أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله نقرش - لا مكان في هذا الشرق العربي لامتين















المزيد.....

لا مكان في هذا الشرق العربي لامتين


عبدالله نقرش

الحوار المتمدن-العدد: 6681 - 2020 / 9 / 19 - 19:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس من المسلم به ان خيار التطبيع المجاني، جاء خارج سياق التطورات السياسية الاقليمية، وليس اختيارا محض عربيا، فالتطبيع بين اسرائيل ودول الخليج العربية النفطية له خصوصية محكومة من حيث الاسباب والنتائج بامكانات هذه الدول اكثر من حيث علاقتها بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي.
ولو كان هنالك استراتيجية عربية متفق عليها لما حدث مثل هذا التطبيع على النحو الذي بدا به، اذ ليس من غير المتوقع ان لا يهتم الكيان الصهيوني بالتوغل في كيانات سياسية لها خصوصية دول الخليج العربية. فالنفط بحد ذاته، وعائداته، تغري الدول الكبرى فما بالك بالدول الاكثر جشعا ونهما، كالكيان الصهيوني؟ كما ليس من المستغرب ان تسعى بعض دول الخليج الى استثمار امكاناتها المالية وتحالفاتها الجذرية مع الغرب، للعب دور في المنطقة العربية بعامة، والتي اصبح فراغ القوة القائدة او غياب الدول الضابطة والانموذج هي السمتان البارزتان، خصوصا مع هذه الفوضى الاقليمية التي تتنافس فيها دول ذات مشاريع توسع وهيمنة اقليمية بمختلف الصور، سواء عن طريق استعمال القوة الصلبة او القوة الناعمة.
ولربما، تفصح لنا المتابعة المتفحصة لما حدث خلال العقود الاخيرة من تحركات واجراءات، عن بعض هذا الذي نشير اليه من مشروع هيمنة اسرائيلي ومشروع تحالف واقعي بين دول غير متجانسة من حيث المبدأ. وقد برز ذلك في حالتين واضحتين.
الاولى- السعي لشد الاطراف بعيدا عن المركز للضغط على المركز والقوى التي ارتبطت به عبر العقود الماضية.
مثل جذب مصر لمشكلات معلقة مع السودان (حلايب) ومع اثيوبيا (نهر النيل وسد النهضة) ، والامعان بعملية الجذب بالضغط نحو التدخل في ليبيا على اتساع رقعتها وتعقيد مشكلاتها.
وبنفس المجال، ايجاد دولة جديدة في السودان ذات بعد افريقي اكثر منه عروبي. فضلا عن المشكلات الداخلية مثل (دارفور).
ومثل ما يحدث واقعا في ليبيا اليوم، كان التاثير المترتب على ليبيا من التدخل في تشاد ويشدها خارج الاقليم العربي نحو الوسط الافريقي.
وباستعادة بعض التاريخ، يمكن الاشارة الى مشكلة جنوب الصحراء واشغال الدولتين المغربيتين ( المغرب والجزائر) في هذه المشكلة فضلا عما ترتب لديهما داخليا من مشكلات لم تكن الحكمة في معالجتها هي سيدة الموقف اللهم الا اذا قدرنا للسياسة المغربية بعض عقلانيتها، ولكنها كانت بنفس الوقت قد فتحت حواراتها واتصالاتها مع الكيان الصهيوني.
اما في المشرق العربي فيكفي الاشارة الى تضخيم الخطر الايراني ومحاولة تصنيفه كعدو اول ومطلق لبعض الدول العربية.
ومع ذلك كان لابد من شد الطرف الخليجي لجبهتين بذات الوقت، التدخل في اليمن، الامر الذي قضى على مفهوم الحكمة اليمنية والحيادية الخليجية، وكذا خلق ازمة علاقات بين دول الخليج نفسها وخاصة ما يتعلق بحصار قطر.
وهذا الحصار الذي يصعب الاقتناع باسبابه (دعم الاخوان المسلمين، والربيع العربي وما الى ذلك من حيثيات غير مبررة موضوعيا) الا انه ولد مناخا قابلا للتدخلات الخارجية وانفراط عقد مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
