أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي حمزة عبد السادة - صناديق الإقتراع ستعمّق الخراب بالعراق















المزيد.....

صناديق الإقتراع ستعمّق الخراب بالعراق


علي حمزة عبد السادة

الحوار المتمدن-العدد: 6652 - 2020 / 8 / 20 - 23:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



لم يغير تبوأ الكاظمي منصب رئاسة الوزراء في شكل اللوحة السياسية بالبلاد كثيرا ، فالأزمات التي تعمّقت في البلد والمجتمع منذ الإحتلال لليوم أصبحت شاملة لتتمدد الى كل مفاصلهما. وعلى الرغم أنّ هناك من يعتقد بأنّ الكاظمي لايتحمل ما وصلت اليه البلاد من أزمات باتت تهدّد اليوم حياة الناس والوطن وهذا الرأي صحيح الى حدود كونه لم يكن من ساسة الصفّ الأوّل، لكنّه وكونه جزء من النظام سيبقى ايضا غير قادر على إيجاد السبل الحقيقية لخروج البلاد من أزماتها. وعلى الرغم من المهام التي الزم الكاظمي نفسه بتحقيقها نتيجة الضغط الجماهيري، الا انّ التزاماته هذه تصطدم بصخرة الفساد ومن يمثّلها من قوى سياسية وميليشياوية، واولى واهم المهام التي عليه الإيفاء بها هو إجراء انتخابات مبكّرة، فهل اجرائها سيغيّر شيئا من شكل اللوحة السياسية الإجتماعية – الإقتصادية بالبلاد!؟


من المهام الرئيسية لسلطة الفساد بالعراق والمدعومة من المؤسستين الدينية والعشائرية هي الحؤول دون مشاركة قوى وطنية في رسم سياسة البلد، وإستبعادها للجماهير من التأثير في سياسة البلاد الحالية عن طريق ممارسة شتّى أشكال الإرهاب ضدّها. والطريق الآمن للسلطة في هذا المجال، هو تمسّكها بالشكل " الديموقراطي" الذي تعيشه بلادنا اليوم، أي ديموقراطية الطوائف والقوميات. وعليه فأنّ من يقرر شكل الدولة ليس الصراع الانتخابي الديموقراطي على اساس قوانين انتخابية متعارف عليها في الأنظمة الديموقراطية، بل احزاب سياسية طائفية – قومية مافيوية الطابع توارثت السلطة وتسن قوانين انتخابية بما يضمن فوزها واستمرار هيمنتها عليها، وتعمل بكل ما في وسعها لإستبعاد القوى المناهضة لها عن التأثير في شكل النظام عن طريق " الديموقراطية". والتي إبتلعت أي السلطة بهذه " الديموقراطية" القوى المناهضة لها فكريا وسياسيا، بعد أن تشتتّت القوى العلمانية الديموقراطيّة المناهضة لها على المستوى الفكري نتيجة الخلافات الكبيرة بين قمّة الهرم فيها والذي يصرّ على الدخول في انتخابات لا يحصد منها سوى الريح، وقاعدة الهرم الذي يرفض بغالبيته المشاركة في لعبة الانتخابات بشروط قوى الفساد، كما وتشتّتت على المستوى السياسي وهي غير قادرة على توحيد خطابها السياسي، فنراها في مناكفات تتصاعد حتى تصل الى درجة القطيعة اثناء موسم الإنتخابات!!


من خلال ما مرتّ ببلادنا طيلة السبعة عشر سنة الماضية من أحداث جسام، يتبين لنا ونتيجة عدم وجود معارضة حقيقية للسلطة، من أنّها أي السلطة و "معارضيها" لا يعرفون لليوم معنى الديموقراطية الا من خلال صناديق الاقتراع فقط! ووجود السلطة و "معارضيها" في نفس القارب يعني أنّ الجميع مسؤول وإن بشكل غير مباشر عن الخراب الذي لحق ويلحق ببلادنا وشعبنا، فهل صناديق الإقتراع هي الميزة الوحيدة في الانظمة الديموقراطية!؟

