أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جيهان خليفة - كلام فى التنوير 4 -محمد أركون ومحنة التنوير العربى -















المزيد.....

كلام فى التنوير 4 -محمد أركون ومحنة التنوير العربى -


جيهان خليفة
كاتبة صحفية

(Gehan Khalifa)


الحوار المتمدن-العدد: 6675 - 2020 / 9 / 13 - 16:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هل يعيش العقل العربى حقا "محنة" ؟ مأزق وإذا كان كذلك فما السبب؟ وكيف النجاه؟ كلها تساؤلات تفرضها اللحظة الراهنة فى منطقتنا العربية .
مشكلة جمودنا، إنغلاقنا ، إرهابنا، تكمن فى "سفر العقل " لدينا ذلك السفر المخنوق بالقراءة التراثية تلك القراءة التى أفرازتهاعقول "مقبورة" منذ آلاف السنين . هذه العقول تتحكم بحياتنا تحدد مصائرنا من لحودها . فهل من فكاك ؟ تساؤل يريد الجواب ولعلنا نجد الجواب فيما يطرحه مشروع الدكتور محمد أركون الذى وهب حياته من أجل مشروعه "نقد العقل العربى والإسلامى " مستغرقا أكثر من 30 عاما فى البحث عن حلول من أجل عودتنا للحضارة .
يعتبر محمد أركون واحد من أبرز المفكرين فى العالم العربى والإسلامى ، ويعتبر مشروعه الفكرى مشروعا تنويريا بحق ، فقد إتخذ من الفلسفة ومناهجها، وعلم الأنثروبولوجيا ومفاهيمه، وعلوم السيميائيات واللسانيات وعلم التاريخ وعلم الأديان المقارن ، وسيلة لصياغة مشروعه النقدى التفكيكى لظاهرة النص الدينى ، من أجل قراءة علمية نقدية لتاريخ الظاهرة الدينية والإسلامية ولنصوصها المقدسة .
إرتكز أركون على النقد والتفكيك، ورفض ما تراكم من بداهات شكلت جهلا مقدساعند غالبية العرب والمسلمين .
من أجل ذلك دعا "أركون" إلى ضرورة إعمال ما يسميه العقل "المستطلع الجديد "عقل ما بعد الحداثة ، الذى تشرب كل إيجابياتها ، وغربل سلبياتها ، عقل جمع بين المادة ، دون التخلى عن الروح ، والمقدس، ولكنه المقدس المصفى، والمنقح من كل إدخال بشرى مؤدلج .
كشف أركون" بعض مناحى المقدس سواء فى حياتنا المعاصرة أو فى التأريخ، وذلك عبر الإنتقال من العملى إلى النظرى ، ومن النظرى إلى العملى كجزء من منظومة ثقافية، لأن المقدس عند أركون ليس الدينى فقط ، وإن كانت جذوره ممتدة حتى فى عاداتنا اليومية وإعتقاداتنا، فى تفاؤلنا وتشاؤمنا، فى النظم التى تحكمنا ، والطرق التى تحكم بها ، وفى البديهيات والمسلمات والحكايا.
يشير أركون أن هذا الخلط بين الإلهى والبشرى وعدم التمييز بين الوحى وفهم الإنسان للوحى وبين الإسلام والتمثلات الإجتماعية له ، أدى إلى إتساع مساحة المقدس ، واستوعب هذا المقدس بالإضافة الى النص ، والفهم البشرى لهذا النص إستوعب التجارب التاريخية للمسلمين بكافة تلويناتها ، كما استوعب أيضا الصراعات التى ظهرت فى التجربة الإسلامية ، ومجمل هذه التجارب لا تخلو فى الواقع من إكراهات سياسية وثقافية ، ولا تخلو من تعصب عقائدى ، ونفى للآخر كما يرى أركون".1
أركون الذى يعيب مشروعه قوى الظلام فى العالم العربى والإسلامى، متهمين إياه بأنه ربيب مدارس الإستشراق ، هو نفسه يعيب على قوى التنوير والحداثة الغربية ، أنها لا تهتم بمسألة الروح وتهتم فقط بالماديات الإستهلاكية، مشيرا إلى "أن عقلانيتها ذرائعية أكثر من كونها روحية انسانية أو فلسفية ، ويؤكد على إهمال المستشرقين للجمهور الإسلامى، حيث قدم المستشرقون راديكالية النقد الفللوجى والتأريخى للعرب والمسلمين، بمجرد حصول وعى خجول لبعض المثقفين المسلمين مشيرا الى أنه عندما أصبح الوعى الجماعى للمسلمين بحاجة الى إعادة الصلة بين الإسلام بوصفه منهاج للحياه ، وغذاء للروح، راح المستشرقين ينزعون عنه الشرعية والقدسية . ويستطرد قائلا: "وعندما إستخدم المسلمون الإسلام من أجل إحداث ثورة إجتماعية وسياسية، ذهب المستشرقين الى إتهامه بالتزمت والتعصب " .2
ويذكر هاشم صالح ، وهو عراب فكر محمد أركون
فى ترجمته لكتابه "من الإجتهاد الى نقد العقل الإسلامى" أن أصالة فكر أركون وموقفه المختلف عن المستشرقين العلمانين، والمسلمين التقليديين ، تكمن فى أنه يقدم لنا حلا ناجعا ومقبولا فهو يرفض العلمانوية الإختزالية، لا العلمانوية المنفتحة . يرفض إختزال البعد الدينى والروحى أو "تصفيته" كما فعلت العلمانوية النضالية فى القرن ال 19و20 خاصة فى فرنسا ، مشيرا إلى أن الإسلام يمكنه إستيعاب المكتسبات الإيجابية للروح العلمية ، والعلمانية الجديدة فى الوقت نفسه يرفض التخلى عن البعد الروحى والإيمانى فالأنثروبولوجيا"علم الإنسان " لا ينبغى أن تؤدى إلى تصفية اللاهوت أى "علم الله" بذلك أركون يدعوا إلى إيمان جديد حر خالى من التعصب الذى يسيطرعادة على الإيمان التقليدى ، ويجعله يبدوغير متناسب مع روح العصر ومستجداته " .3
يرى أركون أن الهدف النهائى من الإسلاميات هو خلق الظروف الملائمة لممارسة فكر إسلامى محررمن المحرمات العتيقة، والمثيولوجيا البالية محرر من الأيديولوجيا الناشئة حديثا ، مشيرا أننا سوف ننطلق من المشاكل الحاضرة ومن الإسلوب الذى عولجت به هذه المشاكل فى المجتمعات الإسلامية ، ونحدد نوعين من الإهتمامات التى تتركز حولها مسائل عملية سوف ننطلق من قطبين الأول "التراث " الذى لم يزل الوعى الإسلامى مرتبط بالحنين اليه حتى اليوم، ويسمى هذا القطب بالعصر التأسيسى زمن الوحى والسلف ، ثم قطب "الحداثة " .4
أركون يدعونا إلى الرجوع للحظة إفاقتنا فى القرن الرابع الهجرى ،ويرى أنها كانت لحظة ثورية ، لحظة التساؤلات الفكرية، والمواقف المنفتحة، يعنى بذلك لحظة "اللسانيات" فى تراثنا ونشأة علم الكلام ، قاصدا الصحوة "المعتزلية" مشيرا إلى ضرورة تحديث تلك المرجعية النقدية تحديثا معرفيا فتبقى عندئذ علاقتنا بالنقد العالمى، علاقة استعادة لا علاقة إستلاب ، لذلك نكون قد تعاملنا مع التراث لا كمرجع مقدس، يصعب تجاوزه بل كمنطلق لفهم فكرى مستقبلى، يتشكل ويوسع من مجالات المعرفة . 5
تقول الدكتورة "نورة بوحناش" فى كتابها" الإجتهاد وجدل الحداثة" "أن مشروع محمد أركون أثار الكثير من الجدل فى الأوساط الفكرية داخل جغرافيا العالم الإسلامى مما أعاد إلى الأذهان بيانات التكفير والشجب ، ثم الشطب من الحق فى القراءة النقدية الفاعلة، ذلك لأن هذا المشروع ينطوى على عملية عميقة توضح الحقيقة وتكسر الإعتقاد فى الأمة الناجية . أركون عمل على تحليل عميق للاشعورالإسلامى الذى عمق إقفال العقل مخرجا إياه خارج الفعل والتاريخ " .6
ولد الدكتور محمد أركون فى 1 فبرايرعام 1928 وتوفى 14 سبتمبر 2010 هو مفكر وباحث أكاديمى ومؤرخ جزائرى ،ولد فى بلدة "تاوريرت ميمون" الأمازيغية بالجزائر، وانتقل مع عائلته إلى بلدة "عين الأربعاء" فى ولاية "عين تموشنت " حيث درس الإبتدائية بها وواصل دراسته الثانوية فى وهران لدى الآباء البيض ، نشأ أركون فى عائلة فقيرة ، عمل بجامعات " باريس وتمبل وآمستردام وليون " وحصل على وسام السعفات الأكاديمية من رتبة ضابط ووسام جوقة الشرف من رتبة قائد . 7

