أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - المرأة المتوحشة لبودلير














المزيد.....

المرأة المتوحشة لبودلير


محمد الإحسايني

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 10:24
المحور: الادب والفن
    



حقاً يا عزيزتي، إنك ترهقينني إرهاقاً مفرطاً وبلا شفقة، فكأن من سمعكِ تتـنهدين، يظن أنك تتعذبين أكثر من لاقطات السنابل الفلاحات الستينيات،وأكثر من العجائز المتسولات، اللائي يلتقطن فُتات الخبز، على أبواب الملاهي .
" لو كانت توجعاتكِ على الأقل،تعبر عن تحسراتكِ،لأ ضفتْ عليكِ بعض الشرف،لكنها لا تعبر سوى عن الملل من الرفاهية،والضجر من الراحة.فضلاً عن ذلك،لا تفتئين تُلقين عليّ كلاماً غير مفيد:"أحبّني جيّداً؛فإنـني في أمسّ الحاجة إلى ذلك!خففْ عني لوعتي من هنا، لاطِفني من هناك!"
انظري، سأحاول إشفاءكِ؛فربما توجد وسيلة علتك، بقرشين اثنين وسْط تسلية،
وبدون الذهاب بعيداً.
"تأملي – أرجوك – ذلك القفص المتين من الحديد، فوراء قضبانه يتأجّج مَن حُبِسَ فيه،يصرخ صراخ أحد الهالكين،يزعزع قضبانه،مثل قرد غاظه المنفى، تارة تحاكي قفزاته،في إتقان تقليده،وثباتِ النمر، وتارة أخرى،تمايُلاتِ الدبّ الأبيض الثقيلة،فذلك الوحش، كاد شكله يشبه شكلك.
" ذلك الوحش المخيف،واحد من تلك الحيوانات التي تُدْعى غالباً " ملاكي!"، أعني امرأة. أما الوحش الآخر- ذاك الذي يصرخ صراخاً شديداً، وبيده عصىً –
فهو زوجٌ ما.لقد كبّل زوجته الشرعية كأنها وحش، ويكشف عنها في الأحياء، أيام السوق بإذن من الولاة، وهذا شيء طبيعي.
انتبهي جيداً!وانظري إلى أي شراهة[ لعلها شراهة غير مصطنعة ]تمزق بها تلك المرأة،الأرانب الحية،والطيور المتزقزقة، التي يُلقي بها إليها فيّالهـــــــا،
فينصحها:
" هيا، لا ينبغي أن تلتهمي كل مئونتك في يوم واحد".وعلى أساس هذه الحكمة، أزال لها بقسوة، الفريسة التي تلوح أمعاؤها الممزقة، معلقة تلمع لحظة بين أسنان الحيوان المفترس،أعني أسنان المرأة.
" هيّا!إن هي إلاّ ضربة واحدة؛فيهدأ صراخها!ذلك أنهاتقذف من عينيــهــا الرهيبتين المركزتين على الطعام المنزوع من بين أنيابها،شراراتِ الاشتهاء.
عجباً!العصى ليست عصى للضحك. ألم تسمعي لحمها يعوي بالرغم من الزغب المستعار! الآن تجحظ عيناها،وتصرخ فطرياً صراخاً شديداً.وتزند في غيظها
بكاملها، كالحديد يُدٌَ عليه حامياً.
" تلك هي السلوكات الزوجية لهذين المنحدرين من آدم وحواء،خليقة يدك يا إلهي!هذه المرأة شقية بلا منازع،ولو بعد كل ماجرى، فلربما لاتعرف طعماً لنِعَم
المجدالتي تدغدغها.هناك أنواع من الشقاء أشد وخامة من أن تكون قابلة للعلاج،وبدون ثواب على الابتلاء بها.لكنها ماكانت لتعتقد أبداً،أن المرأة تستحق
مصيراً آخر،في هذا العالم الذي ألقيتْ فيه.
والآن ،قد جاء دورنا، عزيزتي المغالية! حين أرىجهنم التي ازدحم فيها الناس
تتقد، ماذا تريدين أن أراه في جحيمك الجميل، أنتِ التي لا تجدين راحتك،إلا على فُرُش ناعمة مثل بشرتك،ولا تأكلين إلا اللحم المطبوخ،وحتى يقطعه لك،أجزاءً بلباقة،خادمٌ مهندم؟
" وما عسى تعني بالنسبة إليّ،تلك الأ نّات الصغيرة التي يتنهد بها صدرك الفوّاح بالعطر،أيتها المغناج المتمكنة؟ وكل هذه العواطف المستقاة من الكتب،وذلك الضجر غير المتعب،المفتعل،كي توحي كلها لمن يشاهدك،تماماً، بإحساس آخر، عدا الشفقة؟ وإنه لتنتابني الرغبة أحياناً في أن ألقنك :ما هو الشقاء الحقيقي
غادتي اللطيفة، حين تنغمس رجلاك في الوحل،وتلتفت عيناك برهافة روحية نحو السماء،فكأنما لتطلبني إليها أن تهب لك* مَلِكاً،وكأنما أنتِ على الأرجح، ضُفَيدعة خرافية خرافية تلتمس المثل الأعلى.فإذا أنتِ احتقرتِ الرافدة[ وأنا الآن تلكِ الرافدةُ كما تعلمين ]؛ فحذارِ ِ من الكركي الذي سيقضمكِ ويقتلكِ كيفما يشاء.
" مهما أكنْ شاعراً؛فلستُ مخدوعاً كما تعتقدين،وإن تُتْعبيني بدموعكِ المفتعَلة،
أعاملْكِ معاملةامرأة متوحشة أو أقذفنّ بك، من النافذة كقنينة فارغة"


*التلميح إلى إحدى حكايات لافونتين : الضفادع التي تطلب مَلِكاً،إذ طلبت من جوبيتر أن يرسل إليها ملكاً، فتتلقى منه رافدة صغيرة – عارضة خشبية- وقد أفزعتها. لكن الضفادع جنت على نفسها لعدم رضاها بالعارضة ،فأرسل عليهن جوبتير بعدذلك كركياً، فيقضمهن ويقتلهن، يلتهمهن كما يحلو له.
المرأة المتوحشة
شارل بودلير
ترجمة:محمد الإحسايني



#محمد_الإحسايني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقامر السخي


المزيد.....




- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...
- موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر
- ليست للقطط فقط.. لقطات طريفة ومضحكة من مسابقة التصوير الكومي ...
- تَابع مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة المؤسس عثمان الجزء ...
- مصر.. إحالة 5 من مطربي المهرجانات الشعبية للمحاكمة
- بوتين: روسيا تحمل الثقافة الأوروبية التقليدية
- مصادر تفنّد للجزيرة الرواية الإسرائيلية لتبرير مجزرة النصيرا ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر تردد القن ...
- أحلى مجموعة حلقات Tom & Jerry .. تردد قناة توم وجيري للاطفال ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الإحسايني - المرأة المتوحشة لبودلير