أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ياسين - لماذا نفضح الهلوسات الفقهية ؟















المزيد.....

لماذا نفضح الهلوسات الفقهية ؟


محمد ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 6651 - 2020 / 8 / 19 - 10:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يسألنا البعض أو بالأحرى يسائلوننا عن الهدف من نقد التراث الفقهي، أو حتى عن الجدوى والفائدة من فضح السفاسف والنظريات الفقهية الغريبة التي عفا عليها الزمن وأصبحت في عصرنا هذا مجرد أساطير أو هلوسات تاريخية او حتى مخازي مرفوضة أخلاقيا بالبديهة ؟
وقبل البدء، ينبغي التذكير بأن كتب الفقه أو لنقل التدين بصفة عامة فيها الغث وفيها السمين، فأنا مثلا لا مشكلة عندي مع بعض الكتب الفقهية والدينية، خصوصا كتب التصوف التي تنهمك في دراسة العلاقة بين الإنسان والله، وبالتالي لا تحاول إقحام نفسها في حرية الأفراد من خلال فرض أنماط للتعامل والمعاملات داخل المجتمع الذي يتشاركه الناس جميعا على إختلاف توجهاتهم وخلفياتهم .
أما الكتب التي ننتقدها جزئيا أو كليا فهي عكس ذلك، حيث تتطرق إلى علاقة المؤمن بالمؤمن وتتغلغل في أدق تفاصيلها بدرجات متفاوتة، بل وتتطرق إلى علاقات أكثر عمومية مثل علاقة المؤمنين بغير المؤمنين، أو علاقتهم بالطبيعة والمجتمع والوجود بصفة عامة، فالقارئ لهذه الكتب سرعان ما كتنفه انطباع بأن الله خلق الوجود ثم أوكل إليه تسيره عبر أوامر إلهية كتبها الفقهاء الذين يتبعهم .
من جهة أخرى، يبدو أن هؤلاء الأشخاص الذين يطرحون علينا مثل هذه الأسئلة (لماذا تنتقد نظريات فقهية معينة ؟) لا يعرفون عن أي شيئ نتحدث، ولا يعرفون الطريقة التي يفكر بها الفقيه وهو يكتب كتابه ولا القارئ وهو يقرأه، فالسؤال عندهم مقلوب، وكان الأولى بهم أن يسألوا قراء هذه الكتب: لماذا تقرأون الكتب المليئة بالخرافات والقسوة ؟ لا أن يسألونا نحن لماذا ننتقدها !
ومع ذلك سنجيبهم على هذا السؤال الذي ضل يحيرهم على الرغم من كونه يبقى سؤالا لا محل له من الإعراب :
إن تعرية الأفكار الإرهابية أو الغير أخلاقية وحتى الخرافية التي تبدو لك أنت كإنسان سوي بالية وغير قابلة للتصديق والتطبيق، هو أمر واجب على كل نزيه لسبب بسيط، وهو أن القارئ المخمور بالحماس الفقهي يقرأ ليس لأجل القراءة أو حبا في هواية المطالعة أو أنه مصاب ببيبلومانيا، بل يقرأ ليطبق ما قرأه فقط، فالنظرية الفقهية ليست في حد ذاتها إشكال، ولكن الطامة الكبرى هي ممارسة هذه النظرية، وتطبيق المتلقي المسكين لكل ما قرأه وتنفيذه بحذافيره لهو أمر واجب عليه لاسيما وأنه في وضعية انبطاح عقلي تام لت يملك إلا التنفيذ والسمع والطاعة العمياء، ولهذا السبب بالذات يكتب الفقهاء ويقرأ القراء، وهذا المبدأ من الأصول والمسلمات التي لا جدال عليها،بل إن ثمة كتبا وتصانيف وضعت خصيصا لهذا الغرض، منها للمثال كتاب "اقتضاء العلم العمل" للخطيب البغدادي.
إذا، فالعلم في حد ذاته بلا أية قيمة فكرية أو ثقافية من منظور فقهي، لأنه يبقى مجرد وسيلة للعمل والتنفيذ وليس غاية، يقول الخطيب البغدادي في كتابه الآنف ذكره : "قال بعض الحكماء: العلم خادم العمل" .
فمن هذه الجملة التي نقلها الخطيب البغدادي عمن أسماهم حكماء، يتضح لك بأن قراءة الكتب الفقهية ( التي يسمونها "العلم" ) لا قيمة لها إن لم يصاحبها العمل، بل هي مجرد خادم !
فأي شيئ قرأته في الكراسة الفقهية ينبغي لك أن تعمل به مباشرة دون تفكير أو فحص، بل حتى النقاش مرفوض، يقول الإمام الأوزاعي : "إذا أراد الله بقوم السوء، فتح عليهم باب الجدل ومنعهم العمل" .
