أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام فؤاد - لماذا تأخر بناء التوافق في مجتمعاتنا العربية.. تقييم فعالية الخطاب الإسلامي















المزيد.....

لماذا تأخر بناء التوافق في مجتمعاتنا العربية.. تقييم فعالية الخطاب الإسلامي


وسام فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 10:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحتاج الخطاب الإسلامي بأطيافه المختلفة إلى الكثير من الجهد من أجل التطوير والصول لدرجة عالية من النضج واكتمال المصداقية في المجال العام. ومن أهم المساحات التي أرى أنها بحاجة لمزيد إنضاج لتلك المساحة المتعلقة بتوضيح آلية الوصول لملامح أي مشروع اجتماعي عام لإدارة أي مستوى من مستويات الحياة الاجتماعية. فما هي ملامح قضية هذا المقال؟.

فلو نظرنا للخبرات غير الإسلامية سنجد أن النموذج الليبرالي التعددي جعل التفاوض والمساومة هما الشكلين الرئيسين للتفاعل بين تكوينات المجتمع، بينما يرى اليساريون أن الصراع الطبقي هو السمة الأساسية لعملية التفاعل بين تكوينات المجتمع. أما بالنسبة للنموذج الشمولي الوطني في كثير من الدول؛ فإن التفاعل بين الجماعات يتم تنظيمه عن طريق أجهزة الدولة.

وفي هذا الإطار ينبغي أن نشير إلى أن الحالة الإسلامية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية بصفة عامة وفي مصر بخاصة، تفترض خلق آليات تناسب خصوصية الطرح الإسلامي كطرح عقدي أولا، ثم تناسب خصوصية البيئة السياسية العربية/المصرية ثانيا. علما بأننا لم نقصد هذا الترتيب استنادا لرؤية كاتب هذه السطور.



آليات بناء العمل العام بالتوافق

تستطيع التيار الأساسي للحركة الإسلامية في مصر أن تصل لمركز من مراكز صناعة القرار في المجال العام استنادا لقدرتها التعبوية العالية، وتستطيع إدارة المكان بما يحقق أهدافه استنادا لكفاءاتها الإدارية والفنية، لكنها لم توفر حتى هذه اللحظة آلية منهجية لإدارة الأهداف الوطنية على الصعيد العام من دون وجود مؤسسة. ولعل أحد أهم تداعيات هذه المشكلة أن القوى الرافضة للوجود السياسي الإسلامي تنهج عدة مناهج بهذا الصدد.

أ – منع الحركة من الوجود القانوني المؤسسي.

ب – تجميد المؤسسات العامة التي يصلها الإسلاميون.

ج – تكبيل فرص خلق كيانات سياسية واجتماعية جديدة يمكن أن يكون للإسلاميين حضور فيها، مثل الأحزاب الجديدة وغيرها.

د - الحفاظ على عدد ممثلي التيار الإسلامي بالمؤسسات العامة التي لا يمكن تجميدها عند الحدود الآمنة التي لا تمكنهم من عرقلة مشروعاتهم.

ولعل هذا أحد أهم أسباب عدم قدرة الحركة الإسلامية المصرية على خلق مناخ حوار صحي قوي على صعيد الوطن، برغم أنها التنظيم السياسي الوحيد الذي يمكنه بعث الحركة في الجسد السياسي الواهن الأمة الإسلامية في قطرها المصري.

فالمؤسسة هي الوسيلة الوحيدة التي تمكن الحركات الإسلامية من تحقيق هدف على المستوى العام، وبطبيعة الحال، يمكن الحديث عن فقر الحيوية السياسية في المجتمع المصري إلى حد كبير، وهو أمر يمكن تفهمه في إطار ضغوط البيئتين المحلية والخارجية على الواقع السياسي المصري.



منطق العمل العام بين الجماعية والفردية

من خلال الكتابات المتعددة التي تناولت الخطاب الإسلامي بالتحليل والتحديد يمكن أن نقف على أن الخطاب الإسلامي هو ذلك الخطاب الذي يستند لمرجعية إسلامية من أصول دين الإسلام، القرآن والسنة، وأي من سائر الفروع الإسلامية الأخرى، سواء أكان منتج الخطاب جماعة إسلامية أم مؤسسة دعوية رسمية أو غير رسمية أو أفراد متفرقون جمعهم الاستناد للدين وأصوله كمرجعية لرؤاهم وأطروحاتهم؛ لإدارة الحيوات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية والثقافية التي يحيونها، أو للتعاطي مع دوائر الهويات القطرية أو الأممية أو دوائر الحركة الوظيفية التي يرتبطون بها ويتعاطون معها.