اما في بلاد الشام والعراق، فعلاوة على الشد الاستراتيجي المتبادل بين العراق وايران، الا ان الامر انتهى بتقاسم الهيمنة في العراق بين ايران وامريكا، كما انتهى بخلق شبه دولة كردية، يبدو النفوذ الاسرائيلي فيها واضحا.
وعلى صعيد سوريا الطبيعية فيكفي الاشارة الى ان سوريا الشام غرقت في الفتنة اللبنانية لاكثر من عشرين عاما. وقع خلالها من الاحداث ما يغذي فكرة الثار العربي لعقود ومع ان الكيان الصهيوني نفسه دخل الى لبنان واشتبك معه في حرب جزئية اكثر من مرة، الا ان اهم نتائج هذا الشد الى الساحة اللبنانية، كان اكثر توريطا وكلفة بحيث اخرج سوريا فعليا من احتمالات المواجهة المباشرة مع الكيان الصهيوني. واثبتت المراحل اللاحقة بعد الربيع العربي صحة ذلك.
هل كان لمثل هذه التطورات والتحولات والقضايا ان لا تترك اثرها في الوجدان الجمعي للامة وشعوبها؟ وامه مثل الامة العربية تختزن التاريخ بكل تالقاته وماسيه، لا يمكن ان تقبل الاستمرار بتحالف الاستبداد الداخلي ( بكل تفاصيله من سيطرة واستبداد وفساد واختلالات وما الى ذلك) مع ذهاب الريح والعجز في المجال القومي والخارجي. اي الافتقار الى سلامة الرابطة الوطنية، وفقدان العصبة القومية، والسيولة امام الاختراقات الخارجية. ولهذا كان لابد من الثانية.
الثانية- الربيع العربي – كان الربيع العربي ضروريا وحتميا واجتماعيا وليس ترفا او مؤامرة او سياسيا.
جاء الربيع العربي، كتحول تاريخي اجتماعي، يطالب بمشاركة الشعب في تقريرمصير السلطة وطبيعة الحياة في الوطن العربي. جاء ليعلن دون ان يتوافق في كل الاماكن على استعادة التفكير الاستراتيجي على المستويين الوطني والقومي. ربما لم يقل ذلك صراحة وانما كان حركة امة متصلة عبر الشعوب، حتى لو ان بعض هذه الشعوب لم تشارك في الربيع.
في هذا الربيع، كانت البنى التقليدية الرسمية هي الخصم مهما كان شكلها وطبيعتها، وكان المستقبل على ضبابيته هو الغاية والحكم. كان الفرد العربي يسعى لان يكون مواطنا وحرا وكريما وله امل في المستقبل. بكل بساطة كان يريد ان يستعيد انسانيته وطاقته بعد ان تاكد من تشييئه وفقدان حيويته . كان قبل الاستبداد من اجل العزة القومية، وكان قبل الفقر من اجل الكرامة الانسانية، وكان تغاضى عن الظلم املا بعدالة لاحقة. ولكنه اكتشف ان مركب الاستبداد لا يتفق مع الاعتبارات الانسانية مهما كان تلونه (الاستبداد) ونسبية تلك الاعتبارات.
كان الربيع العربي، اطارا تجميعيا لحالات من عدم الرضى على تنوع اسبابه. ونظرا لضخامة تجمع حالات عدم الرضى، او تجمع المظلومين، او الساخطين او الرافضين والمستنيرين، كان استفز كل الفئات والاطراف الذين توجه ضدهم خطاب الربيع العربي الشعبي العام.
وتحالف هؤلاء ضد الربيع، وكانوا بحكم خبرتهم اكثر قدرة على الفعل وتبادل الخدمات، - فمن القوى الامبريالية، وحليفتها الصهيونية، الى انظمة الاستبداد السلطوية وادواتها المختلفة - تشكل تحالف انضم اليه صيادو الغنائم من الاحتكاريين في الاقتصاد، والقوى الفاشلة في مواجهة الاعداء التاريخيين للامة، وابواق السلطة من المتعلمين والمثقفين والصحفيين، وسار في ركبهم الشيوخ المتكسبين اجتماعيا او دينيا، وغيرهم ممن هم ضد التغيير لاي سبب كان.
