أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - وسام فؤاد - سؤال الديمقراطية المغلوط: هل ينقلب الإسلاميون على الديمقراطية؟















المزيد.....

سؤال الديمقراطية المغلوط: هل ينقلب الإسلاميون على الديمقراطية؟


وسام فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 00:11
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


حتى متى ستظل النخبة المثقفة في عالمنا العربي والإسلامي تعاود المربع "صفر" في أحاديث السياسة وبناء التوافق حول الديمقراطية مضحية في هذا الإطار بمصالح أوطان لن تقتصر إيجابيات بنائها على قطر بعينه، بل على عموم الأمة العربية وعمقها الإسلامي.

لقد تابعت خلال الفترة الماضية ذلك السجال الذي أعقب الانتخابات النيابية المصرية، وبخاصة الهواجس التي أعقبت تزايد الحضور النيابي للتيار الإسلامي، تلك الهواجس التي أعادت مثقفي مصر لأجواء مناخ الاستقطاب الثمانيني الذي شهد حالة تكفير علماني وإسلامي، حرص فيها كل فريق من فصائل العمل الوطني على تكفير خصمه استنادا لمعيار متميز، وكانت الديمقراطية ذلك المعيار الذي اتخذه المعسكر العلماني ليقيس عليه كفر التيار الإسلامي، وكانت الحاكمية وتقبلها بمثابة معيار التيار الإسلامي لفرز أنماط التحالف والعداء المحتملين.





** من الإقصاء إلى التوافق

اليوم، وبرغم أن كتلة لا بأس بها من الحالة الوطنية ببلد كمصر - بما فيهم شريحة واسعة من الإسلاميين، علاوة على شرائح من الليبراليين والحقوقيين واليساريين والقوميين- يقدمون طرحا مدنيا لبناء التوافق على الديمقراطية والمصلحة الوطنية الحقيقية في هذا البلد أملا في تعزيز الحالة الديمقراطية التي تكفل عدم تهميش آراء الجماهير العريضة قبل تجاهل مصالحها لصالح اعتبار مصالح نخبة حاكمة ضيقة وتقدير تطلعات هذه النخبة للسلطة والمال، وبرغم هذا فلا تزال ثمة شريحة تصر على منع الأمة أو طليعة هذه الأمة من بناء التوافق حول تكريس الديمقراطية، مع تورعنا عن سرد دوافع قد تفسر هذا المسلك الذي لا يصب إلا في صالح نظام تآكلت شرعيته.

ويضاف إلى ما سبق أن هذه القضية، أو قل هذه الحجة السياسية القاتلة، تمثل مشكلا سياسيا أمام تنمية الحالة الديمقراطية في كثير من بلدان أمتنا العربية والإسلامية، وبخاصة تلك البلدان التي فقدت القوة الفعالة لكثير من القوة السياسية، وأصبح الإسلاميون فيها بمثابة الأمل لخلق حالة حراك جماهيري قادر على تعبئة الشعوب في هذه الأقطار من جهة، والوقوف بها في مواجهة بطش النظم الحاكمة الفاسدة في هذه البلدان.

وقد يبدو للقارئ منذ الوهلة الأولى أن هذا التخوف العلماني مشروع. إلا أنه ليس كذلك، على الأقل من وجهة نظري؛ فخريطة القوى السياسية المركزية تقاسمها قسمان: الأحزاب الحكومية المتسلحة بإمكانيات الدولة ومواردها، والتيار الإسلامي بإمكانياته الذاتية وبأنماط تحالفاته الشعبية البسيطة، وبين هذا وذاك ضعف أو انتفى وجود القوى العلمانية.

