أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟














المزيد.....

هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6761 - 2020 / 12 / 15 - 21:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بالرغم من إرتباط التدين في عقل المؤمنين بالأخلاق والصلاح، إلا أننا نرى الأمر على أرض الواقع هو مُخالف لهذا التصور، فإن أكثر المجتمعات تديناً دائماً ما تستشري فيها الرشاوي و المحسوبيات والفساد الأدراي وضياع الحقوق، ويغيب عنها تقدير وأحترام الأنسان و المساواة و العدالة ، وتطفح بالنعرات الطائفية و النظرة الطبقية ، وخير مثال على ذلك هي مجتمعاتنا العربية ،
وبالطبع ليس هذا الترابط بين التدين و الفساد من قبيل المصادفات ، بل هو بالطبع له أسبابه الكامنة ، ولعل أهم هذه الأسباب هو اعتماد تلك المجتمعات على الدين كعنصر فعال للضبط الأجتماعي ، وكعامل رئيسي لضبط سلوك الأفراد بدلاً من القانون الوضعي بل وحتى القوانين الوضعية الضعيفة التأثير في تلك المجتمعات تظل تستمد شرعيتها في كثير من الأحيان من الدين الرسمي ،
و لكن عند تحليل عقائد معظم الأديان يتضح لنا مكمن الخلل في هذا الدور ، فالدين لا يمكن الأعتماد عليه كزاجر للسلوك الأنحرافي و مُحدد للسلوك السليم في مجتمع حديث ، فلعل هذا الدور كان يناسب أكثر مجتمعات بدائية في أطوارها الأولي ، و يرجع ذلك إلى عدة الأسباب لعل أهمها أن الدين لا يهتم كثيراً بالمعاملات المادية بين البشر بقدر اهتمامه بالجوانب الأيمانية ، فالذب الديني الأكبر دائماً هو التجديف وليست سلوكيات الفساد المجتمعي والأسائة الكبرى في الدين هي في الأسائه لرموزه و ليست الأسائه للأنسان وأمتهانه ، فعلى سبيل المثال إنه من الثابت في العقيدة و الفقه الأسلامي أن الإيمان شرطاً لنوال الجنة بينما العمل الصالح ليس شرطاً لنوالها ، فلو كنت مسلماً فاسداً فأنك غير مُخلد في النار ، ولكنك لو كنت غير مسلم و صالحاً فأنت مخلداّ فيها بالرغم من كافة أعمالك الصالحة ،
فتجد المؤمن كلما زاد فساده كلما زاد تدينه وتعبده ، فكأنما هو بذلك يتملق إلى الله ليتغاضى عن مفاسده ، فهو عند إذ يوازن جرائمه في حق المجتمع بإحسانه في حق الله ، وبالطبع لن يولد من هذه العلاقة إلا مجتمع يوحل في الفساد ،

ومن الأسباب التي لا ينبغي إغفالها أيضاً كون محددات السلوكيات في الدين لا تقوم إلا على طبيعة غيبية و تسليم مباشر بدون منطق أو تبيان أسباب مقنعة ، فالدين عند النهي أو الأمر بفعل معين لا يعطي أسباباً موضوعية على العكس من القانون الوضعي ، و لا يعطي الأولوية للصالح العام ، فلا يمكننا على سبيل المثال أن نعلم كيف يمكن أن يؤثر نمص الحاجب أو رسم الوشم بالسلب على المجتمع ، أو كيف يمكن أن يستفيد المجتمع من أرتداء الحجاب و أطلاق اللحى فجميع تلك الأوامر و النواهي الدينية أموراً شخصية بحتة ليس لها محل من الإعراب بالنسبة للصالح العام ،
بالأضافة إلى أن مفهوم الدين المنتشر بين العامة أو ما يعرف بالدين الشعبي يتأثر دائماً بالتعاليم الطقوسية والظاهرية في الدين أكثر بكثير من تأثره بقواعد العلاقات والمعاملات في ذات الدين ، ولهذه الحقيقة أسباب عدة ، لعل أهمها كون الألتزام بالطقوس والمظاهر الدينية يُكسب الشخص أحتراماً فورياً من النظرة الأولى ، أما المعاملات فغير ظاهرة ولا تلاحظ إلا عن قرب ، لذلك فلا يعيرها المُرائي أي أهمية ، و جميع البشر بطبيعتهم مُرائون مع إختلاف النسبة والدرجة ،
كما لا يمكننا أن نغفل حقيقة إحتقار الأديان للحياة بوصفها مرحلة مشقة ودنس بينما الآخرة أو الملكوت هي الغاية والهدف ، وما تلقيه تلك النظره في نفوس البشر من أستهتار بالقوانين و التشريعات المنظمة للمجتمع بأعتبارها أموراً مادية لا تخدم حياتهم الأخروية ،

ولا نعني بذلك إغفال دور الدين في الضبط الأجتماعي ، بل يظل الدين أحد عوامل الضبط في كثير من المجتمعات ، ولكنه يجب أن يظل في موضعه الطبيعي كعامل ضبط ذاتي غير رسمي ، و لا يجب أن يتداخل بأي حال من الأحوال مع دساتير و قوانين الدولة وغيرها من عوامل الضبط الرسمية ، فأحد المفاسد الكبرى التي يمكن أن تصيب المجتمع الحديث هي أن تتداخل عناصر الضبط الغير رسمية كالدين و الرأي العام و العادات و العرف مع عناصر الضبط الرسمية التي تتسم بالجبر والالزام كالدستور و القانون،



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجتمعات العصا ومجتمعات الحوار
- التعليم والضفائر الفوشيا في مصر
- الحرية وحدود القانون


المزيد.....




- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله محمد ابو شحاتة - هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