أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد جاسم الاسدي - إعلان وفاة مؤجلة














المزيد.....

إعلان وفاة مؤجلة


محمد جاسم الاسدي

الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 14 - 22:25
المحور: المجتمع المدني
    


اعتدت أن أزجي ليلتي، مع صديقٍ يسرد علي حديثه المكرور، ذهاباً وإياباً في شوارع الناصرية التي لا تشبه حُفرها حتى شوراع "موزنبيق" في القرون الوسطى!، عُدت في تلك الليلة لأُنهي بعض أعمالي، ومن ثم تحولت إلى إيقونة عمل في "اللابتوب"، بما لا يقل عن ثلاثِ ساعاتٍ، حينها مَسّني الإرهاق، بسطت جسدي إلى الراحة منهكاً، أفكر في النوم ووقت الاستيقاظ فقط ..
وبينا دب النعاس في عيني وتسرب الخدر إلى أطرافي وتثاءبت لحظات النوم في فمي، وإذا بمهاتفة عاجلة وأخريات مثلها، أجبت أحدها من صديق مقرب، أخبرني لحظتها أني ميتٌ، في الساعة الثالثة ليلاً من يوم3/ 8/ 2020، كان يصرخ بخوف وهلع ويهنئني تارة لأني أكلمه ويبكي أخرى لأني ميت قبل قليل، وأخبرني أن الفيسبوك أعلن وفاتي وإن صحبي في حزن وابتسار، كيف أموت ولم أخبرهم عن ذلك، كان يتحدث بسرعة وانا اصغي ببطء ..
قلتُ في نفسي: يا لكِ من سَنة سوءٍ يا 2020، هل أموتُ، ولما أشبع من غبار الناصرية الذي يغزو كل فصولها!، لحظتها رأيت الوقت متوقفاً، فلم أتخيل غير كوني أرى الآخرين ولا يراني أحد، وبعجالة تُشبه قرارات التطبيع العربي، تذكرت آثامي الكبيرة، في نقد السُراق الذين حكموا باسم الدين!، كنتُ أربي ذنوباً صغاراً بعمر المتسولين في شوارع ذي قار، وأَشد فواحشي إني أجامل بقايا مسؤولي البلدية لأثبت عراقيتي بقطعة أرض، خارج حدود السكن البشري!
أما اللمم فهي كثيرة لا تبدأ من خدعة التظاهرات التشرينية التي بيعت بمزاد المحاصصة والتعيينات، ولا تنتهي عند حديث صديقي البارد المُعاد الذي أحتسيه كل ليلة مكرهاً!..

لمت نفسي على كل ذنب، وبدأت أجرب صوتي، أتأكد من حياتي، ولسوء الحظ، لم اشعر بطعم سجائري التي التهمتها واحدة تلو الأخرى، عدت لتقليب حسابي وجدتني ميتاً حقاً، والطيبين يقدمون تعليقاتهم بإيموجي حزين، وآخر ينسخ آية قرآنية وغيره يكتفي بتحميل صورة من ذاكرتي حسابي المتوفى، حينها اقتنعت أني ميتُ، وبدأت أستسلم حتى توقفت أصابع قدمي عن الحركة وتثاقلت يدي، ثم أقنعت نفسي بأن هذا الموت لن يختلف عن الحياة في مقبرة العراق الكبيرة!!

في الساعات الأولى من موتي، رأيت بروڤايلات فيسبوك ميتة مثلي، لكنها تتنفس عبر تويتر، سألت بعضها عن سبب الموت، وهل كان طبيعياً، فوجدت أنها قتلت لكونها تنتقد الفاسدين ولا تهادن الكروش المُتنفذة على حساب إمرأة تستجدي في عنق الجسر الحديدي!!
كما وجدت حسابات حية لكنها باسماء مستعارة لذلك حُشِرت مع الموتى، فسألت عن سبب موتها فكان لا يعدو مخرجات الديمقراطية التي تصلب طفلاً في الوثبة وتزرع عبوة صوتية في منزل مناهض متظاهر، وتغازل بكاتم صوت، بيد أطراف كثيرة تبدأ من الرقم (3) ولن تنتهي بالطرف رقم (100)..
كان مُختار الحسابات الميتة طبيبا يحمل شهادة جامعية عليا، متفوق ولا يمتلك عيادة لجزر المرضى! وهو من أوائل الموتى المغدورين، أخبرني حينئذ أن سبب موتي غير محدد، وينبغي إحالة صفحتي إلى التشريح ..!
وبعد أن أقسم بشرف المهنة بعدم الاطلاع على فيديوهاتي الخادشة للذوق الرقمي، بدأ بتقليب أقسام الصفحة الملئية بالنقد البارد، ومنشوراتها الغارقة باستعراض بطولاتي الزائفة في نشر إصلاحات الأحزاب، فعد ذلك شيئا معتاداً ولا يتسبب في الموت، إلا أنه وبفعل خبرته الطبية أحس بوجود حسابات وهمية وظيفتها الابلاغ على الناس الذين يمسون أصنامهم، وهو ما أحدث تصلباً في الإشعارات وتوقفاً عن الحياة!
أخبرني الطبيب حزيناً عن هؤلاء فقال إنهم عبيد مساكين، لا تكاد أن تجد في أدمغتهم - لو تسنى لك تفتيش أرشيفها من خلال خيار (حول) - إلا أصناما سياسية مؤلهةً، فلا يفكرون لأن رموزهم تفكر بدلا منهم، ولا يعرفون غير الأوثان المعلبة مع انتهاء الصلاحية! ! ، حينها لم أحزن على إعلانهم لوفاتي المؤجلة بقدر الحزن على هؤلاء المساكين المقموعين بأنفسهم!!
أنا الآن أستعير حياة جديدة، ذهلني فيها توالد الصفحات التي يستشيرها الخليفة العثماني، والإصلاحات التي يستعد لها المتحاصصون، لذلك سأحاول الموت مجدداً !



#محمد_جاسم_الاسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمن كاتم الحياة


المزيد.....




- رماه في بئر فمات غرقا.. السعودية تنفذ الإعدام بوافد وتكشف جن ...
- نزوح جديد في رفح وأطفال يتظاهرون للمطالبة بحقهم في التعليم ...
- الأونروا تغلق مقرها بالقدس بعد إضرام متطرفين إسرائيليين النا ...
- الخارجية الأردنية تدين إقدام إسرائيليين على إضرام النار بمحي ...
- بعد عام من اعتقال عمران خان، هل استطاع مؤيدوه تجاوز ما حدث؟ ...
- الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس وتعلن إغلاق ...
- قائد بريطاني: عمليات الإنزال الجوي وسيلة إنقاذ لسكان غزة من ...
- الصومال يطلب إنهاء عمل بعثة سياسية للأمم المتحدة
- منظمة العفو الدولية: الحكومات التي تمد إسرائيل بالسلاح تنتهك ...
- رابطة العالم الإسلامي تدين الاعتداء على مقر الأونروا في القد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد جاسم الاسدي - إعلان وفاة مؤجلة