أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد بوكرين - أوجه الاختلاف والتباين بين دور المثقف ودورالصحافي














المزيد.....

أوجه الاختلاف والتباين بين دور المثقف ودورالصحافي


أحمد بوكرين

الحوار المتمدن-العدد: 6739 - 2020 / 11 / 21 - 01:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد ترك المثقف مكانه للإعلامي وحلت سلطة الصورة مكان سلطة العقل ،وشتان بينها ،إن الصورة تخاطب الوجدان والعاطفة وتتسم بالحركة ،بينما خطاب العقل هو خطاب التروي والنقد والتفكيك والتمحيص والتشكيك ،إن الصورة تباغتنا إن لم نقل تهاجمنا وتسيطر علينا وتغرينا أحيانا كثيرة
إن خطاب المثقف هادئ ،يرصد وينقب ويبحث عن مواطن الداء ،إن يحاول كشف التناقضات والأوهام ويصوب سهام النقد نحو ما يحتاج النقد ،ويضع يده عن الجرح وحتى وإن لم يلامسه فإنه على الأقل يحس بذاك المجتمع المريض بين يديه ،إن المثقف شأنه شأن الطبيب الأول يشخص داء المريض والمثقف يشخص داء المجتمع .الطبيب قد يقترح الدواء لمريضه والمثقف يقترح الدواء لمجتمعه
إن ما يميز المثقف عن الصحافي هو أن عمل هذا الأخير مناسباتي يرتكز على الحدث والواقعة ،بينما المثقف قد يصول ويجول في جسد وذاكرة المجتمع قد يغوص في أعماق تاريخ المجتمع الذي ينتمي إليه ،قد يتحدث عن النظام السياسي اليوم و يربطه بأحداث حدثت منذ مئات السنين ،إنه لا ينظر إلى الجزء إلا باعتباره جزء من الكل .الصحافي أضحى اليوم رهين بعالم المقاولة والاقتصاد ...فالصحافة حرفة والحرفة تخضع لقواعد وضوابط وسلطة المؤسسة .لذا الصحافي يقوم بما هو مطلوب منه أو في الأفضل ما يريده المتلقي وما تدره المادة المقدمة من أموال ،حقا إن المثقف هو الآخر قد يخضع للمؤسسة ويرتمي في أحضانها لكن هذا لا يمكننا أن نعتبره مثقفا هذا يمكن أن نجد أي تصنيف ،لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ندرجه ضمن خانة المثقفين ،فالمثقف الحقيقي هو ذاك الذي يحس بدوره كإنسان يتوجب عليه أن ينطق بصوت من لم يستطع أن ينطق ويجهر بصوته ويقف في وجه الظلم والكراهية والإقصاء والتهميش....
إن المثقف هو شجاعة المواقف والتزام بقضايا المجتمع الذي يعيش فيه ،إن الفيلسوف يمتاز بخطابه الكوني ،فعلى المثقف على الأقل أن يكون خطابه خطاب مجتمعي .لأن المثقف هو الذي ينبغي منه أن يحس بنبض المجتمع بآلامه ومعاناته ،المثقف هو الذي يرى في القضية قضية إنسان وليس كما هو بالنسبة للصحافي الذي يرى القضية وفي المشكلة مادة دسمة ليجعل منها بضاعة ذات مردود جيد ،فالصحافي مهمته أن يجعلك تقبل على الخبر-البضاعة- بشغف وتقول هل من مزيد ،! إن الصحافي والمقاولة الصحافية تتوسل بالصورة وما يرافقها من إغراءات مذيع وسيم أو مقدمة برامج حسناء ، ديكور ، ...،إن الصحافي يحرض المناطق الشبقية لدى المتلقي والاستمالة والاستثارة العاطفية والجنسية ،على العكس من ذلك المثقف يحرضنا على المسكوت عنه مجتمعيا وقد يحثك على التفكير ويستفز فكرك وخيالك حيال القضايا الهامة والجادة التي قد تعتبر هامشية والحال إنها موطن الداء ،المثقف سلاحه الكلمة الهادفة لأنه لا يقبل أن يصبح مبتذلا ،بينما الصحافي لا يهمه إن كان جادا أم لا،،لأنه ما يهمه هو العدد الذي سيتابعه ويترقب أن يشاهده ،وإذا كان المثقف يحارب التفاهة والبلاهة فقد تكون مصدر خصب للصحافي حتى يضمن من خلالها قدر ممكن من المتابعين إن لم أقل من المستهلكين ،إن الصحافي يتحالف مع السياسي والاقتصادي وكلاهما يمدانه بما يحتاجه لصناعة مستهلك شره وعامل مطيع وخدوم ومواطن تابع إن لم يكن يجيد التطبيل ...
