أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عصام مخول - أكتوبر 2000 - -إني أتّهم-!















المزيد.....

أكتوبر 2000 - -إني أتّهم-!


عصام مخول

الحوار المتمدن-العدد: 6693 - 2020 / 10 / 3 - 11:47
المحور: القضية الفلسطينية
    



قبل أسبوعين من اندلاع العدوان الدموي الذي شنته المؤسسة الحاكمة على المواطنين العرب في إسرائيل في الأول من أكتوبر 2000، كنت قد نشرت مقالا في جريدة "الاتحاد" تحت عنوان :"إني أّتّهم".. ووجهت من خلاله أصابع الاتّهام الى دوائر الحكم في إسرائيل والى مؤسستها الأمنية المتورطة في التجهيزّ لعدوان دموي مبيت على الجماهير العربية الفلسطينية المواطنة في إسرائيل، وادعيت في المقال المذكور أن ما يرشح من تهديدات صادرة عن القيادات العليا في شرطة إسرائيل، وخصوصا تصريحات قائد منطقة الشمال أليك رون وغيره، وما رشح حول التدريبات التي تجريها وحدات من الشرطة وحرس الحدود لاقتحام بلدات عربية لإخضاع ما أطلق عليه "أعمال شغب" محتملة، معادية للسياسة الرسمية ومتضامنة مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر والاستقلال في أعقاب فشل محادثات كامب ديفيد، تشي بأن هناك دوائر مهووسة في مؤسسة الحكم في اسرائيل مقبلة على ارتكاب عدوان إجرامي بحق المواطنين العرب، وشن حرب استراتيجية على حقهم في ممارسة حقوقهم النابعة عن مواطنتهم من جهة وعن انتمائهم الى شعبهم العربي الفلسطيني من الجهة الأخرى.

وما لبث أن تبع ذلك إعلان رئيس الحكومة الاسرائيلية في حينه إيهود براك، بأنه "لا يوجد شريك فلسطيني للعملية السياسية" وأن هدفه من الذهاب الى كامب ديفيد، كان "كشف الوجه الحقيقي للفلسطينيين"، بعد أن رفض الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الاملاءات الإسرائيلية والأمريكية وما رافقها من ضغوطات خانقة من الأنظمة العربية التابعة من جهة، واندلاع حملة من التحريض على الشعب الفلسطيني وعلى مجرد امكان الحل السياسي للصراع، ترافقت مع حملة تحريض على الاقلية القومية الفلسطينية المواطنة في اسرائيل وعلى قياداتها من الجهة الأخرى. كانت المسافة قصيرة جدا بين هذه التوطئة السياسية على ساحة الرفض الإسرائيلي، وبين طغيان ندائين دمويين على السياسة والاعلام والشوارع الإسرائيلية الموتورة : "أعطوا للجيش أن ينتصر" في المواجهة مع الفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية، و"أعطوا للشرطة وحرس الحدود أن ينتصران" في المواجهة مع الجماهير العربية الفلسطينية ونضالها السياسي في داخل إسرائيل. من هنا كان الطريق مفتوحا الى ارتكاب مجزرة أكتوبر 2000، على جانبي الخط الأخضر.





أمام لجنة أور كانت مهمتنا أن نقلب الأمور رأسا على عقب!

حين دعتني لجنة التحقيق الرسمية برئاسة القاضي أور للمثول أمامها في بداية كانون الثاني العام 2002 للإدلاء بشهادتي حول طابع وطبيعة هبّة أكتوبر 2000، كان القاضي أور رئيس اللجنة يواظب على مقاطعة شهادتي لإعادتي الى جادة "الصواب" بحجة أنني "أقلب الأمور رأسا على عقب"، وذلك لرفضي التركّز في تفاصيل الحدث، وإصراري على التأكيد على أن الحالة السياسية السائدة في إسرائيل الموبوءة بالعنصرية ومعاداة المواطنين العرب والتهديد والوعيد بـ"نكبة جديدة" وعودة الى حرب عام 1948، هي التي قدّمت لحملة القمع الدموي التي راح ضحيتها ثلاثة عشر شهيدا من المواطنين العرب في مختلف انحاء البلاد، وهي الموضوع المطروح والمتوخى من لجنة التحقيق الرسمية أن تعطي الجواب عليه.



إن مؤسسة الحكم السائدة في الدولة التي تنظر الى المواطنين العرب في إسرائيل كمسألة أمنية يحق لأدوات القمع الرسمية معالجتها من فوهة البندقية، هي المتهم الحقيقي الذي يجب أن يدان دون مواربة، إن كانت لجنة التحقيق تريد أن تقوم بدور تاريخي عميق من شأنه أن يترك أثرا حقيقيا على علاقة الدولة بمواطنتنا.

