دليل موجز للصراع في ليبيا

احمد كامل
كاتب ، مهتم بالشأن السياسي
(Ahmed)

الحوار المتمدن-العدد: 6655 - 2020 / 8 / 23 - 12:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

- بدأت ملامح الصراع في ليبيا بالظهور قبل تسع سنوات حيث اتخذت الجماعات المسلحة مواقع مختلفة في الانتفاضة المدعومة من الناتو التي أطاحت بمعمر القذافي في محاولة للأنتقال الديمقراطي، بعد الإطاحة بالقذافي خرجت الجماعات المسلحة عن السيطره حيث أنشأت قواعد سلطة محلية وتوحدت حول الأحزاب السياسية المتنافسه ، و في عام 2014 حدثت معركة للسيطره على طرابلس انتقل فصيل واحد إلى الشرق حيث شكل حكومة موازية وفروع من المؤسسات الرئيسية واعترفت (بحفتر) كقائد للجيش ،بعدها بدأ بحملة طويلة ضد الجماعات الإسلامية والمعارضين الآخرين في بنغازي
- بعد ذالك انبثقت حكومة (الوفاق الوطني) من اتفاقية مدعومة من الأمم المتحدة في كانون الأول / ديسمبر 2015 ، حضيت حكومة الوفاق بأعتراف الامم المتحده، لكن الفصائل الشرقية رفضت الاعتراف، بعد ذالك عزز (حفتر) السيطرة على الشرق واجتاح الجنوب في أوائل عام 2019

أطراف الصراع في ليبيا

هناك أطراف عديده تدخل في الصراع على ليبيا تختلف انتمائاتها و توجهاهتها الفكريه و السياسية لكن مصالحها اقتضت ان تدخل ضمن تحالفات سياسية و عسكرية و هذه التحالفات ابرزت طرفين للصراع في ليبيا يتمثل الطرف الأول ، بقوات المشير (خليفة حفتر)او مايعرف ب (الجيش الوطني الليبي) و الطرف الثاني يتمثل بحكومة (الوفاق الوطني) برئاسة (فائز السراج)

1- قوات المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني الليبي)
المشير (حفتر) هو ضابط سابق بالجيش الليبي، وانشق عنه في ثمانينات القرن الماضي. وتلقى حفتر جزءا من تعليمه العسكري في الاتحاد السوفيتي السابق، كما أنه عاش عدة سنوات في منفاه بالولايات المتحدة، قبل أن يعود إلى بنغازي شرق ليبيا عام 2011 ، وجرى تعيينه شهر نيسان/أبريل 2011 قائداً للقوات البرية التي تحارب قوات القذافي، لكنه غادر بعد فترة إلى الولايات المتحدة، ثم عاد إلى ليبيا في حزيران/يونيو 2012 وبدأ تحركاته من أجل تشكيل خلية عسكرية سرية بهدف تأسيس قوات تابعة له، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير مع حلول مطلع عام 2014 في خضم ثورات الربيع العربي. وبفضل رفاقه العسكريين، استطاع حفتر أن يلعب دورا عسكريا هاما في مواجهة المجموعات المسلحة المنتشرة في الشرق والجنوب الليبي

ومنذ بداية الأزمة الليبية، لم ينفك حفتر عن تقديم نفسه كالرجل القوي الوحيد القادر على ضمان الاستقرار في البلاد والقضاء على الحركات المتطرفه ،أطلق المشير خليفة حفتر بداية أبريل/ نيسان 2019/ عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، حيث يوجد مقر حكومة (الوفاق الوطني) برئاسة فائز السراج ، لتحريرها ممن يصفهم (بالميليشيات الإرهابيّة) ساعاتٌ بعد ذلك حتى كانت القوات التابعة لحفتر قد سيطرت على مدينة غريان ثمّ تمركزت على بُعد 30 كيلومترًا من العاصمة وحاولت اقتحامها في وقتٍ لاحق لكنّ قوات حكومة الوفاق صدّت الهجوم بعدَ سيطرة الجيش الوطني الليبي على حاجز عسكري يقعُ على بعد 27 كيلومترا من البوابة الغربية لطرابلس ،ثمّ سرعان ما انسحبَ منه بعد وصول تعزيزات من قوات تابعة لحكومة الوفاق ، و منذ ذالك الحين يحتدم الصراع في ليبيا بين (حكومه الوفاق) و قوات (خليفه حفتر) للسطرة على الاراضي الليبية و بسط نفوذهم بشكل اوسع .