يعتقد ساسة الفساد ومعهم للأسف الشديد "المعارضين" من أنّ الذهاب الى صناديق الإقتراع يعني ترسيخ مبدأ الديموقراطية! وهذه المعادلة صحيحة بالنسبة لاحزاب السلطة كونها تعيد إنتاج نفسها وسلطتها بعد كل إنتخابات "نزيهة"، لكن ما بال الاحزاب " المعارضة" وهي تذهب كل مرّة الى انتخابات تعرف سلفا نتائجها، وتعرف جيدا من أنّها بمشاركتها فيها تمنح قوى الفساد شرعية الحكم!!

لو تجاوزنا تأثير الوضع الإقتصادي البائس وفساد السلطة بالعراق حول مفهوم الديموقراطية، فإننا سنقف امام اسئلة ملحّة حول غياب عناصر الديموقراطية المهمة الأخرى وتأثيرها على اية انتخابات تنظمّها سلطة الفساد بقوانين تسنّها بنفسها بما يتوافق ومصالحها واستمرار هيمنها، والتي نستطيع تلخيص قسم منها بما يلي.

اولا: افتقار العراق لإحصاء سكّاني، ما يعني عدم توفّر قاعدة بيانات للناخبين الذين يحقّ لهم التصويت، وهذا ما تستفاد منه قوى السلطة وليس " المعارضة".

ثانيا: غياب الحريّات الاساسية، ومنها حريّة التعبير والتظاهر والتجّمع. وهذه النقاط الثلاث تفسّرها سلطة الفساد، بقمع حرّية التعبير عن طريق إغتيال المفكّرين والصحفيين والشعراء والناشطين السياسيين من الذين يرفعون اصواتهم بوجهها عاليا، أمّا حرّية التظاهر فتكفلها سلطة الفساد بشيطنة التظاهرات والتجمعّات ومهاجمتها وقتل وخطف وتهديد المشاركين فيها. والمشكلة الكبرى التي تواجه "المعارضة"هي أنّ القمع الذي تمارسه السلطة وعمليات الإغتيال تطال مثقفيها ومفكّريها وصحفييها وشعرائها او القريبين منها، وردّة فعل " المعارضة" ينحصر باصدار بيانات تطالب القتلة بمحاسبة أنفسهم!! انّ قوى المحاصصة تبرر اليوم جميع جرائمها بجرائم البعث أمس، وتعتبر كما البعث أي تحرك جماهيري هو تمرّد وخيانة يجب قمعه بالقوّة، والفرق الوحيد بين النظامين هو أنّ القوّة اليوم لها غطاء مقدّس وعلى الجماهير البائسة أن تنحني أمامه بذل!!

ثالثا: غياب دولة القانون: فالدولة العراقية منذ الاحتلال لليوم تدار من قبل مافيات اجرامية تحت يافطة احزاب سياسية، ولهذه المافيات اذرع عسكرية ميليشياوية والتي دخلت هي الاخرى العملية السياسية لتتمثل في البرلمان الذي تطالب "المعارضة" منه تعديل القوانين الانتخابية بما يفسح المجال للتعددية السياسية في ادارة الدولة!!

رابعا: إنحياز القضاء للأحزاب الحاكمة، وتفسيره لأي اشكالية قضائية تخصّ نتائج الانتخابات بما يصّب في مصلحة احزاب السلطة.

خامسا: انحياز المفوضّية "المستقلّة" للانتخابات لاحزاب السلطة وعدم شفافيتها بالرد على الطعونات والاعتراضات التي تتقدم بها اطراف اخرى مشاركة بالانتخابات.

سادسا: هيمنة قوى الفساد على المشهد الإعلامي بما تمتلكه من منصّات إعلامية عديدة وكبيرة ومنها منصّات اعلامية تابعة "للدولة".