ومن المفارقات أنني كنت راضيا عن التهمة التي وجهها القاضي أور لشهادتي، وكنت أدرك أن واجبي الأساسي كممثل للجماهير العربية الجريحة ضحية عدوان الدولة عليها، هو تماما أن "أقلب الدنيا لهم رأساً على عقب". كنت أعي أن المسألة المطروحة هي مسألة امتناع الدولة عن الولاء لمواطنة مواطنيها العرب –أهل الوطن - وفي تنكرها لحقهم في ممارسة مواطنتهم بكل حذافيرها، وهي مواطنة نابعة عن كونهم أهل هذا الوطن الذي لا وطن لهم سواه، من دون أن تكون المواطنة الكاملة مشروطة بأي انتقاص من حقهم الطبيعي في الانتماء الى شعبهم الفلسطيني والتفاعل مع طموحاته الوطنية للتحرر والاستقلال والتماثل مع هذه الطموحات المشروعة ودعم تحقيقها.



إن شرعية مواطنة المواطنين العرب في إسرائيل، تنعكس في شرعية حقّهم غير المنقوص في المشاركة في الحسم في القضايا الجوهرية كلها وفي طليعتها في المعركة على انهاء الاحتلال والتصدي لجرائمه في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب إسرائيل، وجاءت أحداث هبة أكتوبر 2000 لتطلق المؤسسة الرسمية النار فعليا على المواطنين العرب الذين خرجوا الى الشوارع والميادين يحتجون ويعبرون عن موقف سياسي ووطني بديل عن الإجماع القومي الصهيوني.

ومع سقوط الشهيد الأول - محمد جبارين في أم الفحم، يكون طابع المواجهة قد اتسع وجوهرها قد تغير، فلم تعد المسألة قضية تضامن وممارسة الجماهير حقها في التفاعل مع كفاح الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وجرائمه في الضفة الغربية والقدس وغزة فقط، بل طرحت الحالة الجديدة الناشئة بقوة مسألة علاقة الدولة مع الجماهير العربية ورفضها الولاء لشرعية مواطنتها كقضية أولى. إن مواطنة المواطنين العرب في وطنهم وفي الدولة التي تقوم في وطنهم نابعة عن انتمائهم الأصيل الى وطنهم وفق القانون الطبيعي، خلافا لحقيقة ان وجود الغالبية الساحقة من اليهود فوق هذا الوطن نابعة عن مواطنتهم التي يمنحهم إياها القانون الوضعي الإسرائيلي.

وبهذا المعنى فإن العدوان الدموي على الجماهير العربية في أكتوبر 2000 لم ينبع عن تغيير في استراتيجية الجماهير العربية "وإشهارها العداء للدولة والعداء لليهود بكونهم يهودا" كما طرح علي أعضاء لجنة التقيق الرسمية، وانما عن تغيير في استراتيجية الدولة في تعاملها الدموي مع الجماهير العربية وإشهارها العداء لهذه الجماهير ولشرعية مواطنتها. لقد طرح أعضاء لجنة أور عليّ بإلحاح أثناء شهادتي أمامها نظرية "الجيل المنتصب" التي روّج لها بعض الاكاديميين والسياسيين العرب وبعض الجمعيات، تبريرا وتفسيرا لهبة أكتوبر، باعتبار أن الأمر الجديد هو ظهور جيل من الشباب العربي الشامخ الذي لا يهاب المواجهة مع أجهزة القمع الرسمية وأن هذا الجيل وليس تفاقم العنصرية السائدة هو الذي أدى الى النتائج القاسية. وبهذا المعنى فإن نظرية "الجيل المنتصب" ليست بريئة تماما، تحاول أن تقزّم أو ان تغمض العين عنوة عما تراكم من تجربة نضالية تاريخية مجيدة وشامخة راكمتها جماهيرنا العربية في إسرائيل في أحلك الساعات، عبر معارك البقاء، واسقاط الحكم العسكري، وانتفاضة العاشور في أول أيام 1958، وصولا الى يوم الأرض الخالد، يوم القامات المنتصبة بامتياز، وايام النضال والوحدة الكفاحية الشامخة التي سطرتها جماهيرنا وصولا الى أكتوبر 2000.



"هناك عرب في دولة إسرائيل هذه مصيبتنا الكبرى" !