إن المثقف يدافع عن الفكرة يرعاها حتى يأتي موسم قطفها ،المثقف كائن صبور لا يهتم بالكم وإنما الكيف عكس الصحافي فهو كائن كمي إن جاز التوصيف ويخاف أن يخسر جمهوره. بخلاف المثقف الذي قد يواصل المسير حتى وإن كان وحيدا لأنه صوب نظره منذ البداية تجاه القضية وليس لجلب الأتباع والمتملقين ،المثقف يمقت هذه المسألة أكثر من ذلك تزعجه الجموع لذلك يفضل الوحدة والعزلة وفي عزلته هذه موطن قوته ،إلا أنه يبتعد عن الأجساد. والأماكن الممتلئة والغاصة لكنه في حقيقة الأمر يوجد في صلب المجتمع بأفراحه وأحزانه بجماله وقبحه ،بمساوئه وفضائله ،....،إن المثقف له قاموسه الخاص (القضية ،الإنسان .المجتمع .الالتزام .الحق ...) مسكون بالمفاهيم القوية التي تعطي لخطابه القوة ،أما الصحافي قاموسه مشكل من كلمات وألفاظ موجهة للاستهلاك ،ألفاظ سطحية مبتذلة لكي تستقطب أكبر قدر ممكن من المتابعين أو بالأحرى التابعين الذين قد ينفجرون ضحكا وهم لا يعلمون لماذا .
إن المثقف له نظرة ثاقبة ومهووس بالأسئلة وقد يدرك جيدا حينما يجب أن يكون محايدا وحينما لا يجب أن يكون كذلك ،أما مشكلة الصحافي فإنه لا يعرف هل هو محايد أم لا ،ومن غريب الصدف أنه هو أكثر الناس ترديدا لكلمة الحياد ،فقد يدعي الحياد والموضوعية وهو غارق في الذاتية ومصطف إلى جانب التيار، إن قرب الصحافي من بؤرة الحدث يحرمه من الرؤية الجيدة ،في حين أن المثقف يمكن أن نعتبره محظوظ لأنه يراقب من بعيد، وأحيانا بينه وبين الواقع مسافة تمكنه من النظر جيدا والإحاطة بالمشهد ،فهو لا يشتغل على ما هو آني دائما بل قد يضع المسألة جانبا ويترك لنفسه الوقت الكافي حتى تكتمل الرؤية وتتضح وتختمر الأفكار في ذهنه ،وينصرف الجموع إلى حال سبيلهم ،ويختفي كل من يشتغل تحت الطلب ،إن عمل المثقف أشبه بأكلة تحتاج إلى وقت طويل ونار هادئة ،بينما عمل الصحافي شبيه بوجبة "الفاستد فود" أي بوجبة سريعة.
إن الصحافي يطرح سؤال ماذا حدث ؟ومتى ؟وأين؟ وفي أفضل الأحوال كيف ؟بينما المثقف يطرح سؤال لماذا حدث هذا ؟ من المسؤول ؟و ما العمل ؟إنه يقترح الحلول الجذرية أحيانا ولا يلعب دور المتفرج .لأن هاجس الإنسان والإنسانية يسكنه ،.إن أسئلة الصحافي لا تتجاوز الخبر هذا الأخير يتحول بفعل المنافسة الإعلامية والصراع السياسي والاقتصادي إلى خبر منمق وجميل ..،أو مأساة وفضيحة ،لكن المثقف ينظر للقضية في كليتها ويفككها ويخبر مجتمعه بالداء غير مهتم وعابئ بما سيقال أو قد يقال لكونه ليس كائنا مهادنا يبحث عن جبر الخواطر ،إنه يثور أحيانا وينفجر في وجه الظلم والشر ...،إن المثقف يسعى إلى تغيير الواقع نحو الأفضل .
ملحوظة :يمكن للصحافي أن يكون مثقفا ،ويمكن للمثقف أن يكون صحافيا.



#أحمد_بوكرين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في وضح النهار.. فتيات في نيويورك يشاركن قصصًا عن تعرضهن للضر ...
- برج مائل آخر في إيطاليا.. شاهد كيف سيتم إنقاذه
- شاهد ما حدث لمراهق مسلح قاد الشرطة في مطاردة خطيرة بحي سكني ...
- -نأكل مما رفضت الحيوانات أكله-.. شاهد المعاناة التي يعيشها ف ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- صفحات ومواقع إعلامية تنشر صورا وفيديوهات للغارات الإسرائيلية ...
- احتجاجات يومية دون توقف في الأردن منذ بدء الحرب في غزة
- سوريا تتهم إسرائيل بشن غارات على حلب أسفرت عن سقوط عشرات الق ...
- -حزب الله- ينعي 6 من مقاتليه
- الجيش السوري يعلن التصدي لهجوم متزامن من اسرائيل و-النصرة-


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد بوكرين - أوجه الاختلاف والتباين بين دور المثقف ودورالصحافي