استشراء الفساد في كل مفاصل البلاد والمجتمع والاقتصاد وعدم مجابهته بحلول قسرية، تشير الى عمق الازمة التي نعيشها تحت سلطة المحاصصة من جهة، والى رغبة عارمة من قبل الجماهير المتضررة لتغيير واقعها وواقع بلادها. وهنا تكون الجماهير امام إمتحان كبير، فعدم وجود قيادة سياسية موحدة لها، يدفع قوى الفساد لإستغلال كعب أخيل الجماهير هذا في شقّ صفوفها و فرض شعارات تصبّ في مصلحتها من قبل عناصرها المندسّة بين صفوف المتظاهرين. فشعار ثوار ساحات التحرير حول الدوائر المتعددة تشير الى عدم وعي الجماهير بخطورة هذا المطلب الذي سيعيد انتاج الفساد نفسه من جهة، ويحرمها والقوى المناهضة للفساد من أي تغيير يُذكر.

عدم إعتبار العراق دائرة إنتخابية واحدة يعني البدأ ببناء النظام الديموقراطي من الطابق العاشر لهذا البناء، لذا فأية مشاركة في إنتخابات لا تعتبر البلاد دائرة إنتخابية واحدة هي جريمة بحقّ شعبنا ووطننا وبحق تاريخ وتراث حركة شعبنا الوطنية كون نتائج الإنتخابات معروفة سلفا كما باقي الدورات الانتخابية. وفي مدى ضرر الدوائر المتعددة وصل الحزب الديموقراطي الكوردستاني والذي هو ايقونة من أيقونات المحاصصة الى نتيجة كان عليه ان يصل اليها قبل دورتين انتخابيتين على الاقل، حيث صرّح خسرو گوران مسؤول مؤسسة الانتخابات في الحزب الديمقراطي الكوردستاني (اكبر الأحزاب الكوردستانية): " من المهم للكورد ان تجرى الانتخابات التشريعية العراقية وفق نظام الدائرة الواحدة لان أصوات الكورد مشتتة وهم موجودون في الكثير من المحافظات العراقية ، لكن اجراء الانتخابات على شاكلة الدورة الماضية حيث جرى توزيع العراق على 18 دائرة أدى الى تقليل عدد مقاعد الكورد في البرلمان العراقي".

إن كانت اصوات الكورد مشتّتة كونهم موجودون في الكثير من المحافظات العراقية، فالاولى بالقوى الوطنية التي تريد المشاركة بالإنتخابات ان ترفض المشاركة فيها وتثّقف الجماهير على مقاطعتها إن لم تكن البلاد دائرة انتخابية واحدة، لأنّها وعلى "صغر" جماهيريتها تستطيع أن تحصل على عدد من المقاعد يتناسب وحجمها الحقيقي والذي ترفضه قوى الفساد، كونها متواجدة ليس في الكثير من المحافظات العراقية بل في جميعها.

لتعرف الجماهير وهي تخوض نضالها من اجل التغيير والتحرر من سلطة الفساد، أنّ التحرر قضية تاريخية وليست فكرية، لذا فأنها أي الحريّة لم ولن تكون ترفا بل حاجة أنسانية قبل كل شيء، واننا في العراق اليوم بحاجة الى ان نتحرر من سطوة المقدّس الذي ربطت القوى الدينية شعبنا به، والا فأننا نكبّل انفسنا ولآماد مجهولة بالذل وما يتبعه من فقر فكري ومادّي. لذا فأنّ قضية التحرر لا تتم الا بأن يكون هناك محرّكا لها، والمحرّك هنا هو الوعي الذي تعمل قوى الفساد على تغييبه وتغليفه بكل اشكال الترّهات، المحرّك اليوم هي الجماهير المنتفضة والتي تغتال عصابات السلطة لرعبها منها، ناشطيها.

أخيرا هل سنعي كقوى وطنية الدرس، أم سنخوض الامتحان مجددا لنبقى على ما نحن عليه. والبقاء على ما نحن عليه هذه المرّة سيكلّفنا الكثير والكثير جدا.
علي حمزة عبد السادة
20/8/2020



#علي_حمزة_عبد_السادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي حمزة عبد السادة - صناديق الإقتراع ستعمّق الخراب بالعراق