تعرضت في معرض شهادتي أمام لجنة أور إلى أجهزة الدولة التي تعرض على أنها محايدة وطالبت بأن تمثل أمام لجنة التحقيق الرسمية لأن أيديها قد تكون ملطخة بدماء شهداء هبة القدس والأقصى وغيرها من المواجهات، فهل يمكن تحليل ما جرى من إطلاق النار من دون التوقف عند حملة التحريض الدموي التي شنها غالبية الاعلام الإسرائيلي؟ وهي وسائل إعلام تتغذى من قيادة أجهزة الأمن، لتعيد تغذية رجال الأمن بالعداء للمواطنين العرب والتحريض الدموي عليهم؟ سألت اللجنة لماذا لا يستدعون المحلل الأبدي للشؤون العربية إيهود يعاري ليكشف امام اللجنة كيف توصل الى الحكم القاطع بأن الجماهير الغاضبة في الجليل والمثلث والنقب قد خرجت الى الشوارع وقررت "الاعتداء" على رجال الشرطة وحرس الحدود بأمر مباشر من ياسر عرفات؟ ثم كيف يمكن أن تستهين لجنة التحقيق الرسمية بدور "ماحش" قسم التحقيقات مع رجال الشرطة في وزارة القضاء، وتأثير سياساتها في التغطية على جرائم رجال الشرطة تجاه العرب؟ ألم تسألوا أنفسكم، كيف سيتصرف شرطي او رجل حرس الحدود ممن شارك في القمع غير القانوني للمواطنين العرب ابان أحداث الدفاع عن أرض الروحة مثلا ثم أغلق ملفه من دون محاكمة، عندما يجد نفسه في أول مواجهة مع متظاهر عربي غاضب يتحدى غطرسته؟ هل سيتورع عن اطلاق النار عليه؟ هذه أسئلة ما زالت ماثلة، فكيف سيتصرف شرطي أطلق النار وقتل متظاهرين في هبة أكتوبر، ثم أغلق ملفه في ماحش، عندما يلتقي ضحية عنصريته يعقوب ابو القيعان على رمال أم الحيران؟

لقد كان النائب غدعون عزرا وزير الأمن الداخلي اللاحق بعد هبة أكتوبر ( نائب رئيس الشاباك سابقا) فظا حد الفضيحة، واضحا حد السكين في تعبيره عن الفكر الظلامي السائد في المؤسسة الحاكمة تجاه الأقلية القومية العربية المواطنة في إسرائيل في مقابلة موسعة معه في ملحق جريدة يديعوت أحرونوت (15.10.2004 )، تطرق خلالها الى لجنة أور فقال: "إسرائيل ليست مذنبة في أحداث هبة الأقصى، وبالتأكيد رجال الشرطة ليسوا مذنبين، أن نأتي الآن ونقاضي رجال الشرطة فهذا ليس صحيحا.. إن عشرات الناس في ماحش وفي لجنة التحقيق يضيعون وقتهم على أحداث حدثت قبل أربع سنوات؟! منذ البداية لم يكن مكان للجنة تحقيق.. هل نحاكم رجال الشرطة ليتجنبوا المواجهة ويصبحوا "رأسا صغيرا" ويفقدوا الجرأة ( على إطلاق النار مثلا ع.م) وعلى المبادرة في صدام قادم؟ ولخص الوزير عزرا نظريته التي لم يتنكر لها أحد في مؤسسة الحكم قائلا : "هناك مواطنون عرب في دولة إسرائيل. هذه هي مصيبتنا الكبرى. تتغلب على غزة.. تتغلب على يهودا والسامرة.. لكننا سنبقى مع المصيبة الكبرى". هذا هو الوجه الحقيقي للجريمة الرسمية في أكتوبر 2000.



#عصام_مخول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المَحميّات الإسرائيلية في الخليج- بين التطبيع و-التتبيع-
- انتفاضة شعبية.. إلى أن ينتهي الاحتلال!
- هوس الافتراء على الشيوعيين !
- أربعون عاما على وثيقة 6 حزيران: نحن أهل هذا الوطن ولا وطن لن ...
- لا عدالة اجتماعية من دون مساواة قومية ولا ديمقراطية من دون ا ...
- سقطت حيفا في 22 نيسان 1948 وسقط معها المراهنون على الرجعية ا ...
- يوم الارض الخالد – انتصار وحدة الصف الكفاحية
- لفّتَك وما لَفَّتَك !
- -قنطار-.. تصدي سياسي خير من درهم وقاية فجّة!
- أبو نزار محمد بصول.. شيوعي قائد من بناة هذا الطريق!
- بذور نقلة نوعية انطلقت من مجد الكروم!
- انتخابات الازمة.. نتنياهو هو الخاسر الأساس!
- انتخابات أيلول 2019: تحديات التفريغ السياسي والتجريف الفكري!
- عايدة توما وأفِراخ الدواعش!
- الأزمة البنيوية .. والمأزوم الحقيقي!
- المهمة الملحة الآن.. جبهة مناهضة للفاشية!
- ثلاثة أسباب ملحة للتخلص من نتنياهو وحكمه الان !
- ميدان التحرير - -أكثر من انتفاضة وأقل من ثورة-
- وداعاً أيها الشيوعي العريق موسى ناصيف
- ساحتنا السياسية و-مشروع الفوضى الخلّاقة-!


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عصام مخول - أكتوبر 2000 - -إني أتّهم-!