تتألف قوات (خليفه حفتر) من تشكيلات وفصائل متنوعة ذات توجهات مختلفة وهي : (تشكيلات جيش معمر القذافي، مقاتلون قبليون، كتائب سلفية، مقاتلون من جنسيات أخرى) كما تحضى قوات (حفتر) بدعم دولي من (مصر، السعودية، الولايات المتحدة الامريكية، الامارات العربيه المتحدة، روسيا، فرنسا)

2- فائز السراج (حكومة الوفاق الوطني)
هي حكومة مؤقتة في ليبيا التي تشكلت في إطار بنود الاتفاق السياسي الليبي ، و تحضى بأعتراف الامم المحدة ،وكان الاتفاق أقر بأجماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ، الذي رحب بتشكيل مجلس رئاسة في ليبيا واعترف بحكومة الوفاق الوطني باعتبارها السلطة التنفيذية الشرعية الوحيدة في ليبيا ،في 31 ديسمبر 2015 ، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي ، عقيلة صالح عيسى تأييده للاتفاق السياسي الليبي
وفي عام 2016 ، ضمت حكومة الوفاق الوطني 17 وزيراً و ترأسها رئيس الوزراء (فايز السراج) . انعقد الاجتماع الأول لمجلس وزراء حكومة الوفاق الوطني في 2 يناير 2016 في تونس، تم الإعلان عن حكومة كاملة تتكون من 18 وزيراً في يناير 2016
على الرغم من أن حكومة الوفاق الوطني حصلت على اعتراف من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كحكومة شرعية في ليبيا ، إلا أنها كافحت من أجل تعزيز سلطتها في النصفين الشرقي والغربي من البلاد
تسيطر (حكومة الوفاق) الان على الجزء الغربي من ليبيا بما فيها العاصمة طرابلس و حدودها الإدارية، و تخوض معارك شرسة في مناطق اخرى لتعزيز سيطرتها على كامل الاراضي الليبية،تتقاسم حكومة الوفاق الساحل الشمالي مع قوات (حفتر) حيث تسيطر (الوفاق)على مدينة مصراتة، أما مدينة سرت فهي تحت نفوذ قوات"حفتر ،وتتفوق قوات "حفتر" على "الوفاق" في مساحة النفوذ وسط ليبيا، اذ تبلغ حوالي 60% من الاراضي الليبيه تحت سيطره قوات( حفتر) ،ومايقارب 40% الباقية باتت تخضع لسيطرة حكومة الوفاق الوطني

تحضى حكومة الوفاق الوطني الليبية بدعم كل من قطر و تركيا ،اذ تدعم كلا الدولتين التشكيلات المسلحة الموالية لكحومة الوفاق المعروفه بأسم (فجر ليبيا) هو تحالف يضم مجموعة ميليشيات في ليبيا تضم بينها مليشيا (درع ليبيا الوسطى)و( غرفة ثوار ليبيا في طرابلس) وميليشيات أخرى تنحدر من مناطق مصراته، إضافة لميليشيات من غريان والزاوية وصبراته. وكل هذه الجماعات لها ارتباط وثيق بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ، و تقدم قطر و تركيا نفسيهما الداعمان الابرز لجماعة الاخوان المسلمين