الإمام الأوزاعي يعلنها بصراحة: إذا قرأت شيئا في كتب الفقهاء فقم ببمارسته دون نقاش أو تمحيص او دراسة أو بحث، وعدم قيامك بهذا الانصياع يعتبر إشارة ميتافزيقة بأنك قد بؤت بالسخط والغضب.
فمن هنا تتضح خطورة هذه الكتب التي تتضمن أفكار متطرفة أو مؤذية للمجتمع بأي شكل من الأشكال، لأن المتلقي لتلك الأفكار هو مطالب بتفيذها مباشرة من دون جدال وإلا فإنه معرض للوعيد الدنيوي والأخروي، وفي هذا يقول الإمام ابن مزاحم : العالم (الشخص الذي قرأ ) أشد عذابا من الجاهل إن ترك ما علم ولم يعمل به.
فالعلم في الذهنية الفقهية ينقسم إلى ثلاثة أنواع :
1- علم يعمل به، وهذا هو المطلوب والمسعى الأهم لكل الشيوخ وأتباعهم، لأن التطبيق هو الغاية العظمى .
2- علم لا يعمل به، وهذا نقمة على صاحبه، فمن لا يعمل بتلك المضامين العنيفة أو الظلامية المؤذية للإنسان أو المعرقلة لتطور المجتمعات فهو آثم وبانتظاره عذاب شديد .
3- علم يعمل بضده، وهذا النوع من العلم هو الأسوأ على الإطلاق، وعليه فلا تنتظر من شخص يتم حشوه بالأفكار المتطرفة والعنيفة والخرافية أن يكون صاحب توجه عقلاني، ولا تنتظر منه الإنسانية أيضا؛ لأنه سيكون حينها عاملا بضد ما تعلمه من وحشية وحذلقات .
فالكثير من المجتمعات تعاني اليوم أمنيا وفكريا وجماليا..الخ بسبب نظريات فقهية متجاوزة ذات محتويات غير لائقة أخلاقيا وباطلة منطقيا، فقط لأن ثمة شخص قرأ لشيخ متطرف أو مخبول ثم صدق وطبق.
وحتى أولئك الذين يقرؤون التطرف ولا يمارسونه ولكنهم في المقابل لا يتبرأون منه ؛ فإنهم ينتظرون الفرصة المواتية لتطبيق كل ما تعلموه بحذافيره، ولو اطلعت على أعماقهم لوجدت عندهم نوستالجيا جبارة تريد عودة دولة الخلافة التي يعتقدون أنها تتبنى فتاوى الفقهاء المتطرفين وتقوم بتفعيلها، ليس لأن قلوبهم المرهفة منبع لمشاعر الأبابة والشوق والأحاسيس اللينة، ولكن لأنهم لا يستطيعون الآن العمل بالعلوم التي تركها لهم شيوخهم من اختطاف للنساء والأطفال وبيعهم في أسواق النخاسة، ومن قتل المخالفين وإباحة أموالهم وأعراضهم.. الخ.
إذا، نحن ننتقد الفتاوى المتطرفة أو المؤذية بأي شكل من الأشكال للمجتمع حتى وإن لم تكن ذات طابع عنيف، أولا: لأننا ندرك بأن تلك الفتاوى لم تنتهي بعد وأنها فقط في مرحلة خمول وتنتظر الظروف المناسبة لتخرج من جديد، وثانيا: لأننا نعرف بأن المتلقي يقرأ ليطبق ما قرأه، ولن يصده عن ذلك سقوط المضامين التي تلقاها اخلاقيا أو تهافتها منطقيا.
فكل النظريات المتطرفة و الأفكار الخرفة حتى لو رضيت بالبقاء داخل عقول أصحابها الديجورية ما كنا لننتقدها ولو أنه من الفضيلة انقاذ المغترين بها والمخدوعين، أما الآن وبعد أن علمنا بأن كل تلك النظريات تهدف إلى ان تطبق و أن تترجم أفعالا على أرض الواقع، فإن الأمر بات من أوجب الواجبات لأجلنا ولأجل المجتمع ولأجل المخدوعين أيضا.



#محمد_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الإعجاز الغيبي عن وسائل النقل الحديثة
- الأبناء في الذهنية الفقهية
- وجودتي المؤسفة
- المفكر الإسلامي محمد ابو القاسم حاج حمد ونظرته الدونين للأبن ...
- كيف ينظر الفقه الشيعي للمخالفين
- لماذا يتراجع الملحد عن أفكاره عند اقتراب الموت ؟
- نظرية العذاب الأبدي تسير نحو الأفول الأبدي
- الدوافع الدينية والنفسية للإرهابي
- غرائب الفقهاء : مسائل خيالية وأجوبة ذهانية وهلوسات
- غرائب الفقهاء: حيل شرعية وشبهات


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ياسين - لماذا نفضح الهلوسات الفقهية ؟