مصادر
-1بحث دراسة القداسة والتقديس عند محمد أركون للباحثين سامى شهيد مشكور، وجاسم علك شهاب , منشور بموقع جامعة أهل البيت ص39 ,ص 49
2 - نفس المصدر السابق
3- كتاب محمد أركون (( من الإجتهاد الى نقد العقل الإسلامى )) ترجمة هاشم صالح , صادر عن دار الساقى بيروت ص104هامش
-4نفس المصدر السابق
-5 محمد أركون (( تاريخية الفكر العربى الإسلامى )) ترجمة هاشم صالح , الطبعة الثانية ، الناشر مركز الإنماء القومى , بيروت ص60
-6الدكتورة نورة بوحناش (( الإجتهاد وجدل الحداثة )) طبعة 2016 ، الصادر عن كلمة للنشر والتوزيع دار الأمان ص79 , ص80
7- ويكيبيديا



#جيهان_خليفة (هاشتاغ)       Gehan__Khalifa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام فى التنوير 3
- كلام فى التنوير 2
- كلام فى التنوير 1
- الإله يروى سيرته 4
- نور الدين وفاطمة قصة حب من دفتر أحوال الوطن
- الكتابة فى كنف المحظور
- الإله يروى سيرته 3
- الإله يروى سيرته 2
- الإله يروى سيرة
- مشهد من الحياة اليومية فى ظل الموت اليومى
- الإله (( النفس )) كما تراه أبكار السقاف فى الدين فى مصر القد ...
- أونو مسار التنمية فى اليابان غير صالح للدول النامية
- من الحب فى زمن الكوليرا إلى الإختباء فى زمن الكورونا
- الفتوحات الاسلامية سيوف من شهب كما رآها المغلوبون
- متلازمة السياسى والدينى فى شرقنا الاوسط المعاصر


المزيد.....




- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جيهان خليفة - كلام فى التنوير 4 -محمد أركون ومحنة التنوير العربى -