التدخل المصري و التركي في ليبيا

دعى مجلس النواب الليبي و بعض القبائل العربية الليبية مصر للتدخل عسكرياً في ليبيا لمواجهة التدخل التركي ، و لقيت هذه الدعوه استجابة من الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) ، تعتتبر الحكومة المصرية التدخل التركي في ليبيا من خلال ارسال الالاف من المرتزقة و الميلشيات المتطرفة الى ليببا هو تهديد للأمن القومي الليبي والمصري والعربي ، و أعلن الرئيس المصري عن استعداد مصر للتدخُل العسكري لوقف هذا التهديد
و لاقى الموقف المصري تأييداً سياسياً عربياً، كان من أبرز مظاهره البيانات الصادرة عن وزارات خارجية السعودية والإمارات والبحرين مؤيدة للموقف المصري، ومؤكدة على أن الأمن الليبي هو جُزء لا يتجرأ من الأمن العربي، وظهر التفهم العربي لهذا الموقف في قرار مجلس وزراء الخارجية العرب بتاريخ 23 يونيو والذي رفض في ثلاثة بنود له التدخُلات الأجنبية وإرسال المقاتلين المُتطرفين الأجانب إلى ليبيا، وكافة التدخُلات الأجنبية غير الشرعية التي تنتهك القرارات الدولية وتسهم فى انتشار الميليشيات المسلحة الإرهابيه.
و على الجانب الاخر تواصل تركيا ارسال المرتزقة الى ليبيا لدعم (حكومة الوفاق) اذ نقلت مئات المسلحين من تنظيمات إرهابية و من جنسيات مختلفة وخاصة من رجال ما يعرف بالجيش الوطنى السورى، وهناك 16100 بينهم 340 قاصرا، والتنوسيون المنتمون لصفوف داعش والذى يبلغ عددهم 2500 ، ووعدهم أردوغان بجواز سفر تركى وراتب قدره 2000 دولار شهريا، وترى منظمات دولية أن عدد المرتزقة الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا أكبر من ذلك بكثير وأن كثيرا منهم قيادات بارزة في القاعدة وداعش
لتركيا اهداف و مطامع كثيرة تطمح الى تحقيقها في ليبيا اهما :
1-الطاقة، تطمح تركيا لأجياد مصادر جديده للطاقة ،اذ تستهلك سنوياً كميات كبيرة من الطاقة ،وتستورد ما قيمته 50 مليار دولار في العام الواحد ، و وجدت في ليبيا ضالتها اذ وقعت اتفاق مثير للجدل مع حكومة الوفاق الوطني تسيطر بموجبه تركيا على مناطق لا تخضع لها بموجب القانون الدولي من اجل التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص
2- منطقة الشرق الاوسط ، تحاول تركيا ان تجد لها موطئ قدم في منطقة الشرق الاوسط الغنية بالموارد الطبيعة و خصوصاً النفط ، اذ تجد الصراعات الداخلية بين دول الشرق الاوسط فرصة مناسبة لبسط نفوذها بهذه المنطقة
3 - الاخوان المسلمين ، تعتبر حكومة الرئيس التركي (اوردغان) من ابرز الداعمين لجماعة الاخوان المسلمين ، وهناك ايضاً تجاذب فكري بين الجماعة الاخوان و اوردغان ، اذ تعتبر هذه الجماعة ان اوردغان الممثل الحقيقي للأسلام و المسلمين في العالم
4 - العثمانية الجديدة ، لا يخفى على الكل ان (اوردغان) مولع في أحياء العثمانية من جديد ، لذالك يسعى الى بسط نفوذه في المنطة بشكل اكبر .


ماذا يمكن ان نستنتج من طبيعية الصراع في ليبيا و كيف سيكون مستقبل هذا الصراع ؟

1- يتميز الصراع الدائر في ليبيا بعدد لا يحصى من الجماعات المسلحة والجهات الفاعلة المقسمة عبر خطوط أيديولوجية ووطنية وإقليمية وعرقية وقبلية مختلفة و إن الميل إلى تصوير الصراع على أنه تنافس بين معسكرين قومي وإسلامي يعاني من التبسيط المفرط ، لأنه يميل إلى صرف الانتباه عن العوامل الأخرى التي تدخل في الاعتبار، وتشمل هذه العوامل:
أ- التوترات القبلية والعرقية والتي تعود في بعض الحالات إلى السياسات التمييزية المتبعة في عهد نظام القذافي
ب- النزاعات بين القوى الثورية والجهات الفاعلة المرتبطة بالنظام السابق علاوة على ذلك ، فإن الجماعات المسلحة متجذرة بقوة ، مما يعني أن الأجندات الإيديولوجية والسياسية تتقاطع مع الهوية الوطنية أيضًا
ج- مع تزايد المنافسة على الموارد في البلاد ، ازدادت حدة الولاءات والهويات المتضاربة مع الجماعات المسلحة التي تتنافس للحصول على حصة في مستقبل ليبيا
2- وجدت بعض الدول في الصراع الليبي فرصة لبسط النفوذ ، و اصبحت لاعب مؤثر في تحديد طبيعية الصراع
3- ستسعى حكومة (السراج و حفتر) الى طلب العون من بعض الدول لتساعدها في السيطرة على اماكن اخرى في ليبيا، وهذا الامر سيزيد الصراع تعقيداً ، ومن الصعب التنبؤ بمستقبلة

4- الوساطات الدولية ستكون عامل مهم في انهاء الصراع في ليبيا، لكن ستبقى ليبيا تعاني من الانقسام الداخلي و التشضي في الهوية الوطنية ، وايضاً ستعاني ليبيا من الانقسام بين القوى السياسية ولن تكون هناك قوى سياسية موحدة في المستقبل القريب

#احمد_كامل (هاشتاغ)       Ahmed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات