أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيهم نور الصباح حسن - هل حقاً دفعنا كسوريين الثمن ؟















المزيد.....

هل حقاً دفعنا كسوريين الثمن ؟


أيهم نور الصباح حسن
باحث و كاتب

(Ayham Noursabah Hasan)


الحوار المتمدن-العدد: 6696 - 2020 / 10 / 6 - 21:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين , مرة على شكل مأساة , ومرة على شكل مهزلة " مقولة ساخرة للمفكر كارل ماركس انتقد فيها الجدلية الهيغلية القائلة بتكرار التاريخ لنفسه , فماركس يؤكد على أن حركة التاريخ في تطور و تغير دائم و لا يعيد التاريخ نفسه إلا بالنسبة لأولئك الذين لا يتطور وعيهم , أولئك الذين لا يستفيدوا من دروس و عبر التجارب التي حدثت بهم و لهم و معهم , و المثال الأوضح على ذلك في عصرنا هذا هو نحن .. نحن السوريون , فالتاريخ بالنسبة لنا يعيد نفسه عشرات المرات بهزلية ساخرة حد البكاء , كتاريخ أمة من الفراشات الغبية تهيمُ حول النار , كلما قضى فوجٌ منها نحبه دخل فوج آخر مسيرة الانتحار نفسها .
نستطيع أن نستنتج أنه كلما تعلمت أمة من الأمم دروس تاريخها و استخلصت العبر منها بسرعة ثم عملت على تدارك أخطائها الماضية بسرعة أيضاً , كلما كانت أمة حيّة و حضارية و فاعلة في الحياة الإنسانية ( هذا إن استبعدنا قدرة أمة ما على التعلم من دروس غيرها و الاستفادة منها ) , و كلما أهملت الأمة الاستفادة و التعلم من تجاربها و خساراتها و انكساراتها كلما زادت خيباتها و انكساراتها القادمة فيصبح مرضها مزمناً و تخرج من الحياة و الحضارة و الفاعلية الإنسانية رويداً رويداً إلى أن تصل لمرحلة الاندثار .

اسمحوا لي بأن أقوم باستعراض زمني لأهم الممالك و الأحداث التي مرت علينا كأمة سورية ( هذا إن صحت تسميتنا كأمة حالياً ؟ ) أو على الأرض السورية كي نستطيع أن نفهم ماهية تكويننا :

- الحضارات السورية القديمة : 5500 ق.م - 3000 ق.م
- البابلیون , الأكاديون , الأموريون , السومريون , الآراميون , الآشوريون , الفينيقيون : 3500 ق.م - 600 ق.م
- الاحتلال الفارسي : 550 ق.م - 332 ق.م
- الاحتلال اليوناني : 332 ق.م - 63 ق.م
- الاحتلال الروماني : 63 ق.م - 636 م
- الاحتلال الإسلامي : 632 م - 1258 م
- الاجتياح المغولي : 1259 – 1260 م
- حكم المماليك : 1260 - 1517 م
- الاحتلال العثماني : 1516 - 1918 م
- الاحتلال الإنجليزي و الفرنسي : 1918 - 1920 م
- الدولة العربية ( الملك فيصل ) : 1920 - 1921 م
- الاستعمار الفرنسي : 1921 - 1946م
- استقلال سورية بحدود سايكس بيكو عن الحكم الفرنسي العسكري المباشر : 1946م

بعد هذا العرض الملخص و السريع لتاريخنا المتضمن ما يقارب الألفين و خمسمائة سنة من الاحتلال نتساءل :
هل أدى تعاقب الاحتلال علينا إلى انقطاع الأمة السورية القديمة عن الأمة السورية الحديثة فتشظت و ذابت و تحللت و فقدت مكوناتها كأمة ؟ و هل من سبيل لإعادتها كمفهوم ؟
هل فقداننا لمفهوم الأمة أدى لفقداننا مفهوم الشعب ؟
لماذا لم نستطع أن نتعلم من كل هذه الدروس و التجارب ؟
لماذا ندفع دائماً أبهظ الأثمان و تنزل بنا أدهى المصائب دون مقابل ؟
لماذا نواظب على دفع ثمن الخطأ الواحد عشرات المرات ؟
لماذا يتم تصريف و تحويل أثماننا المدفوعة إلى قضايا بخسة تافهة ؟
لماذا فشلنا و على مدى مئة عام تقريباً ببناء دولة وطنية سورية ؟
هل حقاً نحن بهذا الغباء ؟
هل يجب علينا الاعتراف على الملأ بأننا كنا ولا نزال أغبياء جداً ؟
ثم ماذا ؟
ماذا بعد الاعتراف ؟ هل يحقق لنا الاعتراف شيئاً ؟
هل من الممكن أن يكون الاعتراف بغبائنا هو المفتاح لباب لم يسبق لنا أن فتحناه ؟
حسناً , نحن أغبياء جداً , فمن لم يستطع أن يتعلم من كل هذه الدواهي التي ألمت به فهو لعمري سيد الحمقى !
كيف سمحنا لأنفسنا أن ننسى أو نتناسى بناء دولتنا ؟
كيف رضينا أن تذهب أثماننا المدفوعة دماءً و أرواحاً و أشلاءً و ظلماً و قهراً و تشريداً سُدىً و هدرا ؟
من ذاك الذي استبدل بضاعتنا ؟ و كيف تم له ذلك ؟
كيف قبلنا السماح باستبدالها ؟
كيف استبدلنا بناء سوريتنا بأماننا المؤقت ؟
أ أغبياء و جبناء أيضاً ؟ !
كيف استبدلنا وطننا بأدياننا و مذاهبنا و طائفيتنا و إقليميتنا و قبليَتُنا و عشائريتنا و حقدنا و كراهيتنا و استمرار جهلنا و تسلطنا و عنجهيتنا الآنية ؟
أيستبدِلُ الحلم العظيم بالغبار إلا غبي جاهل ؟ !

