد) ندّدت به بسبب “الضوضاء المزعجة”. مارادونا اشترى شاحنة نقل مزدوجة وركنها في الحيّ، و”الجيران” طلبوا منه إزاحتها. أجاب: “سآخذ الشاحنة إذا أفصح أولئك الذين يعيشون هنا عن كيفية حصولهم على أموالهم. الكل يعرف كيف فعلت أنا ذلك”.



الدلالة السياسية



وجه آخر لـ “شعلة التمرد” هذه أنه كان دائما يدافع عن حقوق لاعبي كرة القدم ضد “أصحاب العمل”. في النصف الأول من التسعينيات قام بالترويج إلى تشكيل نقابة، وبدأ بمحاولة استقطاب لاعبين مشهورين آخرين. الفيفا “عاقبته” لأجل هذا، في كأس العالم للعام 1994، بعقوبة قاسية لتعاطي المخدرات.
لكنه في العام 1995، قام إلى جانب آخرين بتأسيس الجمعية الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين. انتخب رئيسا للاتحاد الفرنسي، فيما كان “إريك كانتونا” نائبا للرئيس. وقد صرح في ذلك الوقت بقوله: “لاعب كرة القدم هو الأكثر أهمية، وسندافع عن مطالبه حتى الموت”[i].
إلى جانب هذا، رغم أنه لم يكن مطلقا ناشطا سياسيا، كما هو، كشخصية عامة واسعة التأثير، إلا أن آراءه ومواقفه السياسية كانت وثيقة الصلة بذلك. وفيما يتعلق بهذا، فإننا لا نشترك في الموقف مع أولئك الذين يقدمونه على أنه “اشتراكي ثوري”.
مارادونا أعلن نفسه بيرونيا، وكان كما قلنا، قد دعم الحكومة الأرجنتينية الحالية. ومع هذا، فقد عرف نفسه جوهريا بما نسميه بـ “الكاستروية التشيفازية”. حتى أنه كان صديقا شخصيا لفيديل كاسترو وهوغو تشافيز. لقد كان يؤمن بأن هذا هو التيار الذي يمكنه مواجهة الإمبريالية به. نحن لسنا كاسترويين تشيفازيين، وقد ناضلنا لسنوات كثيرة ضد هذا التيار. ولا نعتقد أن هذا المقال هو للعودة إلى تلك النقاشات.
ما يجب تسليط الضوء عليه هو أنه أظهر، في عدة مناسبات، هذه الصورة المناهضة للإمبريالية بمواقف تقدمية للغاية. على سبيل المثال شجب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وقال إن بوش كان “قاتلا”، ودعا إلى التعبئة ضد اتفاقية التجارة الحرة في العام 2005، كما شارك في تظاهرة في “مار ديل بلاتا” (الأرجنتين). نداءه أسهم في جعل هذه التعبئة أكثر حشدا، وأصبحت أكبر تظاهرة مناهضة للإمبريالية في البلاد منذ حرب فوكلاند (1982). كان دائما يعبر عن تضامنه مع نضال الشعب الفلسطيني ضد اسرائيل.



بعض الاعتبارات النهائية



لقد حاولنا رؤية بعض الجوانب المتعدد لشخصية وحياة معقّدتين، والتي يجب دمجها بتوازنها الصحيح. بكلمات أخرى، شخصية متناقضة للغاية، فنان كرة قدم وسط بيئة ذكورية معادية للمرأة وتنافسية مفرطة، ولد “في الوحل” لكنه صنع ثروة بقدراته الاستثنائية، عاش كبرجوازي، صديق للمشاهير وأصحاب النفوذ، لكنه يحتفظ في شخصيته بجزء من “طين” أصله، وكان، في كثير من الحالات، متضامنا مع المضطهدين وداعما لنضالاتهم.
في الأرجنتين، قبل سنوات، تأسست “الكنيسة المارادونية”، حيث كان دييغو “الإله”. بالنسبة لنا، لا توجد آلهة؛ فقط مجتمع طبقي، وفيه بشر، بفضائلهم وشرورهم.
سنفتقد دوما لاعب كرة القدم مارادونا، ونقول “شكرا دييغو على البهجة التي منحتنا إياها””. ولمارادونا الرجل فإننا ننتقد بشدة تحيزه الجنسي. ومن مارادونا، الشخصية العامة، نريد أن نتذكر شعلة التمرد تلك، والمظاهر الأكثر تقدمية لمناهضته للإمبريالية. مع الجماهير التي تندب لموته، نشاركهم ألمهم ونفهمه.



ترجمة
تامر خورما

مراجعة
فيكتوريوس بيان شمس



#الرابطة_الأممية_للعمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سينهي بايدين الأزمة السياسية المستمرة؟
- هزم ترامب.. لكن بايدين لن يأتي بأي تغيير حقيقي
- برنامج طوارئ ضد وباء “كورونا” والأزمة الاقتصادية
- فيروس كورونا: الرأسمالية تقتل!
- عرض موجز لتاريخ الرابطة الأمميّة للعمال _ الأمميّة الرابعة
- من أجل أول من أيار موجه للطبقة العاملة للكفاح ضد كافة الحكوم ...
- تاريخ الثورة الروسية: الطبقة الفلاحية
- تاريخ الثورة الروسية: الإئتلاف الأول.. ج 3
- تاريخ الثورة الروسية: الإئتلاف الأول.. ج 2
- تاريخ الثورة الروسية: الائتلاف الأول ج 1
- الأول من أيار يوم النضال العمالي
- 8 آذار: مستمرون في النضال ضد الذكورية والاستغلال
- حول هجمات باريس
- الشعب اليوناني قال لا... ولكن سيبراس وحكومة سيريزا قالوا نعم
- اليونان: لا للإملاءات الإمبريالية. التوقف عن سداد الدين وتأم ...
- اليوم العالمي للمرأة العاملة: توحيد النضال ضد الاضطهاد والاس ...


المزيد.....




- بايرن يهزم أرسنال ويتأهل لقبل نهائي دوري أبطال أوروبا
- ريال مدريد يطيح بسيتي حامل اللقب.. ويبلغ قبل نهائي دوري الأب ...
- دوري أبطال أوروبا: ركلات الترجيح -تبتسم- للريال على حساب الس ...
- دوري الأبطال ـ ريال مدريد وبايرن ميونيخ إلى نصف النهائي
- تعرف على الأندية المتأهلة إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا وج ...
- شاهد.. ريال مدريد يجرد مانشستر سيتي من لقبه ويتأهل لنصف نهائ ...
- ريال مدريد يثأر من مانشستر سيتي ويتأهل إلى نصف نهائي أبطال أ ...
- ريال مدريد يجرد مانشستر سيتي من اللقب ويبلغ نصف نهائي دوري ا ...
- بايرن ميونخ يهزم أرسنال ويبلغ نصف نهائي دوري الأبطال
- موعد مباراة ليفربول ضد أتالانتا في إياب ربع نهائي الدوري الأ ...


المزيد.....

- مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم / ميكايل كوريا
- العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - عالم الرياضة - الرابطة الأممية للعمال - مارادونا.. المعبود، الإنسان