أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند طالب الحمدي - أحفاد فولتير بين حرية التعبير والإساءة إلى مقدسات الأخرين.















المزيد.....

أحفاد فولتير بين حرية التعبير والإساءة إلى مقدسات الأخرين.


مهند طالب الحمدي

الحوار المتمدن-العدد: 6726 - 2020 / 11 / 7 - 22:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة ولاية كنساس، الولايات المتحدة الأمريكية.

أخبر المدرس الفرنسي السيد صموئيل باتي تلاميذه أن ينظروا خارج الصف إذا كانوا يشعرون بالإهانة. كان يعلم أن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها مجلة شارل ايبيدو عن النبي محمد (ص) تُعّد إساءة بالغة من قبل المسلمين. لكن بما أن الصور المعنية التي تم نشرها من قبل هذه المجلة الفرنسية الساخرة، والتي قتل الإرهابيون بعضاً من موظفيها عام 2015، لها نوع من الصلة أيضاً بمجال حرية التعبير. اعتقد المدرس الفرنسي السيد باتي أن تلاميذه كبار في السن بما يكفي ليقرروا آراءهم بأنفسهم حول هذه الصور. كانت النتيجة أن تم قطع رأسه.

في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن أن ينتقل الغضب بسرعة إلى العالمية. الأب الذي شجب فعل السيد باتي لم يكن حاضراً في الفصل الدراسي، وكذب عندما قال إن ابنته كانت موجودة هناك. الإرهابي الذي قتل المدرس لم يقم الا بمشاهدة مقطع فيديو على الفيسبوك نشره ذلك الأب. عندما شجب الرئيس الفرنسي السيد إيمانويل ماكرون، جريمة القتل البشعة ودافع عن حرية التعبير، اتهمه زعماء العديد من الدول الإسلامية بتعظيمه الاسلاموفوبيا. ومن الطبيعي أن يكون الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يقيم معسكرات احتجاز لآلاف المسلمين كونهم ينتمون لمذهب إسلامي يختلف عن توجهه، في مقدمتهم. كذلك قام رئيس وزراء باكستان، السيد عمران خان، الذي يبدو أكثر انزعاجاً مما يحدث في أحد الفصول الدراسية في فرنسا منه عن احتجاز ما يقرب من مليون مسلم من سكان الصين في معسكرات العمل الاجبارية (الكولاغ) من قبل حكومة الصين الشيوعية المجاورة.

لطالما أثار السياسيون السلطوين الغضب العنصري أو الطائفي من أجل توحيد مؤيديهم وصرف الانتباه عن عيوب سياساتهم وتصرفاتهم. لكن يبدو أن بعض المحللين يعتقدون وبصدق أن سياسات فرنسا هي السبب في زيادة الهجمات الإرهابية على أراضيها وأنها ليست ضحية. غالباً ما يشير مثل هؤلاء المحللين إلى التقاليد الفرنسية العلمانية كونها لاتسمح لاتباع الأديان الأخرى بالحفاظ على تراثهم الديني وممارسة طقوسهم بحرية. تم ترسيخ هذه التقاليد بموجب قانون صدر عام 1905، بعد صراعٍ طويل مع الكنيسة الكاثوليكية. يحمي هذا القانون الحق في المعتقد أو عدم الإيمان ويفصل الدين عن الحياة العامة. لا يتم أداء اليمين الدستورية لأي رئيس فرنسي على كتابٍ مقدس ولا يحق لأي مدرسة حكومية فرنسية أن تقدم عملاً فنياً أو مسرحية عن ميلاد السيد المسيح مثلاً. يشعر البعض أن مثل هذه القواعد تقدم نوعاً من التمييز العنصري ضد المسلمين. يشمل الحظر المفروض على الرموز الدينية "الواضحة" في المدارس الحكومية كتعليق الصليب على العنق، لكن بعض المسلمين ما زالوا مستائين من حقيقة أنه يجب على بناتهم خلع الحجاب عند بوابة المدرسة. عندما أعلن الرئيس ماكرون مؤخراً عن إطلاق حملة لإنهاء الإنعزالية التي يمارسها بعض المسلمين عن المجتمع الفرنسي، مثل التعليم في المنازل، والتي يرى أنها ذريعة لنشر التطرف، فقد تم إتهامه بتقديمه نوعاً من أدوات القوة للأفكار العلمانية ضد المسلمين.