وعندما تقرأ القوى العلمانية الرافضة للوجود السياسي الإسلامي في الحياة السياسية بالعالمين العربي والإسلامي خريطة واقعها السياسي، وتراقب وضع القوتين السياسيتين المركزيتين في غالبية الدول العربية والإسلامية تقريبا، ستجد أن الحالة الإسلامية عكست مجموعة من السمات الإيجابية دفعت قطاعات من الجماهير للالتفاف حولها في انتخابات بعد أخرى، كما دفعت شريحة عريضة من النخبة العلمانية المثقفة للعمل معها على بناء هذا المشروع التوافقي معها، وكان من بين هذه السمات سمات إيجابية للتيار الإسلامي مثل: عمليات تطوير وإنضاج الخطاب السياسي والثقافي في اتجاه أكثر مدنية وأكثر نضالية وأكثر تقديرا لمصالح الناس وابتعادا عن إيثار المصالح الذاتية، في حين لم تتوافر الكثير من هذه السمات للقوى المنافسة.

أنا لا أريد أن يبدو كلامي نفيا للتجديد داخل الحالة العلمانية بأطيافها المتنوعة والمتعددة، ولكن ما من شك في أن كثيرا من دول عالمنا العربي والإسلامي لا نكاد نجد فيها قوى علمانية بالمعنى السياسي خارج حدود الأحزاب الحاكمة التي تتسلح بموارد الدولة.

ودوافع القوى العلمانية الوطنية للتوافق مع التيار الإسلامي تتمثل في حاجة القوى العلمانية لأن تتحرك بهذه القوة المركزية باتجاه بناء توافق عام يعلي مصلحة الوطن، وأن تبذل قصارى جهدها في إنضاج النموذج الإسلامي مادامت تراه يحتاج لمزيد نضج، وأن تنمي نفسها وقوتها في إطاره وبالتعاطي معه وفي حمايته، وأن تشترك معه في صياغة وعي عام ذي طبيعة جماهيرية يرعى هذا الوفاق ويصونه.

أما القوى التي تصر على منع بناء هذا التوافق، وتضيف لذلك انتقادها الذي لم يتغير منذ الثمانينيات للحالة الإسلامية، هذه القوى تصر أولا على الزج بنفسها في قائمة من يحتاجون مراجعة أنفسهم ومواقفهم السياسية والثقافية وفق مبادئهم الأساسية أولا قبل مراجعة هذه المبادئ نفسها، كما تصر ثانيا على تكريس الوضع الراهن الذي تعاني منه أوطاننا العربية والإسلامية.

غير أن الأخطر فيما يترتب على سلوك القوى التي تصر على منع بناء التوافق أن هذه القوى تستعدي الدولة بإمكانياتها على التيار الإسلامي لتتم تصفيته؛ لتدور الحالة العلمانية الكلية في حلقة مفرغة.. فلا التيار الإسلامي يثق في الحالة العلمانية، ولا يسمح بالتحاور معها وتقوية حضورها، ولا هو نفسه يتنامى بصورة مضطردة لتضع حدودا لتغوُّل الدولة وعدوانها على المجتمع وطلائعه السياسية، ولا خاسر إلا أوطاننا.



هل ينقلب الإسلاميون على الديمقراطية؟

لا شك في أن بعضا من الاستفسارات والارتيابات التي يطرحها بعض العلمانيين الوطنيين مشروعة، ومن بينها: السؤال الذي طرحه خبير التنمية السياسية المصري أ. ضياء رشوان حول كيفية الانضمام لجماعة الإخوان بمصر، وكان سؤاله يرمي لتوضيح أن التنظيم الإخواني لا يزال مبنيا على أساس غير مدني: يقصد اعتبار السرية وخلفياته، وهو رأي معتبر جدا.

وثمة غيره من الآراء والاستفسارات والارتيابات المعتبرة التي تؤدي إثارتها لاستمرار إقصاء الإسلاميين عن الحياة العامة في عدد من دول عالمنا العربي والإسلامي - وهم القوة الأكبر في هذه الدول، وليس هذا وحسب، بل ستؤدي أيضا لضمور محاولات ترشيد رؤاهم وأدائهم المدني والسياسي.