كيف لأمةٍ قدمت للعالم الأبجدية .. أن تنسى الحرف و تنهَج الأُميَّة ؟ !
كيف لأمةٍ قدمت للعالم النوتة الموسيقية .. أن يموت فيها الفرح و تقتلها السوداوية ؟ !
كيف لأمةٍ قدمت للعالم أول وعاء .. أن تمتهن اليأس و تتحول للدعاء ؟ !
كيف لأمةٍ قدمت للعالم خيَالَ لوقيانوس .. أن يتحجَّر فِكرُها و تبقى في عصر الفانوس ؟ !
كيف لأمةٍ قدمت للعالم السكين و الشفرة .. أن تصبح أمةً عاجزةً نَكِرة ؟ !
كيف لأمةٍ قدمت للعالم معنى الحضارة و الألوهة .. أن تتقهقر مفاهيمها الاجتماعية و السياسية و الدينية إلى هذه الدرجة المعتوهة ؟ !

أيعقل أن يودي بنا الصمت إلى كل هذا ؟
أيكون هذا ثمن صمتنا على التفتيت و التجزيء ؟
صمتْنَا على تجزيء كرامتنا كأمة فباتت كرامة مجموعات ثم كرامة عائلات فكرامة أفراد !
صمتْنا على تجزيء شرفنا فانحسر الشرف إلى فروج نسائنا و استقر بها !
صمتْنا على تفتيت حرياتنا فانحصر خيارنا بين الشعير و البرسيم !
لقد انهزمنا منذ أن أصبحت كرامة و شرف و حرية الفرد السوري مسألة فردية لا تعني إلاهُ ..
كلنا كنا خونة بطريقةٍ ما .. فيكفينا تخويناً لبعضنا البعض
كلنا كنا قتلة بطريقةٍ ما .. فيكفينا تجريماً لبعضنا البعض
كلنا كنا شياطين بطريقةٍ ما .. فيكفينا شيطنةً لبعضنا البعض
تعالوا لنتفق على أن قراءتنا لتاريخنا كانت خاطئة و أودت بنا إلى الجحيم .
تعالوا لنتفق على أننا لم ندفع كل هذه الأثمان إلا لأننا لم نتغير .
تعالوا لنتفق على أننا لاندفع كل هذه الأثمان الفادحة الآن إلا لأننا أجلنا دفع الثمن الزهيد في الماضي .
تعالوا لنتفق على أن أولئك الذين يؤجلون دفع الأثمان بهدف اتقاء الشرور سيدفعونها هم و أبناؤهم فيما بعد أضعافاً مضاعفة .
تعالوا لنتفق على أن غالبية هذه الأثمان التي دُفعت لم تقترب حتى من الهدف الحقيقي و لابد لنا من إعادة توجيهها كي نصل للمبتغى .
تعالوا لنتفق على أننا لم نشخص أمراضنا بدقة و جرأة و أننا ها نحن الآن نحتضر نتيجة علاجاتنا الخاطئة .
تعالوا لنتفق على أن البضاعة السورية العظيمة لاتزال معروضة للبيع و أنها تنتظرنا جميعاً كي نطرق بابها .
تعالوا لنتفق على أن دفع الثمن يكون بلا إكراه و لا تدليس و أننا حتى الآن لم نقبض سوى الريح ..
فإذا اتفقنا كان لنا ما نريد ..
و إن لم نتفق فسيبقى السؤال عالقاً : هل حقاً دفعنا كسوريين الثمن ؟؟؟

أيهم حسن
6 / تشرين الأول / 2020



#أيهم_نور_الصباح_حسن (هاشتاغ)       Ayham_Noursabah_Hasan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو فهم السوري المدافع عن الحليف باستماتة
- السوريون و ضبابية الهوية
- أوغل خازوقك فينا
- الخنوع و الانبطاحية باسم التنوير و العقلانية - مقال الشيخ ال ...
- العقل العربي و نظرية المؤامرة
- الشعوب العربية بين مطرقة الاستبداد و سندان الإسلاميين


المزيد.....




- لماذا أصبح وصول المساعدات إلى شمال غزة صعباً؟
- بولندا تعلن بدء عملية تستهدف شبكة تجسس روسية
- مقتل -36 عسكريا سوريا- بغارة جوية إسرائيلية في حلب
- لليوم الثاني على التوالي... الجيش الأميركي يدمر مسيرات حوثية ...
- أميركا تمنح ولاية ماريلاند 60 مليون دولار لإعادة بناء جسر با ...
- ?? مباشر: رئيس الأركان الأمريكي يؤكد أن إسرائيل لم تحصل على ...
- فيتو روسي يوقف مراقبة عقوبات كوريا الشمالية ويغضب جارتها الج ...
- بينهم عناصر من حزب الله.. المرصد: عشرات القتلى بـ -غارة إسرا ...
- الرئيس الفرنسي يطالب مجموعة العشرين بالتوافق قبل دعوة بوتين ...
- سوريا: مقتل مدنيين وعسكريين في غارات إسرائيلية على حلب


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أيهم نور الصباح حسن - هل حقاً دفعنا كسوريين الثمن ؟