القوى الرافضة للطرح الإسلامي تلح في ملاحقة الكيانات الإسلامية بخصوص برنامجها الانتخابي الذي تدعي عدم وجوده، وهو الأمر المغلوط جزئيا، لكنه ليس مغلوطا تماما. لكن الأهم من وجهة نظري أن الدفع باتجاه تقديم البرنامج الخاص بالإسلاميين برغم كونه مطلبا مشروعا؛ إلا أنه يكرس لدى الحركة الإحساس بفرديتها وبنائها نموذجها الخاص للعمل العام بمعزل عن الإحساس بروح الجماعة الوطنية.

غير أن الأهم من دلالة تكريس الفردية أن انفراد التيار الإسلامي بتقديم طرح برنامجي مستقل هو ضرب من العبث، لأنه وصول التيار الإسلامي لرأس السلطة في أية دولة عربية في هذا الظرف التاريخي هو أمر مستبعد، فضلا عن أنه لو أُتيح - كبديل سياسي عبر صناديق الاقتراع - لفضلنا كمهتمين بالشأن الإسلامي ألا يحدث انفراد للإسلاميين بتنفيذ هذا البديل، ونرى – عوضا عنه - تشكيل حالة وحدة وطنية، باعتبار أمرين هامين.

أ – لابد وأن تعلم الحركة الإسلامية أن قوى الفساد والعمالة العولمية ستبذل قصارى جهدها لوصمها بالفشل.

ب – أن الحركة الإسلامية لابد وأن تقرن يقينها بأنها ليست وحدها في هذا الوطن بالعمل ضمن إطار وطني جامع للقوى التي تهتم لأمر الوطن.

إن ما يحتاجه العلم العام في العالمين العربي والإسلامي بعامة، وفي مصر بخاصة، هو إيجاد آليات لبناء مشروع عام تتوافق فيه إرادات "الجميع الوطني" على ملامح هذا المشروع التي تمثل الحد الأدنى الذي لا يمكن لقوة وطنية أن تتخلى عنه أو تتجاوزه مهما كانت المغريات. فلا نجد في نموذج هذا المشروع قيادات حزب تتخلى عن قاعدته الاجتماعية وأجندته العامة مقابل تعيين زعامته في مجالس نيابية صورية التمثيل سيئة السمعة، ولا نجد قيادات حزب آخر تنقلب على رئاسة الحزب مدفوعة بضغوط وتهديدات حكومية أو وعود بالدعم للوصول لرئاسة هذا الحزب، وذلك بسبب تجاوز هذا الحزب الخطوط الحمراء في خطابه مع النخبة السياسية المركزية أو رأس هذه النخبة.



آليات التوافق لبناء المشروع العام

في مثل هذه المساحة يمكن أن نتلمس الخبرات التي أنتجتها الأفكار المغايرة للفكر الإسلامي، حيث نجد أن النموذج الليبرالي التعددي جعل التفاوض والمساومة هما الشكلين الرئيسين للتفاعل بين الجماعات وصولا لمشروع مشترك على الصعيد العام. بينما يفترض النموذج الماركسي الأرثوذكسي أن الصراع الطبقي هو السمة الأساسية لبناء أجندة العمل العام. أما بالنسبة للدول التي تتبنى منهجا شموليا سلطويا ذا وجهة وطنية فإن التفاعل بين الجماعات يتم تنظيمه بعناية عن طريق خلق قنوات تصب في النهاية بين يدي أجهزة الدولة، وهو النموذج المعروف باسم النموذج الكوربراتوري.

وباختصار على مستوى العلاقات بين الجماعات المتمايزة داخل المجتمع، فان الصراع هو نمط التفاعل وفق النموذج الماركسي، وأن التخطيط البيروقراطي هو نمط التفاعل وفق النموذج الكوربراتوري، وأن المساومات هي نمط التفاعل وفق النموذج الليبرالي التعددي. فما الاجتهاد الذي قدمه الإسلاميون في إطار بناء مثل هذا التوافق؟ وهل كلمة "حوار" التي نستخدمها في التعاطي مع إدارة الشأن العام تكفي كآلية لبناء التوافقات المنشودة. والإجابة من وجهة نظري بالنفي. لماذا؟

التوافق في المساحة العامة يتم إنتاجه بإحدى الوسائل التالية:

أ – الإجماع.. كما حدث في صدر الإسلام حيال بعض القضايا الأساسية، ومنها الخلافة الأولى وجمع القرآن.. إلخ.

