أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة لمغاري - الحورية














المزيد.....

الحورية


حمزة لمغاري
كاتب

(Hamza Lamrhari)


الحوار المتمدن-العدد: 6691 - 2020 / 9 / 29 - 23:49
المحور: الادب والفن
    


قضت مشيئة الله في خَلقه أن تُفَرَّقَ الأرزاق بين العباد بقضائه وقدره، فمِنهم من رُزِق المال فسكن القصور، وتزوج الحسان، وتنعم الجاه. ومنهم من رُزِق البنين فأنجب منها ما شاء وما لم يشأ من صلب. والحسرة هي ألا ترزق المال ولا البنين، فتُرهَق من شدة عَوز المال وعدم الأولاد، ذاك حال الحاج علي، الذي اُبتلي بمحنة العُقرة، وحالت دون دوام معاشرة ثلاث زيجات، فجميع الأزواج اللائي تزوجنَه هجرنه، بذريعة إما مداومته على أكل السردين أو ضغينة عُقمه البئيسة، فشاع خبره في البلدة، ولم يُصِب في طلب يد فتاةٍ للزواج بعدهن، حتى بلغ من الكبر عتيا، لكن ذلك لم يمنع الحاج علي من سؤال الله، والتضرع إليه فجر كل يوم قبل خروجه للصيد بالقصبة.

وفي فجر أحد الأيام، حيث كان الشاطئ في جزر محتشما من رماله الذهبية، والهدوء يعمُّ أرجاء المكان، قدم الحاج علي حاملا قصبته، فجلس كالعادة عند شطِّ الشاطئ، ولوَّح بصنارته بعيدا في المياه، ثم نصب قصبته، يسترزق الأسماك بحِساب ساعات الانتظار. وفي غمرة هذه العادة التي مافتئ الحاج علي يقوم بها في كل فجر، في كل يوم، في كل سنة، سمع صوتا ورديا يخترق طبلة أذنه من مكان غير بعيد يجهر:"يا ابن البَرِّ"، فأدار الحاج جمجمة رأسه تجاه قائلة الصوت، وإذا به يرى خطيئة من المستحيل أن يتجنب المرء ارتكابها، أما عينا الحاج فقد خرجتا من مربطهما، واحمرّ خذه وأذناه، وتدلّى لسانه عاجزا عن البوح ببنت شفة. فعاودت الحورية قائلة:" يا ابن البَرِّ، ما بِگ؟"، فاستجمع الحاج عزيمته وخرج عن دهشته ناطقا:"مريضٌ بالعقم يا ابنة البحر، وما عساي إلا قِلة حيلتي لهذا الأمر، وليس لي من دواء له"، فأجابته الحورية:"هلم يا ابن البَرِّ، نحاول ممارسة الحب، ففي معاشرتِگ لي شفاءٌ لگ، وإن أصبتَني بحمل، فمَنبِتُ أولادِگ في أعماق البحار، وهم عنك مُبعَدون". فاستبشر وجه الحاج علي، وبسرعة استجاب لاقتراح الحورية، ونسي سبب قدومه للشطِّ، وباع فخذ الدنيا بنَعيم معاشرة الحورية، فحدث ما يُتصور ومالا يُتصور.

بعد أن أنهى الحاج علي عمله! هَرِع إلى طريق العودة، أخذ يُسائل نفسه ويستجوبها، فلقد كان مشطون البال، مهموم الحال حول ما جرى له مع الحورية، وبين أخذ ورد داخل صندوق رأسه، قرر تصفية جوعه أولا، ليسهل عليه تدبر أحداث يومه، فتسارعت خطواته نحو دكان الحاج بوشعيب، الذي يُجاور منزله، فاشترى من عِنده علبة سردين، ثم عرج إلى منزله فدخل، حيث أتى بصحنٍ وحطّه فوق المائدة، فما أن فتح علبة السردين حتى تطايرت أصوات السردين صارخةً:" بــابـا علي، بــابـا علي، بــابـا علي"، فحسِبها الحاج علي ذُريةً من صاحبته الحورية، فسقط على الأرض مغشيا عليه من هَول الصعقة.



#حمزة_لمغاري (هاشتاغ)       Hamza_Lamrhari#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استنجاد شمعة
- دواء الكُولُونَا! (2)
- دواء الكُولُونَا! (1)


المزيد.....




- عمر خيرت: المؤلف المتمرد الذي ترك الموسيقى تحكي
- ليوناردو دافنشي: عبقري النهضة الذي كتب حكاية عن موس الحلاقة ...
- اختفاء يوزف مِنْغِله: فيلم يكشف الجانب النفسي لطبيب أوشفيتس ...
- قصة القلعة الحمراء التي يجري فيها نهر -الجنة-
- زيتون فلسطين.. دليل مرئي للأشجار وزيتها وسكانها
- توم كروز يلقي خطابا مؤثرا بعد تسلّمه جائزة الأوسكار الفخرية ...
- جائزة -الكتاب العربي- تبحث تعزيز التعاون مع مؤسسات ثقافية وأ ...
- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة لمغاري - الحورية