أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسين - لا زلت جميلة














المزيد.....

لا زلت جميلة


محمد عبد حسين
كاتب و روائي و مترجم عن الفرنسية

(Mohammed Abed Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 6702 - 2020 / 10 / 13 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


" لازلتُ جميلةً "
قالت هذه العبارة وهي تجلس أمام المرآة على منضدة الزينة المكتظة بمواد رخيصة ؛ أصابع احمر الشفاه , أقلام كحل متكسرة , ماسكارا منتهية الصلاحية , أحمر الخدود و الكثير من زجاجات العطر الفارغة و المستعملة ....
تلك الجلسة اليومية التي تطول أو تقصر و لكنها تتكرر دون انقطاع منذ أن اصبحت حياتها باردة كفنجان قهوة تركه أحدهم في مقهى مغلق لعدم توفر الشروط الصحية أو كمسجد قديم يثرثر فيه الشيوخ الخراف و يبول به العابرون.
كل صباح .... تستيقظ مبكراً لكنها تظل في السرير تنظر الى الفراغ كأن عيناها تثقبان الجدار لكي تغادر هذا القفص الذي تحول بمرور الايام الى سجن مظلم.... وبعد أن تتأكد أن زوجها قد غادر البيت الى عمله و الاطفال الى مدارسهم تنهض من فراشها و تتوجه الى المرآة لتمارس طقسها اليومي و تنهيه بعبارة:
" لازلتُ جميلة"
ترتدي ثوبها الاسود ذلك اللون الذي أدمنته أمام الجميع و بذلك التصميم الذي تظهر من خلاله منطقة اعلى الصدر كاشفاً عن بياض جسدها الخافت و يتدلى واضحاً عِقدها اليتيم الذي لا يفارقها و بمكانه الدائم ليملئ الفراغ الذي تسمح به الحمالة المرتخية.
بعد أن تعد الفطور لنفسها و تجلس على الطاولة في مطبخها؛ تفتح هاتفها الذكي و تقلب صفحات الفيس بوك و قد تكتب منشوراً يفيض ألماً و ندماً على حياة أُجبرت على عيشها أو على أحبةٍ خفقت أجنحة الموت على رؤوسهم مبكراً ..... و بين السطور تنعى نفسها و أمالها التي تحطمت على صخرة زواجٍ فاشلٍ جسدياً و نفسياً و حبٍ ضائع في غياهب الفرص المفقودة.


كتبت ذلك اليوم:
" تعلمت في هده الحياة
أن جرحي لا يؤلم أحد في الوجود غيري تعلمت مهما احببت سوف تفقد تعلمت ان افرح مع الناس فليس لهم ذنب بجرحي تعلمت ان احزن لوحدي و اشكو لخالقي فقط تعلمت ان دواء جرحي رضائي بقدري
تعلمت ان استسلم لقدري فهو بيد خالقي"
و اختارت صورة لفتاة شابة و جميلة وفي ملامحها شيء من الاغراء لترفقها مع المنشور و تنتظر الإعجاب و التعليقات.....
ثم تذهب الى صفحته الشخصية تتأمل أولاً صورته التي تشع بابتسامة رائقة و شيء من الوقار ... تتأمل الصورة ملياً ثم تتجول بين منشوراته المتنوعة و تقرأ كافة التعليقات الجديدة و تسترسل في قراءة منشور يضم ابيات من الغزل الاموي أو حكمة على شكل مثلٍ صيني ... تبتسم بلا فرح لنكتة خفيفة و تلتفت كل مرة إن كان متصلاً بالإنترنت أو لا.....
في ذلك اليوم كان متصلا على غير العادة في مثل هذا الوقت, فكتبت له
- صباحوووو
انتظرت قليلاً..... ليس هناك رد .
تركت الهاتف على الطاولة و ذهبت لتكمل أعمالها البيتية بتثاقل و بعد دقائق رنت نغمة الرسائل القصيرة فأسرعت لتفتح الهاتف و ترى الرسالة
- صباح الورد
كتبت بسرعة
- شلونك
- الحمد لله , أنتِ كيفك
- ممكن طلب
- تفضلي
- أريد أتصل عليك فديو ......
انتظرت بعد هذه الجملة دقائق و لم يأتي الرد .... انطفئ ضوء الهاتف في يدها و عيناها متسمرتان على شاشته .... لحظاتٌ مرت وهي تشعر أن الرفض يطاردها ايتما حلت مشاعرها ... رفض زوجها بعد أن تكررت حالات ضعفه الليلية ... رفض أطفالها لأنها تعاملهم بالصراخ و عدم المبالاة ... رفض الجارات اللاتي يعتقدن أنها تتكبر عليهن بسبب صمتها الدائم .... رفض ..... رفض......
أضاءت الشاشة مع رنة نغمة الرسائل و أنعكس الضوء على عينيها بشيء من الفرح و جاء الرد
- أي عادي
ضغطت زر مكالمة فديو و هي تسحب ثوبها الى الاسفل ليظهر العقد بوضوح مع صدرها و تعدل تسريحتها و بدأت مكالمة فديو ... شاهدته يجلس خلف مكتبه و ترتسم على وجهه ذات الابتسامة الرائقة و أحست اكثر بنظراته التي كانت تركز على الحد الفاصل بين سواد الثوب و بياضها هي.
تبادلا الابتسامات ثم انهت المكالمة
- عيونك وكحة
- لااااا .... بس عجبتني القلادة
انتظر شويه ... راح اراويك اشياء احلى من القلادة
تركت كل شيء و اسرعت الى غرفتها و أغلقت الباب ..... وضعت الهاتف على منضدة الزينة ... تسنده المرأة من الخلف و ضغطت زر مكالمة فديو وهي تردد
" لا زلتُ جميلة "



#محمد_عبد_حسين (هاشتاغ)       Mohammed_Abed_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسين - لا زلت جميلة