ربما كان الكيان الصهيوني اكثر الاطراف متابعة ومراقبة لفحوى ما حدث وما يحدث، وكأن ما يحدث باختصار: اعداء الامة في مواجهة الامة، وكل الدلالات التي تمثلها الامة، كان احباط الربيع العربي كمهدد وبديل للواقع المتهالك، حالة مخاض لانتاج امة منعتقة من كل ربق وذات قدرة على التعامل مع قضاياها وصياغة مستقبلها.
لذلك كانت وسائل القوى المضادة/ الثورة المضادة، التحالف الموسع لاعداء الامة، متنوعة ومؤثرة، ابتداء من الخطاب الاعلامي العابث، ومحاولات الافساد، ومحاولات الاحتواء، فضلا عن ماولات القهر والقمع والقتل، كل ذلك تم لتثبيت الواقع السلطوي التاريخي بمكوناته وادواته ومعطياته. ولهذا كانت القوة الصلبة(الجيوش، اجهزة الامن، الدعم العسكري الخارجي" الغزو"، المرتزقة، قوى الارهاب، والتجييش والحروب الاهلية).
بالاضافة الى القوة الناعمة ( الاعلام المرئي، الصحافة، الافتاء والمساجد،والشائعات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها) .
كلها استعملت في القضاء على الربيع العربي وتحويله من ثورة الى خطيئة، عدا عن الزعم بكونه مؤامرة.
في خضم هذه الفوضى، وفراغ القوة، وضبابية الفهم، وهل هنالك من يتصور بان لا يقوم الكيان الصهيوني باستثمار الوضع لفرض صيغتها للتسوية اومشروعاتها في الهيمنة؟
لا نعتقد ان عاقلا واحدا يتصور حيادية الكيان الصهيوني ازاء هذه الاوضاع كما لا يمكن تصور استعدادها لتقديم اي تنازلات بأي شأن كان.
ان انسداد الافاق امام التحولات التاريخية وهي بالتعريف اجتماعية/سياسية. تعيد الصراعات الى مربعها الاول، حيث تفرض العلاقات من قبل المنتصر على المهزوم. ففي الواقع ان العرب هزموا في هذا الصراع التاريخي مع الصهيونية، في ارض الميدان العسكري والسياسي، وبقضائهم على فرصهم التاريخية في الربيع العربي، هزموا داخليا. ولذا لابد من عودة الصراعات الى اصولها، صراعات بين الامة العربية (شعوبا) وبين القوى المعادية بما فيها الصهيونية على مختلف تشكلاتها. وفي يقيننا ان هذا ما فهمه الكيان الصهيوني واستعد له.
ومع ذلك، فالربيع لا يقتل، الربيع فصل من الفصول ويتكرر عبر الزمن، الربيع العربي مشروع تاريخي نقيض للمشروع الصهيوني الاحلالي الذي يبالغ في طموحاته، ولابد ان ينكسر.
الجغرافيا العربية، والديمغرفيا العربية، والموارد العربية هي مقومات استراتيجية بطبيعتها، ولابد ان تفعل يوما.
والتغيير هو سنة الحياة، ولابد ان يأخذ دورته.
والعلم والتحديث بالمباشرة او بالتاثير لا بد ان ينتج مخرجاته.
وتهالك بنى السلطة الرسمية العربية لا بد ان يصل الى النهاية لعدم القدرة على التكيف. فالاستبداد متوتر واعمى ومغرور.
وحتى الاستعمار هو حالة دولية مؤقتة مهما طال مداه. ولان انهيار الامبراطوريات هو حكم تاريخي لا يسمح بخلود القوى الى الابد، فلا بد يوما من ان تنهار (الامبراطورية الصهيونية) و ربما يكون ذلك قبل استكمال تشكلها. فلا مكان في هذا الشرق العربي لأمتين. ( قد يقول قائل ان هذا تفاؤلا مبالغا به في هذه المرحلة التاريخية المعقدة ولكنه بالتاكيد مدعوم من الشواهد التاريخية.)



#عبدالله_نقرش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوحش والسياسة
- خطورة العبث السياسي في العالم العربي
- في ثقافة الاستبداد العربية
- زمانان في عالم واحد ام عالمان في زمن واحد؟!!


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله نقرش - لا مكان في هذا الشرق العربي لامتين