الأمر الأكثر إثارة للجدل بالنسبة لبعض المسلمين هو أن القانون الفرنسي يحمي الحق في التجديف وإهانة أي دين، على الرغم من عدم سماحه بالتمييز ضد أي فرد على أساس المعتقد الديني. يرى البعض أن ذلك الأمر غير صحيح وغير مقبول ويرونه على أنه حملة فرنسية لإهانة الإسلام. جرت الدعوة لمقاطعة البضائع الفرنسية وحدثت احتجاجات مناهضة للرئيس ماكرون من اسطنبول إلى إسلام أباد.

يُمثل التمييز العنصري ضد المسلمين مشكلة حقيقية في فرنسا، كما يُقر بذلك الرئيس ماكرون ضمنياً. من المرجح أن يقوم أصحاب العمل الفرنسيون بإلقاء طلبات العمل من قبل المسلمين في سلة المهملات مما يمثل تمييزاً حقيقاً ضد مواطنين فرنسيين بسبب أصولهم العرقية أم إنتمائهم الديني. تعهد الرئيس ماكرون بمحاربة العنصرية، وتحسين فرص العمل والحياة للأشخاص القاطنين في الأحياء المحرومة، "بغض النظر عن لون البشرة، أو الأصل، أو الدين". محاولاته هذه لن تصل الى مبتغاها الكامل حتى لو لم يقوض سياسته المعلنه وزرائه المتطرفون من خلال التملص الاداري السخيف، لاسباب بسيطة وظاهرة للعيان. في المحلات الفرنسية، توجد رفوف منفصلة للأطعمة الحلال عن تلك التي يبتعد عنها المسلمون لاعتبارها غير محللة أو تحتوي على منتجات لايقبلونها.

مع ذلك، فإن من المهم عدم إغفال نقطتين في سياق هذا الحديث. أولاً، قُتل أكثر من 250 شخص في هجمات إرهابية من قبل مسلمين في فرنسا منذ عام 2015. في العام الماضي، قامت السلطات الأمنية الفرنسية باعتقال العديد من المشتبه بهم بالإرهاب الجهادي في فرنسا. تُحذر أجهزة الاستخبارات الفرنسية من أن المتطرفين يشنون حرباً للسيطرة على عقول الشباب، وخاصة عبر الإنترنت، لتجنيد المزيد من الناس للقيام بأعمال العنف. لفرنسا كل الحق أن تكون قلقة أكثر من غيرها، وأن تسعى للرد بحزم.

ثانياً، فرنسا مُحقة أيضاً في الدفاع عن حرية التعبير. الدين هو مجموعة من الأفكار، وبالتالي هو موضوع مفتوح للنقاش وحتى الإنتقاد. سيحاول المُتحدثون المتمرسون في هذا المجال عدم فتح الباب لأي إهانة غير مُبررة لأي دين. لكن يجب على الحكومات ألا تُجبرهم على أن يكونوا غير منتقدين أو مشككين في أي دين على المستوى نفسه. لو حاولت الحكومات القيام بغير ذلك، فسيتعين على الجميع فرض رقابة على أنفسهم وأفكارهم وأحاديثهم، خوفاً من أن يُعّد ما يقولون أو يفعلون إساءة إلى أشخاص يبدو أنهم عرضة للإساءة أكثر من غيرهم من الناس. وكما بينت حادثة قتل السيد باتي، يمكن لجمهور المُتلقين والمُستمعين للأحاديث والأفعال أن يضم شخص لديه هاتف نقال.

لا ينبغي للدولة الفرنسية أبداً أن تُعطي انطباعاً بأنها تؤيد التجديف أو السخرية أو الإهانة، لكن من الصواب حماية الإنتقاد والتشكيك والحوار، كما أنه من الصواب أيضاً حماية من يشكو من السخرية والتمييز العنصري والشعور بالإهانة، طالما أنه لا يدعوللعنف. وكما أشار العديد من المفكرين والناشطين المسلمين الأحرار في فرنسا وأماكن أخرى من العالم، أنه بغض النظر عن مدى الشعور بالإهانة، فإن الرد على الكلام والحديث ليس استخدام القتل والعنف، لكنه الحوار، والمزيد من الحوار.



#مهند_طالب_الحمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند طالب الحمدي - أحفاد فولتير بين حرية التعبير والإساءة إلى مقدسات الأخرين.