ب – التعاقد.. كما حدث في كثير من المجتمعات، أو كما يسود في المجتمعات الليبرالية التعددية، حيث لا يتوقف المجتمع عند حدود التصويت بالأغلبية، بل يبني توافقاته باستمرار وفق علاقة بين المصالح واتجاهات التصويت. ولا يتم التعاقد بهذه الصورة إلا بعد مباشرة آليتين فرعيتين؛ هما المساومة والتفاوض.

ج – القسر الفوقي.. كما يحدث بصورة عامة في النماذج الشمولية الراديكالية من المجتمعات السياسية.

د – التجميع من أسفل إلى أعلى كما يحدث في النماذج الشمولية الوطنية أو المسماة بالنماذج الكوربوراتورية.

وفي كل هذه النماذج يكون الحوار عنصرا مشتركا. فبقدر ما إن الحوار أساس الإجماع، فهو شرط قبلي من شروط التعاقد ومن قبله التفاوض أو المساومة اللذان يعدان بمثابة آليات فرعية تسبق آلية التعاقد. كما أن الحوار أساس تجميع المصالح، من زاوية كونه وسيلة للتبليغ عن المصالح. أما النموذج القسري فالحوار فيه فوقي نخبوي.

والذي نقصده هنا أن الحوار آلية تعريف وإعلام وتطبيع حضور وكسر للحواجز أكثر منها آلية اتفاق عميق غير هش. فالقسر ليس هشا، بل هو احد صور القوة الصلبة. والتعاقد ليس هشا، بل يعني مقايضة المصالح، ولذا لن ينكر أي طرف اجتماعي أو سياسي مصلحته، بل سيتمسك بها. تجميع المصالح في النموذج الكوربراتوري ليس هشا بصورة كبيرة لأنه يرتبط ببحث النظام السياسية عن مشروعية رضائية أو مشروعية إنجاز لدى القاعدة الشعبية التي يتسلط عليها. وليس الحوار في مثل قوة هذه الآليات من ناحية أدائه للوظيفة التي نتحدث عنها، وهي وظيفة التوافق بين أطراف العملية الاجتماعية العامة على مشروع يصون حقوق الجميع في إطار مصلحة الوطن.

ووفق السبل السالف الإشارة إليها لبناء التوافق يحق للحركة الإسلامية في مصر والعالمين العربي والإسلامي أن تنتج اجتهادها وآليتها الخاصة التي تستند لاعتبارات الخصوصية في مجتمعها.



اعتبارات الخصوصية في إنتاج آلية التوافق

ليس المهتم بالشأن السياسي كالممارس لهذا الشأن في شدة الإحساس باحتياجات البيئة السياسية والآليات التي تناسب خصوصيتها. وعلى هذا، فهدف هذه السطور أن نوضح علامات على طريق محاولة إنتاج المهتم بالعمل العام لآليات التوافق المنشودة.

المقصود بمراعاة الخصوصية العقدية تجاوز محاولات النخب العلمانية الإلحاح على التهجم على مقدسات الأمة وثوابتها. فلو نجحت الحركة الإسلامية في أن تدرج احترام الرموز والأصول ضمن التوافق العام مع إطلاق الإبداع فيما عدا هذا، فذاك سيعد كسبا لعموم الأمة، حيث لن يفقد العماني تواصله مع ثقافة القاعدة مما يعمق الشرخ، كما لن يضطر الإسلاميون لمواجهة العلمانيين على خط النار بسبب اجترائهم على المقدسات مما يسهم في إضعاف صفوف القوى الوطنية بعامة.

كما أن المقصود بالخصوصية المتعلقة بالبيئة السياسية تحري إنتاج آلية لبناء التوافق تكون على وعي بمعطيات البيئة السياسية من اختراق بعض النخب العلمانية والإسلامية، وتدرك التنوع في أطياف الخطاب الإسلامي مما يسمح بفرز التيارات الراديكالية من الوسطية لمعرفة الأطراف المتمسكين بالدائرة الوطنية باعتبارها دائرة .الانتماء الأساسية التي يمكن التضحية بغيرها من الدوائر في سبيلها



#وسام_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الردة وثورة الاتصالات.. الجدوى التاريخية
- سؤال الديمقراطية المغلوط: هل ينقلب الإسلاميون على الديمقراطي ...


المزيد.....




- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وسام فؤاد - لماذا تأخر بناء التوافق في مجتمعاتنا العربية.. تقييم فعالية الخطاب الإسلامي