أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سناء العاجي - غشاء بكارتها وشرفك!













المزيد.....

غشاء بكارتها وشرفك!


سناء العاجي

الحوار المتمدن-العدد: 6752 - 2020 / 12 / 4 - 10:51
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


تقول الحكاية إن زوجة كانت كل سنة، بمناسبة عيد زواجهما، تقدم لزوجها هدية مختلفة. وفي عيد زواجهما العاشر، أجرت الزوجة عملية جراحية لترقيع غشاء البكارة، لـ “تهديه” إحساس الافتضاض مرة جديدة. بعد أن “اكتشف” الزوج الهدية، قام بتطليق زوجته؛ لأنه اعتبر أن هديتها تضعها موضع شك: ما الذي يؤكد له أنها كانت فعلا عذراء حين زواجها؟

بغض النظر عن غباء “الهدية” وكونها تترجم تصورات بعض النساء أنفسهن عن أجسادهن وجنسانيتهن، لنتأمل قليلا سلوك الزوج في هذه الحكاية: عشر سنوات من الحياة الزوجية المشتركة، بأفراحها، بأحزانها، بالخصام الممكن مرات متكررة والصلح الذي يليه، بأطفال مشتركين، بذكريات وأسفار وضحكات ودموع وغضب وأحضان… اختزلها جميعها في غشاء بكارة وفي حياة جنسية محتملة قبل الزواج!

مناسبة الحديث عن هذا الموضوع هو نشر مقال على موقع مغربي يتحدث عن عمليات ترقيع البكارة في بلد أوروبي ويقدم الأمر كظاهرة. الواقع أن معظم عمليات ترقيع البكارة في البلدان الأوروبية تقوم بها مهاجرات من بلدان مغاربية أو مشرقية أو من بلدان شرق آسيا (الباكستان،…).

هؤلاء النسوة، حتى بعيشهن في مجتمعات توفر للمرأة عددا من الحقوق، من ضمنها الحقوق الجنسية والإنجابية، إلا أنهن ينتمين لأسر محافظة مازالت تعتبر غشاء البكارة دليل شرف الفتاة، كما تعتبره أحد شروط الزواج (الحديث هنا عن أسر الفتيات… لكن أيضا عن الأزواج المستقبليين وأسرهم).

أطباء النساء في معظم الدول الغربية ينقسمون مجملا لفريقين: فريق يعتبر هذه العمليات تشييئا للمرأة وإهانة لها واختزالا لها في بكارتها، ويرفضون بالتالي القيام بها؛ وفريق يتفهم إكراهات الأسر المحافظة (وخاصة أسر الهجرة) ويعتبر عمليات ترقيع البكارة بمثابة طوق النجاة بالنسبة لمئات الفتيات.

هذا التطور الطبي الذي جعل عمليات استعادة البكارة ممكنا، يجعلنا اليوم نعيش فعليا نهاية وهم الفقدان النهائي للبكارة. هذا الأمر بدوره يفقد لغشاء البكارة قيمته الرمزية (وهو الأمر الذي تطرقت له بتفصيل في كتابي “الجنسانية والعزوبة” الصادر باللغة الفرنسية سنة 2017، والذي كان نتيجة أطروحة الدكتوراه التي أنجزتها عن موضوع الجنسانية قبل الزواج في المغرب).

ومع ذلك، فمازالت العديد من الأسر في مجتمعاتنا المغاربية والمشرقية، لكن أيضا من الأسر المهاجرة في مجتمعات أوروبية وأميركية، تحيط غشاء البكارة بنفس هالة التقديس السابقة (حتى وقد فقد قيمته الرمزية، بما أنه يمكن أن يتجدد باستمرار، سواء طبيا أو عبر حلول مصنعة أخرى، متاحة في عدد من الأسواق).

الأمر ليس دعوة للنساء لكي يمارسن الجنس بحرية قبل الزواج، مادام ترقيع غشاء البكارة ممكنا (لأن هذا يبقى اختيارهن في النهاية، وليس لي أن أقدم دعوة ولا لغيري أن يمارس المنع). لكنها بالدرجة الأولى دعوة لعقلنة علاقتنا بجسد المرأة وجنسانيتها.. ودعوة للعلاج من هوس مراقبة أجساد النساء. مراقبتها بالختان حتى لا يستشعرن الرغبة ولا المتعة، مراقبتها بغشاء البكارة ودم أول ليلة زفاف (حتى لو كان مزيفا). مراقبتها بالحجاب والنقاب..

إلى متى سنربط صلاح المرأة بعذريتها؟ ألا يمكن أن تكون المرأة بكرا لكنها سليطة اللسان قاسية القلب فظة المعاملة؟ ألا يمكن أن تكون بكرا وتخون بعد الزواج (إذا كنتَ لا تضمن ما حدث فعلا قبل الزواج، فأنت بالتأكيد لا تضمن ما سيحدث خلاله)؟ ألا يمكنها أن تكون بكرا وتكون قد مارست (أو ستمارس) الجنس بمقابل مادي مع الحفاظ على غشاء بكارتها أو استرجاعه بعملية جراحية أو ببكارة صينية متاحة ماديا للأغلبية (في حدود 20 إلى 50 دولار حسب البلد)؟

غشاء البكارة ليس ضمانة للأخلاق والشرف، ولا هو ضمانة للسعادة الزوجية المستقبلية.

المفروض أن نبحث عن شركاء يقتسمون معنا الحياة بتفاصيلها الجميلة والمعقدة، بدموعها وأفراحها، بقساوتها وحلاوتها. أن نبحث في الآخر عن القيم والأخلاق (بمعناها الإنساني الكوني النبيل)، عن التفاهم والود والصدق والصداقة.

ما عدا ذلك، فسنبقى مهووسين بغشاء يُسيل الدم في أول ليلة زواج، لكنه لا يضمن الأخلاق ولا يضمن حتى غياب العلاقات الجنسية قبل الزواج.. وستبقى عناويينا في العالم مرتبطة بالبكارة، وجرائم الشرف، وختان البنات، والنقاب!

فمتى سنحرر أجساد النساء ومتى سنتحرر منها؟



#سناء_العاجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غشاء بكارتها وشرفك!


المزيد.....




- منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2024 أهم الشروط وخطوات ...
- المرأة المغربية في الخارج تحصل على حق استخراج جواز سفر لأبنا ...
- الشريعة والحياة في رمضان- الأسرة المسلمة في الغرب.. بين الان ...
- مصر.. امرأة تقتل زوجها خلال إعدادها مائدة إفطار رمضان
- الإنترنت -الخيار الوحيد- لمواصلة تعليم الفتيات في أفغانستان ...
- لماذا يقع على عاتق النساء عبء -الجهد العاطفي- في العمل؟
- اختبار الحمض النووي لامرأة يكشف أن أسلافها -كلاب-!
- تزامنا مع تداول فيديو ظهور سيدة -شبه عارية-.. الأمن السعودي ...
- “الحقوا الحرامي سرق جزمة لولو!”.. تردد قناة وناسة الجديد 202 ...
- ورشة عمل حول المقاربة القانونية ما بين قانون العنف الموحد وا ...


المزيد.....

- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع
- النسوية.المفاهيم، التحديات، الحلول.. / طلال الحريري
- واقع عمل اللمراة الحالي في سوق العمل الفلسطيني الرسمي وغير ا ... / سلامه ابو زعيتر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سناء العاجي - غشاء بكارتها وشرفك!