غير أن ما نراه من أولويات العمل الوطني الآن هو ضرورة أن نوصد باب التكفير العلماني المطروح بقوة في هذه الآونة لنفتح الباب على مصراعيه أمام القوة الإيجابية للإسلاميين، التي قد يكون الفوز الأساسي لدول عالمنا العربي والإسلامي من ورائها هو فتح الباب على مصراعيه أمامها، لدفع الجماهير العربية والإسلامية للتنحي عن قرار السلبية، ومعاودة اقتحام الشأن العام بعد غياب امتد منذ فجر الاستقلال تقريبا.

ولكن هل ينقلب الإسلاميون فعلا على الديمقراطية عندما ترجحهم الإرادة الشعبية؟ وهل هذا النموذج الانقلابي - إن حدث - قابل للتكرار في أكثر من دولة من الدول العربية والإسلامية. الحقيقة أن الإجابة في علم الله، غير أني أتفق مع شريحة المثقفين الذين ذهبوا إلى أن التعرض لهذه القضية شق عما في الصدور، واستمرار لمسلسل التكفير، ولكنه تكفير علماني هذه المرة.

لكن هذا لا يعني إهمال القضية، كما أن تركيز القوى العلمانية الكلاسيكية على احتمال انقلاب الإسلاميين لا يعني تغييب إمكان انقلاب أية قوة سياسية أخرى على الديمقراطية. ولا شك في أن المثقفين العرب والمسلمين متفقون على أن المنظومات العلمانية أفرزت خبرات سياسية شمولية عصيبة كثيرة بقدر ما أن المنظومات الدينية أنتجت خبرات شمولية عصيبة عديدة أيضا.

وفي المقابل، يمكننا التأكيد على قاعدة أنه لا توجد منظومة فكرية لا تستبعد خصومها، بما في ذلك المنظومات الديمقراطية؛ إلا أن الطرح الديمقراطي هو الطرح الوحيد الذي يبرر استبعاد الخصوم وفق شيوع معايير إقصائية غير مقبولة في فكرهم. ولكن، هل تقترف الديمقراطية نفس الإثم الذي تعيب به الأطروحات غير الديمقراطية؟



التوافق حالة ثقافية

المراقب لمشروع التوافق الذي تحاول بعض القوى الإسلامية أو العلمانية قيادته في عالمنا العربي والإسلامي يجد أن ثمة اتجاها عاما فيه لرفض أي مبرر يسوقه أي أحد لتعميق "ثقافة الإقصاء" أو "ثقافة الشق عن الصدور". والفكر السياسي الرصين يسعى لتقديم مناعة أو حصانة مجتمعية ضد كل ما يهدد الملكية العامة، سواء أكانت هذه الملكية قيما مادية أو معنوية، وسواء أكان التهديد يتمثل في تكريس هذه القيم العامة أو تغييرها عبر سبل الفساد أو الاستبداد أو الإقصاء. فكيف تكون الوقاية؟ وما الأطروحة التي ينبغي الإصرار عليها في هذا الصدد؟

الواقع أن أية مدرسة تعمل على تقديم الوعي الوطني على الوعي الفصائلي بحاجة لتكريس درجة عالية من التوافق العام حول مصلحة أوطاننا وبلداننا التي أدى الوعي الفصائلي/التنافسي/الإقصائي إلى نهبها وإهدار إعمارها وتفويت مصالحها ومصالح أهلها.

وهذا التوافق حالة ثقافية عامة كتلك التي في خطواتها الأولى بسبيل الاستقرار في الوعي السياسي العربي والإسلامي، هذه الحالة الثقافية تمثل اتفاقا على ما لا يمكن مخالفته من قواعد وآداب وأخلاقيات وطنية في ممارسة العمل العام.

إلا أن الأهم من ذلك كله أن تسعى القوى الوطنية لأن يتسلل هذا الحس التوافقي بمنظومته الأخلاقية لقلب وعقل رجل الشارع، وأن يستقر في وجدانه وإرادته في صورة عرف مستقر قادر على توفير إطار معنوي يردع من يحاول انتهاكه. فأي مشروع للإصلاح لن يكتب له النجاح حتى يتوفر له أمران؛ أولهما: كتلة اجتماعية وسياسية شعبية تؤمن به، وثانيهما: استعداد هذه الكتلة لدفع ثمن الإصلاح والتغيير.

والمشكلة في تفاصيل هذا التوافق أنه لا بد من أن يتضمن قيما مهمة يحتاج الخاصة والعامة لاستيعابها، لعل أهمها ضرورة أن يميز الناس بين الحكومة والدولة، وأن يتيقنوا من أن الشرطة والجيش والتليفزيون العام هي أدوات للدولة وليس لحزب مسيطر على الحكومة، وعلى النخبة المثقفة في الفترة القادمة أن تستكمل رصد وكتابة وغرس هذه القيم، وأن تصوغ وصفا وميثاقا للعمل السياسي النزيه.

فلابد من أن يتعلم الناس ثقافة رفض التسلط، وأن تتكرس بداخلهم ثقافة مقاومة الاستبداد، وقد رأينا مواقع عربية وغير عربية توضح تعدد آليات رفض الاستبداد بدون عنف.

ولهذا كان من المهم رصد ظاهرة تكرار تظاهرات الحركات المدنية العربي والإسلامية التي لا يكمن منتجها النهائي في تجميع أصحاب المواقف والرؤى الإصلاحية في تظاهرات تحاول التواجد في الشارع وبين الناس وليس فقط في الصالونات وما شابهها، بل إن منتجها النهائي يتمثل في تحقيق اعتياد الشعوب العربية والإسلامية على ممارسة الحقوق المدنية المعترف بها عالميا، وعلى رأسها حق التظاهر ورفض الاستبداد ومحاولة تقويم اعوجاج الممارسات السلطوية التي تضرب بإرادة الأمة ومصلحتها ووجدانها عرض الحائط.. إن بقي حائط.



الوقاية خير من الاستبداد

أنا أرى أن التساؤل حول إمكانية انقلاب أية قوة سياسية على الديمقراطية ليس سبيلا لطرح علاج، بل لمنح الفرصة لاستشراء الداء. والحقيقة أن الحديث عن علاج بدون الحديث عن استعداد لدفع الثمن هو حديث عبث. وأرى أن هذا المقام ليس مقام الحديث عن علاج، بل هو حديث عن وقاية، هو حديث عن مستقبل قادم برغم أنف الحاضر الجاثم على صدور الشعوب العربية والإسلامية التي يرى المتفائلون أنها حبلى ببشائر الارتحال.

المقام من وجهة نظري أن أوطاننا في الفترة القادمة تحتاج وقاية. والوقاية ليست في الاستسلام للسؤال الذي تم طرحه بصيغة الإقصاء: هل ينقلبون على الديمقراطية، بل في وضع القضية في وضعها الصحيح، الوضع الذي يمكن تحويله لرصيد ثقافة اجتماعية عامة تتولى التعبير عن رفضها للفساد، وتتجاوز التعبير إلى محاسبة وتقويم السلطة.

وليتذكر كل وطني محب لبلاده أن دوره الإصلاحي ليس فقط في أن يقول لا، بل في أن يحافظ على الحياة وينشطها في أجساد تحاول الممارسات الاستبدادية أن تميتها وتسلبها الحياة. بهذا فقط لن تجرؤ أية قوة على التنكر للديمقراطية.

والله أعلم

وسام فؤاد





#وسام_فؤاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - وسام فؤاد - سؤال الديمقراطية المغلوط: هل ينقلب الإسلاميون على الديمقراطية؟